لندن تتألق هذا الصيف ليس فقط باحتضانها الألعاب الأوليمبية ولا بالاحتفالات باليوبيل الماسي للملكة إليزابيث الثانية بمناسبة جلوسها على العرش لستين عاما، لكن فعليا ببريق الماس. فقصر باكينغهام سيفتح أبوابه هذا الصيف لاستعراض روعة هذا الحجر الكريم وعلاقة العائلة المالكة به على مدى 200 عاما.
عنوان المعرض «الألماس: احتفال اليوبيل» وسيتم افتتاحه من يوم 30 يونيو (حزيران) إلى 8 يوليو (تموز) ومن 31 يوليو وحتى 7 أكتوبر (تشرين الأول)، كجزء من الاحتفال الصيفي في قصر باكنغهام. (
www.royalcollection.org.uk).ويمكن للزائر أن يتوقع فيه مشاهدة قطع ملكية أيقونية مثل التاج الماسي الذي بدأ حياته الملكية عام 1821 وخطف الأنظار من تحت القبعة المخملية الخلابة المصنوعة من ريش النعام التي كان يرتديها الملك جورج الرابع. وظل منذ ذلك الحين يزين رؤوس أجيال من الملوك البريطانيين، وهو نفس التاج الذي ترتديه الملكة إليزابيث الثانية في المناسبات الملكية في كثير من الأحيان. فقد ظهرت به مثلا في حفل استقبال الرئيس التركي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وكان التاج في الأصل هدية زواج للأميرة فيكتوريا ماري التي أصبحت فيما بعد الملكة ماري، الملكة الأم، وعندما صيغ لأول مرة عام 1893 رصعت الجزء الأعلى منه حبات من اللؤلؤ، لكن وبطلب من الملكة ماري، تم تغيير اللؤلؤ إلى ماس في عام 1920. ويعتبر المفضل للعديدات ممن تزين به، بمن فيهن الملكة إليزابيث، التي تلقته كهدية عام 1947 بمناسبة زواجها. ويقال إنه خفيف جدا ويسهل ارتداؤه. وسيتمكن الزائر أيضا من مشاهدة قلادة مرصعة بـ25 ماسة كبيرة متدرجة تتوسطها ماسة ضخمة وقرطي أذن لبستهما الملكة في حفل تتويجها عام 1953 إلى جانب قطع أخرى، لكل منها حكاية ومناسبة.
هناك أيضا بعض المجوهرات التي ارتدتها الملكة فيكتوريا في يوبيلها الماسي، فضلا عن بعض القطع الأقل رسمية والأكثر شخصية والتي تم تعديلها لتتناسب مع بعض اللحظات المختلفة في التاريخ والأذواق المتغيرة والشخصيات المتنوعة. فعلى سبيل المثال، وبسبب الحاجة لإخفاء ندبة في رقبة الأميرة الشابة الأنيقة ألكسندرا، بدأت في الظهور صيحة جديدة من موضة القلائد التي اتخذت شكل «أطواق الكلاب». أما الأميرة الشابة إليزابيث، الملكة الحالية، فأبدت شغفا كبيرا بالزهور، حيث اتخذ البروش الذي صنعه من أجلها كارتييه عام 1953 شكل الزهرة وفي داخله توجد قطعة الألماس الوردية القادمة من جنوب أفريقيا.
في هذا الإطار نشرت دار النشر «رويال كوليكشنز بابليشينغز» في الشهر الماضي أول كتاب مصرح به خاص بالمجوهرات الملكية تحت عنوان «ألماسات الملكة»، وهو من تأليف هوغ روبرتس، الذي تولى منصب المشرف على الأعمال الفنية للملكة سابقا. يحتوي الكتاب على 348 صورة توضيحية فاخرة، بما في ذلك بعض الصفحات المزدوجة لصور التيجان المرصعة بالجواهر والتي تبرز التراث الثري للعائلة الملكية الإنجليزية بداية من الملكة اديلايد في ثلاثينات القرن التاسع عشر إلى اليوم.
وتكشف الملاحظات البحثية عن المبالغ المالية الضخمة التي دفعتها الملكات فيكتوريا وماري وألكسندرا وإليزابيث، الملكة الأم، لصناع المجوهرات مثل كارتييه وغيرارد. فعلى سبيل المثال وصلت كلفة التاج الماسي الذي صممه غيرارد والمستوحى من الكوكوشنيك الروسي إلى 4.400 جنية إسترليني في عام 1888، وهو ما كان مبلغا هائلا في ذلك الوقت.
وربما يفكر البعض بأن تسليط الضوء على الثروة الضخمة للعائلة الملكية بمثابة دافع للقيام بثورة في بلد يعتصره التقشف، ولكن معظم هذه الكنوز - مثل السوار الذي أهداه الأمير فيليب إلى الأميرة إليزابيث بمناسبة زفافها عام 1947- ليست كنوزا شخصية، ولكنها ملكا للدولة.
الممتع في الكتاب أن المؤلف، أرفق المعلومات العلمية والتاريخية ببعض القصص المثيرة للاهتمام حول تدخل الملكة ماري، التي يتساوى شغفها بالمجوهرات مع شغفها بالتاريخ الملكي، لإعادة شراء الزمرد الخاص بالعائلة من عشيقة شقيقها بعد وفاته. كما لا يزال موضوع تنازل إدوارد الثامن عن عرش بريطانيا، واحتمال حصول زوجته المستقبلية، في ذلك الوقت، واليس سيمبسون على بعض المجوهرات الملكية من المحرمات. فاسم سيمبسون، التي أصبحت دوقة وندسور، لم يتم ذكره في الفهرس الشامل للكتاب.
ارتداء كاميلا، الزوجة الحالية للأمير تشارلز، وكاثرين، زوجة الأمير ويليام، بعض المجوهرات الملكية، التي تمت استعارتها من الملكة إليزابيث، بمثابة إشارة واضحة إلى حالة الصفاء والهدوء التي تسود العائلة المالكة بعد العاصفة، التي هزت كيانها بعد وفاة الأميرة ديانا، وجعلت البعض يشكك في الملكية ومدى جدواها. لكن مما لا شك فيه أن صعود جيل ملكي جديد ساعد على إنعاش صورة العائلة الملكية في إنجلترا وأعاد لها أهميتها وبريقها الذي لا يضاهيه هذه الأيام سوى بريق الماس.