ألاعيب الديمقراطية
محمد صالح المنجد
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الحمد لله أما بعد :
ففي غمرة ضعف المسلمين سرت إليهم مبادئ أجنبيةٌ عن دينهم صارت أنظمةً معتمدة في بعض بلدانهم وبعضها خدعة يختلف تطبيقها في بلاد العرب عن بلاد الغرب.
وصارت ملهاة في بعض الأحيان وتنفيساً بالمقارنة بالظلم الشديد في أحيان أخرى.
ومن ذلك:
الديمقراطية : وهي مصطلح يوناني مركب من كلمتين : ديموس أي: الشعب ، وكراتيس ، أي: الحكم .
فالديمقراطية هي : " نظام الحكم الذي تكون فيه سلطةُ التشريع من حقِّ الشعب ، فيقولون حكم الشعب للشعب أو حكم الشعب لنفسه.
حكمها : "لا شك أنها صُورَةٌ من صور الشرك الحديثة؛ لأن التشريع لله وحده ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) ينظر : موقع الإسلام سؤال وجواب رقم ( 98134 ) .
حكم المشاركة في الانتخابات الديمقراطية : يختلف كثيرًا باختلاف الأحوال :
* فمن رشَّح نفسه ، أو غيرَه مُقِرًّا بهذا النظام معتقدًا مشروعيته ، فهو على خطر عظيم ، إذ النظام الديمقراطِيُّ منافٍ للإسلام.
* وأما من رشَّح نفسه ، أو غيرَه " يرجو بذلك أن يصِلَ إلى الحكم بشريعة الإسلام ، على ألا يعمل بعد نجاحه فيما يُنافي الشريعة ؛ فلا بأس بذلك".
فتاوى اللجنة الدائمة " ( 23 / 406 ، 407 ) ."باختصار.
وعلى كُلٍّ فالأمر محَلُّ اجتهاد ، وتُراعى فيه المصلحةُ المُتوقَّعة من وراء المشاركة.
* وكذلك "يجب على المسلمين أن يبذلوا جهدهم في الحكم بالشريعة الإسلامية ، وأن يكونوا يدًا واحدة في مُساعدة الحزب الذي يُعْرَف أنه سيحكُم بها ، وأما مساعدة من يُنادي بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية ؛ فهذا لا يجوز" . فتاوى اللجنة الدائمة" (1/373) باختصار .
* فالديمقراطية إذن مُنتَجٌ غيرُ إسلامي لا يستعمله المسلم إلا إذا لم يجد غيرَه في إحقاق حقٍّ، أو إبطال باطلٍ، وغلبَ على الظنِّ جدواه، ولم يؤدِّ إلى مُنْكَرٍ أكبرَ .
ومثله مثل اللجوء إلى القانون الوضعي في بلاد الغرب لا يكون إلا لضرورة كرفع ظلم مع اعتقاد بطلان القانون .
و تكتنف الديمقراطية كثير من الألاعيب و بعد كل انتخابات ذات نتائج مفاجئة (كانتخابات روسيا وانتخابات مصر) تفوح روائح الغش والتزوير والألاعيب ولها صور كثيرة :
- فمن ألاعيب الديموقراطية شراء الأصوات ، والأحبار السرية، وإلزام موظفي الدولة بالتصويت للخائن وشق صفّ الخصوم بالمؤامرات وتشويه مرشحين بالإعلام
- ومن ألاعيب الديمقراطية : تأثير الإعلام المُوجّه في نتائجها ، لأن الديمقراطية تسوّي بين أصوات آحاد الناس (من ضحايا الإعلام الموجّه) وغيرهم
- ومن ألاعيب الديمقراطية أن لجنة الانتخابات الرئاسية تتحكم في المرشحين وتجهّز لك القائمة لتختار (من اختياراتهم) فليس الترشّح متاحا لكل أحد
- ومن ألاعيب الديمقراطية إمكانية تزوير الأوراق والصناديق والنتائج الإلكترونية (كما فعل بوتين وغيره من البوتينات! ) الذين لا(شفقة) لديهم
- ومن ألغاز الديمقراطية : تفسير حصول [ مثوى الفلولية ومهوى الأحذية ] على أكثر من خمسة ملايين صوت
- ومن علامات الألاعيب ودلالاتها أن شعبا ثار على حزب ظالم سامه سوء العذاب لا يُمكن أن ينتخبه ويأتي به ليحكمه مرة أخرى
- ومن ألاعيب الديمقراطية أنهم لم يحددوا صلاحيات الرئيس ، فإذا نجح من لا يريدون قيّدوها وإذا نجح من يريدونه أطلقوها .
- ومن ألاعيبها:
تفزيع الناس في أرزاقهم بأن فلانًا لو نجح ستنقطع أرزاقهم بتشدداته.
وتفزيع الناس بانقلاب الغرب علينا ، بل باحتلالهم لنا إن نجح مُرَشَّحٌ إسلامِيٌّ (وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا).
وكذلك تهديدهم بالفوضى وسفك الدماء في حالة نجاح فلان، ووعدهم بالأمن إن نجح فلان.
وأيضاً إشاعة الفوضى والقلاقل في البلاد ؛ لتعجيز الإسلاميِّين عن القيام بأي إصلاح ؛ لإظهار فشلهم للناس.
بالإضافة إلى لعبة الأقليات ولعبة لجنة صياغة الدستور ولعبة حل المجالس وآخرها قيام انقلاب إن لزم الأمر.
فالديمقراطية عندهم صارت كصنم العجوة : فهم يتعاملون معها كما كان يتعامل المشرك مع صنم العجوة ، الذي كان يعبده ، وفي ساعة الاحتياج والجوع يأكله .
والمؤمن كيس فطن لا تنطلي عليه ألاعيب المفسدين، ويعي ما يجب عليه تجاه ذلك، ويسعى لخدمة دينه ومصلحة أمته حسب ما تيسر له، مع الحذر من ألاعيب الأعداء . والقائم بذلك مجتهد وعلى ثغر عظيم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فَمَنْ وَلِيَ وِلَايَةً يَقْصِدُ بِهَا طَاعَةَ اللَّهِ ، وَإِقَامَةَ مَا يُمْكِنُهُ مِنْ دِينِهِ ، وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَقَامَ فِيهَا مَا يُمْكِنُهُ مِنَ الْوَاجِبَاتِ ، وَاجْتِنَابِ مَا يُمْكِنُهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ ؛ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا يَعْجِزُ عَنْهُ ؛ فَإِنَّ تَوْلِيَةَ الْأَبْرَارِ خَيْرٌ لِلْأُمَّةِ مِنْ تَوْلِيَةِ الْفُجَّارِ ". مجموع الفتاوى (28/396)
والمؤمن يثق بموعود الله ويرجو منه الفرج والتوفيق
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) النور (55)
نسأل الله أن يُهيئ لهذه الأمة أمراً رشداً وأن يُولّي عليها خيارها وأن يجعل عاقبتها إلى خير وأن يبطل كيد الكائدين وظلم الظالمين وعمل المفسدين وأن يمكّنها من العمل بدينه والحكم بشريعته إنه قريب مجيب.