تفادى حاكم المصرف المركزي التونسي مصطفى كمال النابلي محاولة حكومة التحالف الثلاثي الحاكم إبعاده عن منصبه. وكان رئيس الجمهورية منصف المرزوقي أعلن في تصريحات صحافية أنه سيعزل النابلي، فيما كشف رئيس الحكومة حمادي الجبالي «خلافات عميقة» مع الحاكم، من دون إعطاء تفاصيل. وأشارت مصادر مطلعة إلى ان الحكومة حمّلت النابلي مسؤولية تدهور التصنيف الأخير الذي منحته مؤسسة «ستاندرد أند بورز» لتونس أخيراً، والذي تراجع نقطتين، في حين أكد النابلي أمام أعضاء لجنة المال والتخطيط في «المجلس التأسيسي» أمس ان المركزي هو الذي حافظ على الثقة بسمعة البلد واستقراره الاقتصادي في الأسابيع الأخيرة، على رغم الاضطرابات التي أدت إلى فرض حال الطوارئ ومنع التجول ليلاً.
وأثنى كثير من أعضاء المجلس على أداء النابلي الذي كان أحد كبار خبراء البنك الدولي. وكان شغل منصب وزير التخطيط والتنمية في بدايات عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل ان يستقيل من منصبه في مطلع تسعينات القرن الماضي. وأشار خبراء اقتصاد إلى ان محاولات عزل النابلي أتت عقب تنحية المدير العام لـ «المعهد الوطني للإحصاء»، ما اعتبره بعضهم سعياً من الحكومة للسيطرة على الملفات الاقتصادية. وطبقاً للقانون الموقت المنظم للسلطات، لا يمكن استبدال حاكم «المركزي»، وهو الشخصية الرابعة في الدولة، إلا من قبل المجلس التأسيسي، وهو المؤسسة المنتخبة الوحيدة في البلد.
وأفيد بأن «المركزي» يسعى إلى استعادة الأموال التي هربها أفراد أسرة الرئيس السابق إلى الخارج، ويركز حالياً على الدول الأوروبية بعدما تلقى تطمينات من بعضها، وخصوصاً سويسرا، بالتجاوب مع مساعيه. ونظمت تونس أواسط الشهر الجاري في بروكسيل، بالتعاون مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وبمشاركة النابلي، ملتقى حول استرجاع الأرصدة التونسية المنهوبة، ووضع آليات لاستعادة الأموال التي تمتلك السلطات التونسية إثباتات بتهريبها إلى مصارف أوروبية.
وقدرت منظمة الشفافية المالية التونسية غير الحكومية حجم هذه الأموال بـ 23 بليون دولار، وحضّت حكومات عربية وأوروبية على بذل جهود أكبر لكشف النقاب عن ثروة بن علي المهربة. وكُشف عن 60 مليون فرنك سويسري مودعة باسم بن علي في سويسرا، إلا ان المنظمة أكدت أنها لا تشكل إلا نسبة قليلة جداً، في حين عبّر النابلي عن «امتعاضه من تباطؤ بعض الدول في التعاطي مع ملف استرجاع الأموال التونسية المنهوبة التي هُرّبت إلى مصارف أجنبية».
ونقلت وسائل إعلام محلية عن النابلي، الذي يرأس «لجنة استرجاع الأموال المنهوبة بالخارج»، التابعة للمصرف المركزي، قوله ان «تونس قامت بالعمل القضائي الخاص باسترجاع الأموال المنهوبة وأصدرت أكثر من 60 إنابة قضائية إلى الجهات المعنية في الخارج، إلا ان الطرف المقابل لم يقم بواجبه على أكمل وجه».
ولفت إلى ان بلاده احتجت خلال مشاركتها في ملتقى بروكسيل على «التباطؤ المقصود وعدم التعاون القضائي» من قبل دول هُرّبت إليها أموال تونسية في العهد السابق. ولم تعلن تونس بعد رسمياً قيمة الأموال التي هربها الرئيس المخلوع ومقربون منه إلى مصارف أجنبية.