قال علماء إن الإكثار من القهوة مضرة بالصحة. وقال آخرون إنها، على الع**، مفيدة لنا. وقيل الشيء نفسه عن الشاي ضمن أشياء أخرى في قائمة طويلة.
لكن اولئك العلماء أجمعوا لسنوات طويلة على مخاطر الملح وأجمعوا على النصح بالتقليل منه قدر الإمكان… عفوا لكنهم غيّروا رأيهم الآن وصاروا يقولون إن التقليل منه – على ع** ما كان يُشاع – «يزيد» فرص الإنسان في الوفاة بالسكتة القلبية.
ويقول العلماء إن أبحاثهم الأخيرة أثبتت أن من يأكلون القدر الأدنى من الملح (قل ملعقة شاي صغيرة في اليوم) لا يتمتعون بأي مزايا صحية على اولئك الذين يفرطون في تناوله مع كل طبق. بل أن الفريق الأول يشهد معدلات وفاة تزيد بشكل واضح للعيان عن معدلاتها لدى الثاني.
ويذكر أن الباحثين تناولوا بالدراسة شريحة من ثلاثة آلاف و681 أوروبياً أصحاء من الرجال والنساء تقل أعمارهم عن الستين سنة وتابعوا أحوالهم الصحية فترة ثمانية أعوام. وأخذت عينات من بولهم في بدء الدراسة وأيضا في نهايتها لمقارنة مستويات الصوديوم في أجسادهم. وكان مما توصل اليه العلماء أن المفرطين في تناول الملح لا يضيفون شيئا الى مخاطر إصابتهم بضغط الدم المرتفع.
ويأتي كل هذا في تقرير نشره فريق الباحثين في جورنال «المنظمة الطبيّة الأميركية»، بعد ثلاثة أشهر فقط على بدء الحكومة حملة صحة عامة أهابت فيها بالمطاعم ومصانع الإنتاج الغذائي التقليل من كميات الملح المقدمة للمستهلكين. ووجد الباحثون أن حوالي 6 في المائة من الذين تبرعوا بالمشاركة في الاختبار عانوا إما من متاعب قلبية أو دماغية أو من مشكلات في الأوعية الدموية خلال السنوات الثماني تلك. وكانت المفاجأة الحقيقية هي أن نسبة الوفيات بين الذين كانوا يتناولون كميات قليلة من الملح تزيد عنها وسط المفرطين فيه بنسبة 56 في المائة. وظلت هذه النسبة العالية كما هي حتى عندما أخذت عوامل أخرى في الاعتبار مثل البدانة وارتفاع نسبة الكوليسترول الضار والتدخين والإصابة بالسكري وغيرها.
وكان العلماء قد قسموا المشاركين الى أثلاث تبعا لفئات ذوي الاستهلاك المنخفض من الملح والمتوسط ثم المرتفع. فكان عدد الوفيات وسط الثلث الأول (الاستهلاك المنخفض) 50 حالة، و24 في الثلث الثاني (الاستهلاك المتوسط)، بينما لم يتجاوز 10 وفيات في الثلث الأخير (الاستهلاك العالي).
وكتبت الدكتورة جان ستايسين، التي تترأس وحدة دراسات ضغط الدم بجامعة ليفين البلجيكية وقادت فريق البحث، قائلة: «على هذه الأسس فإن أبحاثنا لا تدعم الاتجاه السائد وهو نصح الناس بالتقليل من استهلاك الملح».
ومضت تقول إن العلماء لا يدركون الأسباب التي تقف وراء تلك النتائج على وجه الدقة. لكن الاعتقاد السائد وسطهم هو أن مستويات الملح المنخفضة في الجسد قد تتسبب في إجهاد الجهاز العصبي وتقلل حساسية الجسد نفسه تجاه الإنسولين وتؤثر على الهرمونات المسؤولة عن السيطرة على ضغط الدم وامتصاص الصوديوم. ومع ذلك فالنصيحة لأولئك الذي يعانون من ارتفاع ضغط الدم بأن يواظبوا على التقليل من الملح لأن العلماء لم يدرسوا شريحة منهم في البحث الأخير هذا.
لكن الخبراء الذين اطلعوا على هذا التقرير الأخير يقولون إن الواجب هو النظر الى نتائجه بشيء من الحذر والتريث. ويشيرون الى أن جميع المشاركين المتطوعين كانوا يتمتعون بضغط دم طبيعي لدى بدء الدرسة وأنهم قوقازيون (بيض) وغير مسنين وأصحاء نسبيا.
ويقول المحذّرون إن الأبحاث السبقة أثبتت أن ردة فعل السود واولئك الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم والمسنين والبدناء – من كل الأجناس – إزاء تناول الكثير من الملح تنحو لأن تكون سلبية. وإضافة الى هذا فقد أجمعت الأبحاث السابقة على أن الملح ضار بالصحة عموما.
ففي آذار (مارس) الماضي قال فريق علماء استرالي إن من شأن وجبة مالحة أن تعيق في ما لا يزيد عن 30 دقيقة قدرة الشرايين على ضخ الدم. وقال خبراء آخرون إن من شأن تقليل تناول الملح بما لا يزيد عن غرامين في اليوم خفض مخاطر الإصابة بالجلطات الدماغية بنسبة 22 في المائة والنوبات القلبية بنسبة 16 في المائة.
وقال بحث آخر العام الماضي إن بالوسع خفض أمراض القلب بنسبة 20 في المائة إذا حُظر على المطاعم ومصانع الإنتاج الغذائي إضافة الكثير من الملح الى وجباتها