كنت عزمت هذا الصباح علي تدوين خواطري عن الاحلام ومعانيها واسبابها وحجم تأثرنا بها. فقد لاحظت منذ اسبوع تقريبا انني احلم كثيرا وان احلامي تطفو علي ذاكرتي في الصباح بكافة تفاصيلها الجرافيكية حتي كدت اجزم بأنني عشت حياة اخري اثناء الليل وان الشخوص والاصوات التي سمعت تناديني وكأنها مراسيل تحاول ان توصل الي معني او معان متنوعة. ووجدت نفسي اتأرجح بين الرغبة في رواية احلامي لزوجي وابنتي وبين الرغبة في الكتمان خوفا من تكون تلك الاحلام نذير خطر او ما يشبهه وانه من الافضل ان انساها تماما.
وكعادتي كل صباح بدأت العمل في ساعة مبكرة وسعيت الي المكتب والي رفيقي الامين: جهاز الكمبيوتر. وما ان بدأت في بلورة افكاري عن الحلم والحقيقة حتي تذكرت حديثا دار بيني وبين الطبيب قبل ايام ومنه انه طمأنني علي انني والحمد لله بصحة طيبة وزاد علي ذلك ان نصحني بدوام ممارسة النشاط البدني . فهمت منه ان قلبي وقلبك يبدأ في الخفقان ونحن اجنة في الارحام لا يزيد عمرها عن اسبوعين. ومنذ الخفقة الاولي لا تكف تلك العضلة الصغيرة عن الخفقان مدي الحياة , طالت ام قصرت . افليس لتلك العضلة التي تعمل بلا انقطاع حقا علينا؟ العضلة التي لا تلقي اهتماما تشيخ وتصدأ وتعاني الامرين اذا قدر لها ان تستمر حتي يقول لها من خلقها ان تتوقف.
ايقظتني تلك المعلومة من سبات ووهم خلته حقيقة وهو ان تشغيل العقل يكفي وان القراءة والكتابة والتواصل مع الاخرين تبقي قلبي نابضا بالحياة. وفهمت من الطبيب ايضا ان كل عضو من اعضاء الجسم يحيط به جهاز عصبي مصغر يتواصل معه وينقل له المؤثرات الخارجية . والطريف اننا نوظف تلك الحقيقة العلمية في اللغة اليومية بدون ان نعلم معناها وجدواها. فكثيرا ما يقول احدنا للاخر انه يحمل له نبأ سوف يسعد قلبه. وكثيرا ما تشكو ام من ابنائها فتقول انهم يتعبون قلبها. وكثيرا ما نقول ان فلانا مات بقلب كسير ونظن اننا نتكلم مجازا. ولن انسي في هذا السياق اغنية لكوكب الشرق ام كلثوم كانت من اغاني امي المفضلة وهي اغنية: افرح يا قلبي لك نصيب تبلغ مناك ويا الحبيب افرح يا قلبي.
وجدت نفسي سابحة في عالم جديد وكأنني محور شبكة اتصالات كبيرة ومعقدة مركزها أنا واطرافها اجهزة عصبية متعددة يخاطب احدها الاخر . فها هو القلب يقول ليت فوزية تترك هذا الكرسي امام الكمبيوتر وتمشي ساعة لكي استرد عافيتي. فيرد الجهاز المجاور للمخ قائلا للقلب: عند حق. لو فعلت فوزية ما اقترحت سوف يصلني المزيد من الاكسجين فيتضاعف نشاطي وقدرتي علي الهامها بأفكار جديدة. وعند تلك النقطة يتدخل جهاز آخر فيقول عني انني امرأة حسنة الظن ولكني لا احسن التدبير لأنني كثيرا ما اعرض بشرة اليدين لتأثير صابون غسل الصحون بما فيه من مواد كاوية وضارة بالبشرة واظن انني سأنجو من الجفاف والالتهابات.
خوفا من ان يشعر القارئ بالملل لن انقل لكم بقية ما حدثتني به تلك الاجهزة العصبية المصغرة والمنتشرة في انحاء جسمي. يكفي ان اقول انني استحيت من قلبي وقررت ان ارتدي حذاء الرياضة واخرج للمشي رغم رداءة الجو. وحين بدأت المشي تساءلت بيني وبين نفسي كيف ستكون احلامي تلك الليلة بعد ان اسعدت قلبي بشيئ من النشاط؟ هل ستعود احلامي هادئة وملونة بألوان الطيف ؟
الجواب علي هذا السؤال قد يكون موضوعا لحديث آخر.
فوزية سلامة