العنبر والمسك ودهن العود من المكونات التي لم تعد تغيب عن أي عطر تطلقه شركة من الشركات العالمية. ومنذ أن طرحت دار «غيرلان» عطرها الشهير «سامسارا» Samsara الذي حقق نجاحا كبيرا، والوصفة تتكرر دائما بشكل جديد ومبتكر. دار «كريستيان ديور» مثلا طرحت مؤخرا عطرا يخاطب الجنسين من وحي الشرق أطلقت عليه اسم «عود أصفهان» جمع في تركيبته المميزة الورد والعود مع زيوت أخشاب ثمينة مثل خشب الأرز.
ولا ينحصر استعمال أريج الزهور الشرقية أو المسك وغيره على العطور الأوروبية ذات الأسماء المستوحاة من شبه الجزيرة العربية وبلاد فارس؛ بل أيضا على عطور خاصة مركبة حسب المقاس وشخصية صاحبها. تقليد بدأ قبل العشرينات من القرن الماضي، واختفى لفترة ليعود مؤخرا أقوى من الأول.
حتى في لبنان، أصبحت هذه الخلطات الخاصة موضة يقبل عليها كل من يريد التميز بعطر خاص به ولا ينافسه فيه أحد، خصوصا مع انتشار محلات متخصصة في بيع عطور شرقية ترتكز على النباتات والزيوت العربية المنشأ كورد الطائف ودهن العود الأسود وزيوت الخردل والصبار وجوز الهند وغيرها.
يقول كمال الذي يعمل في محلات «القرشي» للعطور في وسط بيروت إن موضة اقتناء العطور العربية المنشأ أصبحت ظاهرة بحد ذاتها تغزو بلاد الغرب والشرق على حد سواء. وأضاف أن عددا من السياح الأجانب واللبنانيين يقصدون محله لشراء زجاجة عطر لا يجدونها عادة في المحلات التجارية. وهذا ما يجعلهم يشعرون بالزهو لحصولهم على عطر فريد لا مثيل له في السوق إلى حد يصبح يؤذن بقدومهم لارتباطه بهم.
وتطول لائحة العطور التي تحمل أسماء تتضمن في طياتها أريج الشرق وشذى خلطات دهن العود الذي يرتفع سعره حسب نوعيته. فالنوع الأسود هو الأغلى سعرا، ومنه الكالاكاسي (نسبة لبلاد الكلاكاس) المعتق منذ ثمانين عاما وهو الأشهر، والهندي العتيق (معتق منذ 40 عاما)، والعتيق الخالص، والهندي السيوفي (المعتقان منذ 30 عاما).
ويتراوح سعر هذه الخلطات بين 60 دولارا و1500 دولار ويصل أحيانا إلى 4000 دولار. وتختلف تسميات هذه الروائح حسب خلطاتها، فهناك خلطات التراث وتتمثل في «دهن العود المعتق»، و«مسك العود»، وهي المؤلفة من المسك والعنبر، و«مسك الختام» وتحتوي على باقة من الزهور والحمضيات، وخلطة «السفارى» وتتكون من فانيلا وأزهار برية، و«الملكي الأول»، وهي من الياسمين والفل، إضافة إلى روائح أخرى مثل «العزيزية» و«الحياة» و«رايق» و«هلا ديسمبر» و«هلا أكتوبر» و«خلطة إسماعيل القرشي».. وغيرها.
القاسم المشترك في كل هذه الخلطات أنها لا تتضمن أي مواد حافظة أو كحولا؛ بل تتألف فقط من البهارات، كالزعفران وحب الهال، والفلفل الأسود، والورد والمسك والزهور البرية، وطبعا يأتي المسك في مقدمة المواد التي تدخل في هذه التركيبات العربية، كما أنه من النوع الرفيع الذي يستخرج من بطن الغزال، مما يجعل كل خلطة عطر فريدة.