منتدى ابيان
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
منتديات مضايف العكيدات ترحب بك أجمل ترحيب
ونتمنى لك وقتاً سعيداً مليئاً بالحب كما يحبه الله ويرضاه
فأهلاً بك في هذا المنتدى المبارك إن شاء الله / يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك
منتدى ابيان
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
منتديات مضايف العكيدات ترحب بك أجمل ترحيب
ونتمنى لك وقتاً سعيداً مليئاً بالحب كما يحبه الله ويرضاه
فأهلاً بك في هذا المنتدى المبارك إن شاء الله / يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك
منتدى ابيان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمنتدى ابيانأحدث الصورالتسجيلدخول

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية
مرحبا بك يــا زائر في منتديات ابيان رجال العكيدات
مساحة اعلانية

 

 الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 33
•MMS •|:
الساعة الان :

الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Empty
مُساهمةموضوع: الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان   الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:52 pm



الإستنفار
للذب عن الصحابة الأخيار





تأليف
سليمان بن ناصر العلوان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له رب السماوات والأرض وما بينهما ورب العرش العظيم ، وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله المبشر النذير والسراج المنير – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعـد :
فإن من العقائد والأصول المقررة في الإسلام حب الصحابة من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان واعتقاد فضيلتهم وصدقهم والترحم على صغيرهم وكبيرهم وأولهم وآخرهم وصيانة أعراضهم وحرماتهم فذلك أمر ضروري وهو أحد الضروريات الخمس – الدين والنفس والنسل والعقل والمال – التي جاءت الشريعة بالمحافظة عليها وضبط حقوقها ( ) والأخذ على يد من هتكها ، وقد قال النبي – صلى الله عـليه – وسـلم في مجمـع عظيم من أعظم مجامع المسلمين ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا فليبلغ الشاهد الغائب ) رواه البخاري (67) ومسلم (1679) من طريق ابن سيرين عن عبدالرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة رضي الله عنه .
فهتك عرض المسلم والجناية عليه عظيم عند الله ورسوله والمؤمنين ، وهو من كبائر الذنوب ومن التشبه بالمنافقين وأعظم منه غمس الألسنة والأقلام في أهل العلم ومحاولة إسقاط قدرهم بأوهام من هنا وهناك والإيغال بالدخول في نياتهم ومقاصدهم والصد عن سبيلهم والاستخفاف بحقوقهم .
قال الإمـام عبـدالله بن المبارك رحمـه الله ( مـن استخف بالعلماء ذهبت آخرته ) ( ).
وقال الإمام الطحاوي في عقيدته : ( وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثـر وأهـل الـفقه والنظر – لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير سبيل ) ( ) .
وقال الحافظ ابن عساكر : ( واعلم يا أخي - وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته - أن لحوم العـلماء - رحمة الله - عليهم مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم ، والاختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم ) ( ) .
وأكبر ظلماً وأسوأ حالاً من هذه البلية العظيمة احتراف هذه الظاهرة في الصحابة الكرام وإطلاق العنان للسان يفري في أعراضهم وعدالتهم ويحطم حقائق تاريخهم .
وقد عدَّ أهل العلم ذلك زندقة وقرروا أنه ( لا يبسط لسانه فيهم إلا من ساءت طويته في النبي – صلى الله عليه وسلم – وصحابته والإسلام والمسلمين ) ( ) .
فهم خير الناس للناس وأفضل تابع لخير متبوع وهم الذين فتحوا البلاد بالسنان والقلوب بالإيمان ، ولم يعرف التاريخ البشري منذ بدايته تاريخاً أعظم من تاريخهم ولا رجالاً دون الأنبياء أفضل منهم ولا أشجع ، ومن داخله شك في هذا فلينظر في سيرهم على ضوء الأحاديث الصحيحة والآثار الثابتة يرى أمراً هائلاً من حال القوم وعظيم ما آتاهم الله من الإيمان والحكمة والشجاعة والقوة .
وحين ضن غيرهم بالنفس والمال واستثقلوا مفارقة الأهل والولدان استرخصوها في إقامة الدين وتمكين الأمم والشعوب من العيش في أمن ورغد تحت حكم الإسلام فلا كان ولا يكون مثلهم فهم غيض العداء وأهل الولاء والبراء وأنصار الدين ووزراء رسول رب العالمين .
وقد اصطفاهم الله لصحبة نبيه ونشر دينه فأخرجوا من شاء الله من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور أهل الطغيان إلى عدل الإسلام ، وعلى أيديهم سقطت عروش الكفر وتحطمت شعائر الإلحاد وذلت رقاب الجبابرة والطغاة ودانت لهم الممالك .
ولذا رأيت أن من خير الزاد ليوم المعاد تحريك القلم بلطائف من الإشارات المهمة وشذرات من المعارف المختصرة لدفع عدوان الظالمين وكشف زوبعة المتعالمين وتبرئة الصحابة المتقين ومناصرتهم من أقلام الحاقدين وجهلة الأدباء والمؤرخين الخائضين في هذا المقام الكبير بالجهل والهوى وقلب الحقائق والاعتماد في ذلك على الآثار الضعيفة والأخبار الواهية والمتروكة .
وقد زاد جرم هؤلاء وعظم فعلهم حين طعنوا في كوكبة من الصحابة وأوغروا الصدور عليهم بسوء الظن وفرض احتمالات وتكهنات ليس لها أصل في الشرع ولا مكان في العقل في حين ترى بعضاً من أولئك يحسنون الظن بالرافضة ودعاتهم والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية ومدارسهم ويعظمون رجالات الفكر المنحرفين وزعماء الفساد الملحدين ويحتفون بكتبهم وآرائهم ويضفون عليها الدقة في التحقيق والسلامة في القصد والعظمة في الإنصاف .
وقد لقيت نفراً ممن تشبعت نفوسهم بهذا الفكر ، فكانت بداية الحديث عن العدل والإنصاف وحفظ حقوق العلماء والمجتهدين وأهل الفكر والأدب من المسلمين فعّمت الارتياحية وهشّوا وبشوا وبلغ التفاعل والحماس أشده ، وكنت أوافقهم على هذا الأصل ومشروعية العدل في تقويم الناس والحديث عن جهودهم بيد أن القوم يرمون إلى شيء ، فحين جاء الحديث عن الصحابة ومنـزلتهم وضلال أعدائهم غاب العدل عن وعيهم وعميت بصيرتهم عن ذلك .
فتسارعوا في الكذب ورواية الأباطيل وجهدوا في تنقص أفراد من مسلمة قبل الفتح وجماعات ممن أسلم بعد ذلك ، وبالأخص معاوية - رضي الله عنه - فتعجبت حينئذ من دعواهم الإنصاف والمطالبة بالعدل في الحكم على الآخرين ‍‍ وهم يلوكون ألسنتهم في جند الله المفلحين الذين أقام الله بهم دينه ودفع بهم بأس أعدائه .
وعجلت آنذاك إلى الله وجهدت في الهرب من غضبه وسخطه فأطلقت العنان للّسان يبين سوء منهجهم ويبدي عظيم فعلهم وفساد أفكارهم .
وبسطت القول في حقوق الصحابة وكبير منـزلتهم ولا سيما معاوية - رضي الله عنه - فقد ناله من سلاطة ألسنتهم ما لم ينل غيره .
فما كان جوابهم إلا أن قالوا هذه المسألة اجتهادية وليست من القطعيات فعلمت حينئذ أنهم دعاة هدم وفساد وليسوا من الإصلاح والعدل بشيء .
فإلى البيان في نصرة أئمة الدين وحماية أعراض زعماء تاريخ الأمة الإسلامية من مفتريات المفتونين بتصيد العثرات والتجريح بالشهوات .

فصـل

من سمات أهل السنة والجماعة وعلامات أهل الأثر والاتباع سلامة قلوبهم وألسنتهم للصحابة الأخيار وحملة الشريعة الأتقياء الأبرار والذب عن حرماتهم وأعراضهم من رموز الجراحين وثلب العابثين وألسنة الحاقدين ، والزجر والتغليظ على من تعلق بخيوط الأوهام وبات في أودية الظلام فغمس لسانه في البهت والآثام وسلب من الصحابة العدالة وجعلهم كسائر الأنام لهم مالهم وعليهم ما عليهم فولغ في حرماتهم وأعراضهم وجمع مساويهم وعثراتهم .
وقد أنكر الإمام أحمد – رحمه الله – على من جمع الأخبار التي فيها طعن على بعض أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وغضب لذلك غضباً شديداً وقال : ( لو كان هذا في أفناء الناس لأنكرته ، فكيف في أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقال : أنا لم أكتب هذه الأحاديث ، قال المروذي : قلت لأبي عبدالله : فمن عرفته يكتب هذه الأحاديث الرديئة ويجمعها أيهجر؟ قال : نعـم يستأهـل صاحب هـذه الأحـاديث الـرديئة الرجم ) رواه الخلال في السنة (3/501) بسند صحيح ( ).
وقد امتطى هذه الأخبار المروية في مساويهم دعاة الفتنة والضلالة فاستخفوا بحرمات المؤمنين ووزراء رسول رب العالمين فبسطوا ألسنتهم في تجريحهم والتشفي منهم بضروب من التطاول والقذف بالباطل ، وهذه التربص منتهاه نزع الثقة عن خيار الأمة والتشكيك في أعمالهم وفتوحاتهم وعلومهم وعدالتهم ، وقد مضت الأمة خياراً عن خيار على مدح الصحابة والثناء عليهم وحسن الظن بهم والكف عن مساويهم وسوء الظن بهم .
فيا ويل من تعرض لهم بسوء وأوقد نار الفتنة وجرأ السفهاء والغوغاء على الوقيعة فيهم وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ، ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه ) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد به ( ) ، ورواه مسلم في صحيحه من طريق جرير عن الأعمش بلفظ : ( كان بين خالد بن الوليد وبين عبدالرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لا تسبوا أحداً من أصحابي ... ) وهذه الزيادة في سبب ورود الحديث غير محفوظة ، فقد رواه عن الأعمش سفيان الثوري ( ) وشعبة ووكيع وأبو معاوية وغيرهم وهم أضبط وأحفظ الناس لحديث الأعمش ولم يذكروا هذه الزيادة على أنه قد اختلف على جرير فيها فقد رواه ابن ماجه ( 161) عن محمد بن الصباح عن جرير ( )بدونها ولذا أعرض عنها البخـاري – رحمـه الله – وقـال مسـلم – رحمـه الله - في صحيحه ( 4/1968) بعد ذكر الرواة عن الأعمش ( وليس في حديث شعبة ووكيع ذكر عبدالرحمن بن عوف وخالد بن الوليد ) وهذا هو الصواب ، وروى أحمد في فضائل الصحابة ( ) وابن ماجه ( ) بسند صحيح من طريق سفيان عن نُسيرين ذُعلُوق وهو ثقة ، قال : كان ابن عمر يقول : ( لا تسبوا أصحاب مـحـمد - صلى الله عليه وسلم – فلمقام أحدهم ساعـة خـير من عمل أحدكم عُمرَه ) .
وقـال الإمام محمد بن صُبيح بن السماك ( ) " علمت أن اليهود لا يسبون أصحاب موسى - عليه السلام - وأن النصارى لا يسبون أصحاب عيسى - صلى الله عليه وسلم – فما بالك يا جاهل سببت أصحـاب محمد – صلى الله عليه وسلم – وقد علمتُ من أين أُتيت ، لم يشغلك ذنبك ، أما لو شغلك ذنبك لخفتَ ربك ، لقد كان في ذنبك شغل عن المسيئين فكيف لم يشغلك عن المحسنين ، أما لو كنت من المحسنين لما تناولت المسيئين ولرجوت لهم أرحم الراحمين ، ولكنك من المسيئين ، فمن ثَّم عبت الشهداء والصالحين ، أيها العائب لأصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – لو نمت ليلك وأفطرت نهارك لكان خيرا لك من قيام ليلك وصوم نهارك مع سوء قولك في أصحاب محمد ، فويحك ‍‍! لا قيام ليلٍ ولا صوم نهار وأنت تتناول الأخيار ، فأبشر بما ليس فيه البشرى إن لم تتب مما تسمع وترى ويـحك ! هؤلاء شرفوا في أُحد وهؤلاء جاء العفو عن الله تعالى فيهم فقال : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ } آل عمران آية (155) فما تقول فيمن عفا الله عنه ؟ وبمَ تحتج يا جاهل إلا بالجاهلين ، شر الخلف خلفُُُُ شتم السلـف ، والله لواحد من السلف خير من ألف من الخلف " ( ) .
وقد اتفق أهل العلم على أنهم خير الناس بعد الأنبياء فقد جاء في الصحيحين من طريق إبراهيم عن عبيدة عن عبدالله - رضي الله عنه - أن النبي – صـلى الله عليـه وسلم – قال ( خير الناس قرني ... ) ( ) وأفضل الصحابة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين وأدلة هذا كثيرة وعامة أهل العلم على هذا ، وقد جعل الله جل وعلا بقاء الصحابة أمنة للأمة فإذا ذهب قرنهم وانقرض جيلهم حلت بمن بعدهم الفتن وظهرت البدع وفشا الجور والفساد ففي صحيح مسلم ( )من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبيه قال : صلينا المغرب مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم قلنا : لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء ، قال : فجلسنا فخرج علينا فقال : ( ما زلتم ههنا ؟) قلنا : يا رسول الله ، صلينا معك المغرب . ثم قلنا ، نجلس حتى نصلي معك العشاء ،قال : ( أحسنتم أو أصبتم ) قال فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيراً مما يرفع رأسه إلى السماء فقال ( النجوم أمنة للسماء . فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد . وأنا أمنة لصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي ، فإذا ذهب أصحابي أتى لأصحابي متى ما يوعدون ) .
وهذا دليل على فضلهم وعظيم ما دفع الله بهم من البدع والفتن والجور والفساد فلا جرم أن جعلهم الله وزراء نبيه وحزب خليله .
قال عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – ( إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد – صلى الله عليه وسلم – خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب الصحابة خير قلوب العباد فجعلهم الله وزراء نبيه يقاتلون على دينه ) رواه الإمام أحمد (1/379) من طريق عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبدالله وسنده حسن .
وذكر قتادة عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال : ( من كان منكم متأسياً فليتأس بأصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً وأقومها هدياً وأحسنها حالاً ، قوماً اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه – صلى الله عليه وسلم – فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ) رواه ابن عبدالبر في جامع بيان العلم وفضله ( ) وفيه انقطاع ، فقد توفي ابن مسعود قبل أن يولد قتادة .
قال شيخ الإسلام –رحمه الله - : ( وقول عبدالله بن مسعود : كانوا أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً ؛ كلام جامع بيّنَ فيه حسن قصدهم ونياتهم ببر القلوب وبين فيه كمال المعرفة ودقتها بعمق العلم ، وبين فيـه تيسر ذلك عـليهم وامتنـاعهم مـن القـول بـلا علم بقلة التكلف ) ( ) .
وقال الإمام ابن أبي حاتم – رحمه الله – ( فأما أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهم الذين شهدوا الوحي والتنـزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله - عز وجل - لصحبة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلاماً وقدوة فحفظوا عنه – صلى الله عليه وسلم – ما بلغهم عن الله - عز وجل - وماسن وما شرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وأدب ، ووعوه وأتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه ، فشرفهم الله - عز وجل - بما مَنَّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة ، فقال - عز ذكره - في محكم كتابه : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } (البقرة آية (143) فـفسر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الله - عز ذكره - قوله : ( وسطاً قال : عدلاً ، فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة . وندب الله -عز وجل - إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهـم فقـال : { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى... } ( النساء آية (115) ( ) . )
وقال الإمام أبو نعيم الأصبهاني – رحمه الله – عن الصحابة : ( سمحت نفوسهم – رضي الله عنهم – بالنفس والمال والولد والأهل والدار ، ففارقوا الأوطان وهاجروا الإخوان وقتلوا الآباء والإخوان وبذلوا النفوس صابرين وأنفقوا الأموال محتسبين وناصبوا من ناوأهم متوكلين ، فآثروا رضاء الله على الغناء ، والذل على العز ، والغربة على الوطن ، هم المهاجرون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون حقاً ، ثم إخوانهم من الأنصار أهـل المواساة والإيثار أعز قبائل العرب جاراً ، واتخذ الرسول – عليه السلام - دارهم أمناً وقراراً ، الأَعفّاء الصبر والأصدقـاء الزهر { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } ( الحشر آية (9) .
فمن انطوت سريرته على محبتهم ودان الله تعالى بتفضيلهم ومودتهم وتبرأ ممن أضمر بغضهم فهو الفائز بالمدح الذي مدحهم الله تعـالى فـقـال :{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيم ٌ(10) } ( الحشر) .
فالصحابة - رضي الله عنهم - هم الذين تولى الله شرح صدورهم فأنزل السكينة على قلوبهم وبشرهم برضوانه ورحمته فقال : { يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ }( التوبة آية (21) ) .
جعلهم خير أمة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويطيعون الله ورسوله فجعلهم مثلاً للكتابين لأهل التوراة والإنجيل خير الأمم أمته وخير القرون قرنه يرفع الله من أقدارهم إذ أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمشاورتهم لما علم من صدقهم وصحة إيمانهم وخالص مودتهم ووفور عقلهم ونبالة رأيهم وكمال نصيحتهم وتبين أمانتهم رضي الله عنهم أجمعين ) ( ).
وهذا محل اتفاق من أهل السنة فلا كان ولا يكون مثل الصحابة – رضي الله عنهم – في إمامتهم وفضلهم وسبقهم وعلو مقامهم بالأمر والنهي والعلم والدعوة إلى الله والجهاد في سبيله ولهذا قيل : ( كل خير فيه المسلمون إلى يوم القيامة من الإيمان والإسلام والقرآن والعلم والمعارف والعبادات ودخول الجنة والنجاة من النار وانتصارهم على الكفار وعلو كلمة الله فإنما هو ببركة ما فعله الصحابة الذين بلغوا الدين وجاهدوا في سبيل الله ، وكل مؤمن آمن بالله فللصحابة – رضي الله عنهم – الفضل إلى يوم القيامة ) ( ) .
وقد قال تعالى – في فضلهم ومآلهم – { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ُ(100)} ( التوبة ) . والمراد بالذين اتبعوهم بإحسان هم الذين تأخر إسلامهم من الصحابة - رضي الله عنهم - قاله جماعة من أهل العلم ويؤيده ما قاله الحافظ العلائي رحمه الله ( بأن الآيات كلها فيما يتعلق بالمتخلفين عن النبي صلى الله عليه وسلم من المنافقين في غزوة تبوك فأتبع الله ذلك بفضيلة الصحابة الذين غزوا معه صلى الله عليه وسلم وقسمهم إلى السابقين الأولين ومن بعدهم ثم أتبع ذلك بذكر الأعراب وأهل البوادي الذين في قلوبهم نفاق أو لم يرسخوا في الإسلام فقال تعالى { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ } التوبة (101) . فدل على أن المراد بالذين اتبعوهم بإحسان هم بقية الذين تأخر إسلامهم ، فشملت الآية جميع الصحابة ) ( ).
ولفظ الصحبة يصدق على كل مسلم لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو لحظة ومات على ذلك ، ومن ثبت لـه شرف الصحبة لا يتطلب شروط التعديل بل يُكتفى بشرف الصحبة تعديلاً .
وقد زعم بعض أهل الأهواء أن الصحبة لا تصح إلا لمهاجري وأنصاري وحينئذ لا تثبت عدالة من جاء بعدهم إلا بما تثبت به عدالة غيرهم من التابعين فمن بعدهم ، وهذا غلط لم يقل به أحد من أهل السنة ، ونظيره المذهب المروي عن سعيد بن المسيب أنه لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين وهذا لا يصح ( ) عن سعيد والإجماع على خلافه ، قال الحافظ العلائي - رحمه الله - ( والإجماع منعقد في كل عصر على عدم اعتبار هذا الشرط في اسم الصحابي - كيف والمسلمون في سنة تسع وما بعدها من الصحابة آلاف كثيرة وكذلك من أسلم زمن الفتح من قريش وغيرها ولم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا زمناً يسيراً واتفق العلمـاء عـلى أنهـم من جملة الصحابة ) .( )
وقال تعالى في مـدح الـصحابـة : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا(29) } (الفتح) ، وقال تعالى :{ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(10) } (الحديد).
وأكثر أهل العلم على أن المراد بالفتح هنا فتح مكة وقيل الحديبية وفيه نظر ، وقد ذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله – فتح مكة وأنه ( الفتح الأعظم الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين ، واستنقذ به بلده وبيته الذي جعله هدى للعالمين من أيدي الكفار والمشركين ، وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء ، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء ودخل ا لناس به في دين الله أفواجاً ، وأشرق به وجه الأرض ضياء وابتهاجاً ، خرج لـه رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بكتائب الإسلام وجنود الرحمن سنة ثمان لعشر مضين من رمضان ) ( ) وهذا فتح مكة لأن الحديبية كانت في السنة السادسة في ذي القعدة على قول عروة في أحد قوليه والزهري ومحمد بن إسحاق وغيرهم .
وقد أنزل الله - جل وعلا -على نبيه – صلى الله عليه وسلم – منصرفـه مـن الـحديبية { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) }( الفتح ) فسمى الله تعالى هذا الصلح فتحاً وأما الفتح المذكور في سـورة الحديد وسورة النصر وقـوله - صلى الله عـليه وسـلم - : ( لا هجرة بعد الفتح ) متفق عليه من حديث ابن عباس ،فلا ريب أنه فتح مكة فهو الفتح الأعظم وهذا أمر واضح .
والمقصود بيان دلالة الآية على عظيم مقام الصحابة وكبير قدرهم وعلى تفاوت منازلهم وتفضيل بعضهم على بعض وأن من أنفق من قبل فتح مكة وقاتل أعظم أجراً وأعلى منـزلة ممن أنفق من بعد الفتح وقاتل وقد وعد الله – تعالى - كلاً من الطائفتين الجنة . فتحقق بهذا أن من أسلم بعد فتح مكة من الطلقاء وغيرهم وجـاهـد في سبيل الله وأنفق مـالـه أنـه داخـل في قـولـه تعـالى :{ وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } ( النساء آية (95) ) .
فمن أعمل لسانه وسخر قلمه في الطعن فيهم أو رميهم بالنفاق أو شكك في إسلامهم وأورد الاحتمالات بدون بيان من الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – وبدون برهان قام عليه الدليل فقد ردَّ على الله خبره وافترى على هؤلاء الصحابة بهتاناً وإثماً مبيناً ، ومثل هذا لا يصدر إلا ممن قلَّ دينه وعظم ظلمه واسودَّ قلبه وبلغ منه الجهل بالكتاب والسنة وسيرة القوم مبلغاً عظيماً وقد قال شيخ الإسلام – رحمه الله- : ( فالطلقاء الذين أسلموا عام الفتح مثل معاوية وأخيه يزيد وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو قد ثبت بالتواتر عند الخاصة إسلامهم وبقاؤهم على الإسلام إلى حين الموت ) ( )
وقال - تعالى - في وصف المهاجـرين ومـدح الأنصار وذكـر مـن أسـلم بعدهم وسار على طريقتهم : { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (Cool وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) } ( سورة الحشر ) .
فاحفظ يا رعاك الله ثناء الله عليهم ورضاه عنهم ولا يكن في قلبك غِل على أحد منهم فإن هذا من أعظم خبث القلوب ، واستوص بهم خيراً ففي سبيل ذلك تهون الأرواح والدماء .
بخلاف محترف الطعن وسوء الظن ، فقد اتعب نفسه وآذى غيره ، فركض وراء السراب وطعن في بعضهم بشبهة أحاديث ضعيفة ومكذوبة وأخبار لها محامل حميدة فقلبها هفوات ومثالب ، ونذر نفسه للوقيعة في أبي هريرة وجعله شخصية متأثرة بكعب الأحبار ، وشخصية توظف النصوص لصالح الأمويين ( ) ، وآخر صبَّ شآبيب غضبه على معاوية وعمرو بن العاص وعبدالله بن الزبير - رضي الله عنهم - ممتطياً في ذلك الدفاع عن أهل البيت ( ) محتمياً بشبه كسراب بقيعة نعوذ بالله من الزيغ بعد الهدى فقد سلم منه اليهود والنصارى وقادة الكفر والضلال ولم يسلم من زوبعته أئمة الدين وغيض الأعداء ألا شاهت هذه الجهود وخابت مساعيهم .
ومن هنا كان الطعن في أبي هريرة راويـة الإسلام أو معاويـة بن أبي سفيان أحدكتّاب الوحي ( ) للنبي – صلى الله عليه وسلم – دركاً للنيل من حُرَّاس الشريعة الآخرين فالمقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب تُفضي وتؤول إليها ، وحينئذ تأخذ الوسائل أحكام المقاصد .
وقد كان أئمة السلف يقولون : ( معاوية - رضي الله عنه – بمنـزلة حلقة الباب من حرَّكه اتهمناه على من فوقه ) ( )
وقال الربيع بن نافع : ( معاوية بن أبي سفيان ستر أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فإذا كشف الرجـل الستر اجترأ على ما وراءه ) ( ) من المهاجرين والأنصـار وسـاقـه ذلك إلى جحد الكتاب وتكذيب السنة والطعن في رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
وقد ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه (10/174) من طريق الزبير بن أبي بكر حدثني عمي مصعب بن عبدُالله قال : حـدثني أبي عـبدُالله بن مصعب قال : قال – لي أمير المؤمنين المهدي – يا أبا بكر ما تقول فيمن ينتقص أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : قلت زنادقة ، قال ما سمعت أحداً قال هذا قبلك ، قال : قلت : هم أرادوا رسول الله بنقص ، فلم يجدوا أحداً من الأمة يتابعهم على ذلك ، فتنقصوا هؤلاء عند أبناء هؤلاء ، وهؤلاء عند أبناء هؤلاء ، فكأنهم قالوا : رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصحبه صحابة السوء وما اقبح بالرجل أن يصحبه صحابة السوء فقال : ما أراه إلا كما قلت .
قال الإمام أبو زرعة – رحمه الله – ( إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فـاعـلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – عندنا حق والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطـلـوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنـادقـة ) رواه الخطيب في الـكفـايـة ( ص97) وابن عساكر في تاريخه (38/32) .
والمنقول عن أهل العلم في هذا الباب كثير فقد هتكوا سجف الخائضين في أعراض الصحابـة المفتونين بتتبع هفواتهم وزلاتهم وقد أصاب معاوية – رضي الله عنه – من ظلم هؤلاء وبغيهم ما لم يصب غيره .
ونحن لا ننـزه معاوية - رضي الله عنه - ولا من هو أفضل منه عن الذنوب غير أن هذا باب ولـه ضوابط ، وطعن هؤلاء فساد وله مرامي بعيدة فمعاوية – رضي الله عنه – علم في الأمة طلب المجد فارتقاه ، فظهر صدقه وعفافه وحلمه وعدله واهتمامه برعيته وحسن سياسته لهم على اختلاف منازلهم وتنوع رغباتهم وقد أجمع المسلمون على فضله وصدق إسلامه وأمانته .
وقد شهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم – غزوة حنين فدخل في جملة المؤمنين الذين أنزل الله سكينته عليهم في قوله : { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمْ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) } ( سورة التوبة ) .
فمن وصفه بالنفـاق بعـد الشهـادة لـه بالإيمان فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً ، ومثله تجب استتابته فإن تاب وأناب إلى ربه وإلا وجب على السلطان قتله في أصح قولي العلماء ، ولا عذر لمن ولاه الله أمر المسلمين ومكنه منه أن يدعه بدون عقاب ، أو على الأقل يخنق فكره الشاذ ويضع في يديه ورجليه الأغلال التي تعيقه عن مسار ظالم وهجوم غاشم وأوهام ليس لها زمام ولا خطام .
وقد يظن من لا علم عنده أن هذا من الحجر على الاجتهادات واحتكار الآراء والاعتداء على أصحابها وهذا غير صحيح وليس هذا الظن في مكانه .
فالاجتهاد في فروع الشريعة والمسائل المختـلف فيها وترجيح ما يقتضي الدليل ترجيحه والنظر في مستجدات الحياة والاجتهاد في بيان حكمها أمر واجب على أهل العلم والنظر ، والحاجة داعية إليه .
وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم – للحاكم المجتهد أجرين إن أصاب الحق ، وأجراً واحداً إن زلت قدمه عن طريق الصـواب والخبـر في الصحيحين من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه .
وهذا اللون من الاجتهاد بقيوده وشروطـه الشرعية لا ينازع فيه أهل العلم ، ولهم فيه مصنفات ، ولكن الاجتهاد المذموم المطرح هو زوبعة هؤلاء الجرّاحين في الكلام عن الصحابة والخوض في عدالتهم وفتح المجال للطعن فيهم والحط من قدرهم أو تصنيفهم وتقويمهم كما هو الحال فيمن بعدهم .
وهذه حقيقة الفوضوية والخرق للإجماع الصحيح ، ومثل هؤلاء إذا لم يرتدعوا بالوعد والوعيد والبلاغ المقنع فلا عدول عن تقويمهم بالحديد والحكم عليهم بما يكف شرهم ويبطل كيدهم صيانة لعقائد المسلمين من لوثة الرفض ونزعة الاعتزال والله المستعان .
ومن مناقبه - رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم – بوأه مكانة رفيعة وأَناله ثقة كبيرة فجعله كـاتباً للوحي ، وناهيك بذلك عزا وشرفاً ، ولم يزل في المنقبة العظيمة حتى فارق النبي – صلى الله عليه وسلم – الدنيا .
واستعمله عمر – رضي الله عنه – على ولاية دمشق ( ) بعد موت أخيه يزيد( ) ، ولم يتهمه في ولايته ولا طعن أحد من الصحابة في ذلك ، ولما ولي عثمان – رضي الله عنه – أقره على ذلك وزاده بلاداً أخرى فحصل من ذلك خير كثير ففي سنة سبع وعشرين افتتح جزيرة قبرص ( وسكنها المسلمون قريباً من ستين سنة في أيامه ومن بعده ولم تزل الفتوحات والجهاد قائماً على ساقه في أيامه في بلاد الروم والفرنج وغيرها ) ( ) فصار هذا كالإجماع من علية القوم على فضله وقدرته على سياسة البلاد على أحسن حال ، وهذه حقائق تاريخية ثابتة عند أهل العلم ، ولم يطعن في شيء منها عارف بحقيقة التاريخ ، ومن عميت عليه هذه الحقيقة فسلط قلمه في المخاصمة بها أو طمس حقائقها باحتمالات عقلية وصيحات صحفية فقد وقع في المشاقة واتباع غير سبيل المؤمنين ، فحقائق التاريخ لا يمكن أن تتغير بمثل هذا الإرجاف في الخصام فإن التاريخ كما أثبت ظلم الحجاج وفسقه وسفه يزيد بن معاوية فقد أثبت إيمان معاوية وعلمه وحلمه وعظيم فتوحاته .
ومن مناقبه أنه لما ملك وهو أفضل ملوك هذه الأمة ( ) كان حسن السيرة كبير القدر عظيم العدل وقد تحقق على يده من الخير ونصرة الدين ما لم يتحقق على يدي من جاء بعده ولذلك أحبتـه رعيتـه وأثنى عـليه المسلمون ، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضـونـكم وتلعنونهم ويلعنونكم ... ) رواه مسلم في صحيحه من حديث عوف بن مالك - رضي الله عنه – وأحـق الملوك بهذا الخبر معاوية - رضي الله عنه - ، فإن المسلمين يحبونه ويدعون له ، فلا يطعن فيه أو يتنقصه إلا من رخص عليه دينه .
قال إبراهيم بن ميسرة : ( ما رأيت عمر بن عبدالعزيز ضرب إنساناً قط إلا إنساناًَ شتم معاوية فضربه أسواطاً ) ( ).
وقال عبدالله بن أحمد : ( سألت أبي عن رجل سب رجلاً مـن أصحـاب الـنبي – صلى الله عليه وسلم – قال أرى أن يضرب ، فقلت : له حد . فلم يقف على الحد إلا أنه قال:يضرب وما أراه على الإسلام )( ).
وقال رحمه الله : ( ومن انتقص أحداً من أصحاب رسول الله أو أبغضه لحـدث كان منه أو ذكر مساويه كان مبتدعاً حتى يترحم عليهم ويكـون قـلبه لهم سليماً ) ( ) .
وقال الفضل بن زياد : سمعت أبا عبدالله وسئل عن رجل انتقص معاوية وعمرو بن العاص أيقال له : رافضي ؟ قال إنه لم يجتري عليهما إلا خبيئة سوء ما يبغض أحد أحداً من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا وله داخلة سوء ( ).
وسئل المعافى بن عمران : أين عمر بن عبدالعزيز من معاوية بن أبي سفيان فغضب من ذلك غضباً شديداً وقال : لا يقـاس بأصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أحد ، أما معـاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله - عز وجل - ( ) .
وقيل للإمام أحمد هل يقاس بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أحد ؟ قال معاذ الله قيل : فمعاوية أفضل من عمر بن عبدالعزيز ؟ قـال أي لعمـري ، قـال النبي - صلى الله عليه وسلم - " خير الناس قرني " ( ) .
وما جاء من الأخبار في ذم معاوية – رضي الله عنه – كحديث : ( إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقتلوه ) وحديث : ( يا معاوية كيف بك إذا وليت حقباً تتخذ السيئة حسنة والقبيح حسناً يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير أجلك يسير وظلمك عظيم ) وحديث : ( يطلع من هذا الفج رجل من أمتي يحشر على غير ملتي فطلع معاوية ) وحديث : ( إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ) فهذه أخبار مكذوبة لا يشك من لـه عناية بالحديث أنها من وضع الكذابين ، ولم ترد في دواوين أهل الإسلام المعروفة ولا في مصنفاتهم المشهورة وقد عمدت الروافض إلى وضع أحاديث في ذم معاوية كما أشار إلى بعضها الخلال في العلل ( ) وابن الجوزي في كتابـه الموضوعات (2/15) وبقيتها منها.
ولم يقف كذب الروافض عند هذا فهم أكذب البرية ، فقد اختلقوا أحاديث في مـدح أهل البيت ، وهم غنيون عن مدحهم بالكذب بما صح في السنة من فضلهم ، كما اختلقوا أحاديث في ذم بني أمية لكون بعضهم يسب عليا ( ) رضي الله عنه بعد الفتنة ، وقد شاركهم في هذا الذم طوائف ضالة ليس لديها ميزان عدل فأقذعت في السب ورمت بالكلام على عواهنه .
ولا وجه لهذا إلا الجهل والهوى والعصبية الجاهلية فإن في بني أمية ثالث الخلفاء عثمان بن عفان – رضي الله عنه – وصحابة أبرارا خيار قد ماتوا قبل الفتنة كيزيد بن أبي سفيان وأبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت الرسول – صلى الله عليه وسلم – وفيهم غير ذلك مما هو معروف في الأحاديث الصحاح ، ولكنهم لا يفقهون ولا يعقلون فيجعلون من الحسنة سيئة ومن المعصية كفرا ، ويأخذون الرجل بجريرة غيره ، فإذا أخطأ يزيد بن معاوية أو مروان بن الحكم ؛ حكموا بالخطأ والضلال على معاوية وبني أمية الذين ماتوا قبل أن يولد يزيد ومروان فسبحان من أعمى بصائرهم وطمس على قلوبهم فلا يفقهون الحق ولا يعونه ، ولهذه المسألة بحوث مستقلة تراجع لها ، فالمقصود هنا التنبيه على فضل معاوية - رضي الله عنه - والإنكار على من طعن فيه وهو مع هذا غير معصوم عن الخطأ بل يقع منه – كقتاله يوم صفين ( ) كما يقع من غيره ، ولم يقل أحد من أهل السنة بعصمته أو عصمة أحـد من الصحـابة خـلافاً للرافضة فإنهم يثبتون العصمة لعلي وأهل البيت وهذا باطل .
ولو أمكنة العصمة لعلي – رضي الله عنه – لأمكنة لمن هو أفضل منه كأبي بكر وعمر وعثمان فإذا امتنعت في حق هؤلاء علم بطلانها في حق علي – رضي الله عنه - .
والحق ما عليه عامة أهل السنة والجماعة وهو مذهب الصحابة والتابعين وأهل الهدى على مر العصور أنـه لا عصمة لأحـد من الصحابة عـن كبائر الإثم وصغائرها بـل تجوز عليهم الذنوب في الجملة .
ولكن لهم من السبق في الإسلام والجهاد مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ونشر العلم وتبليغه وطمس معالم الشرك وإذلال أهله والذب عن حرمات الدين بنفس زكية وروح عـالية - ما يكفر الله به سيئاتهم ويرفع درجاتهم وقد رضي الله عنهم وأرضاهـم ومـا جـاء مـن الآثار المروية في مساويهم فهي على ثلاث مراتب :
أولها : ما هو كذب محض لا يروى ولا يعرف إلا من روايـة أبي مخنف لوط بن يحيى الـرافضي الكذاب ( ) أو سيف بن عمر التميمي صاحب كتاب ( الردة والفتوح ) وهو ليس بشيء عند أهل الحديث ( ) أو الواقدي المتروك ( ) أو غيرهم ممن لا يعتمد عليهم ولا على مروياتهم وهـم عمدة خصوم الصحابة - رضي الله عنهم - في نقل المساوي والمثالب والوقائع الملفقة وما كان أهل الحديث ونقاده وجهابذة الجرح والتعديل يعتمدون على واحد منهم لعدم ضبطهم وكثرة كذبهم .
ثانيها : ما صح سنده ، وله محمل حسن ، فيجب حمله عليه إحساناً للظن بهم ، فهم أحق الناس بهذا وأولاهم بحمل ألفاظهم وأفعالهم على أحسن مقصد وأنبل عمل ، ومن أبت نفسه الخير، وحرمت سلامة القصد ووثب على مقاصد وألفاظ أئمة الدين ، وجعل من المحتمل زلة ، ومن الظن جرحاً ؛ فقد عظم ظلمه وغلب جهله وناله من الحرمان ما نال أمثاله من مرضى القلوب .
ثالثها : ما صدر عن محض الاجتهاد والشبهة والتأويل ، كالوقائع التي كانت بينهم ، وغيرها من الأمور القولية والفعلية ، فهذه أمور واردة عن اجتهاد وتأويل ، فللمصيب فيها أجران وللمخطي أجر واحد ، والخطأ مغفور ، لما روى البخاري (7352 ) ومسلم (1716) من طريق يزيد بن عبدالله عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر ) .
فمن أفتى أو حكم أو قضى أو قال بخلاف الحق لشبهة قامت عنده أو سنة لم تبلغه أو تأويل له وجهه فإنه يثاب عـلى هـذا الاجتهـاد والخطأ مغفور ، كما دل عليه هـذا الخـبر وكما قال تعالى في دعـاء المؤمنين : { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } ( سورة البقرة (286) ) وفي صحيح مسلم ( 2/146 نووي ) من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً : (( أن الله تبارك وتعالى قال : ( قد فعلت )) .
وهذا الأصل مما اتفق عليه أهل السنة والجماعة وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن شابههم فلم يعذروا هذا الصنف من المجتهدين المتأولين وألحقوا بهم أدلة الوعيد وجعلوهم من المذمومين الضالين .
وهذا من فساد القلوب والجور في الحكم . فقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على أن المجتهد المخطيء مرفوع عنه الإثم سواء تقدم عهده أم تأخر . ومن طعن فيه بالهوى وألحق به أدلة الوعيد على التعيين ورماه بالضلالة والبدعة فقد قال مالا علم لـه به وشابه في ذلك الخوارج المـارقين ولحقه من الذم ما لحق أشباهه من المعتدين .


وأصل البلاء في هذا الباب ناتج عن سببين :
الأول : عدم التفريق بين القول بموجب نصوص الوعيد من الكتاب والسنة من حيث العموم والإطلاق وبين لحوق الوعيد ولزومه على الأشخاص على التعيين ، وقد نتج عن هذا القول الباطل فساد في المنهج وظلم للعباد واعتبر هذا بحال فئة من أبناء هذا العصر من تبديع بعضهم بعضاً وطعنهم في اجتهادات إخوانهم ورميهم الدعاة إلى الله بالضلال والخروج عن مذهب أهل السنة .
الثاني : الحسد والهوى اللذان يصدان العبد عن طريق الهدى واتباع الحق .
وطريق الخلاص منهما بأمرين عظيمين :
أولاً : العلم بأسماء الله وصفاته وأحكام الحلال والحرام وما يأتي المرء وما يذر ، فإن هـذا يمنع من الجهل على العباد وظلمهم ، ويدعو إلى العدل في القول والعمل .
ثانياً : الإخلاص لله تعالى فهو أصل كل خير والباعث عليه ، وليس لحظوظ النفس وشهواتـها دواء أنفـع منـه ، قـال تعـالى عـن نبيه الكريم يوسـف الصديق ( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) ) ( سورة يوسف) .
قرأ نافع وأهل الكوفة ( المخلَصين ) بفتح اللام ، أي المختارين المصطفين ، وقرأ آخرون بكسرها ، فدلت على أن الإخلاص وقاية للعبد من الولوغ في الفواحش والبليات نسأل الله السلامة من ذلك .







فصل
إن ظاهرة احتراف الطعن في الآخرين بلية عظيمة وسجية قبيحة وعواقبها سيئة ومراميها خطيرة ولا سيما إذا كانت في أنصار الدين حزب الرحمن الموحدين فإن أبعادها قواصم التاريخ والدين ، ولهذا فإن محترفي الطعن لم يكتفوا بثلب معاوية وتتبع السقطات من هنا وهناك بل تجاوزوا ذلك إلى أعداد من الصحابة ونالهم نصيب من عدوانهم من القذف بالباطل والرمي بالنفاق أو التجبر والمحاباة والانحراف عن عدل الإسلام أو القتال للسياسة والعصبية وحماية قبائل العرب وغير ذلك من مفتريات المزورين للحقائق الثابته والمعالم الصحيحة ، وقد أصاب ابن عمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وابن حواريه من عواهن كلامهم وسقطه ما يبرأ منه كل مؤمن ويقطع ببطلانه كل منصف وقد اتفق الأكابر من أهل العلم على أن ابن الزبـير أحد الصحابة الأبطال الذين جاهدوا في سبيل الله حق جهاده وأبلى في الإسلام بلاء حسنا وهانت عليه نفسه في سبيل الله وخاض المعارك والحروب ضد أعداء الدين وعبيد الشهوات واشترك في معظم الفتوحات الإسلامية من بلوغه الرابعة عشرة من عمره وكان صاحب علم ورواية وتأله وعبادة وقيام على أهل الباطل وجهاد للعدو ، وقـد كـان الصحابة - ولا سيما خالته أم المؤمنين عائشة - يحبونه ويعرفون لـه قدره وفضلـه ، وأما قيامه بالإمارة وقتاله على ذلك فالظن فيه وفي أمثاله من أهل الخير والصلاح أنه لله رب العالمين لإعلاء كلمته ونصر دينه ورفع راية التوحيد ودفع الظلم عن المظلومين واستخلاص حقوقهم ونشر الخير بين الرعية وإقامة الجهاد .
والخبر الوارد في المسند (1/64) من طريق يعقوب عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزى عن عثمان – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبدالله عليه مثل نصف أوزار الناس ) فيه نظر وليس فيه ما يدل على أنه عبدالله بن الزبير .
قال الحافظ الذهبي – في السير (3/375) ( في إسناده مقال ) ، وقـال الحـافظ ابن كثير – رحمه الله - في البداية ( 8/339) - : هذا الحديث منكر جداً وفي إسناده ضعف ويعقوب هذا هو القمي وفيه تشيع ومثل هذا لا يقبل تفرده به وبتقدير صحته فليس هو عبدالله بن الزبير فإنه كان على صفات حميدة وقيامه في الإمارة إنما كان لله عز وجل ، ثم هو كان الإمام بعد موت معاوية بن يزيد لا محالة وهو أرشد من مروان بن الحكم حيث نازعه بعد أن اجتمعت الكلمة عليه وقامت البيعة له في الآفاق وانتظم له الأمر والله أعلم ) .
وهذا الكلام وجيه والخبر معلوم ولكن لا يصح تضعيفه بتشيع القمي ( ) فلا يزال الأئمة البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم يخرجون لأهل البدع ممن لا تخرجه بدعـته عـن الإسلام سواء كان داعية أم لا وسواء روى مـا يؤيد بدعته أم لا ( ) فالعبرة بحفظ الراوي وضبطه ، فإذا كان حافظاً ثقة عدلا صح حديثه ( ) ويعقوب هذا قد وثقـه غير واحد ، وقال عنه الإمام النسائي : ليس به بأس . وقد تقدم أنه لا يصح تفسير الخبر بعبدالله بن الزبير فإنه بهت وقـول على الله بلا علم ، فأمـر عبدالله بن الزبير من العلم والدعوة إلى الله والجهاد في سبيله والصدع بالحق وكثـرة العبادة من صلاة وصوم أمر يستحيل معه أن يكون هو الملحد في مكـة وقـد كـان الـصحابـة - رضي الله عـنهم - في وقـتـه يثنون عـليه ويـعرفـون له حـقـه .وقـد جـاء في البخـاري (8/326- الفتح ) عـن عبـدالله بـن عـباس - رضي الله عـنه – أنـه قال - مثنياً عليه - : ( أما أبوه فحواري النبي – صلى الله عليه وسلم – يريد الزبير وأما جده فصاحب الغار يريد أبا بكر وأما أمه فذات النطـاقين يـريد أسماء وأمـا خـالته فأم المؤمنين يريد عائشة وأما عمته فزوج النبي – صلى الله عليه وسلم – يريد خديجة وأما عمة النبي صلى الله عليه وسلم فجدته يريد صفية ثم عفيف في الإسلام قارئ للقرآن ) فالحقائق ظاهرة والدلائل قائمة على فضله وجلالة قدره وسلامة دينه فلا تصغ لمن تعرض لمقت الله وسخطه ولج في الباطل وتقحم طرق الضلال وبسط لسانه في خيار الأمة وفضلاء الرجال فالصحابة كلهم عدول من لابس منهم الفتن ومن لم يلابسها لما لهم من المآثر العظيمة والفضائل الجليلة من نصر الدين وإغاظة الكفار والمجرمين وبذل الأموال والنفوس لحماية رسول الله –صلى الله عليه وسلم – والذب عنه وفتح البلاد شرقاً وغرباً وتبليغهم العلم في فجاج الأرض وأقطارها وإعلاء كلمة الإخلاص وتحقيق العمل بها باطناً وظاهراً وهذا كله بالاتفاق ( ) لدلالات الكتاب والسنة فمن تزبع بعـد هـذا وزعم أنـه مباح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 33
•MMS •|:
الساعة الان :

الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان   الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:53 pm

وقد جاء في الصحيحين( ) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم - أمره أن يبشر أبا بكر وعمر وعثمان بالجنة .
وروى البخاري في صحيحه (3675) من طريق سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك - رضي الله عنه - حدثهم أن النبي – صلى الله عليه وسلم – صعد أحداً وأبو بكر وعمر وعثمان فـرجف بهم . فقال " اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان " .
وهـذه الأحـاديث الصحيحة في فضائل الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان غيض من فيض ،فـالطعن فيهم بعد هذا ، نفاق محض ، ودعوى ردتهم وعبادتهم للأصنام كفر أكبر لا ينازع فيه مسلـم ، فقـد دل الكتـاب والسنة المتواترة وإجمـاع المسلمين عـلى خـلاف قـول الروافض قـال تعـالى : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} ( سورة التوبة ) .
وقـال تعـالى : { لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)} ( سورة الحديد ) .
فمن آمن بالقرآن ؛ آمن بفضل الصحابة من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وحفظ لهم سابقتهم وجهادهم وقيامهم بالحق والعدل به ، وتبرأ من كل قول يناقض ذلك ، ويدعو إلى السطو على حقائق تاريخهم ، أو الحط من قدرهم والقدح في عدالتهم .
وقد روى الحافظ ابن عساكر من طريق عبدالله بن صالح حدثني خالد بن حميد عن أبي صخر حميد بن زياد قال : قلت لمحمد بن كعب القرظي يوماً : ألا تخبرني عن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فيما كان من رأيهم ، وإنما أريد الفتن فقال : إن الله قد غفر لجميع أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأوجب الله لهم الجنة في كتابه محسنهم ومسيئهم .قلت : في أي موضع أوجب الله لهم الجنة في كتابه ؟ فقال : سبحان الله ! تقرأ قوله : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) } ( سورة التوبة ) .
فأوجب الله لجميع أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – الجنة والرضوان ، وشرط على التابعين شرطاً لم يشرطه عليهم ، قلت : ومـا اشترط عليهم ، قال اشترط عليهم أن يتبعوهم بإحسان ، يقول : بأعمالهم الحسنة ولا يقتدون بهم في غير ذلك ، قال أبو صخر : فوالله لكأني لم أقرأها قط وما عرفت لتفسيرها حتى قرأها عليَّ محمد بن كعب) ( ) .
والرافضة يحملون لأهل السنة كل كيد ، وبغض ويزعمون ردتهم ، وأنهم مـن أصحاب السعير ، وهذا من أعظم أنواع الردة عن الدين وأقبح الكفر .
وقـد انتزع الإمـام مالك – رحمه الله – كفـر الـروافض مـن قوله تعالى :{ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ } ( سورة الفتح ( آية 29)) . وهذا مما لا شك فيه كما نص عليه أئمة الإسلام ، فقد اتفقوا على أن مـن كان في قلبه غيض على الصحابة ، وزعم ردتهم ، أو فسقهم ، أو خيانتهم في تبليغ الدين أنه كافر .
قال بشر بن الحارث : من شتم أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهو كافر وإن صـام وصلى وزعـم أنـه من المسـلمين ( ) ) وقـال الأوزاعي : ( من شتم أبا بـكر الصديق - رضي الله عنه – فقد ارتد عن دينه وأباح دمه ( ) ) .
وقال المروزي : سالت أبا عبدالله – يعني الإمام أحمد - : عمن شتم أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة –رضي الله عنهم – فقال : ما أراه على الإسلام ( ) .
وقال أبو طالب للإمام أحمد : الرجل يشتم عثمان ؟ فأخبروني أن رجلاً تكلم فيه فقال هذه زندقة " رواه الخلال (3/493) بسند صحيح .
والشتم أو السب نوعان :
أحدهما : أن لا يكون في عـدالتـهم أو دينهم فهذا لا يكفر ، ولكنه ضال. ويجب تعزيره وتأديبه ، وذلك أن يقول هـذا بخيل أو هـذا جبان ونحو ذلك مما يوهم التنقص لقدرهم والتقليل من شأنهم .
الثاني : أن يكون الطعن في دينهم أو عـدالتهم أو يتجاوز ذلك ، فيزعم ردتهم أو فسقهم فهذا مرتد ، وقد تقـدم قبل قليل . وقال شيخ الإسلام - رحمه الله - من ( زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب أيضاً في كفره ، فإنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم ، بل من يشك في كفر مثل هذا ؛ فإن كفره متعين ، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق وأن هذه الأمة التي هي ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) وخيرها هو القرن الأول ، كان عامتهم كفاراً أو فساقاً , ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها ، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام ، ولهذا تجد عامة من ظهر عنه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق وعامة الزنادقة ، إنما يستترون بمذهبهم وقد ظهرت لله فيهم مثلات ) .( )
وقال السرخسي – في أصوله ( 2/134) : ( فمن طعن فيهم فهو ملحد منابذ للإسلام دواؤه السيف إن لم يتب ).
وقد فعل ذلك المؤمنون في سنة ست وستين وسبع مائة كما في البداية والنهاية ( 13/310) للحافظ ابن كثير - رحمه الله - قال : ( وفي يوم الخميس سابع عشرة أول النهار وجد رجل بالجامع الأموي اسمه محمود بن إبراهيم الشيرازي ، وهو يسب الشيخين ويصرح بلعنهما ، فرفع إلى القاضي المالكي قاضي القضاة جمال المسلاتي ، فاستتابه عن ذلك وأحضر الضراب ، فأول ضربة قال : لا إله إلا الله ، علي ولي الله ، ولما ضربه الثانية ، لعن أبا بكر وعمر ، فالتهمه العامة وأوسعوه ضرباً مبرحاً فجعل القاضي يستكفهم عنه فلم يستطع ذلك ، فجعل الرافضي يسب ويلعن الصحابة وقال : كانوا على الضلال ، فعند ذلك حمل إلى نائب السلطنة وشهد عليه قوله بأنهم كانوا على الضلالة ، فعند ذلك حكم عليه القاضي بإراقة دمه ، فأخذ إلى ظاهر البلد فضربت عنقه وأحرقته العامة قبحه الله) .
ثم اعلم أن ما ذكر هنا عن الروافض غيض من فيض فلم أقصد الإطالة فضلاً عن الاستيعاب في بيان عقائدهم في الأولياء والصالحين وسائر الأموات من الطواغيت وغيرهم فقد زادوا على شرك مشركي العرب زمن بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد مر بك وسمعت كيف كان غلوهم في أئمتهم وصرف خالص حق الله لهم .
فكن منهم على حذر فقد كان أئمة المسلمين يحذرون منهم وينهون عن مجالستهم ومخالطتهم والركون إليهم والاستعانة بهم وتوليتهم شيئاً من أعمال المسلمين ( ).
فهم خونه ليس لهم دين ولا ذمة ولا إمام ولا بيعة ولا يشهدون جمعة ولا جماعة ، وقد كانوا سبباً في سقوط الدولة الإسلامية في بغداد ، يتولون المشركين وأهل الكتاب ويعاونونهم على المسلمين حتى صارت بلاد المسلمين مجازرلهؤلاء الملاعين ،يخربون ويفسدون وينتهكون الأعراض وينهبون الأموال ، وقد ذكر أهل العلم والمؤرخون أموراً من ذلك يطول ذكرها ووصفها ، فلها تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب إنا لله وإنا إليه راجعون! .
وقد جاء في المنهاج (6/374) ( ) لشيخ الإسلام – رحمه الله – حديث عن ظلم الرافضة وجورهم ومعاونتهم لأعداء الله ومعاداتهم لحزب الرحمن قال : الرافضة يعاونون الكفار وينصرونهم على المسلمين كما شاهده الناس ، لما دخل هولاكو ملك الكفار الترك الشام سنة ثمان وخمسين وست مائة فإن الرافضة الذين كانوا بالشام بالمدائن والعواصم من أهل حلب وما حولها ومن أهل دمشق وما حولها وغيرهم ، كانوا من أعظم الناس أنصاراً وأعوانا على إقامة ملكه وتنفيذ أمره في زوال ملك المسلمين .
وهكذا يعرف الناس عامة وخاصة – ما كان بالعراق لما قدم هولاكو إلى العراق ، وقتل الخليفة ، وسفك فيها من الدماء مالا يحصيه إلا الله فكان وزير الخليفة ابن العلقمي والرافضة هم بطانته الذين أعانوه على ذلك بأنواع كثيرة باطنة وظاهرة يطول وصفها .
وهكذا ذكر أنهم كانوا مع جنكيز خان ، وقد رآهم المسلمون بسواحل الشام وغيرها ، إذا اقتتل المسلمون والنصارى هواهم مع النصارى ينصرونهم بحسب الإمكان ، ويكرهون فتح مدائنهم ، كما كـرهوا فتح عكا وغيرها ، ويختارون إدالتهم على المسلمين ، حتى أنهم لما انكسر عسكر المسلمين سنة غازان ، سنة تسع وتسعين وخمس مائة ، وخلت الشام من جيش المسلمين ، عاثوا في البلاد ، وسعوا في أنواع من الفساد ،من القتل وأخذ الأموال ، وحمل راية الصليب ، وتفضيل النصارى على المسلمين ، وحمل السبي والأمـوال والسلاح من المسلمين إلى النصارى ، أهل الحرب بقبرص وغيرها ) .
وهذا قليل من كثير من خيانة الروافض للمسلمين ، وإعانة الكفار عليهم ، ولو أخذت أتتبع ما ذكره أهل العلم من تاريخهم الأسود ، لطال المقام ، وما جاء في كلام الشيخ – رحمه الله – من خيانة الوزير ابن العلقمي ، فهذا له أشباه ونظائر في الماضي والحاضر ، فإن الخميني لما تولى ، أهلك الحرث والنسل وجنى على الدين مالا يمكن وصفه هاهنا ، والوزير ابن العلقمي لما استمكن من الخليفة المعتصم العباسي ، تآمر مع التتار على نهب ديار المسلمين ، وقتل علمائهم وخيارهم فتم أمر الله : {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38)} ( سورة الأحزاب ) .
وهذا الجراح والمواجع في الأمة الإسلامية بصائر لأمور الخير وعواقب الشر ، فلا بد من الاعتبار بها ، وأخذ الدروس ، والعبر من أسباب آلامها ، والسعي بقدر الإمكان لتنحية الرافضة المفسدين واستئصال شرهم ، ومنعهم من تولي المناصب والأعمال ، والاعتياض عنهم بالمصلحين ،قبل أن نكون سلباً للأعداء وحديثاً للغابرين ، فهم فساد الديار وخراب البلاد .
ليس لهـم عهد ولا ذمة ولا دين يمنعهم عن منكرات الأخلاق وفساد الأعمال ، ولا يرون بيعة لأحد لأنهم يعتبرون الحكومات الإسلامية وقضاتها في كل العصور طواغيت متآمرين على الإسلام ، كما قال بعضهم : ( تلاعبت الأيادي الأثيمة بالإسـلام والمسلمين مـن الحكام والحاكمين منذ وفـاة النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم - ) .
وقد يستثني بعضهم حكومـات التشيع إلى أن يظهر مهديهم المـزعوم ! محمد بن الحسن العسكري الـذي دخل في سرداب سامراء ( ) عام ستين ومئتين عن عمر لا يتجاوز التاسعة في قـول ( ) ، ولا يزال مختفياً عن الأنظار حتى الآن ، وتزعم الرافضة أن الأخبار الواردة في فضل انتظار هذا الغائب كثيرة متواترة ، وأن من جحده كمن جحد نبياً من الأنبياء ، وقال أحد علمائهم " ومثل من أنكر القائم - عليه السلام - في غيبته مثل إبليس في امتناعه عن السجود لآدم ) ( ) .
قال الإمام ابن القيم في حديث عن الرافضة الإمامية ومهديها المستحيل المعدوم ( وهم ينتظرونه كل يوم يقفون بالخيل على باب السرداب ، ويصيحون به أن يخرج إليهم : اُخـرجْ يا مولانا ، اُخرجْ يا مولانا ثم يرجعون بالخيبة والحرمان . فهذا دأبهم ودأبه .

ولقد أحسن من قال :
ما آن للسرداب أن يَلِدَ الذي كلمتموه بجهلـكم ما آنا
فعلى عقولكم العفاءُ فإنكم ثلثتمُ العَنْقاءَ والغِيــلانا
ولقد أصبح هؤلاء عاراً على بني آدم وضحكة يسخر منهم كل عاقل ) ( )
نسأل الله العافية والمعافاة .

كتبه
سليمان بن ناصر العلوان
في 29/1/1419هـ
القصيم – بريدة

















فهرس الموضوعات

الموضوع الصفحة
المقدمة 2
اتفقت الأمة على أن الشريعة أتت بالمحافظة على الضروريات الخمس . 2
قال ابن المبارك من استخف بالعلماء ذهبت آخرته . 3
لحوم العلماء مسمومة . 3
حكم الطعن في الصحابة والقدح في عدالتهم . 3
لم يعرف التاريخ البشري تاريخاً أعظم من تاريخ الصحابة . 3
الباعث على تأليف هذا الكتاب . 4
فصل في صفات أهل السنة 6
أنكر الإمام أحمد .. جمع الأحاديث التي فيها طعن على بعض الصحابة . 6
تخريج حديث (( لا تسبوا أصحابي .......... 7
تخريج قول ابن مسعود ] من كان منكم متأسياً فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . 9
كل مؤمن آمن بالله فللصحابة الفضل إلى يوم القيامة . 11
معنى قوله تعالى { وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ } . 12
من ثبَت صحبته لا يتطلب شروط التعديل . 12
الرد على من حصر الصحبة بالمهاجرين والأنصار . 12
المراد بالفتح في قوله تعالى { لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ } . 13
تفاوت منازل الصحابة . 14
تعليق على كتاب السلطة في الإسلام . 15
حاشية مهمة . 15
الموضوع الصفحة
كان السلف يقولون (( معاوية بمنـزلة حلقة الباب ... 16
قول عبد الله بن مصعب فيمن ينتقص الصحابة . 17
قول الإمام أبي زرعة في ذلك 17
معاوية رضي الله عنه علم في الأمة ... 17
حكم الحجر على الإجتهاد . 18
معاوية أفضل ملوك هذه الأمة . 19
حكم سب الصحابة . 20
الأحاديث الواردة في ذم معاوية رضي الله عنه كلها كذب . 21
إشارة مختصرة إلى كذب الروافض على بني أمية . 21
حاشية في فضل على ابن أبي طالب رضي الله عنه . 21
لم يقل أحدمن أهل السنة بعصمة أحد من الصحابة . 22
الآثار المروية في مساوي الصحابة على ثلاث مراتب . 23
كلام أهل الجرح والتعديل في الرافضي لوط بن يحيى . 23
كلام أهل الجرح والتعديل في سيف بن عمر التميمي . 23
كلام أهل الجرح والتعديل في الواقدي . 23
ليس على المجتهد المخطئ إثم . 24
أصل البلاء في تضليل أهل الإجتهاد . 25
فصل في خطورة احتراف الطعن في الآخرين . 26
فضائل عبدالله بن الزبير . 26
تضعيف حديث ] يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبدالله [ . 26
حاشية في حقيقة التشيع عند أهل الحديث . 27
الموضوع الصفحة
قول الإمام أحمد فيمن زعم أنه مباح له أن يتكلم في مساوي الصحابة . 28
ليس على أمة محمد صلى الله عليه وسلم طائفة أضر من الروافض . 30
التقية عند الروافض . 30
عقيدة الرافضة في أصحاب القبور . 31
القرآن كله من فاتحته إلى خاتمته يقرر التوحيد ويبطل الشرك 32
الأدلة متواترة في تحريم البناء على القبور . 33
عقيدة الرافضة في القرآن . 34
قول الإمام ابن حزم بأن الرافضة ليسوا في عداد المسلمين . 34
عقيدة الرافضة في أئمتهم وأنهم يعلمون الغيب . 35
نقل الإجماع على كفر من قال بهذا القول . 35
عقيدة الرافضة في الصحابة رضي الله عنهم . 36
الأدلة الصحيحة على فضل أبي بكر وعمر وعثمان . 37
قال الحافظ ابن حجر (( إن الإجماع انعقد بين أهل السنة على أن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة 37
مَنْ آمن بالقرآن وأنه كلام الله آمن بفضل الصحابة . 38
أقوال أئمة السلف في تكفير الرافضة . 39
الشتم أو السب للصحابة نوعان .... 40
الحذر من مجالس الرافضة . 41
حاشية مهمة في مناظرة الرافضة . 41
قول ابن تيمية في ظلم الرافضة وجورهم ومعاونتهم للكفار . 42
الجراح والمواجع في أمة الإسلام بصائر لأمور الخير وعواقب الشر . 43
الحديث عن مهدي الرافضة المزعوم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شيرين
عضو نشيط



تاريخ التسجيل : 29/05/2012
تاريخ الميلاد : 07/05/1976
انثى
عدد || مسآهمآتي: : 251
نقاط : 251
التقيم : 10
العمر : 47
الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Irt90124
الساعة الان :

الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان   الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Emptyالسبت يونيو 02, 2012 12:34 am


بارك الله فيك اخوي
كلمات حملت مشاعر روحانية لروحك سلسبيل السعادة
كن في حفظ الرحمن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كيفي عنيده
عضو نشيط



تاريخ التسجيل : 30/06/2012
عدد || مسآهمآتي: : 250
نقاط : 250
التقيم : 10
•MMS •|:
الساعة الان :

الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان   الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Emptyالجمعة يوليو 06, 2012 3:47 am

شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيذ ♥

جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥

ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس المشاعر
عضو نشيط



تاريخ التسجيل : 30/06/2012
عدد || مسآهمآتي: : 250
نقاط : 250
التقيم : 10
•MMS •|:
الساعة الان :

الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان   الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان Emptyالسبت يوليو 07, 2012 10:00 pm

الله يعطيك العافية
والف شكر ع الطرح الرائع
ودي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة
» الانتصار للصحابةِ الأخيار في ردِّ أباطيل حسن المالكي .. للشيخ : عبد المحسن العباد
» كشف شبهات حسن المالكي للشيخ ناصر بن حمد الفهد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابيان  :: منتديات أبيان الأسلامية .. .منتدى ابيان :: ابيان الاسلامي. .منتدى ابيان-
انتقل الى:  
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط مضايف العكيدات على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى ابيان على موقع حفض الصفحات
مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
تصويت
مواقع صديقة
Like/Tweet/+1