في سابقة دستورية وسياسية كبرى في الكويت قضت المحكمة الدستورية أمس ببطلان مرسوم الدعوة إلى انتخابات مجلس الأمة (البرلمان) الصادر في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ما يجعل البرلمان الحالي الذي تسيطر عليه المعارضة «كأنه لم يكن»، واستعاد البرلمان السابق الموالي في غالبيته للحكومة، سلطته الدستورية «لبطلان مرسوم حله» كونه صدر في حينه عن حكومة مستقيلة.
وقررت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار فيصل المرشد «إبطال عملية الانتخاب التي جرت في الثاني من شباط (فبراير) 2012 برمتها وعدم صحة من أعلن فوزهم بتلك الانتخابات لبطلان حل مجلس الأمة (2009)»، لكن المحكمة رأت أن «القوانين التي صدرت خلال فترة المجلس تظل سارية ونافذة إلى أن يتم إلغاؤها أو يقضى بعدم دستوريتها».
وانتقد نواب هذا الحكم وأعلن 19 نائباً من المعارضة من أعضاء المجلس الذي عاد إلى الحياة (2009) استقالتهم منه فوراً، وقال قطب المعارضة مسلم البراك: «هذا الحكم مهزلة ولا يشرفنا العودة إلى مجلس المرتشين»، في إشارة إلى فضيحة تسلم نواب في المجلس السابق أموالاً من أقطاب حكوميين. وكان المجلس الذي أبطلته المحكمة أمس شكل لجان تحقيق في «الرشاوى» وفي تحويلات مالية مشبوهة تتهم المعارضة رئيس الحكومة السابقة بالتورط فيها، وأصبحت هذه اللجان بفعل قرار المحكمة الدستورية لاغية.
وعقد مجلس الوزراء اجتماعاً استثنائياً فور صدور الحكم درس فيه «الخطوات والإجراءات اللازم اتخاذها تنفيذاً للحكم المشار إليه في ما يتصل بالآثار المترتبة على بطلان عملية الانتخاب وعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها وكذلك في ما يتعلق باستعادة المجلس المنحل بقوة الدستور سلطته الدستورية».
وقرر مجلس الوزراء استكمال بحث الموضوع في اجتماع اليوم «في ضوء ما تنتهي إليه دراسة كل من وزارة العدل وإدارة الفتوى والتشريع من آراء وتصورات في شأن الإجراءات الدستورية اللازمة لتنفيذ الحكم المشار إليه».
وتباينت توقعات المراقبين والمعارضة لما سينتج من هذا المنعطف القضائي والدستوري الكبير والمفاجئ، وتوقع البعض أن يصدر الأمير الشيخ صباح الأحمد مرسوماً بحل المجلس الذي عاد للانعقاد «نظراً للموقف الشعبي الرافض له»، وأن يدعو إلى انتخاب برلمان جديد خلال 60 يوماً، بينما تخوف آخرون من أن يعود ويستمر مجلس 2009 إلى حين موعد انتهاء ولايته في صيف 2013.
ومعلوم أن الحكومة السابقة التي يرأسها الشيخ ناصر المحمد استقالت في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي اثر حملة شعبية فاعلة قادتها المعارضة مطالبة بإقالته شخصياً. وفي السادس من كانون الأول (ديسمبر) أصدرت الحكومة المستقيلة مرسوماً بحل مجلس 2009 مثيرة لغطاً قانونياً كون الحكومة المستقيلة لا يحق لها إصدار مراسيم، غير أن المعارضة تجاوزته معتبرة أنه اضطراب إجرائي لا أكثر، لكنها اكتشفت أمس أن هذا «كان لغماً مخبأ للمستقبل» كما قال أحد نوابها لـ «الحياة».
وشككت مصادر المعارضة في الظروف التي أحاطت بحكم المحكمة الدستورية مشيرة إلى صدور مرسوم قبل أيام بتعليق جلسات البرلمان شهراً على أساس المادة 106 من الدستور، كذلك قال نواب إن محسوبين على الحكومة السابقة أدلوا بتصريحات «تدل على معرفتهم بقرب نهاية المجلس الحالي»، وأشاروا في شكل خاص إلى تعليق كتبه أحد رؤساء تحرير الصحف في حسابه على موقع «تويتر» الأسبوع الماضي بأن «أحكاماً قضائية ستصدر قريباً وتسر أهل الكويت».