صقر Admin
تاريخ التسجيل : 12/05/2011 تاريخ الميلاد : 09/05/1980 عدد || مسآهمآتي: : 786 نقاط : 1872 التقيم : 7 المزاج : الحمد لله العمر : 44 الاقامة : السعودية العمل/الترفيه : الانشاء والتعمير الساعة الان :
بطاقة الشخصية >لعب الادوار: بطاقة شخصية
| موضوع: أعباءُ الفقه الأربعاء مايو 30, 2012 10:28 pm | |
| أعباءُ الفقه |
| عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق
| يسعى كثيرون لتحقيق فضيلة ( الفقه في الدين ) ، و يجهدون لنوالها ، حيث جاءت بها النصوص مُبَيِّنَةً فضلها و مكانتها ، و من ذلك قول سيدنا رسول الله _ صلى الله عليه و آله و سلم _ : " مَن يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين " [ رواه البخاري ] . و السعايةُ في تحقيق ذلك ليست من الأمور ذوات السهولة و اليُسْر ، و لا من الأعمال التي تُنال بالركون نحو الدَّعة ، بل هي ذات أعباءٍ كبيرة ، و ذات متاعب و إجهاد ، و في بيان ذلك يقول ابنُ القيم _ يرحمه الله _ حالَ ذكره لاحتجاج الفقهاء بصحيفة عمروِ بن شعيب عن أبيه عن جده _ و إنما طعن فيها مَن لم يتحمَّل أعباء الفقه … . [ أعلام الموقعين 1/35 ] . فراقَ لي بديعُ التعبير فأحببتُ أن أسيلَ حِبْر اليراع بإيضاحٍ لحقائق هذه اللفظة المُستكنَّة في ظلالها الوارفة . بعد هاتيك التَّقْدُمة الآنفة فإنَّ من الضروريِّ علمُه أن أعباءَ الفقه نوعان : الأول : عِبْءُ تأصيلٍ . فإن تحصيل الفقه في شريعة الله وظيفة كبرى ، و مهمة عُظمى ، بذل النُّجباءُ مُهج أرواحهم في تحصيله ، و نقدوا نفيس أوقاتهم في تحرير مسائله ، فغدى سائراً فيهم سير الدم في العِرْق ، و لم يكونوا _ قط _ يستشعرون سهولةً فيه ، و لا خفةً في تلقيه ، فإنهم كانوا عالمين بشدائده ، عارفين بغوائله . ذلك أنه يتخذُ مساراً دقيقاً ، و مسلَكاً صعباً _ و لا يعني توصيف صعوبته تيئيس من تحصيله ، و إنما الشأن توصيف حالٍ ليس إلا _ ، بخلاف غيره من فنون العلوم فإنه في نزولٍ عن دقته . فالتأصيل الفقهي يُؤخذ عن طريقين : الأولى : دراسةُ متنٍ فِقهيٍ ، و تلكَ سابلةٌ معروفةٌ لدى المتفقِّهَةِ ، إلا أنَّ لها نَهْجاً _ كسائرِ متون العلم _ حيثُ أنَّ المتون المقرَّر دراستُها في الفنون ترْتَكِزُ على ثلاثةِ أصولٍ : الأصلُ الأوَّل : أن تكون مُعتمدةً في الفنِّ ، يقول العلامةُ المَرْعَشِيُ _ رحمه الله _ " ترتيبُ العلوم " ( ص / 80 ) : … بل المنقولُ من سيَرهم ، و المُتبَادَر من كلماتهم في مؤلفاتهم أنهم تناولوا متون الفنون المُعتبَرة ، و هي مسائلها المشهورة . أ.هـ الأصلُ الثاني : أن تكون جامعةً لمسائل الفن ، و يؤخذُ ذلك من كلام المَرعشي _ السابق _ . الأصل الثالث : أن تكون مُختَصَرةً غيرَ مُطوَّلَةٍ .
و الدراسةُ للفقهِ عن طريقِ المتون الفقهيةِ أمتنُ من غيرها ، لأسباب : السبب الأول : أنها متون مُحقَّقَةٌ مُنَقَّحةٌ ، فقد جرى على مسائلها بحثاً و دراسةً فقهاءُ كلِّ مذهب ، فليستْ تأليفاً فَرْدياً في الجنوح بالاختيار ، و ليست إلا أنها خُلاصةُ أبحاثٍ طويلةٍ للمسائل . السببُ الثاني : أنها مُعتَنىً بها عنايةً تُوحي بقيمتها العلميَّة ، فكمْ منْ : شارحٍ ، ناظم ، و مُحَشٍ ، و مُتَمِّم ، و مُدلِّلٍ ، معلِّلٍ ، و غير ذلك . السبب الثالث : أنها أجمعُ للمسائلِ و أرْتبُ ، فترى فيها ذكراً لأحكام المسألة على الترتيب الذي ]ضجمعُ للطالبِ فِقهها ، فترى تقديم الشروط على الأركان ، و الأركان على الواجبات ، ثم يليها السُّنن ، و ما إلى ذلك . بخلافِ غيرِها فلا تجدِ فيها تلك الصَّنْعةِ الدَّقيقة . و هذه الأسبابُ هي التي اختصَّتْ بها متون المذاهب الأربعة الشريفة _ الحنفي ، المالكي ، الشافعي ، الحنبلي _ ، و أما غيرُها فليسَ فيها شيءٌ من تلكم المناقبِ ، بلْ فيها من الآفاتِ ما هو كفيلٌ بردِّها .
الثانية : تقريرُ المسألة الفقهية ، فإنَّ الفقهاءَ أخذوا في تقرير المسائل الفقهيةِ طريقةً مُحكمةً مُتقَنَةً ، أتوا فيها على فروع المسألة و جُزئيَّاتها ، و بها تبرأُ ذِمةُ المُكلَّف ، و خلافُ ذِي لا يُستفادُ منها علماً و لا فقهاً . فتقريرُ مسألةٍ عِباديَّةٍ لِتُضْبَط على وَفْقِ ما هو مُقرَّرٌ عند المذهب الفقهي المأخوذِ به تكون من جهاتٍ ستٍّ : الجهةُ الأولى : شروطُ العبادة . الجهةُ الثانية : أركان العبادة . الجهةُ الثالثة : واجباتُ العبادة . الجهة الرابعة : مُستحبات العبادة . الجهةُ الخامسة : مُبطلاتُ العبادة . الجهةُ السادسة : مَكروهاتُ العبادة . ثُمَّ بعدَ ذلك يكون تحريرُ تلك الجهات السِّت من خلال مناحٍ ثلاثة : الأولى : صُورةُ المسألةِ معَ حكمها . الثانية : قيودُ المسألة . الثالثة : ذكرُ الاستثناءاتِ إن وُجِدَتْ . و يُلحقُ ذلك و يُتمَّم بشيئين : أولهما : ضَبطُ الجهاتِ عداً و نحوه . ثانيهما : دليلُ المسألة ، و الأدلةُ نوعانِ : الأول : مُتفقٌ عليها ، و هي : الكتابُ و السنةُ و الإجماعُ و القياس . الثاني : مُختلَفٌ فيها ، و هي كثيرةٌ ، و لكلِّ مذهبٍ مذهبُه في اعتبار الأدلة . وَ بحْثُها منثورٌ في كُتُبِ أصولِ الفقهِ فَلْتُراجَع .
الثاني : عِبءُ تأهيلٍ . التصدِّي للتفقيه و التعليم من المناقب العظيمة ، و من المرتب التي أولاها العلماءُ اهتماماً و عنايةً ، فكانت واضحة المعالم ، بَيِّنَةَ الأصول و القواعد ، و بالغوا في العنايةِ لِمَنْ يتصدَّى لبيان أحكام الشريعة ، و إظهار أسرار الفقه في أعمال المُكلَّفيْن ، فأتوا بأصولٍ و قواعدَ معتبَرَةٍ . فلم يكن امر التفقيه سبهللاً يسلكه كلُّ متمجهدٍ لا يفقَه ضبطَ اسم العلم ، و لا كلُّ متعالمٍ لم يُجاوز عَتَبَةَ البداية ، و إنما هو على ما ذُكرَ من بيان لاهتمام الفقهاء به . إذا عُلِمَ ذلك فإن التأهُّلَ نوعان : النوع الأول : تأهيلُ تبليغٍ ، و شأنُه تبليغُ العلمِ على وجههِ دونَ إقحامٍ لنفسهِ برأي يرتأيِهِ ، أو قولٍ يقولُ به ، و يأخذُ بذلك قانون التبليغِ وهو : ( إيرادُ اللفظِ كما سَمعهُ من غير تغييرٍ ) [ "فيضُ القدير" _ للمُناوي _ (3/206) . النوعُ الثاني : تأهيلُ استباطٍ ، و هذا النوعُ هو المشتغلُ بالاستنباطِ للأحكام من النصوص ، و الكلام عنه من جهتيْن : الأولى : حدُّهُ ، فهو :الذي يَسْتقلُّ بإدراك الأحكام الشرْعية من الأدلة الشرعية من غيرِ تقليد و تقيد بمذهب أحد . انظر : أدب المُفتي و المُستفتي _ لابن الصلاح _ ص 87 . الثانية : شروطه ، إذِ المُتصَدِّر للاجتهاد شروطٌ ، هي : 1. معرفةُ الكتاب ، و المُرادُ : إدراك آيات الكتاب ، و الإلمامُ بمعانيها ، و المُتَعَيِّنُ آيات الأحكام . انظر : المُستصفى _ للغزَّالي _ 2/350 ، المحصول _ لفخر الدين الرازي _2/33 ، البحر المحيط _ للزرْكشي _6/199. 2. معرفةُ السنة ، كالسابق في حدِّ المُراد . انظر : البحر المحيط 6/200 . 3. معرفة اللغة العربية ، و المُشْترَطُ العلمُ بما يتعلَّقُ بنصوص الأحكام . قال الطُّوْفي _ يرحمه الله _ [ شرْح مختصر الروضة 3/581 ] : و يُشترَط أن يعرف من النحو و اللغة ما يكفيه في معرفة في معرفة ما يتعلَّق بالكتاب و السنة مِنْ : نصٍّ ، و ظاهرٍ و مجمَلٍ ، و حقيقةٍ و مجازٍ ، و عامٍ و خاص ، و مُطْلَقٍ و مقيَّدٍ ، و دليل الخطاب و نحوه كـ : فحوى الخطاب ، و لحنه ، و مفهومه ، لأن بعضَ الأحكام يتعلَّق بذلك و يتوقَّف عليه توقفاً ضرورياً . ا،هـ . انظر : البحر المحيط 6/202 ، التحبير _ للمرْداوي _ 8/3875 . 4. معرفة مواقع الأجماع ، و ذلك لأمرين : أ _ التحرُّز من القول بما يُخالفه ، و يُلْحق بذلك : إحداثُ قولٍ ثالث . ب _ التحرُّز من القول بالخلاف أو القول المهجور المتروك . انظر : المستصفى 2/351 ، البحر المحيط 6/201 . فائدة : قال الإمامُ الزركشي _ يرحمه الله _ [ البحر المحيط 6/201 ] : و لابُدَّ معَ ذلك أن يعرفَ الاختلاف . ا،هـ . 5. معرفة الناسخ و المنسوخ ، حتى لا يستدل بنصٍّ منسوخ . انظر : البحر المحيط 6/203 ، التحبير 8/3873 . 6. معرفةُ أصول الجرح و التعديل . قال المرْداوي _ يرحمه الله _ [ التحبير 8/3875 ] : لكنْ يكفي التعويلُ في هذه الأمور كلها في هذه الأزمنة على كلام أئمة الحديث كأحمد ، و البخاري ، و مسلم ، و أبي داود ، و الدارقُطْني ، و نحوهم ؛ لأنهم أهل المعرفة بذلك ، فجازَ الأخذ بقولهم كما نأخذ بقولِ المُقَيِّمين في القيم . ا،هـ. انظر : البحر المحيط 6/203 ، التحبير 8/3875 . 7. معرفة أصول الفقه . انظر : المحصول 2/36 ، إرشاد الفحول _ للشوْكاني _ ص 234 ، التحبير 8/3870 .
فائدتان مُتَمِّمَتان : الأوْلى : قال الصَيْرَفي _ يرحمه الله _ : و مَنْ عرَفَ هذه العلوم فهو في المرتبة العليا ، و من قَصر عنه فمقدارُه ما أحسن ، و لن يجوز أن يُحيطَ بجميع هذه العلوم أحدٌ غير النبي _ T _ و هو مُتفرِّقٌ في جملتهم . و الغرضُ الّلازم مِن علمِ ما وصفت ما لا يقدرُ العبد بترك فعله ، و كلما ازداد علماً ازداد منـزلةً. قال _ تعالى _ : { و فَوْقَ كلِّ ذيْ علمٍ عليمٍ } . ا،هـ [ البحرُ المحيط 6/203 ] . الثانية : قال الشوكاني _ يرحمه الله _ : و منْ جعل المقدار المُحتاجَ إليه من هذه الفنون هو معرفةُ مُختصَرَاتُها ، أو كتابٍ متوسِّطٍ من المؤلفات الموضوعة فيها فقد أبعدَ ، بل الاستكثارُ من الممارسة لها و التوسع في الإطلاع على مطولاتها مما يزيد المجتهد قوةً في البحثِ ، و بصراً في الاستخراج ، و بصيرةً في حصول مطلوبه . و الحاصلُ : أنَّه لابُدَّ أن تَثْبُتَ له الملَكَةُ القوية في هذه العلوم ، و إنما تثْبُتُ هذه الملَكَةُ بطولِ المُمَارَسة ، و كثرة المُلازمة لشيوخ هذا الفن . ا،هـ [ إرشاد الفحول ص 234 ] .
و بعدَ ذكرِ هذه الشروط المُؤَهِّلَةِ للتصدُّر للاستنباط في الشريعة نعرِفُ عِظَمَ الأمر ، و خطورة الإقدام على مثل هذا . فهذان عِبئانِ من أعباءِ الفقهِ ، يَبِيْنُ منهما عِظَمُ قيمةِ الفقهِ عند العلماء ، و مدى حاجةِ النَّاسِ له ، و ليس علماً يُؤخَذُ عبرَ حالاتٍ لا يُؤْبَه به فيها ، و إنما أمرُه أن يُؤْخَذَ عن : قانون معتَبَرٍ ، و بجدٍ و حزمٍ ، و أن يكون ذلك مصحوباً بعملٍ في الباطن و الظاهر . رزقنا اللهُ الفقهَ في الدِّين ، و لزوم جادة العلماء العابدين ، و الله الموفق لا ربَّ سواه .
رَقَمَها عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق لطف الله بِهِ الرياض _ 5/1424هـ |
| |
|
نزف قلم عضو نشيط
تاريخ التسجيل : 22/06/2012 عدد || مسآهمآتي: : 155 نقاط : 155 التقيم : 10 الساعة الان :
| موضوع: رد: أعباءُ الفقه الثلاثاء يونيو 26, 2012 7:52 am | |
| الله يعطيكى الف عافيه على النصائح المعهوده منك يالغلا ويتقبلك فى فسيح جناته بكل خيرننتظر مزيد من هالموضوعات المميزه | |
|
حنين الشوق عضو نشيط
تاريخ التسجيل : 30/06/2012 عدد || مسآهمآتي: : 250 نقاط : 251 التقيم : 11 الساعة الان :
| موضوع: رد: أعباءُ الفقه الأحد يوليو 01, 2012 7:04 am | |
| شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيذ ♥
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥
ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر
| |
|