قصيدة ها قد جئت
. ها قد جئتُ
و ما جئتكم لأغوصَ بمهارةٍ
في بحورِ الشعر
و لا لأسكنَ بيتَ القصيدِ
لأطاردَ القوافي
أزجُها بين الكلمات
و لا لأدققَ أو أحققَ
بالحروفِ لأنتقيها بعنايةٍ
أجمعها أرتبها
بغرابةِ المفردات
ما جئتكم لأزينَ صمتي
حديثاً
أعدلَ ميزانَ الضادِ فيه
أنثرهُ صوتاً أشكُلَه
ضماً
كسراً
فتحاً
فكُلُّها حركات
جئتكم و لا وقتَ
للاحتفالِ لا بالنحوِ
و لا بالصرفِ
و لا لالتقاطِ الصور
لأحاسيسي
لأنشرها و أبعثرها
هنا و هناك
جئتكم فقط
بغصنِ الزيتونِ
الذي ذبلَ في قبضةِ أبي
و فتاتِ الرصاصاتِ
التي سكنتْ بيدهِ الأخرى
جئتكم
أحملُ فوقَ رأسي
عروبتي
و في خافقي فلسطين دولتي
و القدس عيني و ثراها مقلتي
جئتُ
و على ظهري
غبارَ الحطامِ في وطني
بعددِ الشهداءِ الذي
أخذتْ محطاتُ العالمِ
تتسابقُ في عدهِ
و فاقَ رقمَ هويتي
بالنظرةِ العميقة
التي تقبعُ خَلفها
العَبْرة و الحَسْرة
و في القلبِ الغصة
بنحيبِ الأراملِ
و بكاءِ الثكلى
ببقايا سترةٍ
اختبأتْ تحتها
رعشةُ طفلة
جئتُ
أحملُ إليكم
حباتَ سبحةٍ كانت قد
اختلطتْ و قطعِ جسده
برائحةٍ تفوحُ كالمسكِ بالدماء
جئتكم
و قد حرقتنا نارُ اللجوءِ و الغربة
و مزَّقتْ أعضاءَنا فوهةٌ حقيرة
تدورُ ببراعةٍ حقدِهم كيفما تشاء
بجسدي المرمم
بخيطِ العنكبوتِ
كما سكنَ الغار
ضمدَ الجراح
جئتكم
بالصمودِ
بالسلاسلِ
بالقيودِ
بثقبٍ حفرتهُ أناملُ طفلٍ
في عمقِ الجدار
و بظلمةِ عبّارةٍ
سلكتُها
تسللا
و هرباً من الحصار
جئتكم
من الشمالِ إلى الجنوبِ
و من رام الله الفداء
بثرى جبالِ النار
وبالسلامِ من أرضِ السلام
و من الجنوبِ الأحرار
جئتكم
بعزةِ و فخرِ أهلِ غزة
نعم
بعزةِ و فخرِ أهلِ غزة
لأحظى بقربِكم
بلحظةٍ للحرية
أعلنُ فيها أن لحظتي
هذه هي ولادة للانتصار .
. شعر : نسرين محمد شوامرة
فلسطين رام الله