احتفالات الكيان الصهيوني بذكرى تأسيسه الستين

احتفالات الكيان الصهيوني بذكرى تأسيسه الستين
بسم الله الرحمن الرحيم



د. إبراهيم علوش



بدأ الكيان الصهيوني الاحتفالات بذكرى تأسيسه الستين هذا العام يوم 8/5/2008، باعتباره اليوم الذي تقع فيه الذكرى الستين بالتقويم العبري. وقد تم الاحتفال في اليوم الذي سبقه بذكرى قتلى الكيان الصهيوني في الحروب منذ بدء الهجرة الصهيونية المنظمة إلى فلسطين عام 1860، ويزيد عدد هؤلاء عن اثنين وعشرين ألفاً حسب وسائل الإعلام التي غطت المناسبة.



ويقول تقرير لصحيفة النيويورك تايمز في 9/4/2008 أن الحكومة "الإسرائيلية" رصدت 28 مليون دولار لتغطية تكاليف الاحتفال بالذكرى الستين، مما أثار احتجاج عشرات الآلاف ممن وقعوا عريضة ضد تبذير المال العام، وقد بلغ عدد موقعي تلك العريضة من "الإسرائيليين" مع بداية شهر نيسان / أبريل أكثر من تسعين ألفاً.



وسبب الاحتجاج على ما يبدو هو أن الاحتفالات هذا العام تتضمن الكثير من النشاطات الترفيهية التي لم يتفهم المحتجون ضرورة الإنفاق عليها من المال العام، ومنها استعراض صوتي وضوئي ضخم يتم بثه في ثمانية مواقع بشكل متزامن، من طبريا في الشمال إلى إيلات في الجنوب، وحفلات شاطئ مجانية، وحفلات شواء، وحفلات غنائية، بالإضافة إلى استعراض قوات الجو وقوات البحرية الذين كانا أكبر من المعتاد. وقد تم تدشين ستين مرفقاً للتنزه حول البلاد، لتناسب الذكرى الستين، وتم افتتاح طريق للسير على الأقدام حول بحر الجليل، وافتتاح طريق رسمي للدراجات الهوائية عبر البلاد...



ويبدو أن الجانب الترفيهي من الاحتفالات كان مصمماً لإخراج جمهور المستوطنين من حالة الإحباط والاكتئاب التي تسكنهم. ولكن هيهات! فلا يصلح العطار ما أفسدته المقاومة! وقد تعب الظالمون ولم يتعب المظلومون. واليهود باتوا قلقين بالفعل على مصيرهم ومصير دولتهم، ولذلك سيقوم رئيس الدولة شمعون بيريز بافتتاح مؤتمر دولي بعنوان: "مستقبل الشعب اليهودي" في 13 أيار / مايو، يستمر حتى 15/5، بحضور الرئيس الأمريكي جورج بوش، بالإضافة إلى طوني بلير، وميخائيل غورباتشيف وهنري كيسنجر وإمبراطور الإعلام روبرت ميردوخ، ورؤساء اثنتي عشرة دولة... وحشد من الشخصيات العالمية، لإرسال رسالة للجمهور "الإسرائيلي" قبل غيره أن "العالم" يقف معهم ويتبنى مصيرهم.



ولكن جانباً أخر من احتفالات الذكرى الستين يركز بالأخص على تعميق "الحس الوطني" لدى الجمهور "الإسرائيلي"، خاصة مع تزايد الهجرة المعاكسة إلى خارج الكيان الصهيوني، حتى بلغ عدد "الإسرائيليين" المقيمين بالخارج أكثر من سبعمئة ألف، أي واحد من كل ثمانية "إسرائيليين"، منهم 450 ألفاً في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، مما حدا بوزارة الهجرة والاستيعاب لوضع برنامج حوافز مادية لهم للعودة، رصد له حتى الآن 19 مليون شيكل حسب الجيروزاليم بوست في 6/4/2008.



أضف إلى ذلك ما قالته الغارديان البريطانية في 20/4/2008 من "أن ربع الإسرائيليين الذين يتم استدعاؤهم للخدمة العسكرية يتهربون منها بذرائع المشاكل العقلية أو الإعفاء الديني"!!!



ويضيف نفس المصدر نقلاً عن المؤرخ مايكل أورن، من مركز شاليم اليمني في القدس، أن التمنع عن الانضمام للجيش دلالة على حالة "الانهيار العام للمبادئ الصهيونية المتمثلة بالتضحية بالذات والاستقامة والروح الجماعية التي بنت وحمت إسرائيل"!



"الإسرائيليون تعبوا" يا كرام! ولذلك قررت الحكومة "الإسرائيلية" أن تنشئ لهم برامج لرفع المعنويات ولتعزيز الانتماء الوطني، وقد استغلت الذكرى الستين لإطلاق هذه البرامج، ومنها تشييد ستين نصباً تذكارياً حول فلسطين المحتلة لتذكير اليهود بضحاياهم، يفترض أن تعنى بها وتحافظ عليها عناصر من الشبيبة المحلية، ومنها محاولة تسجيل رقم قياسي عالمي في كتاب "غينيس" للأرقام القياسية لأكبر عدد من الناس يقومون بغناء النشيد الوطني "الإسرائيلي"، كما قام الجيش "الإسرائيلي" يوم 8/5 بفتح بعض قواعده العسكرية للجمهور، وصوت الجمهور على اختيار "طير" من الطيور ليكون "الطير الرسمي للبلاد"، وسار أطفال المدارس على الأقدام باتجاه القدس تيمناً بمسيرة مقاتلي "إسرائيل" عام 1948، الخ...



وبالرغم من كل الدعم المادي والمعنوي والتكنولوجي والعسكري والسياسي الذي ما برحت تقدمه الولايات المتحدة وأوروبا للكيان الصهيوني، فإن الجمهور الغزاة اليهود في فلسطين يعاني أزمة معنوية متفاقمة في ظل الهزائم التي مني بها في لبنان، وفقدانه السيطرة على غزة، والفضائح المتتالية التي أفقدته الثقة بقيادته السياسية، وتكسر الإمبراطورية الأمريكية في العراق، وعجز القوة العسكرية "الإسرائيلية" عن تحقيق الأهداف السياسية الصهيونية.



والمشكلة ليست مادية أو اقتصادية أساساً، فدولة العدو الصهيوني مزدهرة اقتصادياً، وفي عام 2007 طلبت منها "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية" التي تمثل الاقتصادات الصناعية المتقدمة الانضمام إليها. المشكلة وجودية، أو بالأحرى قلق وجودي على المصير، خاصة أن المقاومة لم تتوقف منذ تأسيس الكيان الصهيوني، لا بل منذ بدء المشروع الصهيوني في فلسطين، وأن الكيان الصهيوني يتنفس من خلال رئة اصطناعية خارجية منذ تأسس.



العبرة أن المستقبل للمقاومة، والكيان الصهيوني في أفول، وها هي علامات الموت تعلو وجهه، وما النصر إلا صبر ساعة! ولا يمكن أن ينتشل الكيان الصهيوني من هذا المأزق الوجودي إلا العرب والفلسطينيين الذين يسعون لدمجه في المنطقة وجعله جزءاً طبيعياً منها.



أضافها eshteyak-palestine, في 11:46 م, ,
خبّر عن هذا المقال:
( تعليقات


Add a Comment


اضيف في 17 مايو, 2008 03:28 ص , من قبل odad
من فلسطين said:
أختي اشتياق
لا ضير من احتفالاتهم، فهي تسعدني شخصيا اكثر مما تحزنني، لكن احتفالاتنا تحزنني فقط دون ان تسعدني.

حسبما أدركت ووعيت حتى الآن، وجدت أن الشعوب أو تبدأ انهياراتها في اليوم الأول الذي تبدأ فيه احتفالاتها بكينونتها، فالكينونة دومًا في تنامٍ مستمر، وإذا ما بدأ الاحتفال بها، فهذا يعني انها وصلت إلى قمتها، وقوانين الطبيعة أثبتت أنه لا مكانة أعلى من القمة، كما أثبتت قوانين الطبيعة أيضا ان القمة غير مقتصرة على واحد، فلا بد لها من أن تلفظ زائرها لتستقبل زائرا جديدا، وها هي إسرائيل تحتفل بقمتها، وستبدأ تعد عدتها للنزول عن تلك القمة.
فانا سعيد باحتفالاتها هذه، لأنها توحي لي بقرب هاويتها.

قال الشاعر:
ما اختلف الليل والنهار ولا
دارت نجــــوم في الفلــــك

إلا لنقل السلطان من ملك
قد انقضى حكمـه إلى ملـك


اضيف في 17 مايو, 2008 01:44 م , من قبل zaalsalloum
من سوريا said:
الاخت اشتياق الغالية اختيارك رائع وممتع وانا اتفق مع كل حرف وكلمة وسطر وما قيل وما بين السطور ارضا وجوا وبحرا
اخيرا يمكنني التعليق على صفحتك فاحيانا احاول اضافة تعليق فلا يستجيب معي
اعتقد نتيجة بطء النيت لدي
بالنسبة لمقال عملية المجدل الاكثر من رائعة فانا اردت القول ان المقاومة في فلسطين اشد شراسة منها في العراق او لبنان لسببين الاول ان المقاومة الفلسطينية لا تتمتع بحدود مع سوريا بعكس العراق ولبنان وبالتالي تشكل سوريا عمق مريح جدا للمقاومة اللبنانية
ثانيا نجحت المقاومة اللبنانية بتحرير بيروت مؤخرا وحشر عملاء امريكا واسرائيل ووضعهم في خانة اليك واجبارهم على التراجع عن قراراتهم الصهيونية ودفعهم الى الحوار بل والاقرار بما تريده المقاومة البطلة والشعب العربي ككل
اما المقاومة في غزة فهي عظيمة وشرسة لانها وبصراحة تقع الى جوار دولة "عربية" تابعة سياسيا لامريكا واسرائيل وليس لديها نية دعم المقاومة الفلسطينية البطلة وهي عكس شعبها الشريف والطاهر
صدقيني اختي الغالية لو تمت مضايقة سوريا اكثر وهي اليوم اكثر من مرتاحة لرأيت قادة المقاومة العراقية بالشام جهارا نهارا
ولكن هذه الورقة الرابحة بيد سوريا ستظهر بوقتها
انا سعيد لتعليقك وانتصارات كل من سوريا وحزب الله وحماس وايران تيار العزة والكرامة بالامة العربية ومعهم من معهم بامتنا العربية والاسلامية
نحن منتصرين اختي الغالية وحصار غزة سيزول والا فالثمن الذي ستدفعه اسرائيل سيكون اصعب بالايام المقبلة
ابشري بالنصر
فوالله انه آت آت آت
وصواريخ مقاومتكم البطلة وصمودها الاسطوري واسود غزة الابطال والصواريخ التي تتقدم خطوة فخطوة
كل ذلك يسعدنا ويشعرنا بالفخر
فالتيار الصليبي الصهيوني يلفظ انفاسه الاخيرة ومعه تيار الذل والعار
محمد زعل السلوم


اضيف في 17 مايو, 2008 03:31 م , من قبل sham4me said:
يحتفلون على أشلاء أطفالنا ...

ويقدّمون دماءهم الزّكية عربون فشلنا ..


آه من خيباتنا باحتفالاتهم ...

لي في مجموعات الكليبات كليب هلأ نزلته .. يشرح كيف بدأ اليهود في فلسطين ...

يمكن ينفع تحطيه هون ...

بس لحتى العالم يشوف كيف كانت فلسطين ...

شكراً لك غاليتي ...

صديقتك وأختك .. نوّارة الجيران ..

نور



اضيف في 17 مايو, 2008 06:14 م , من قبل halataha said:
الله ينتقم من كل شخص احتفل مع الصهيون في هذا اليوم وشاركهم احتفالات اقامة دولتهم المزيفة.

كل انسان هنأهم أو شاركهم الاحتفال هو انسان رخيص وعميل وما عنده مبدأ ولا دين ولا أخلاق ولا رحمة.

شكرا كتير على الموضوع القيم يا اشتياق والله يديم الناس اللي متلك يا رب.



اضيف في 17 مايو, 2008 07:29 م , من قبل dodo555555
من مصر said:
غاليتى اشتياق
سمعت احد الكهنة اليهود يقول: ان مصير دولة إسرائيل الزوال لأنها دولة ضد الرب.
وهكذا يقول ايضا المؤرخ عبد الوهاب المسيرى الذى الف اشهر موسوعة عن اليهود.
عسى الله ان يبيدهم ويهلكهم.
واود ان اشكرك على اضافة مقالى عن اطفال فلسطين والتنويه عنه.
دمت يا غالية


اضيف في 17 مايو, 2008 10:18 م , من قبل mama2007
من فلسطين said:
اختي الغاليه اشتياق
نحن اكتر الناس نعرف عن خسه اليهود ونذالتهم وكيف لما دخلو عنا كانوا
وتنمردوا اكتر بمساعده بعض الخونه
هم يحتفلوا ونحن ننزف جروح
ربنا قادر عليهم
والنصر قريب باذنه
ربي يرعاك
تقبلي مروري وتقديري
ماما نرجس


اضيف في 18 مايو, 2008 10:30 م , من قبل mesterhewar
من فلسطين said:
شكرا لحسن الاختيار

وعزائي انا شخصيا اني في اعماق وجداني

ما زال مستقرا ان اسرائيل كيان عابر

وسيزول

ولكن حزني ان اعداؤنا ياخذون بالاسباب

للبقاء ويبحثون نقاط قوتهم وضعفهم

ونحن نرمي نفاط قوتنا وننكشف عوراتنا

تحياتي العزيزة اشتياق

ودعوة التواصل الدائم

مستر حوار


اضيف في 21 مايو, 2008 05:05 م , من قبل amoo2005
من فلسطين said:
خيتو إشتياق

كنت قد كتبت بالماضي كلمات بيوم إستقلالهم وهي مناسبة لأشارككم إياها :

كم صعب أن تعيش بدولة ينظر إليك كمشبوه فيها !!
تعاني التميز والقمع والملاحقة حتى بالهواء الذي تتنفسه..
تعيش بدولة تريد أن تقتلعك و تقتل شعبك..
ولا تملك سوى الصمود والتحدي و الترحم على من سقط من أبناء شعبك..
يقولون لك : أنك مواطن فيها !!!!!
ويريدون منك أن تشاركهم الاحتفال بعيد استقلالها
وأن تنسى أهلك الذين قتلوا وشردوا
وبلادك التي دمرت وقطعت
وأرضك التي سلبت
وحقوقك التي صودرات
وحريتك التي سجنت
وكرامتك التي امتهنت
ولا يخجلون من أنفسهم عندما يطلبون منك أن تقف دقيقة صمت على أرواح من قتلوا أهلك ..


أعلامهم ترفرف فوق رأسك وتشعل النار بصدرك

وأصوات احتفالاتهم تدب الأسى والحقد بقلبك
فما عساك تفعل !!!!
فلسطيني 48

دمتِ يكل الخير