قراءة ثانية لمقدمة ابن خلدون
1
هذا هو التاريخ ، يا صديقتي
من غير ما تعليق.
وكل ما قرأت عن سيرتنا المعطره
من كرمٍ..
ونجدةٍ..
و نخوةٍ..
و العفو عند المقدرة..
ليس سوى تلفيق..
وكل ما سمعته من قصص الشهامه
وعن سجايا حاتمٍ
وعن حكايا عنتره..
لم يبق شيءٌ منه في المفكره
وكل ما سمعت عن حروبنا المظفره
وكرنا..
و فرنا..
وأرضنا المحرره..
ليس سوى تلفيق..
هذا هو التاريخ ، يا صديقتي
فنحن منذ أن توفي الرسول ،
سائرون في جنازه ..
ونحن ، منذ مصرع الحسين ،
سائرون في جنازه..
ونحن، من يوم تخاصمنا
على البلدان..
والنسوان..
والغلمان..
في غرناطةٍ
موتى، ولكن ما لهم جنازه !..
3
فنصفه هلوسةٌ..
ونصفه خطابه..
أطفالنا، ليس لهم طفولةٌ.
سماؤنا، ليس بها سحابه.
نساؤنا.. ما زلن في ثلاجة الخليفه
عشاقنا..
يستنشقون وردة الكآبه ..
كتابنا، يحاولون القفز كالفئران ،
من مصيدة الرقابه ..
4
لا تثقي ، يا صديقتي ،
فعزفها مكررٌ..
وصوتها نشاز..
المخبرون.. كسروا عظامنا
وشعبنا..
يمشي على عكاز...
5
صديقة العمر التي..
أقرأ في عيونها المأساة
والحزن .. والشتات..
نحن شعوبٌ تجهل الفرح
أطفالنا ما شاهدوا في عمرهم
قوس قزح..
هذي بلادٌ أقفلت أبوابها..
وألغت التفكير عند شعبها
وألغت الإحساس..
هذي بلادٌ تطلق النار على الحمام..
والغمام..
والأجراس..
6
ما طار طيرٌ عندنا..
إلا انذبح..
ولا تغنى شاعرٌ بشعره..
7
هذي بلادٌ ..
ما بها مسيرةٌ تمشي..
ولا ذبابةٌ تطير من حيٍ.. إلى حيٍ..
ولا أمسيةٌ شعريةٌ تعطى..
8
هذي بلادٌ
نصفها زنزانةٌ
ونصفها حراس..
تزوج الموتى نساء بعضهم
فأين راح الناس؟؟
بلادكم أجمل ما شاهدت من بلدان.
فالماء فيها ضاحكٌ..
والورد فيها ضاحكٌ..
والخوخ.. والرمان..
والياسمين عندكم ،
يمشط الشعر على الحيطان...
لا يضحك الإنسان؟؟
بلادكم أجمل ما شاهدت من بلدان.
فالماء فيها ضاحكٌ..
والورد فيها ضاحكٌ..
والخوخ.. والرمان..
والياسمين عندكم ،
يمشط الشعر على الحيطان...
فكيف في بلادكم
لا يضحك الإنسان؟؟