بسم الله الرحمن الرحيم
صلاة الاستخارة
الحمد لله وحده. فإن العبد في هذه الدنيا تمر به محن، ويحتاج إذا وقف على مفترق الطرق أن يلجأ إلى ربه ويفوض إليه أمره، ويسأله الدلالة على الخير. ومن أعظم العبادات حال تشتت الذهن ونزول الحيرة بالإنسان صلاة الاستخارة التي دل عليها النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال: (( إذا هم أحدكم بأمر فليصلِّ ركعتين ثم ليقل: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري عاجله وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به")). [ البخاري ]
والأفضل في هذا الدعاء أن يكون قبل السلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر دعائه قبل السلام، ويجوز أن يكون بعده .
تنبيهات:
1- عود نفسك الاستخارة في أي أمر مهما كان صغيراً.
2- أيقن بأن الله تعالى سيوفقك لما هو خير، واجمع قلبك أثناء الدعاء وتدبره وافهم معانيه العظيمة.
3- لا يصح أن تستخير بعد الفريضة، بل لابد من ركعتين خاصة بالاستخارة.
4- إن أردت أن تستخير بعد سنة راتبة أو صلاة ضحى أو غيرها من النوافل، فيجوز بشرط أن تنوي الاستخارة قبل الدخول في الصلاة، أما إذا أحرمت بالصلاة فيها ولم تنوِ الاستخارة فلا تجزئ.
5- إذا احتجت إلى الاستخارة في وقت نهي، فاصبر حتى تحلَّ الصلاة، فإن كان الأمر الذي تستخير له يفوت فصلِّ في وقت النهي واستخر.
6- إذا منعك مانع من الصلاة - كالحيض للمرأة - فانتظر حتى يزول المانع، فإن كان الأمر الذي تستخير له يفوت، فاستخر بالدعاء دون الصلاة.
7- إذا كنت لا تحفظ دعاء الاستخارة فاقرأه من ورقة أو كتاب، والأولى أن تحفظه.
8- يجوز أن تجعل دعاء الاستخارة قبل السلام من الصلاة - أي بعد التشهد - كما يجوز أن تجعله بعد السلام من الصلاة.
9- إذا استخرت فأقدم على ما أردت ولا تنتظر رؤيا في ذلك.
10- إذا لم يتبين لك الأصلح فيجوز أن تكرر الاستخارة.
11- لا تزد على هذا الدعاء شيئاً، ولا تنقص منه شيئاً، وقف عند حدود النص.
12- لا تجعل هواك حاكماً عليك فيما تختاره، فلعل الأصلح لك في مخالفة ما تهوى نفسك.
13- لا تنس أن تستشير أولي الحكمة والصلاح واجمع بين الاستخارة والاستشارة.
وفقك الله لما فيه الخير والصلاح
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المصدر: مطوية ( صلاة الاستخارة ) - دار القاسم 4092000
مسائل في صلاة الاستخارة
1- أن الاستخارة سنة بالإجماع.
2- أنها لها صلاة دون الفريضة ركعتان كما صح الحديث لذلك.
3- وما يستدل به مَن يقول بقول المصنف هو حديث أنس عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم – الذي رواه "ابن السنِّي"- قال "إذا هممتَ بالأمر فاستخر ربك سبعاً ثم انظر إلى ما يسبق في قلبك فإنَّ الخير فيه".
قال النووي: إسناده غريبٌ. فيه من لا أعرفهم. أ.ه "الأذكار" (ص132).
وقال الحافظ بن حجر: وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد، لكن سنده واهٍ جداً. أ.ه "الفتح" (11/223). قلت: وفي إسناده إبراهيم بن البراء، ضعيفٌ جداً.
قال الحافظ العراقي: فيهم راوٍ معروفٌ بالضعفِ الشديدِ وهو إبراهيم بن البراء- (ونقل أقوال مضعِّفيه)-…فعلى هذا فالحديث ساقطٌ. أ.هـ "الفتوحات الربانية" (3/357).
4- هل يقدم الاستخارة أو الاستشارة؟ قال بعضهم يقدم الاستخارة ثم الاستشارة وهو اختيار شيخنا (بن باز) .. وقال بعضهم العكس .. والتحقيق جواز فعل الأمرين.
5- هل الدعاء يكون في الصلاة أو خارج الصلاة ؟ ..
سئل العلامة ابن تيميه في الفتاوى فأجاب: إن دعا قبل السلام أو بعده كله جائز والأولى أن يكون قبل السلام.
6- من دعا بعد السلام فلا مانع أن يرفع يديه.
7- لا تكون الاستخارة إلا في الشيء المتردد فيه وما كان متيقن لا استخارة فيه.
8- لا استخارة في الواجبات.
9- إذا لم يظهر له شيء بعد الاستخارة فلا مانع من تكرارها مرتين أو أكثر.
10- إذا تردد في أمره وأراد أن يصلي الاستخارة فتيقن قبل الصلاة فلا استخاره.
11- لا يستخير أحد عن أحد.
12- إذا شك في أمره وشرع في الصلاة ثم تيقن وهو في الصلاة فينويها نافلة مطلقة.
13- إذا تعددت الأشياء فهل تكفي فيها استخارة واحدة أو لكل واحدة استخارة ؟.. الجواب: الأولى والأفضل لكل واحدة استخارة وإن جمعها فلا بأس .
14- لا استخارة في المكروهات من باب أولى المحرمات.
15- تبدى صلاة الاستخارة في كل موضع تصح فيه الصلاة.
16- هل يصلي الاستخارة في وقت النهي؟
قولان: - لا يصلى ويكتفى بالدعاء.
ومنهم من جعلها من ذوات الأسباب.
صفة صلاة الاستخارة وهل تصلى عن الغير؟
الاستخارة للغير: فقد قال بجوازها بعض أهل العلم من المالكية والشافعية، أخذاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من استطاع أن ينفع أخاه بشيء فليفعل) رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبدالله . والذي يظهر أنه لا يستخير عن غيره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وجه الأمر لصاحب الشأن فقال: (إذا هم أحدكم بالأمر ...) الحديث، فالأصل أن يستخير الإنسان عن نفسه، فإن كان لا يحسن ذلك أو لا يستطيعه فأرجو أن تنفعه استخارة غيره، لأن ذلك من جملة الدعاء لأخيه المسلم. أما كيفية الاستخارة للغير فلا تختلف عن استخارة الإنسان لنفسه. والله تعالى أعلم.