قصيدة خمر النسمات
. سَكِرْتُ ولم أنْهَلُ من الخمرِ شُرْباً
ولكنَ نَسَماتُ الشرقِ قد أرْخَتْ سَكَراتي
ما الذي كانَ لو بَزَغَ من النواعسِ طَرْفاً
أو أشْرَقَتْ النَواصي تَغْزوا مُقْلاتي ؟!
أو إبْتِسامةٍ تُرْخَى عَناظِرَيَّ مِن بُعْدٍ
تَرْحَلُ إلى عالمِ النُجومِ بِحَدَقاتي؟!
أهْواها ويُجَنُ في هَوايَ فيها الهوا
وتَرْتَعُ نار العاشقينَ في نَعْيمِ جَنّْاتي
فَكُلما قالوا : أرَأيْتَ في الكونِ سِحْراً ؟
قُلْتُ : في نَواعِسِ مَن أهْوى والوِجْناتِ
قَاتلاً لِقَدْ زَارَنِيْ فيها الهَوا
ويُبْرِئُ السُمُ المُذَابُ بِرِيْقُها عِلاتي
فَإنْ ما ذَبَلَتْ مُقْلَتَيْها مِن حَزَنٍ
فَما جَرَتْ عَلى خَدَيْها دَمْعَاتي
قُمْتُ أسْتَظِلُ مِن الشَمسِ مِن عَجَبِ
وشَمْسٌ تُوَارِي مِن الشَمْسِ ظِلاتي
لَوْ حَكَمَتْ عَليَّ بِحَصَى كَفَيْها رَجْماً
لاشْتْهَيْتُ في فَضاها تِكْرَارَ رَجْمَاتي
لِقَدْ حَلتْ في العُرُوقِ سَارِيَةً
حَتَّى أيْقَظَتْ في القَلْبِ آهَاتي
أنا الحَليكُ ضَجَ لَهُ الهَوا
وهْيَ نُورُ الصَباحِ آنَسَ مَقَالاتي
أَرِدُ نَفْسْي النَّوْمَ عَلَّ
يَجْمَعُنا لُقاً أطْيلُ الحَدِيثَ عَن ذَاتي
دَهَتْني وقَدْ إمْتَزَجَتْ بِرُوْحِي رُوحُها
فَهَلْ مِنْ عَالِمٍ يَفْصِلُ ذَاتي عَنْ ذَاتي ؟!!!
ورَدَّتْ الطَبيبُ عَنْ جَسُ يَدِي
زَفَرَاتُ الحَبِيْبَةَ قَدْ خَالَطَتْ هَمَسَاتي
حَادَ عَنْ الزُهورِ لِشَفَتَيْها رَاحِلاً
النَحْلُ وقَدْ حَدَثَتْهُ عَنْها النَسَمَاتِ
وأوْقَفَتْني الفَرَاشاتُ إلى العَيْنِ طَيْرَاً
فَعَلِمْتُ أنَها في صُحْبَةِ الوَارِدَاتِ
عَذِبِيْني بَدَلاً بِمَا شِئْتِ مَوْلاتي
فَالصَدُ قَدْ تَعَاظَمَتْ فِيهِ عَذَابَاتِي
فَكَمْ صِحْتُ يَوْمَ ذَاكَ أرْجِعِي
حِيْنَ خُسِفَ البَدْرُ لِحَنينَ نِدَائَاتِي
أرَتِيْنِي نُجُومَ السَماءِ ظُهْراً
وما أوْقَعَتْ بِطِيبِ قَلْبُكِ جَوْلاتي
حُبُكِ أبْحَارٌ وقَلْبِيَّ غَرِيْقُها
فَارْمِيْ جَدَايُلُكِ وأنْقِذِيْ مَوَدَاتِي
قَدْ حُرِّمَ عَلَيْها الغَرَقُ مِنْ حَشَمٍ
ولا تَخَافيْ لَها نَزْعَاً مَوْلاتي
قَدْ عَلَتْ في دُجْنِ اللَيْلِ لَكِ تَسَابِيْحِي
وأُهْدِيكيِ دَوْمَاً مَعْ نَسِيمِ الصَبَاحِ تَحِيَّاتي
تَطُوفُ شَوْقاً حَوْلَ مُحَيَّاكِ رَاجِلَةً
فَامْنَحِيْنيْ سَجْدَةً في مِحْرَابُكِ مَوْلاتي
يَا مَادِحَ الأبْيَاتَ كَفَاكَ مَدْحَاً
فَمِنْ نَبْعِ الجُفُونُ سُلَّتْ كَلِمَاتي
ومَاْجَتْ الشَفَتَانِ نَاجِبَاتِ القَوافِي
وتَرَاْشَقَتْ المَنَاكِبُ بِالأوْزَانِ رَانِحَاتِ
فِي مَطْلَعِ الشَمْسَ مِنِيْ- إنْ سَأَلْتَ عَنِيْ
عِنْوَانُ الفُؤاْدُ دَوْماً ونَبَضَاتِيْ البَرِيْئَاتِ
فَإنْ زَلَلْتَ الطَرِيقَ غَنِيْ
وَأتْبَعْ خَطَوَاتَ الفَرَاشَاتِ
فَإنْ لاحَ فِي الحَيِّ نُوْراً
فَيَقِيْناً ذَاكَ مَحَطَاتُ سَكَناتي
فَإنْ قالوا : كَأْسَاً على كَأْسٍ على كَأْسٍ
فََرَشْفَةٍ مِنْ طَرْفِ مِكْحَلِهَا كُلُ شَرْبَاتي
أُغْرُبْ أَيُّها اللَيْلُ الطُوِيْلُ فَقَدْ
لاحَتْ فِي سَمَائِيْ وعَمَقَتْ نَشْوَاتِي .