منتدى ابيان
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
منتديات مضايف العكيدات ترحب بك أجمل ترحيب
ونتمنى لك وقتاً سعيداً مليئاً بالحب كما يحبه الله ويرضاه
فأهلاً بك في هذا المنتدى المبارك إن شاء الله / يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك
منتدى ابيان
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
منتديات مضايف العكيدات ترحب بك أجمل ترحيب
ونتمنى لك وقتاً سعيداً مليئاً بالحب كما يحبه الله ويرضاه
فأهلاً بك في هذا المنتدى المبارك إن شاء الله / يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك
منتدى ابيان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمنتدى ابيانأحدث الصورالتسجيلدخول

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية
مرحبا بك يــا زائر في منتديات ابيان رجال العكيدات
مساحة اعلانية

 

 حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 34
•MMS •|:
الساعة الان :

حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Empty
مُساهمةموضوع: حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word    حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:40 pm

حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    New




حراسة العقيدة





د.ناصر بن عبدالكريم العقل






بسم
الله الرحمن الرحيم






[center]تقديم





الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله . نبينا محمد وآله
وصحبه ومن والاه .


أما بعد ، فإن مما جاءت به الشريعة الإسلام حفظ الضروريات الخمس
التي أولها ورأسها وأساسها العقيدة ، التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل من
اعتدى عليها ، وأراد تغييرها فقال صلى الله عليه وسلم : (( من بدل دينه فاقتلوه ))
وقال : (( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ،
والتارك لدينه المفارق للجماعة )) والردة تحبط جميع الأعمال : { وَمَنْ يَرْتَدِدْ
مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ
أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ}(البقرة: من الآية217)


وعملاً بذلك فقد نفذ الخلفاء هذا الحكم في المرتدين ، فقتلوا
كثيراً منهم كما يحدثنا التاريخ بذلك ، وأثنى العلماء على هذا العمل ، ورأوه حماية
لدين الله من عبث العابثين .





وفي وقتنا هذا نبتت نابتة في تربة الباطنية ، وجعلت تشكك في
عقيدة المسلمين وتدعو إلى حرية عقائد الملاحدة والزنادقة وتثني على الموجودين منهم
، وتبكي على المفقودين ، وتنشر مقالاتهم وتدافع عنها . وتدعو إلى الاكتفاء باسم
الإسلام دون نظر إلى معتقد مدعيه ولو كان يتناقض مع الإسلام .





ولذلك ينددون بكتب العقيدة الصحيحة التي تندد بتلك المعتقدات
الباطلة وتبين زيفها وبطلانها , ويصفونها بالكتب الضيقة والمتشددة ، ويصفون أهلها
بأقبح الأوصاف . ويشجعهم على ذلك بعض المنحرفين ، ويفتح لهم المجال في بعض
المنتديات لنفث ما في صدورهم من نتن وغل وحقد على كتب السنة وأهلها . فجاء كتاب :
حراسة العقيدة للدكتور : ناصر بن عبد الكريم العقل رداً على أصحاب هذا الفكر العفن
، وهو رد واف في الموضوع ، وكاف في نقض شبهاتهم وكشف ضلالاتهم . فجزاه الله خيراً
وجعل ذلك في ميزان حسناته . فقد أجاد وأفاد . ونسأل الله لنا وله التوفيق للعلم
النافع والعمل الصالح .





وصلى الله عليه
وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه





كتبه


صالح
بن فوزان بن عبد الله الفوزان








تمهيد






(( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله
من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له
، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ))[1]
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين ..


وبعد :


فقد ظهرت في الآونة
الأخيرة ( نابتة ) شاذة وغريبة ومريبة ، يتصدرها أناس من أهل الأهواء والريب ،
والموتورين والحاسدين ، ومن مختلفي المشارب ، وقد سايرهم وفُتن بهم كثير ممن هم من
أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، ومن الأغرار ، ومن المغرورين وعشاق الشهرة ،
والجاهلين والسذج وغيرهم .


وقد ضاقت هذه النابتة بالسنَّة وأهلها ، وبمنهج السلف الصالح
ذرعاً ، وساءها ما أنعم الله به على هذه البلاد المباركة ( المملكة العربية
السعودية ) وأهلها ، من نعمة التوحيد والسنَّة ، وأقلقها ما تتمتع به هذه البلاد –
بحمد الله – من الاستقرار والأمن والرخاء واجتماع الراعي والرعية على المسلَّمات
والثوابت في الدين والمنهج والأصول ، المتمثلة بأصول السنة والجماعة ، والتي هي
أصول الحق ، وامتداد لمنهاج النبوة ، وتحقيق لوعد الله تعالى بظهور الطائفة
المنصورة والفرقة الناجية .


نعم إنها أصول السنة التي أرست قواعدها تلكم الدعوة المباركة
التي سارت على منهاج النبوة وأحيت السنة ، وحققت الجماعة ، وأزالت معالم الفرقة
والبدعة كما أمر الله تعالى ، وأوصى رسوله صلى الله عليه وسلم .


تلكم الدعوة التي قام بها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب
وأبناؤه وأحفاده وتلاميذه ، وآزره الإمام الموفق محمد بن سعود وأبناؤه وأحفاده
الذين ناصروا الدعوة وأسهموا في نشرها وحمايتها .


وقد أخذت تلكم ( النابتة ) الغريبة أشكالاً واتجاهات شتى لضرب
أصول السلف الصالح أهل السنة والجماعة من جذورها ، ولعل من أبرزها تلكم النحلة
التي سلكت مسالك ( السبئية والفرقية ) لعرقلة المد السلفي المبارك ، مستخدمة مناهج
أهل الأهواء والبدع والافتراق ( قديماً وحديثاً ) في هدم أصول الدين أو التشكيك
فيها والطعن في خيار الأمة واتهام أئمتها وعدولها ، والنفوذ من خلال ذلك وغيره إلى
فصل أجيالنا عن دينها وتراثها وأسلافها الأخيار ، وإلى هز المسلَّمات والثوابت (
العقدية وغيرها ) في قلوب أبنائها وعقولهم ، ومحاولة تلميع الفرق الضالة ودعاته ،
والتباكي على أطلالها واستعطاف الناس لها بدعوى أنها مظلومة !! .


كل ذلك – وغيره – من دواهي القوم يحدث تحت شعارات خادعة براقة
مثل : العلمية والتحقيق ، والبحث العملي أو الموضوعية والمنهجية ، والتصحيح
والتجرد، والنقد الذاتي، والإشفاق والنصح ، بل والإنصاف والعدل والوسطية ، ونحو
ذلك من الشعارات الخادعة، التي أوهمت بعض شبابنا ومثقفينا ، ولبَّست عليهم في
دينهم ، وزعزعت في بعضهم الثقة بعقيدتهم وسلفهم الصالح ، وأوغرت صدورهم على خيار
هذه الأمة من الصحابة والسلف الصالح ، وهي في الحقيقة من الزبد الذي سيذهب جفاء
بحول الله وقوته ، كما قال سبحانه عن الحق والباطل : {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ
مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً
وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ
زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا
الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي
الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} (الرعد:17) .


لقد استجابت هذه ( النابتة ) للتداعي السريع والمركز من أعداء
الحق على السنة وأهلها بشكل غريب ومريب ولافت للنظر ، في هذه الظروف العصيبة من
حياة الأمة حيث أجلبوا علينا بخيلهم ورجلهم عبر سائر الوسائل في الفضائيات
والصحافة والإنترنت والمجالس العامة والخاصة ، والمؤلفات والمقالات .... وغيرها .


كما أن لبعضهم سعياً جاداً للنفوذ إلى حصوننا ، وتمرير طروحاتهم
من خلال بعض مراكز التأثير بدعوى التطوير والتصحيح ؛ فقد عقدت هذه ( النابتة )
ألوية الفتنة والحرب السافرة ضد السنة وأهلها ، وكانت الفتنة نائمة .


ولا شك أن لهذه الإثارة ما بعدها ؛ لأن ليوث الحق لن تترك ألوية
الباطل تنتهك الحمى ، كما قال سبحانه : { مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ
الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ
الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ
يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ
تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } (آل عمران:179).


وكما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بخبره الصدق أنه : (( لا
يزال ناس من أمتي ظاهرين ، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرين ))[2]


نعم إنها سنة الله تعالى في الصراع بين الحق والباطل ، فالسعيد
من كان في خندق أهل الحق ، والشقي من خسر دينه وآخرته – نسأل الله السلامة – أما الدنيا
فإن الله يمنحها من يحب ومن لا يحب ، والله حسبنا ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة
إلا بالله .





معالم المنهج لدى هذه النابتة :


وأبرز ما تبين من منهج هذه ( النابتة ) وسماتها ما يلي :


أولاً : أنهم صاروا يلوذون بدعوى أنهم منا ، ويشفقون علينا ،
ويستغفلوننا بدعوى أنهم سلفيون وحنابلة ( النشأة والتعليم والالتزام العام الواعي
) ، على حد تعبير أحدهم عن نفسه ،ولا أدري لماذا حصر حنبليته بهذه الأوصاف والقيود
، مع العلم أن المنهج العلمي والشرعي والتعليمي العام بهذه البلاد المباركة إنما
يلتزم الكتاب والسنة واتباع المذهب الحنبلي مشروط بذلك ، ولم يعد للتمذهب أثر يذكر
عند طلاب العلم وأهل الفتوى ، ثم هم حين يدَّعون النصح نراهم يسلكون مسلك الفاضحين
الشامتين المفترين ، وأنهم يمدون لنا اليد الشمال من الخلف ، ويصفعوننا باليمين ،
كما سيأتي بيانه .


ثانياً : أنهم بهذا المنهج والأسلوب الجارح الذي سلكوه في النقد
وقعوا في شر مما زعموه من النقد والتصحيح إلى الهدم والتجريح ، ذلك أن القارئ
والسامع لكلامهم في نقد أصول السلف ، وتجريح أئمة الدين ، إنما يفهم أن أصول السلف
خاطئة ، وأحكامهم جائرة ، وأنهم متهمون ، وليسوا بقدوة ولا ثقاة ولا عدول ، وهذا –
بلا شك – جور وعدوان وظلم وجهل وتحامل ظاهر .


ثالثاً : أنهم بهذا المنهج الذي سلكوه يهدمون الأصول ويهزون
الثوابت ، ويشككون بالمسلمات تحت شعار العلمية والموضوعية ، والتجرد ، والنقد
الذاتي ، والتصحيح والنصيحة ، والإنصاف والعدل ، كما أسلفت ..


ولذلك فُتن بمقالاتهم فئات من شبابنا ومثقفينا ، الذين ليس
لديهم العلم الراسخ ، ولا الحصانة الكافية في العقيدة وأصول الدين وثوابته ولا
الفقه الراسخ ولا الثقة الكافية في المناهج التي عليها أهل السنة والجماعة .


وأسواق لك أخي القارئ الكريم برهان ذلك ، أعني على أن هذه
النابتة تستهدف أصول الدين والسنة والسلف الصالح – بأسلوب أحدهم وتعبيره عن أصول
السلف – أهل السنة والجماعة - ، وقد يسميهم ( الحنابلة ) من خلال الأنموذج التالي
مما قاله [3] :


نقد المذهب الحنبلي في العقيدة .


1- التكفير
والتبديع في كتب الحنابلة .


-
تكفير الإمام أبي
حنيفة والحنفية وذمهم وتبديعهم في كتب الحنابلة !!




- هل صح التكفير عن أحمد بن حنبل ؟!


-
البربهاري الحنبلي وتكفير المسلمين !!


-
التكفير عند ابن تيمية !!


-
ابن
القيم لم يسلم من التكفير !!


2- كثرة
الأكاذيب من الأحاديث الموضوعة والآثار الباطلة .


3- التجسيم
والتشبيه .


4- تأثير
العقيدة على الجرح والتعديل .


5- التناقض
.


6- عدم
فهم حجة الآخر .


7- الظلم
.


8- العنف
.


9- الافتراء
على الخصوم .


10- إرهاب
المتوقفين .


11- سكوتهم
عن الإنكار على بعضهم وانشغالهم بذم الآخرين .


12- العلو
في شيوخهم وأئمتهم .


13- ردود
الأفعال .


14- عدم
إدراك معنى الكلام !!


15- تشريع
الكراهية بين المسلمين .


16- ذم
المناظرة والحوار .


17- التزهيد
في التحاكم إلى القرآن مع المبالغة في الأخذ بأقوال الرجال .


18- التزهيد
والتساهل في الكبائر مع التشدد في أمور مختلف فيها .


19- التقارب
مع اليهود والنصارى والتشدد على المسلمين .


20- تقرير
شرعية الفرح بمصائب المسلمين من الطوائف الأخرى .


21- الأمر
بقطيعة الرحم من أجل العقيدة .


22- النصب
.


23- الاستدراك
على الشرع ( أو بدعة اشتراط فهم السلف ) انتهى .


وغير ذلك من العظائم والقوالع والشتائم
والاتهامات الناسفة التي رمَى بها خيار الأمة ، وقبل الدخول في بعض التفاصيل أطلب
من القارئ الكريم أن يتأمل عبارات هذا المفتون ، ليجد أنه يحكم على من هذه صفاتهم
ومنهجهم بأحكام ناسفة وجارحة ، ولم ينصفهم ولو بعبارة واحدة وبهتهم كلهم ولم يستثن
. فإذا كانوا كما افترى فماذا أبقى لهم ، وكيف يدعي أنه منهم ؟!


وأداء للأمانة وتحصيناً لبعض القراء غير المتخصصين
وغير العالمين بمنهج السلف الصالح الذين قد يطلعون على هذه الشبهات في مصدرها ،
فإنه يلزم التنبيه إلى أن هذه المزاعم ليست على المنهج الشرعي ولا العلمي السليم
وأنها : تعتمد على التهويش












[1] -
جاء نحو ذلك في حديث خطبة الحاجة الذي رواه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه في كتاب النكاح ، باب في خطبة النكاح . ( عون المعبود 6/108
برقم ( 2118) ، والترمذي رقم ( 1105 ) والنسائي ( 6/89 ) ، وابن ماجة رقم ( 1892 )
.






[2] - رواه البخاري في صحيحة ، كتاب المناقب ، باب 28
برقم ( 3640 ) ،ومسلم في صحيحه ، كتاب
الإيمان ، باب 71 ، برقم ( 247 ) . واللفظ للبخاري .









[3] - من فهرس كتاب : ( قراءة في كتب العقائد )







[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 34
•MMS •|:
الساعة الان :

حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Empty
مُساهمةموضوع: رد: حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word    حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:42 pm

والتهويل والمبالغات والانتقاء غير
العلمي وغير المنصف ، وعلى التفسير الشخصي والفرقي للمقالات والأحداث والأقوال
والنقول .


وأن بعضها باطل وكذب على الحنابلة ،
وبعضها من باب الإلزامات التي لا تلزم ، وبعضها له وجه لكنها فُسَّرت على غير
حقيقتها ، أو من الحق الذي صوِّر على صورة الباطل جهلاً ، أو تلبيساً أو توهماً أو
تحاملاً – والله أعلم .


وبعضها من الزلات والأخطاء التي وقع
فيها بعض العلماء وغيرهم من أهل السنة وليست من المنهج الحق وليس معصوماً إلا
النبي صلى الله عليه وسلم .


هذا وقد أجبت على أكثر هذه المزاعم على
سبيل الإجمال ، وبينت ( في هذا الكتاب ) أن غالب ما ذكره الكاتب وأشياعه وأسلافه –
على هذه الوتيرة – وأنه كثيراً ما ينتقي أخطاء أو زلات ، أو اجتهادات خاطئة أو
قابلة للنقاش ، من قبل بعض المنتسبين للسنة من العلماء ، وطلاب العلم والعامة
والمصنفين وغيرهم ، ويوهم القراء بأنها هي مناهج السلف ويحكم من خلالها على السنة
والجماعة وأهلها على قاعدة : ( ويل للمصلين ) ، أعني منهج الاستدلال عند أهل
الأهواء ، الذين يبترون النصوص ، أو ينتقونها حسب الأمزجة والأهواء .


رابعاً : ثم إني أعجب – ولا ينقضي
عجبي – كيف يدعي أحد الانتساب لدين ومبدأ وعقيدة ومنهاج ، ثم هو يسعى لنسف هذا
الدين من أصوله وقواعده وثوابته ، ويزعم أنه مسلم ( سني سلفي حنبلي ) ، ثم هو يطعن
في الصميم ويجرح في العمق ، ويسلخ السلف والحنابلة سلخ العدو اللدود ، ثم هو لا
يذكرهم بخير بل يرميهم بعظائم الأمور والطوام من التفكير والتبديع والنصب ، والجبر
واللعن والشتم ، وكثرة الأكاذيب والأحاديث
الموضوعة والآثار الباطلة والتجسيم والتشبيه ، والظلم والعنف والتناقض
والغلو .. إلى آخره من المفتريات والأوصاف الرديئة التي بها بهت بها خيار الأمة
وسبق ذكر نماذج منها ، وهذا ما يقول عليه منهج هذه النابتة في العموم ويمثله صاحب
كتاب ( قراءة في كتب العقائد ) ، والله حسبنا ونعم الوكيل .


لكن نحمد الله تعالى أن هذا المفتون
شهد على نفسه بأنه ممن يراهم بهذه الأوصاف – الرديئة – التي ذم فيها السلف وهم –
بحمد الله – بريئون منها ، كما برئ الرسول صلى الله عليه وسلم من وصف المشركين له
بـ ( مُذمَّم ) ، اللهم ، إلا أن يكون كما وصف نفسه مجرَّد ( حنبلي النشأة
والتعليم والالتزام الواعي العام ) فحسب ، لكن هل هو حنبلي المعتقد والمنهج ؟ وكيف
يكون ذلك ؟ وما ذكره عن الحنابلة من هذه العظائم لا يليق أن يرضاه عاقل لنفسه ،
فكيف بمن يدعي الإسلام ؟ أما ما ذكره من ( النشأة والتعليم والالتزام العام الواعي
) فقد ينطبق على كل أهل البدع والفرق والأهواء والاتجاهات والنحل ( الكامنة ) في
بلاد السنة ، والتي منها بعض ( ذويه ) وأشياعه .


أما دعوته لمباهلة من نسبه لمذهب آخر
فهي اعتراف ( في الظاهر ) بأنه ( لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء ) – والله أعلم
بالسرائر - ، وليعلم أنه ليس من منهج أهل الحق المباهلة على ما في القلوب ، ولو
جاز ذلك لباهلناه على أنه ليس سنياً ولا سلفياً ولا حنبلياً ، وليختر لنفسه أي
نحلة شاء :


وإن تخالها تخفى
على الناس تعلم




نعم إن انتساب من هذه حاله وهذا منهجه
إلى السلف والسنة والحنابلة يعد من إحدى الكُبر ، ومن المعادلة الصعبة ،
والازدواجية غير المقبولة ، والتناقض الظاهر ، وإن صحت دعواه فإن مثله كمثل الدب
الذي رأى الذبابة على أنف صاحبه فألقى الصخرة العظيمة عليه ليقتل الذبابة ، لكن
الذبابة طارت والصخرة أين سترتطم ؟


خامساً : كثير من الشبهات والمطاعن
التي أثارها هؤلاء المفتونون تستهدف أصول دين المسلمين عموماً وليس أهل السنة فحسب
؛ لأنها في الوحي ومصادر الحق عندهم ، ومناهج التلقي والاستدلال ، وطعن في خيار
الأمة وقدوتها ، وتشويه لسبيل المؤمنين ، ويظهر ذلك جلياً من طعنهم في كثير من الصحابة
الذين نقلوا الدين ، وأسهموا في إرساء قواعد الحق ومناهج السنة ، ومن ذلك حصرهم
الصحبة على طوائف من الصحابة تُخرج كثيرين من الصحابة الذين رووا عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أكثر السنة وكتبوا الوحي ، ونقلوا الدين ، ثم سبُّهُم ولمزُهم
لكبار الأئمة من التابعين ومن تبعهم على السنة ومنهاج النبوة ، الذين يتمثل بهم
سبيل المؤمنين ، الذي أمر الله باتباعه وتوعد من اتبع غيره ، كما قال تعالى : {
وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ
غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ
وَسَاءَتْ مَصِيراً } (النساء:115)


كما يظهر ذلك أيضاً من خلال طعنهم في
خلافة الخلفاء الراشدين وبيعتهم ؛ الذين أرسوا قواعد الدين ومناهجه على منهاج
النبوة ، وحفظوا مصادر الدين ، وساسوا الأمة به .


سادساً : أنهم بمنهجهم هذا استهدفوا
دين الأمة ، وأغلى ما تملكه من الأصول والمقومات وهذا من أعظم الفساد والإفساد ،
فهم كما قال الله تعالى عن أسلافهم : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي
الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ
الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ } (البقرة:11/12)


ويظهر استهدافهم لدين الأمة من خلال
طعنهم في مناهج حفظ الدين ، وضبط مصادره التي سلكها أهل الحديث وأئمة السنة في حفظ
السنة ، وتدوينها ، من خلال منهج الرواية والدراية ، بل بعضهم صار يتطاول للطعن في
صحة كتب السنة التي أجمع أهل الحق على اعتمادها كصحيحي البخاري ومسلم فضلاً عن
غيرهما . بل تطاولوا إلى اتهام ذمم الصحابة والسلف الصالح ، فاتهموهم بالعمالة
والمداهنة للسلاطين ، ليخلصوا إلى أن أصول السنة وعقيدة السلف الصالح تأسست تحت
الجبر السياسي في عهد الدولة الأموية بل قد صرح أكثرهم بذلك .


نعم إن من منهج السلف الصالح النصيحة
للسلاطين كما أرشد إلى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ، والسلف إنما يسيرون في ذلك
وغيره على منهاج النبوة عملاً بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة والإمام السمع والطاعة
بالمعروف في المنشط والمكره ، والصبر على الظلم والأثرة ، ولم يقرر السلف شيئاً من
ذلك من عند أنفسهم ، ولم يلزمهم به أحد من السلاطين ولا غيرهم ، أما أهل الأهواء
فيعدون مناصحة ولاة الأمور ( السلاطين ) من المداهنة والعمالة !! لأن أهل الأهواء
لا يرون إلا الخروج ، ما لم يكن السلطان على نحلتهم .


سابعاً : عند التحقيق في الشبهات
والمطاعن التي أثارها هؤلاء المفتونون نجد أنهم لم يبتدعوا منها إلا القليل ،
وأغلبها إنما هو مما قاله خصوم السنة من أهل الافتراق والبدع والأهواء قديماً
وحديثاً ، وكذلك رموزهم التي يثنون عليها وينتصرون لها ولمذاهبها وأقوالها ومواقفها
- قديماً وحديثاً – هم أتباع الفرق ، وأهل البدع وأصحاب الأهواء والمنحرفين في
عقائدهم وأفكارهم ، والمغموزون في تدينهم ، فقد تشابهت قلوبهم ، كما قال سبحانه عن
أشياعهم : { وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ
تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ
تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }
(البقرة:118)



نعم
إن المتتبع لما أثاروه من المطاعن والشبهات والمآخذ وكيفية انتقائها وأسلوب
صياغتها يجد أنها امتداد لما قاله خصوم السنة وأهلها من الشيعة والرافضة والخوارج
والقدرية والمرجئة والجهمية ، والمعتزلة وأهل الكلام والصوفية والباطنية والفلاسفة
، والزنادقة القدامى والمعاصرين من الحداثيين والعقلانيين والعصرانيين بل كثير
منها قاله أعداء الإسلام والمسلمين من المستشرقين والمنصِّرين وأصحاب الديانات
والملل الضالة .


ومنهجهم العام في أسلوب الطرح يعتمد
على أسلوب الحداثيين في اعتماد أسلوب الهدم ، وتحطيم الأصول وهدم العقائد وهز
الثوابت والتشكيك بالمسلَّمات .


نعم إنك حينما تتأمل الكثير من
المفتريات والمطاعن التي أثاروها ، تجدها مما قاله بمثله أولئك الذين سبقوهم من
أمثال : أبي رية ، ومحمد جواد مغنية ، ومحمد كامل حسين وحسن صعب ، وطه حسين ،
وأحمد أمين ، وعلي عبد الرزاق ، ومحمد حسين هيكل ، والدملوجي وأبي شادي ، وزهدي
جار الله ، وعابد الجابري ، وأركون ، وجابر عصفور ، وأدونيس ،ومرتضي العسكري ،محمد
عمارة ، وحسن حنفي، وعبد الستار الراوي ، وأحمد كمال أبو المجد ، ومحمد شحرور ،
ومحمد فتحي عثمان ، وزكي نجيب محمود ، وقبلهم داود بن جرجيس ، ودحلان ، ثم الكوثري
، والحبشي ، والنشار،ومن سلك سبيلهم .


وهكذا فهم يتابعون مسيرة ركب الشيطان ،
وخيله ورجله .


ثامناً : أن المتصدر لهذه الراية (
راية سب السلف وهدم أصول السنة ) لا يخفي نزعته الشيعية ، وربما الباطنية ، لا
سيما حينما يتهم السلف أو كبار علمائهم والمدافعين عنهم بأنهم ناصبة وجبرية
وعثمانية ، وأن فيهم انحرافاً عن علي وآل البيت ، والإكثار من الحديث عن تقسيم الصحابة
إلى فئات وأحزاب واتجاهات ، ورد الخلافات العقدية إلى عهدهم ، وتجذير الفرقة من
الأحداث التي حصلت في وقتهم ، وتفسير مواقفهم بتفسيرات سوداوية ، والطعن في بعضهم
أو أكثرهم ، والتعريض بخيارهم ، بمطاعن كثيرة كدعوى معقولية النزعة القبلية في
اختيار خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والطعن في خلافة الخلفاء الراشدين
الثلاثة ( سوى علي ) – رضي الله عنهم أجمعين - .


والإكثار من ذم عثمان ومعاوية وبني
أمية وحرص المستميت على إخفاء شخصية ابن سبأ ، واهتماماته بما يدور حول أصول الرفض
والتشيع ومطاعن القوم في السنة وأهلها ، ونحو ذلك مما يصعب حصره ، وقد تعني هذه
الأمور التذبذب والاضطراب إذا أسقطنا دلالتها الظاهرة على التشيُّع .


وقد تحدثت قبل في ( ثانياً ) أن دعوته
للمباهلة لا تعني صحة دعواه أنه من أهل السنة والسلف والحنابلة والله أعلم بحاله
{بَلِ الإنسانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } (القيامة:14) ، وإن صحت دعواه أنه ليس كما يقال ، فهو إلى
التشيع والباطنية أميل والله أعلم .


وللنفس البشرية في التواءاتها
ومكابراتها ما لا يحيط به إلا علام الغيوب سبحانه وتعالى ، وقد يتعسَّر كشف حقيقة
النفس على صاحبها ذاته ، إلا من وهبه الله الهداية والتوفيق .


ومع ذلك فإني على يقين بأن الله تعالى
سيكشف خبيئة هذا المفتون ، كما كشف الله كل أسلافه الذين أعلنوا الكيد لهذا الدين
وعادوا أولياء الله .


تاسعاً : ومما يحسن التنبه له أن
هؤلاء ( لأول وهلة ) قد يبهرون بعض الشباب والمثقفين وغير المتمكنين في العقيدة
والعلم الشرعي ، ويقذفون في عقولهم وقلوبهم الشبه والشكوك ، حين يرفعون شعار النقد
الهادف ، والموضوعية والتحقيق العلمي ؛ ثم هم يفرحون بما يحدث من بعض شباب السنة ،
وبعض طلاب العلم والعلماء من ردود الأفعال السريعة الناتجة عن الغيرة ، والتي قد
يصحبها شيء من التعجل والتسرع ؛ أو نحو ذلك مما هو من تصرفات البشر التي لا تحسب
على الدين والمنهج والسنة ، أو ما يحدث من بعض القادرين من العلماء من أناة أو
تباطؤ في رد الباطل والوقوف أمام الزحف الأهواء؛ بسبب الانشغال أو من أجل التثبت
أو التأني في البحث والرد ، فلا يعني ذلك عجز أهل الحق عن بيانه والدفاع عنه .


بل ربما يحدث من بعض المنتسبين للسنة
شيء من الفتور الذي هو نوع من ضعف المؤمن أمام جلد الفاجر ، لكنه أمر عارض سيزول
بإذن الله تعالى ، ولا حول ولا قوة إلا بالله فإن الله قد تكفل بحفظ الدين ونصره ،
بعز عزيز أو ذل ذليل ، وأنه تعالى ضمن أن لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة وأن تبقى
طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من عاداهم ، حتى يقاتل
آخرهم الدجال والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .


وقد لفت نظري أن بعض هؤلاء المفتونين
يتباهى بأنه يدعو للمباهلة والمناظرة ، ولا يجد من يتصدى له من أهل السنة ، ثم يظن
بغروره أن هذا دليل على قوة حجته وعجز أهل السنة ، وهذا برهان جهل ، فإن أهل السنة
ليسوا بحاجة إلى المباهلة ولا إلى المناظرة ، ومثالهم مع أهل الأهواء في مثل هذا
التحدي مثال النخلة التي وقعت على فرعها بعوضة ( ولم تشعر بها النخلة ) ، فلما
أرادت البعوض أن تقلع نادت النخلة : أن تمسكي فإني سأطير ( ! ) ، أما أن يتأثر بعض
الجاهلين وضعاف الإيمان أو قليلو العلم الشرعي بهذه الزوابع ويفتتنون بها وبدعاتها
، فهذا من سنة الله تعالى في عباده {... وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ
لَهُ سَبِيلاً }(النساء: من الآية88)


عاشراً : إن مما يؤكد بعد هذا
المنهج عن الموضوعية والعلمية والتجرد والإنصاف ، بل وعن المنهج الشرعي العادل ،
أنهم لم يبينوا ولم ينوهوا عن المنهج الأصل عند السلف ، وأنه يقوم على الحق والوحي
المعصوم ( الدليل ) وعلى العدل والموضوعية والتجرد للحق ، وقد بينت من خلال هذا
البحث أن ما ذكروه من تجاوزات وأخطاء وزلات ، فإن صح أن بعضها تجاوزات وأخطاء
وزلات ، فإنما هي أخطاء بشر لا تحسب على المنهج ، ولا معصوم إلا الرسول صلى الله
عليه وسلم .


نعم إنهم يعملون – إن كانوا يريدون
الحق – أن الطريق العادلة المأمونة إنما تكون في بيان الحق ، وسلامة المنهج
والاعتدال الذي عليه السلف أهل السنة والجماعة ، ثم لا مانع – لمن كان من أهل
الاختصاص – من بيان ما قد يقع من المنتسبين للسنة من أخطاء وزلات ، بالضوابط
الشرعية .


كما أحسب أنه لا يخفى على من لديه شيء
من العلم ، أن أفضل طريقة وأسلم منهج عرفه التاريخ في العلمية والموضوعية ، ونقد
الرجال ( الجرح والتعديل ودراسة الأسانيد ) ، وتمييز النصوص والنقول والمقالات –
رواية ودراية – أنه منهج أهل الحديث ، السلف الصالح ، أهل السنة والجماعة ، وأن الله
حفظ للأمة دينها وعقيدتها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم بهذا المنهج الفريد وأهله
.


ثم مما يؤكد بُعد هؤلاء المدعين
للمنهجية والموضوعية والبحث العلمي عن ذلك كله ، تطاولهم على ما لم يكن من
اختصاصهم وهو العلوم الشرعية ؛ السنة والعقيدة والحديث وعلومه والرجال ونحوها التي
هي من اختصاص الراسخين في العلم ، ولذلك نجدهم يصدق فيهم قول النبي صلى الله عليه
وسلم كما جاء في الصحيحين : (( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور )) [1].


ولو أن هؤلاء المفتونين ردُّوا ما
اشتبه عليهم علمه في الأمور التي أثاروها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه
وسلم ، وإلى الراسخين في العلم الذين يستنبطون ، ويعلمونهم ما جهلوه ويبينون لهم
ما خفي عليهم ، ويحلّون ما أعضل وأشكل لما وقعوا في هذه التورطات والمجازفات ، كما
أمر الله بذلك أسلافهم بقوله : { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ
أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ
مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ
اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً)
(النساء:83) ، وقوله سبحانه لعموم الأمة
{ َاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُون} (الأنبياء: من
الآية7)


وقد وجدت أحسن وصف شخص مناهج هؤلاء
وأمثالهم من أهل البدع والأهواء وأصولهم : ما قاله الإمام أحمد الخبير بعوارهم ،
وسأسوق عباراته مع شرحها قال [2] :


[ ( عقدوا ألوية البدع ) أي رفعوا
رايات الأهواء والبدع فالابتداع قاسم مشترك بين جميع الأهواء والافتراق .


( وأطلقوا عقال الفتنة ) ، وأعظمها
الفتنة في الدين ومفارقة السنة .


( فهم مختلفون في الكتاب ) ، يعني كتاب
الله تعالى وما جاء به رسول الهدى صلى الله عليه وسلم .


( مخالفون للكتاب ) . أي القرآن والسنة
.


( مجمعون على مفارقة الكتاب )، أي
اتفقوا في مناهجهم وأصولهم ومقالاتهم على مخالفة القرآن والسنة ومعارضتهما والتلقي
عن غيرهما .


( يقولون على الله )، بغير علم . فهم
ينسبون مقالاتهم وأصولهم الفاسدة إلي كتاب الله وسنة رسول الله وإلى دين الله وذلك
قول على الله بغير علم .


( وفي الله ) ، أي يتكلمون في أسماء
الله تعالى وصفاته وأفعاله بغير علم .


( وفي كتاب الله بغير علم )، لأنهم
جانبوا مناهج أهل العلم ، أئمة الهدى في التلقي والاستدلال .


( يتكلمون بالمتشابه من الكلام ) ، في
الصفات والقدر والغيبيات ونحوها مما لا مجال للرأى فيه .


( ويخدعون جهال الناس بما يُشبِّهون
عليهم ) ، فيلبسون الحق بالباطل .


وهذه الأصول العشرة : سمات عامة لأهل
الأهواء تجتمع في سائر الفرق ومناهجها ] .


نعم إن كلام الإمام أحمد هذا إنما هو
كلام الخبير بأهل الأهواء والافتراق والبدع ، فتأمله واعتبر ، نفعني الله وإياك
بالعلم النافع ، وجنبني وإياك سبل الغواية .


أخي القارئ :


ستجد في هذا الكتاب إسهام المقل في
تقرير الحق وبيان أصالة أصول السلف الصالح أهل السنة والجماعة وكشف فساد مناهج
المخالفين لا سيما في الأمور التي أثارها خصومهم ممن ذكرتهم في ثنايا هذا البحث
وغيرهم .


ومنهجي في هذا البحث يقوم على بيان
الأصول التي قام عليها منهج السلف ؛ لتكون بمثابة الميزان للمسلم ، يزن بها ما
يتعرض له أو يقرؤه أو يسمعه من الشبهات والجهالات التي أثارها هؤلاء المفتونون
وغيرهم من أهل الأهواء والبدع قديماً وحديثاً ، ولم يكن غرضي الرد التفصيلي على من
أشرت إليهم ، أو إلى مقالاتهم وكتبهم لكني ذكرت نماذج من شبهاتهم ، التي هي السبب
في تأليف هذا الكتاب ؛ ولذلك لم أتعرض إلا للقليل مما قالوه مع التنويه إلى أنني
سبق أن أصدرت بعض الدراسات حول الأهواء والافتراق والبدع [3]
ذكرت فيها الكثير من أصول السلف ، وكشفت فيها الكثير من أصول البدع والأهواء
والافتراق ونشأتها وأسبابها وآثارها السيئة على الأمة ، وبينت ما تيسر لي بيانه من
مناهج أهل الأهواء والبدع والافتراق وسماتهم ، وقد أفدت منها في هذا الكتاب في مواضع
، وهي – بحمد الله – تكشف الكثير مما أثاره هؤلاء المفتونون وأسلافهم من الخلوف
التي تكالبت على السنة وأهلها – قديماً وحديثاً – والله حسبنا ونعم الوكيل .


وأخيراً .. نحمد الله تعالى على نعمة
الإسلام ، وسلوك طريق السنة ولزوم الجماعة ، ونسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين
للحق والهدى ، وأن يجمع كلمتهم ويوحد صفوفهم ، وأن يعيذهم من الفرقة والأهواء
والبدع .


والحمد لله رب العالمين ، وسلام على
المرسلين . وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .





كتبه


ناصر بن عبد
الكريم العقل








الرسول صلى الله
عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح هم القدوة في الدين[b][4]
[/b]






الرسول صلى الله عليه وسلم
هو القدوة في الدين ، ثم أصحابه – رضي الله عنهم أجمعين – لأن الله تعالى
زكاهم ؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم رباهم ، وتوفي وهو عنهم راض ، وهم حملة
الدين علماً وعملاً فقد نقلوا لنا القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وعملوا
بمقتضاهما ولم تظهر فيهم الأهواء والبدع والمحدثات في الدين .


فإن الحق والهدى يدوران معهم حيث داروا ، ولم يجمعوا إلا على حق
، بخلاف غيرهم من الطوائف والمنتسبين للأشخاص والشعارات والفرق فإنهم قد يجتمعون
على الضلالة .


ثم السلف الصالح من : التابعين وتابعيهم ، وأئمة الهدى في
القرون الثلاثة الفاضلة ، هم القدوة بعد الصحابة ؛ لأنهم كانوا على منهاج النبوة
وسبيل الصحابة لم يغيروا ولم يبدلوا .


وعلى هذا المنهج سار أئمة الدين ، وأهل السنة إلى يومنا ، وإلى
أن تقوم الساعة ، ملتزمون بما جاء في الكتاب والسنة ، ومقتفون لأثر النبي صلى الله
عليه وسلم ، والسلف الصالح – والحمد لله - ، وسبيل هؤلاء ( السلف الصالح من
الصحابة والتابعين وأئمة الدين ) ، هو سبيل المؤمنين الذي توعد الله من يتبع غيره
، وجعل اتباع غيره مشاقَّة للرسول صلى الله عليه وسلم ومن موجبات النار ، نسأل
الله العافية ، قال الله تعالى : { وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا
تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً } (النساء:115) .


وبذلك يتقرر أن سب الصحابة والسلف الصالح والطعن فيهم ، طعن في
الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أنه خيانة للأمة وعامة المسلمين
؛ لأنه طعن في خيارها وقدوتها ؛ ولذلك عمد أهل الأهواء والبدع والافتراق إلى الطعن
في الصحابة والتابعين والسلف الصالح أو بعضهم كما سيأتي بيانه .












[1] - البخاري ( 5219 ) ومسلم ( 2129 ) .






5- الرد على الجهمية والزنادقة ، للإمام أحمد ، ص
( 85 ) ، تحقيق : عميرة .






[3] - هي مجموعة حلقات تحت عنوان : رسائل ودراسات في
الأهواء والافتراق والبدع ومواقف السلف منها ) وقد طبع منها حتى مطلع هذا العام
1422هـ سبع حلقات ، وأسأل الله الإعانة على استكمالها .






[4] - راجع مقدمات في الأهواء والافتراق والبدع ،
للمؤلف ص 87 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 34
•MMS •|:
الساعة الان :

حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Empty
مُساهمةموضوع: رد: حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word    حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:43 pm

مصادر
الدين هي : الكتاب والسنة
( الوحي فحسب )[1]





المنهج الحق ، منهج السلف الصالح ، أهل السنة والجماعة يقوم
على:أن مصادر الدين:الكتاب والسنة ، والإجماع ( وهو مبني عليهما ) ، وما عدا ذلك
فهو باطل ؛ لأنه بموت النبي صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي ، وقد أكمل الله تعالى
الدين ، قال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً } (المائدة: من الآية3) ،
والرسول صلى الله عليه وسلم قد أدى الرسالة وبلغ الأمانة ، وقال صلى الله عليه
وسلم : (( تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا
على الحوض )) [2].


والدين الحق يقوم على التسليم لله تعالى ؛ والتسليم يرتكز على :
التصديق والامتثال ، والاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو دين الله تعالى ،
أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بالوحي وأكمله فليس لأحد أن يُحدث شيئاً
زاعماً أنه من الدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم قالSad( من أحدث في أمرنا هذا ما
ليس منه فهو رد ))[3]فالدين
كله عقيدة وشريعة ، لا يجوز استمداده إلا من الوحي .


والعقيدة هي أصول الدين وثوابته وقواطعه ، وعليه فإن : مصادر
تلقي العقيدة الحق ، هي الكتاب ، والسنة وإجماع السلف ، وهذه هي مصادر الدين ،
ويتفرع عن هذه القاعدة العظيمة الأصول التالية :


1- إذا
اختلفت فهوم الناس لنصوص الدين ، فإنَّ فهم السلف( الصحابة والتابعين ومن سلك
سبيلهم ) هو الحجة، وهو القول الفصل في مسائل الاعتقاد وغيرها لأنهم خيار الأمة ،
وأعلمها وأنقاها وقد أمرنا الله وأمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم ،
والرجوع إليهم ، وتوعد من اتبع غير سبيلهم ، وعليه فإن :


2- منهج
السلف في تقرير العقيدة يعتمد على الكتاب والسنة ، ولذلك كان هو الأعلم والأسلم و
الأحكم . ويتمثل ذلك بآثارهم المبثوثة في مصنفاتهم ، وفي كتب السنة والآثار .


3- العقيدة
توقيفية لا يجوز تلقيها من غير الوحي ؛ لأنها غيب لا تحيط بها مدارك البشر ، ولا
عقولهم ولا علومهم .


4- العقيدة
غيبية في تفاصيلها ، فلا تدركها العقول استقلالاً ، ولا تحيط بها الأوهام ، ولا
تدرك بالحواس والعلوم الإنسانية ولا غيرها .


5- كل من
حاول تقرير العقيدة واستمدادها من غير مصادرها الشرعية فقد افترى على الله كذباً ،
وقال على الله بغير علم .


6- كما
أن العقيدة مبناها على التسليم والاتباع : التسليم لله تعالى ، والاتباع لرسوله
صلى الله عليه وسلم .


قال الزهري : ( مِنَ الله – عز وجل –
الرسالة ، وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم البلاغ ، وعلينا التسليم )[4]


7- الصحابة
– رضي الله عنهم – وأئمة التابعين وتابعيهم وأعلام السنة – السلف الصالح – كانوا
على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسبيلهم هو سبيل المؤمنين ، وآثارهم هي
السنة والطريق المستقيم . قال الأوزاعي : ( عليك بآثار من سلف ، وإن رفضك الناس ،
وإياك وآراء الرجال ، وإن زخرفوه لك بالقول ، فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق
مستقيم ))[5]






مصادر التلقي عند أهل الأهواء






أما أهل الأهواء فقد تفرقت بهم السبل في مصادر تلقي الدين
والعقيدة ، وتنوعت مشاربهم ومصادرهم ، فجعلوا من مصادر الدين وتلقي العقيدة :


1- العقليات
والأهواء والآراء الشخصية ، والأوهام والظنون وهي من وساوس الشياطين وأوليائهم ،
ومن اتباع الظن وما تهوى الأنفس .


2- الفلسفة
وتقوم على أفكار الملاحدة والمشركين من الصابئة واليونان والهنود والدهريين ونحوهم
، والفلسفة أوهام وتخرصات ورجم بالغيب .


3- عقائد
الأمم الأخرى ومصادرهم ، مثل كتب أهل الكتاب وأقوالهم ، والمجوس والصابئة ،
والديانات الوضعية الوثنية .


4- الوضع
والكذب ( لدى الرافضة والصوفية وغالب الفرق ) ، ومصدره الزنادقة ورؤوس أهل البدع ،
فإنهم يكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى الصحابة والتابعين وأئمة الهدى
وسائر الناس ، ويضعون الأحاديث والروايات بأسانيد وهمية ومختلفة .


5- الرؤى
والأحلام والكشف والذوق ( لدى الصوفية والرافضة ونحوهم ) ، ومصدرها الأهواء وإيحاء
الشياطين.


6- المتشابه
والغريب والشاذ من الأدلة الشرعية واللغة وأقوال الناس .


7- الاعتماد
على آراء الرجال دون عرضها على الشرع أو القول بعصمتهم وتقديسهم .






سلامة
منهج الاستدلال عند السلف أهل السنة




وفساد
مناهج المخالفين في ذلك







منهج الاستدلال هو : الأصول والقواعد ، والطريقة التي يتم بها
تلقي الدين وتقرير العقيدة ، واستنباط الأحكام من النصوص الشرعية وقواعد الشرع
المبنية عليها .


ومنهج الاستدلال عند أهل السنة والجماعة يقوم على القواعد
التالية :



1- حصر
الاستدلال في الدليل الشرعي ( الوحي ) في الدين .


2- مراعاة
قواعد الاستدلال ، فلا يضربون الأدلة الشرعية بعضها ببعض ، بل يردون المتشابه إلى
المحكم ، والمجمل إلى المبين ، ويجمعون بين نصوص الوعد والوعيد والنفي والإثبات ،
والعموم والخصوص ، ويقولون بالنسخ في الأحكام ونحو ذلك .


3- يعملون
بكل ما صح من الأدلة الشرعية دون تفريق بين آحاد وغيره .


4- يعتمدون
تفسير القرآن بالقرآن ، والقرآن بالسنة والعكس ، ويعتمدون معاني لغة العرب ولسانهم
؛ لأنها لغة القرآن والسنة ، ويردون ما يخالف ذلك .


5- يعتمدون
تفسير الصحابة ، وفهمهم للنصوص وأقوالهم وأعمالهم وآثارهم ؛ لأنهم أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهم أفضل الأمة وأزكاها ، وعاشوا وقت تنزل الوحي وأعلم باللغة
ومقاصد الشرع ، ثم آثار السلف الصالح أئمة الهدى الذين هم بهم مقتدون .


6- ما
بلغهم وعلموه من الدين عملوا به ، وما اشتبه عليهم علمه ، أو علم كيفيته ، ( كبعض
نصوص الغيبيات والقدر ) يسلمون به ويردون علمه إلى الله – سبحانه وتعالى – ولا
يخوضون فيه .


7- يتجنبون
الألفاظ البدعية في العقيدة ( كالجوهر والعرض والجسم ) لاحتمالها للخطأ والصواب ؛
ولأن في ألفاظ الشرع غنى وكمالاً .


8- يتجنبون
المراء والخصومات في الدين ، ولا يجادلون إلا بالتي هي أحسن .


9- ينفون
التعارض بين العقل السليم والفطرة وبين نصوص الشرع ، وبين الحقيقة والشريعة وبين
القدر والشرع ، وما يتوهمه أهل الأهواء من التعارض بين العقل والنقل فهو من عجز
عقولهم وقصورها .


10-
يتجنبون التأويل في العقيدة والغيبيات – بغير
دليل شرعي صريح – لأنه قول على الله بغير علم ؛ ولأن مسائل العقيدة والغيبيات
توقيفية لا مجال للرأي ولا للعقل فيها ولا تدرك بالعلوم الحسية .


11-
يعنون بالإسناد وثقة الرواة وعدالتهم
لحفظ الدين .


أما منهج الاستدلال عند أهل الأهواء والبدع والافتراق إجمالاً
فإنه يقوم على الأسس التالية :



1- عدم
حصر الاستدلال على الدليل الشرعي ، حتى في العقائد ، ( وهي توقيفية ) ، فإنهم
يستدلون بالظنيات والأوهام ، والفلسفات ، ويسمونها ( العقليات ) ، كما يستدلون
بالحكايات والأساطير وما لا أصل له وبالأحاديث الموضوعة والآثار المكذوبة ، وآراء
الرجال في الدين ، وما يسمونه الكشف والذوق والأحلام ونحو ذلك .


2- لا
يراعون قواعد الاستدلال ، فيتبعون المتشابه ولا يردونه إلى المحكم {فَيَتَّبِعُونَ
مَا تَشَابَهَ مِنْهُ }(آل عمران: من الآية7)
، ويضربون الأدلة بعضها ببعض ، ويزعمون التعارض بينها ، ويستدلون بالمجمل
ولا يردونه إلى المبين ، ولا يجمعون بين نصوص الوعد والوعيد ، ولا النفي والإثبات
، ولا العموم والخصوص .


3- يضعون
لأنفسهم أصولاً يبتدعونها بأهوائهم ، وينتزعون لها أدلة من القرآن والسنة ، على
غير المنهج الشرعي في الاستدلال ، وما لا يوافق أصولهم وأهواءهم من نصوص الشرع ،
يردونه ، أو يؤولونه .


4- يفسرون
نصوص الشرع بأهوائهم ، فلا يعتمدون تفسير بعضها ببعض ، ولا يعتمدون معاني اللغة ،
وبعضهم قد يستدل ببعض وجوه اللغة بمعزل عن فهم السلف ، وعن الدلالات الأخرى .


5- لا
يعتمدون تفسير الصحابة والسلف الصالح ، ولا فهمهم للنصوص ، ولا آثارهم وعملهم
وهديهم ، بل يجانوبنهم ، ويتبعون غير سبيل المؤمنين .


6- يخوضون
فيما نهى الله عنه من نصوص القدر والصفات والسمعيات ونحوها { ابْتِغَاءَ
الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ
}(آل عمران: من الآية7)


7- يعتمدون
الألفاظ البدعية في الصفات وسائر العقيدة ( كالجسم والعرض والجوهر ) .


8- يقوم
منهجهم على المراء والخصومات والجدال بالباطل .


9- يتوهمون
التعارض بين العقل والشرع ، وبين الحقيقة والشريعة وبين القدر والشرع ، وبين
أصولهم والشرع ثم يحكمون أهواءهم وأصولهم وعقلياتهم الفاسدة ويقدمونها على الشرع .



10-
ويعتمدون التأويل في العقيدة ، ويقولون على الله
بغير علم { ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ }(آل عمران: من الآية7)


11-
ليس
لهم عناية بالإسناد ؛ لتعويلهم على الأهواء وآراء الرجال ، والوضع وما لا أصل له ،
ولذلك يعتمدون الأحاديث الموضوعة والضعيفة ، وما لا أصل له ، وبالمقابل قد يردون
الأحاديث الصحيحة إذا خالفت أهواءهم كما سبق بيانه .






عبارة
: ( أهل السنة والجماعة ) وصف شرعي [6]





زعم بعض أهل الأهواء ( قديماً وحديثاً ) أن أهل السنة والجماعة
، وصف أطلقه السلف على أنفسهم وأتباعهم والحق أن : أهل السنة والجماعة وصف شرعي
لأهل الحق الذين يتمسكون بالسنة حين يخرج عنها أصحاب السبل أهل الأهواء والبدع
والافتراق ، وأهل السنة هم الطائفة التي تبقى على الحق ظاهرة كما صح عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال : (( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من
خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك )) [7].


فقد نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا على أن هذا الدين
سيبقى ممثلاً بطائفة ، وهي الفرقة الناجية ، التي استثناها الرسول صلى الله عليه
وسلم ، من الفرق الهالكة عند الافتراق والاختلاف في الدين ، فقد صح عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال في الحديث الذي رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – وغيره أنه
صلى الله عليه وسلم قال : (( تفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة،أو اثنتين وسبعين
فرقة والنصارى مثل ذلك،وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ))[8] .


وقد أجمع أهل العلم وأئمة الهدى ، على أن هذه الفرقة الناجية هم
أهل السنة والجماعة .


وأهل السنة والجماعة هم : الصحابة والتابعون والسلف الصالح
وأئمة الهدى ، أهل الحديث والعلم والفقه في الدين في القرون الثلاثة الفاضلة ، ومن
اقتفي أثرهم واتبع سبيلهم ، ولم يحدث ولم يبتدع في الدين ما لم يكن من هديهم ،
لأنهم كانوا على المحجة البيضاء ، على بينة من ربهم ، لم تعصف بهم الأهواء والفتن
، ولم تحرفهم البدع عن العروة الوثقى والصراط المستقيم .


وأهل السنة هم كل من هو على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه
وسلم،وأصحابه والتابعون ،في الهدي الظاهر والباطن .


وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الصالح بين واضح
، منقول مسطور محفوظ ، هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما
فهمها وعمل بها السلف الصالح ، وأتباعهم .


ورغم وضوح هذا الأمر ، فإن الكثير من المسلمين في هذا العصر مع
اختلاط الثقافات ، وانتشار البدع ، واستعلاء الفرق والمذاهب الضالة ، وظهور
التيارات التي تشكك في المسلَّمات ، جهلوا كثيراً من أمور دينهم وعقيدتهم .


وكان مما أصبح مجهولاً لدى الكثير من المسلمين : مفهوم أهل
السنة والجماعة ، وأصولهم ؛ وهديهم ، مما جعل بعض الجاهلين يدعي : أن أهل السنة
تاريخ مضى .


أو أنه ليست هناك طائفة يصدق عليها هذا الوصف .


أو أن مناهج السلف إنما هي أصول نظرية مثالية .


أو أن المسلمين جميعاً على مختلف مشاربهم على السنة .


أو أن مناهج السنة عفا عليها الزمن , ولا بد من البدائل بالتجديد



أو أن أئمة السلف الصالح هم الذين اخترعوا لأنفسهم هذا الوصف .


أو أن وصف أهل السنة لم يعد يصدق على أحد ؛ لأن الكل يدَّعيه
ولا يُسلَّم له ذلك .


كما ظهرت أخيراً دعاوى ، ومزاعم وشعارات من قبل أهل الأهواء
وبعض الفرق والجماعات , التي تخالف السنة والجماعة ،بأنها هي أهل السنة والجماعة ،
أو أنها منهم أو تنتمي إليهم ، وهذه مزاعم عريَّة من الدليل والبرهان ، وإليك بيان
ذلك .






مفهوم
أهل السنة والجماعة




الشرعي
والاصطلاحي







عند التأمل لمعاني السنة ، ومعاني الجماعة ، كما وردت في النصوص
الشرعية ، وكما عبر عنها وفهمها السلف ؛ نجد أنه يتحدد بوضوح المفهوم السليم لأهل
السنة والجماعة .


من هم ؟ وما صفاتهم ؟ وما منهجهم ؟ وعليه فإنا نستطيع أن نعرَّف
أهل السنة من وجوه متعددة ، من خلال صفاتهم وسماتهم ، ومنهجهم ، ومن خلال تعريف
السلف لهم ، أي من خلال تعريفهم هم بأنفسهم ، فأهل الدار أدرى بما فيها وأهل مكة
أدرى بشعابها .


ومن هذه الوجوه التي يمكن أن نتعرف بها على أهل السنة :


أولاً : أنهم هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم أهل السنة
الذين علموها ، ووعوها وعملوا بها ، ونقلوها ، وحملوها ، رواية ودراية ، ومنهجاً ،
فهم أجدر من يستحق التسمي بأهل السنة لسبقهم إلى السنة علماً وعملاً وزمناً .


ثانياً : يليهم كذلك أتباع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذين
أخذوا عنهم هذا الدين ، ونقلوه وعلموه وعملوا به ، من التابعين وتابعيهم ، ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، فهم أهل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين
تمسكوا بها ، ولم يبتدعوا ولم يتبعوا غير سبيل المؤمنين .


ثالثاً : وأهل السنة والجماعة هم السلف الصالح أهل الكتاب والسنة
العاملون بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم [9]،
المتبعون لآثار الصحابة والتابعين وأئمة الهدى ، المقتدى بهم في الدين ، الذين لم
يبتدعوا ولم يبدلوا ، ولم يحدثوا في دين الله ما ليس منه .


رابعاً : أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية من بين الفرق وهم الطائفة
الظاهرة والمنصورة إلى قيام الساعة [10]
لأنهم هم الذين ينطبق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تزال طائفة من
أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك )) [11]
وفي لفظ : (( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ..... )) الحديث [12]


خامساً : هم الغرباء إذا كثرت الأهواء والضلالات والبدع ، وفسد الزمان ،
أخذاً من قوله صلى الله عليه وسلم : (( بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً
، فطوبى للغرباء )) [13]
وقال صلى الله عليه وسلم : (( طوبى للغرباء ، أناس صالحون في أناس سوء كثير ، من
يعصيهم أكثر ممن يطيعهم )) [14]
وهذا الوصف إنما ينطبق على أهل السنة .


سادساً : وهم أصحاب الحديث رواية ودراية علماً وعملاً لذلك نجد أن أئمة
السلف فسروا الطائفة المنصورة والفرقة الناجية ، أهل السنة والجماعة ، بأنهم : (
أصحاب الحديث ) فقد روي ذلك عن ابن المبارك ، وأحمد بن حنبل ، والبخاري ، وابن
المديني ، وأحمد بن سنان [15]،
وهذا حق فإن أصحاب الحديث الجديرين بهذا الوصف هم أئمة أهل السنة .


قال الإمام أحمد في الطائفة المنصورة : ( إن لم يكونوا أهل
الحديث فلا أدري من هم ، قال القاضي عياض : ( إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة
ومن يعتقد مذهب أهل الحديث ) [16]
قلت : وعامة المسلمين الذين على الفطرة والسلامة ولم يسلكوا مسالك الأهواء والبدع
، هم على السنة ، وهم تبع لعلمائهم بالاهتداء والاقتداء .






لماذا سموا بأهل السنة الجماعة ؟


سُمِّي أهل السنة بذلك : لأنهم الآخذون بسنة رسول الله صلى الله
عليه وسلم العاملون بها ، العاملون بمقتضاها ، والمتمثلون لقول الرسول صلى الله
عليه وسلم : (( عليكم بسنتي )) [17]،
فالسنة هي : ما تلقاه الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من الشرع والدين
، والهدي الظهر والباطن ، وتلقاه عنهم التابعون ، ثم تابعوهم ثم أئمة الهدى
العلماء العدول ، والمقتدون بهم ، ومن سلك سبيلهم إلى يوم القيامة [18].


ومن هنا صار أهل الحق المتبعون للسنة : أهل السنة فهم الجديرون
بذلك على الحقيقة .


أما تسميتهم بالجماعة : فلأنهم أخذوا بوصية رسول الله صلى الله
عليه وسلم بالجماعة ، فاجتمعوا على الحق , وأخذوا به , واقتفوا أثر جماعة المسلمين
المستمسكين بالسنة ، من الصحابة والتابعين وأتباعهم ، ولأنهم أجمعوا على الحق ،
وعلى اتباع الجماعة , أهل السنة والحق ، ولأنهم دائماً – بحمد الله – يجتمعون على
أئمتهم ، ويجتمعون على الجهاد ، مع ولاة المسلمين ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ، ويجتمعون على السنة والاتباع ، وترك البدع والأهواء والفرق ، فهم الجماعة
التي عناها الرسول صلى الله عليه وسلم ووصفها وأمر بالأخذ بها .


وأخيراً نصل إلى نتيجة بينة واضحة وهي أن : ( أهل السنة
والجماعة )
اسم ووصف استمد :


أولاً : من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، حينما أمر بالسنة وأوصى بها
(( عليكم بسنتي )) ، وحينما أمر بالجماعة وأوصى بها , ونهى عن خلافها ومفارقتها ،
والخروج والشذوذ عنها ، فأهل السنة والجماعة إنما سماهم الرسول صلى الله عليه وسلم
ووصفهم بذلك .


ثانياً : استمد من آثار الصحابة ، والسلف في القرون الفاضلة , من قولهم
ووصفهم وحالهم ، فهو اسم ووصف أجمع عليه أئمة الهدى ، وسموا به أهل الحق ووصفوهم
به وتلك آثارهم شاهدة ناطقة في مصنفاتهم في كتب السنن والآثار .


ثالثاً : أن مصطلح أهل السنة والجماعة وصف شرعي وواقعي صادق ومعبر ،
يتميز به أهل الحق عن أهل البدع والأهواء ، وهذا بخلاف ما يظنه البعض من أن ( أهل
السنة والجماعة ) ، إنما هو اسم أحدث عبر السنين ، وأنه لم يعرف إلا بعد الافتراق
، والحق أنه اسم شعي مأثور عن سلف هذه الأمة ، منذ عهد الصحابة والتابعين ، والصدر
الأول والقرون الفاضلة .


أما ما يقوله بعض أهل الأهواء من أن أهل السنة يقصرون السنة
والسلفية عليهم ؛ وأنهم يقصدون بالسلف الصالح : من كان على مذهبهم فهذا صحيح ، وهو
الحق ، وليس عيباً ولا خطأ ، فإن السلف الصالح هم أهل السنة والعكس كذلك شرعاً
وواقعاً كما أسلفت فمن لم يكن على مذهب السلف ولم يسلك منهجهم وسبيلهم فهو مفارق
للسنة والجماعة .


كما نقول لهؤلاء المفتونين ، وتلكم النابتة التي تتنكر للسنة
وأهلها : هذه هي السنة ، وهؤلاء هم أهلها ، أهل السنة والجماعة ، فإن أعرضتم
وأبيتم قول الحق ، فليس لنا معكم إلا مقولة نوح عليه السلام للمعرضين :{ قَالَ يَا
قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً
مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا
كَارِهُونَ } (هود:28)


وهل هم محصورون في مكان أو زمان ؟


أهل السنة والجماعة لا يحصرهم مكان أو زمان ، إنما قد يكثرون في
بلد ويقلون في آخر ، وقد يكثرون في زمان ، ويقلون في زمان [19]
لكنهم لا ينقطعون .


ففيهم أعلام الهدى ، ومصابيح الدجى ، وحجة الله على الخلق إلى
أن تقوم الساعة ، وبهم يتحقق وعد الله بحفظ الدين .


وبهذا يتبين من هم أهل السنة والجماعة ، ومن هم السلف الصالح ،
وأن دعاوى الفرق المفارقة للسنة والجماعة ، بأنها من أهل السنة والجماعة ، وانتحالها
للسلف الصالح أو بعضهم ، مردودة بالضوابط الشرعية ، والأصول العلمية ، والحقائق
التاريخية .


كما تسقط دعوى أن
المسلمين كلهم على السنة فهذا تكذيب لخبر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بأن
الافتراق حاصل ، ومكابرة وتكذيب للواقع .


وكذا بقية الدعاوي .


وعليه : فالسنة ليست حزباً ولا شعاراً ولا مذهباً يتعصب له ، بل
هي ميراث النبوة ومنهاجها ، والصراط المستقيم ، والعروة الوثقى ، وسبيل المؤمنين ،
والواضحة ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .


وما يخرج عن ذلك من الأخطاء والزلات والبدع التي تحدث من أهل
البدع أو من المنتسبين للسنة ، فليست من السنة في شيء ، ولا تحسب على المنهج الحق
.






أصول
الدين ( العقيدة ) هي أركان الدين وقطعياته





أصول الدين هي كل ما
ثبت وصح من الدين ، من الأمور الاعتقادية العلمية والعملية،والغيبيات الثابتة
بالنصوص الصحيحة.


أصول الدين ليست محصورة بـ ( أركان الإيمان وأركان الإسلام ).


أركان الإيمان الستة وأركان الإسلام الخمسة ، جاءت مجملة وجاءت
مفصلة ، وكل ذلك بنصوص قطعية ، وكل هذه القطعيات لابد للمسلم الذي تبلغه أن
يعتقدها جملة وتفصيلاً ، ولا يشك فيها أو يعارضها ، ولا يردها أو يضيق بها .


فالإيمان بالله تعالى وهو الركن الأول من أركان الإيمان وهو
مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله (الركن الأول من أركان الإسلام ) لا يصح من المسلم
، حتى يسلِّم بتفاصيله وقواعده القطيعة ، مثل أسماء الله وصفاته وأفعاله الثابتة
بالنصوص ، مثل عبادة الله تعالى وحده وعدم الشرك به وطاعته وطاعة رسوله صلى الله
عليه وسلم ، واعتقاد خلاف ذلك والشك فيه أو ردَّه ينافي الدين والعقيدة .


وكذلك الإيمان بالملائكة لا يصح من المسلم حتى يسلِّم بما صح من
أخبارهم و أوصافهم وأعمالهم وأسماء من وردت أسماؤهم ، مثل كونهم عبادٌ لله تعالى ،
لا يعصون ولهم أجسام ، وهم ذوو أجنحة ، ويكتبون ، ويصعدون وينزلون ، ويطوفون ..
وغير ذلك مما ثبت بالنصوص القطعية .


ولذلك نجد أهل الأهواء من الفلاسفة والعقلانيين ونحوهم ، حينما
وقفوا عند الإيمان المجمل قالوا بما يصادم النصوص القطعية ، مثل زعمهم أن الملائكة
ليس لهم وجود حقيقي ، أو ليس لهم حقيقة ذاتية ، إنما هم نوازع الخير في الإنسان !!
أو أنهم الأخيار من البشر ، ونحو ذلك من التأويلات .


وكذلك الإيمان بالكتب لا يكفي فيه الإيمان المجمل
، بل لا يصح إيمان المسلم حتى يُؤمن بما سماه الله تعالى من كتبهم كالقرآن
والتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم ونحو ذلك ، وكذلك الإيمان بالرسل قد يُسلم
به البعض إجمالاً ثم يكفر برسالة عيسى عليه السلام ، فقد فعل ذلك بعض العصرانيين ،
وزعم أن عيسى عليه السلام –












[1] - راجع مقدمات في الأهواء والافتراق والبدع ،
للمؤلف ص 88 ، ومناهج أهل الأهواء والافتراق والبدع للمؤلف كذلك ص 13 ، 14






[2] - صحيح الجامع الصغير ( 2934 ) .






[3] - متفق عليه البخاري رقم ( 2697 ) ومسلم رقم (
1718 ) .






[4] - أخرجه البخاري في الصحيح ، كتاب التوحيد ، باب
( 46 ) ، والفتح ج 13 ، ص 508.






[5] - رواه
ابن عبد البرفي جامع بيان العلم وفضله برقم ( 2077، 2078 ) 2/ 1071 وقال
المحقق إسناده صحيح ، وانظر تاريخ الإسلام للذهبي ( 141 – 160 ) / 490 .






[6] - راجع رسالة ( مفهوم السنة والجماعة ) للمؤلف –
مطبوعة .






[7] - متفق عليه واللفظ المسلم رقم ( 1920 ) ,
والبخاري رقم ( 3640 ، 3641 ) .






[8] - أخرجه الترمذي ، وقال : هذا حديث حسن صحيح (
5/25 ) ، كتاب الإيمان ، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة ، وأخرجه أحمد في المسند
( 1 / 128 )، وصححه الألباني في ظلال الجنة ، راجع كتاب السنة ( 32، 33 ، 34 ) .






[9] - انظر مجموعة الفتاوي ، لابن تيمية ( 3/ 157 )
.






[10] - المرجع السابق .






[11] - أخرجه مسلم ، برقم ( 1920 – 1923 ) .






[12] - أخرجه مسلم ، برقم ( 1037 ) .






[13] - أخرجه مسلم ، برقم ( 145) .






[14] - قال الألبلني في صحيح الجامع الصغير – صحيح –
( 1/ 12 ) برقم ( 3816 ) .






[15] - انظر فتح الباري ، لابن حجر ، ( 13 / 393 ) ،
والترمذي (4/ 504 ) برقم ( 10505 ) ، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة التعليق على
الحديث ( 270 ) جزء ( 3/ 136 – 137 ) .






[16] - شرح كتاب التوحيد من الصحيح البخاري ، للشيخ /
عبد الله الغنيمان ( 2/ 238 ) .






[17] - السنة ، لابن عاصم ، الحديث ( 54 ) ، وصححه
الألباني ، وأخرجه الترمذي ( 2678 ) ، وأبو داود ( 4607 ) وغيرهم .






[18] - انظر مجموعة الفتاوي ، لابن تيمية ( 3 / 358 )
.






[19] - انظر فتح الباري ( 13 / 295 ) ، وشرح كتاب
التوحيد للشيخ / عبد الله الغنيمان ( 2/ 240 ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 34
•MMS •|:
الساعة الان :

حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Empty
مُساهمةموضوع: رد: حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word    حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:43 pm

مصطلح مجدد – وليس بنبي ولا رسول مع إقراره بركن الإيمان بالرسل
فهل يعد هذا مؤمناً ؟ لا .. فالله تعالى يقول عن وصف المؤمنين : { لا نُفَرِّقُ
بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ }(البقرة: من الآية285) ويقول سبحانه:{أَ
فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}(البقرة: من الآية85)
ثم كيف نخرج هذه المسلَّمات والقطعيات – وأمثالها كثير – من العقيدة .


وهكذا الإيمان باليوم الآخر قد يدعيه من ينكر الحياة البرزخية ،
أو ينكر بعث الأجساد , أو ينكر الشفاعة والرؤية أو ينكر الجنة والنار , ويصرفها –
كما زعم أحد العقلانيين المعاصرين – بأن الجنة هي ( المدنية الغربية ) !! ويُقابله
من زعم أن الدجال الذي ثبتت به النصوص القطعية ، هو الحضارة الغربية .


وهذا أنموذج من تناقض أهل الأهواء وأدعياء العقلانية .


وكذلك
الإيمان بالقدر ، يُقرُّ به إجمالاً من يزعم أن الله لم يُقدر أفعال العباد ولم
يخلقها ، أو بعضها وهم ( القدرية ) ، لكنهم بذلك ينقضون أصل الإيمان بالقدر .


ونقول مثل ذلك في أركان الإسلام , فإن من يشهد أن لا إله إلا
الله ثم يشرك مع الله غيره ، لا تصح منه الشهادة وكذلك شهادة أن محمداً رسول الله
، لا تصح ممن يستمد الدين من غير الرسول صلى الله عليه وسلم . وإقام الصلاة لا
يكفي فيه مجرد الإقرار بها أو عملها دون شروطها وأركانها .


وهكذا
بقية الأركان وأصول الدين ومبانيه لها شروط وأركان ولوازم وتفريعات قطعية ، جاءت
في قطعيات النصوص ( القرآن والسنة ) والتزمها السلف الصالح لذلك ، لا من عند
أنفسهم .


وحصر العقيدة في أركان الإيمان وأركان الإسلام مجردة عن أصولها
وشرائطها وأركانها ولوازمها ، وعن الأصول والقطعيات الأخرى الثابتة بالنصوص
الشرعية مسلك هدَّام ، إذ يقوم على تمزيق الدين وتجزئته ، والإيمان ببعض والكفر
بالبعض الآخر كما بينت آنفاً .


وقد آثار أهل الأهواء من ( المستشرقين والحداثيين والعقلانيين
والمنافقين ومن سلك سبيلهم ) شبهة حول التفصيلات في مسائل العقيدة المتفرعة عن
أصول الإيمان وأركان الإسلام ، وهي ما عبر بها أحدهم بـ ( تلك التفصيلات المحيرة
التي استحدثت في أزمنة الصراعات الكلامية ) [1]
وهذا وصف صادق لعقائد الفرق الضالة فهي فعلاً أمور محيِّره ، ومحدثات كلامية ولا
يصح ذلك أبداً في وصف عقيدة السلف ، فالحق أن السلف ( أهل السنة والجماعة ) أنكروا
تلكم المحارات والمحدثات والبدع ، ولم يوردوا من التفصيلات في كتب العقيدة على
سبيل التقرير والإثبات إلا ما ثبت بالكتاب والسنة ، وما كان من لوازم أصول العقيدة
، وما يند عن ذلك من بعض الاستطرادات أو التجاوزات النادرة فليست هي المنهج .


أما ما وصف الكاتب – مما ذكرته أنفاً – فإنما ينطبق على مناهج
أهل الافتراق والأهواء والبدع من الفرق الكلامية والصوفية والشيعية ومن سلك سبيلهم
قديماً وحديثاً .






السلف
( أهل السنة والجماعة )
لا يختلفون في أصل من الأصول [2]





من سمات أهل السنة والجماعة السلف الصالح ، أنهم لا يختلفون ولم
يختلفوا في أصل من أصول الدين وقواعد الاعتقاد ، فقولهم في مسائل الاعتقاد قول
واحد بحمد الله ، كما قال ابن قتيبة : ( إن أهل السنة لم يختلفوا في شيء من
أقوالهم إلا في مسألة اللفظ ) [3]،
يعني بذلك الفظ بالقرآن هل هو مخلوق أو غير مخلوق ؟ ومع ذلك فإن خلافهم في هذا –
كما عند البخاري ( إن صح ) والإمام أحمد – خلاف لفظي حيث يجمعون على الأصل وهو أن
القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق .


بخلاف أهل البدع ، فإنهم لا يوافقون أهل السنة في الأصول أو
بعضها ، كما أنهم لا يتفقون على أصولهم ، بل كل حزب بما لديهم فرحون ، بل إن
الفرقة الواحدة منهم لا يتفق أفرادها على أصل كل الاتفاق .


أما عند أهل السنة – بحمد الله - : فهم يتفقون جملة وتفصيلاً
أئمتهم وعامتهم على أصول العقيدة ، وما يقع من بعض أفرادهم من مخالفة للأصول التي
اتفقوا عليها فهو خطأ مردود على قائله ، مع أن ذلك – بحمد الله – نادر جداً ،
والنادر لا حكم له .


فقول أهل السنة في صفات الله تعالى وأسمائه وأفعاله واحد .


وقولهم في الكلام والاستواء والعلو لا يختلف .


وقولهم
في الرؤية والشفاعة وسائر السمعيات لا يختلف .


وقولهم في الإيمان وتعريفه وأصوله ( أركانه ) ومسائله واحد .


وقولهم في القدر واحد .


وقواعدهم في الأسماء والأحكام لا تختلف .


وقولهم في الصحابة والسلف الصالح واحد .


فاختلاف أهل السنة إنما كان في الاجتهاديات من أمور الأحكام ،
أو فرعيات المسائل الملحقة بالعقيدة مما لم يرد به دليل قاطع ، وذلك :


كمسألة اللفظ بالقرآن – التي سبق ذكرها – ومسألة رؤية النبي صلى
الله عليه وسلم لربه في المعراج ، هل كانت بصرية أو قلبية ؟ ومسألة رؤية الله
تعالى في المنام , ومسألة ابن صياد هل هو الدجال الذي يخرج في آخر الزمان أو غيره
؟ ونحو ذلك من المسائل المختلف عليها ولم يرد الدليل صريحاً فيها وألحقها العلماء
بموضوعات العقيدة لأنها تندرج في جنسها علمياً وموضوعياً لا عقدياً .


وهذه الأمور ونحوها ليست من أصول الاعتقاد والخلاف فيها دائر مع
النصوص لم يقل فيها السلف برأيهم المحض – والله أعلم - .


ومردُّ ذلك – أي اتفاق السلف – إلى أمور كثيرة منها:


1- اعتصامهم
بحبل الله جميعاً .


2- أن
مصدرهم وأحد هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بخلاف أهل الأهواء ،
فإنهم تعددت مصادرهم من القول بالرأي فيما لا تدركه الآراء والتعويل على العقليات
فيما لا طاقة للعقول به ، والأخذ عن الفلاسفة والأمم الهالكة وقد نهوا عن ذلك .


3- أن
اعتقادهم ابتداء يقوم على التسليم لله تعالى وتصديق رسوله صلى الله عليه وسلم ،
بخلاف أهل الأهواء فإنهم لم يسلموا ولم يذعنوا ، وإن ادعى بعضهم ذلك ؛ لأن مقضى
التسليم التزام ألفاظ الشرع .


4- أنهم
انتهوا عما نهى الله عنه ، فلم يخوضوا في الغيبيات ، ولم يقولوا على الله بغير علم
، ولم يجادلوا ولم يماروا ولم يؤولوا ....... بخلاف أهل الأهواء فقد ارتكبوا جميع
هذه المنهيات .


5- أنهم
تلقوا الدين بالاهتداء ، والاقتداء والاتباع على بصيرة ، فقد أخذوا الدين عن
العدول الثقات بدليله .


فالصحابة أخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتابعون
أخذوا عن الصحابة ، وهكذا حمل هذا الدين من كل خلف عدوله ، ومن كل جيل ثقاته ، ومن
كل عصر علماؤه .


بخلاف أهل البدع والأهواء فقد تعددت مناهجهم في تلقي
الدين،وخلطوا في وسائلهم وأساليبهم حتى تقطعت بهم السبل[4] ،
نسأل الله العافية .






اختلاف الصحابة والسلف الصالح


لم يصل إلى التنازع والافتراق





اختلف الصحابة – رضي الله عنهم – بعد رسول الله صلى الله عليه
وسلم في مسائل مهمة وأمور وأحكام كثيرة ، لكن اختلافهم كان ينتهي ( على مقتضى
الكتاب والسنة ) إما بالإجماع أو العمل على ما يترجح ، أو يفصل في الأمور الخليفة
، أو أهل الحل والعقد ، أو يبقى الخلاف سائغاً ، وفي ذلك كله لم يصل الأمر عندهم
إلي حد التنازع في الدين ، ولا الافتراق والخروج على الجماعة ، ولم يبغ بعضهم على
بعض .


فقد اختلفوا في موت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وانحسم النزاع
بموقف أبي بكر وقوله : ( من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد
الله فإن الله حي لا يموت ) ، وتلا قوله تعالى : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ
عَلَى أَعْقَابِكُمْ }(آل عمران: من الآية144)


وبعد هذا النزاع [5]سلم
الجميع لقضاء الله –سبحانه وتعالى –


ثم حدثت قصة السقيفة ، وتنازع الصحابة فيمن يخلف رسول الله صلى
الله عليه وسلم في إمامة المسلمين ، وانتهى النزاع واجتمعت الكلمة على أبي بكر –
رضي الله عنه -[6] .


ثم اختلفوا في جيش أسامة هل يسيرونه أو لا ؟ وانتهى النزاع بعزم
أبي بكر –رضي الله عنه – أمير المؤمنين –على إنفاذه[7].


ثم تنازعوا في مانعي الزكاة من أهل الردة ، وحسم النزاع بعزمة
أبي بكر – رضي الله عنه – على قتالهم [8]
ورجوع بقية الصحابة الذين كانوا خالفوا إلى قوله وموافقتهم له .


ثم إن الغالبية العظمى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يشاركوا في صفين والجمل ، فإن الفتنة لما حدثت بعد مقتل عثمان – رضي الله عنه –
اعتزلها أكثرُ الصحابة ، وما حضرها منهم إلا القليل ، والذين حضروا كانوا مجتهدين
، وما كانوا يريدون القتال إنما قصدهم الإصلاح ، بخلاف من دونهم من أهل الأهواء :
السبئية – الخوارجوالشيعة – فإنما هم أصحاب أهواء وفتنة ، وهم الذين
تسببوا في القتال وحملوا الصحابة عليه .


قال عبد الله بن الإمام أحمد : ( حدثنا أبي ، حدثنا إسماعيل
يعني ابن علية ، حدثنا أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، قال : هاجت الفتنة
وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ، فما حضرها منهم مائة ، بل لم
يبلغوا ثلاثين ) [9].


قال شيخ الإسلام : ( وهذا الإسناد من أصح إسناد على وجه الأرض )
[10] .



وقد جمع الله شمل الأمة بعد الفتنة بتنازل الحسن بن علي – رضي
الله عنه – عن الخلافة لمعاوية – رضي الله عنه – عام الجماعة ( 41 هـ ) ، وقد ضاق
أهل الأهواء – ولا يزالون – ذرعاً بهذا الصلح العظيم .


ثم إن الصحابة الذين اجتهدوا وشاركوا في تلكم الأحداث قليل ،
ودعوى أن عامة الصحابة شاركوا ليست صحيحة ، وهي من افتراءات الإخباريين ، وأوهام
الناس فقد أخرج الخلال في السنة بالسند السابق ، قال ( قرئ على عبد الله بن أحمد ،
قال : حدثني أبي ، قال : ثنا إسماعيل قال : ثنا أيوب عن محمد بن سيرين ، قال :
هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلف فما حضر فيها مائة بل
لم يبلغوا ثلاثين ) [11] .



وقال : ( قرئ على عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال : ثنا
سفيان ، قال ثنا منصور بن عبد الرحمن ، قال : قال الشعبي : لم يشهد الجمل من أصحاب
النبي – عليه السلام – غير عليّ وعمار وطلحة والزبير فإن جاوزوا بخامس فأنا كذاب )[12] .



وربما كان يقصد بعض مشاهد الجمل ، إذ قد حضرها الحسن والحسين
وعائشة – رضي الله عنهم أجمعين - .


وقال شيخ الإسلام : ( ولهذا لم تحدث في خلافة عثمان بدعة ظاهرة
، فلما قتل وتفرق الناس حدثت بدعتان متقابلتان :


بدعة الخوارج المكفرين لعلي ، وبدعة الرافضة المدعين لإمامته
وعصمته ، أو نبوته أو إلاهيته .


ثم لما كان في آخر
عصر الصحابة ، في إمارة ابن الزبير وعبد الملك ، حدثت بدعة المرجئة والقدرية ، ثم
لما كان في أول عصر التابعين في أواخر الخلافة الأموية حدثت بدعة الجهمية المعطلة
والمشبهة الممثلة،ولم يكن على عهد الصحابة شيء من ذلك ) [13]


والذين
بقوا من الصحابة بعد ظهور الفرق لم يقع من أحد منهم افتراق ، ولا بدع مخرجة عن
السنة ، بل كانوا إلباً على الأهواء والبدع .


كذلك
كان التابعون وتابعوهم وسائر السلف الصالح والحمد لله على توفيقه .


ويقول ابن القيم : ( وقد تنازل الصحابة – رضي الله عنهم – في
كثر من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين وأكمل الناس إيماناً ، ولكن بحمد الله لم
يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال ) [14] .



كذلك بدع التأويل للصفات والغيبيات الأخرى ، لم تحدث في عهد
الصحابة ولا منهم ، فإن جميع ما في القرآن والسنة ، من نصوص الصفات لم يحدث عن
الصحابة تأويل لها على نحو ما فعل أهل الكلام ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه
طالع التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث في أكثر من مائة تفسير ،
ولم يجد عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئاً من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف
مقتضاها المفهوم المعروف ، بل ثبت عنهم ما يخالف كلام المتأولين مالا يحصيه إلا
الله [15].


وكل المسائل التي تنازع فيها الصحابة كانت من قبيل الاجتهادات
والأحكام ولم تؤد إلى الفرقة ولا المنازعة بينهم .


ومع أن الفرق الأولى ( الشيعة والخوارج ثم القدرية ) نشأت في
عهد الصحابة إلا أنهم كانوا خصومها كلهم ، ولم يكن أحد منهم يتهم بشيء من الأهواء
( حاشاهم ) ومن زعم شيئاً من ذلك فقد افترى .


فالصحابة لم يحدث منهم افتراق ولا بدع ، فلم يحدث من أحد منهم
أن قال ببدعة أو فارق الجماعة ، ولم يكن أحد منهم من أهل البدع المشهورة (
كالخوارج والروافض والقدرية والمرجئة ) , فضلاً عن الجهمية والمعتزلة وأهل الكلام
وقد حدثوا من بعدهم [16] .



كما أن الصحابة لم يكفر أحد منهم الآخر ، بل كانوا يعذر بعضهم
بعضاً فيما اختلفوا فيه ، ولما حدثت الفتنة وانحاز بعض الصحابة إلى علي ، وآخرون
إلى معاوية – رضي الله عنهم – لم يوجب ذلك عداوة بينهم ولم يكفر بعضهم بعضاًَ ،
ولم يكفر أحد منهم مخالفيه لا من الصحابة ولا من غيرهم .









مزاعم الفرق بأن بعض الصحابة على مذاهبها





· أما
ما تزعمه بعض الفرق من أن بعض الصحابة كانوا على مذهبها هو محض باطل وبهتان .


· كما زعمت الرافضة أن علياً
والحسن والحسين وسلمان والمقداد على مذهبها وهو محض افتراء .


· وكما زعمت المعتزلة أن ابن عمر
والصحابة الذين اعتزلوا الفتنة هم سلفهم وهو كذب ، فإن أولئك الصحابة إنما اعتزلوا
الفتنة وهذا يحمد لهم حسب اجتهادهم ، أما هؤلاء المعتزلة فقد اعتزلوا أئمةالمسلمين
– كالحسن البصري – وجماعتهم ، وفارقوا السنة والجماعة ، وفرق بين اعتزال الفتنة
وبين اعتزال أهل الحق .


· وكما زعمت الصوفية أن أهل
الصفة كانوا على مذاهبها وأحوالها وأنها امتداد لهم وهذا بهتان عظيم .


· وزعموا أن كل فرقة تدعي أن لها
سلفاً من الصحابة وهل يكفي مجرد الدعوى ؟ ..... إن لكل دعوى حقيقة ولكل نبأ مستقر
، فمن هم الذين على منهج الصحابة ؟ إنهم على مقتضى الدليل والتحقيق والواقع :
السلف الصالح ، أهل السنة والجماعة وكتبهم وأقوالهم وأفعالهم ومناهجهم شاهدة بذلك
، أما مزاعم أهل الأهواء أنه على السنة فلا دليل عليها والدعوى العارية من الدليل
تبقى مجرد أوهام وظنون وأكاذيب .


أما أهل السنة فهم أهل الحق بخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( وعليكم
بالجماعة )) ، فلنطبق الموازين العلمية والشرعية والعقلية والتاريخية ؛ ولنر من هم
مِن طوائف المسلمين أقرب إلى هذا الوصف ، أعني الاتصاف بأهل السنة والجماعة وأترك
الحكم للقارئ ....


· وكذلك مزاعم بعض أصحاب الاتجاهات المعاصرة أن
بعض الصحابة على مذهبهم ، كزعم الاشتراكيين أن أبا ذر كان اشتراكياً،وأن علياً كان
متكلماً وكذلك ابن عباس ونحو ذلك .... كل ذلك محض كذب وافتراء .


· أما ما زعمه أحد المفتونين من المعاصرين من أن
الجذور السياسية للخلافات العقدية تبدأ من أحداث السقيفة ، وبيعة الصديق ، والوصية
، وبيعة عمر ، والشورى وبيعة عثمان وبيعة علي ، وصلح الحسن مع معاوية ونحو ذلك [17]...
فهو خطأ وتحامل على الصحابة – رضي الله عنهم - .


· وهذه المزاعم هي التي تقوم
عليها أصول الرافضة في الإمامة والصحابة ، وهي من ذرائعهم الخبيثة لسب أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم .


بل الحاصل خلاف ما ادعاه هذا المفتون وأشياعه من أهل الأهواء
والافتراق والمنافقين قديماً وحديثاً ، إذ الصحابة كانوا كلهم فيما حدث بينهم
مجتهدين ، وقد عذر بعضهم بعضاً ، ولم يفارق أحد منهم السنة والجماعة مع العلم أن
منهم المخطئ ومنهم المصيب ، وكلهم مأجورون وأجرهم على الله .


قال شيخ الإسلام : ( قال محمد بن عبيد حدثنا الحسن – وهو ابن
الحكم النخعي – عن رباح بن الحارث ، قال : إنا لبوادٍ ، وإن ركبتي لتكاد تمس ركبة
عمار بن ياسر إذ أقبل رجل فقال : كفر والله أهل الشام ، فقال : عمار : لا تقل ذلك
، فقبلتنا واحدة ، ونبينا واحد ، ولكنهم قوم مفتونون فحق علينا قتالهم حتى يرجعوا
إلى الحق .


وبه قال ابن يحيى ، حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن الحسن بن الحكم
عن رباح بن الحارث عن عمار بن ياسر قال : ديننا واحد ، وقبلتنا واحدة ، ودعوتنا
واحدة ، ولكنهم قوم بغوا علينا فقاتلناهم .


قال ابن يحيى حدثنا يعلى حدثنا مسعر عن عبد الله بن رباح عن
رباح بن الحارث ، قال : قال عمار بن ياسر : لا تقولوا : كفر أهل الشام ، قولوا :
فسقوا ، قولوا : ظلموا ) [18].


فلم يحدث – بحمد الله – من الصحابة بدع ولا افتراق فقد زكاهم
الله تعالى وأكرم رسوله صلى الله عليه وسلم من أن يكون صحابته مبتدع أو مفارق .






منهج
السلف يقوم على السنة والاتباع



ومنهج
مخالفيهم يقوم على الابتداع





في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة ( سبّ السلف ) وسبّ خيار الأمة
أهل السنة والجماعة ، وتداعت إلى هذا الظلم طوائف وفئات متعددة من الحداثيين ،
والعلمانيين والعقلانيين ( العصرانيين ) المعتزلة لجدد ، ومن أخلاف الموتورين من
بقايا الفرق القديمة ( كالخوارج ، والشيعة والطرق الصوفية الباطنية .... ونحوهم )
.


وقد شايعهم البعض من المنافقين والجاهلين وعشاق الشهرة ، وأهل
الأهواء ونحوهم وصار هؤلاء وأولئك يثيرون الشكوك والإشكالات حول الصحابة وأئمة
السلف ، وأهل السنة والجماعة ، ويلقون بالشبهات حول منهجهم وتراثهم ، ويتلقطون
الأخطاء والزلات ويوهمون الجاهلين بأنها هي أصول ومناهج للسلف ، ويطلقون الألقاب
الشنيعة ، والأوصاف الرديئة غير اللائقة على السلف وأتباعهم قديماً حديثاً ، على
نحو ما كان أسلافهم المنافقون يفعلون تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
من اللمز والسخرية كقولهم : ( ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب
ألسناً ، ولا أجبن عند اللقاء .) [19]
وقالوا بمقالات أخرى خبيثة ، فأنزل الله فيهم قرآناً يتلى ، وهو قوله تعالى : {
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ
خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ
لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ (61 ) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ
لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا
مُؤْمِنِينَ (62)أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63) يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ
أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ
اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ(64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ
إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَ بِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ
كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65)لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا
مُجْرِمِينَ } (التوبة : 61- 66 )


وهؤلاء من المنافقين المعاصرين ساروا على نهج أسلافهم حذو
القُذة بالقذة ، والمنافقون – قديماً وحديثاً – حينما يسبون الصالحين من المؤمنين
ويلمزونهم قد يتعلقون ببعض ما قد يحصل من بعضهم من الشبهات والزلات فيلبسون بها
على الناس.


فقد يقع من بعض الصالحين من المؤمنين كذب ، أو خطاء أو زلة أو
هوى أو ظلم أو تجاوز ، فيطير بها المنافقون وينسبونها للمؤمنين عموماً ،
وعلى نحو هذا ما يفعله بعض المفتونين المعاصرين في تصيدهم للأخطاء التي قد تقع من
أفراد أهل السنة والسلف الصالح ، وليست هي الأصل فيهم ، بل العكس لو تأملتها
وجدتها هي الأصل عند خصومهم أهل الأهواء والافتراق والبدع ، ومناهج السلف على
خلافها بحمد الله .


ولذلك رأيت أنه من المفيد أن أعقد موازنة بين منهج السلف وبين
مناهج أهل الأهواء يتبين من خلالها أن الأصل في مناهج السلف الحق والصواب ، وأن
الأخطاء والمخالفات التي تخرج عن ذلك ؛ فهي زلات ليست محسوبة على المنهج ، وكذلك
العكس وهو : أن الأصل في مناهج أهل الأهواء : الابتداع والضلال والباطل ، وأن الصواب
والحق والسنة استثناء .


وقد آثرت في هذه الموازنة الإيجاز والاكتفاء بالأصول العامة
والمناهج دون التفاصيل ، مع العلم أن بعض المسائل الواردة في هذه الموازنة ورد
الحديث عنها من خلال هذا المؤلف وغيره ، وإليك بيان ذلك :


أولاً : عرفنا أن أصول السلف أهل السنة تقوم على صحة مصادر التلقي وهي (
القرآن والسنة ) وعلى سلامة منهج الاستدلال والتقرير على نحو ما ذكرته في مبحث
سابق من هذا الكتاب .


*
أما أهل البدع والأهواء فإن مناهجهم في التلقي والاستدلال وتقرير العقيدة مختلفة
ومخالفة في ذلك كله ، وبيان ذلك :


1- أهل
الأهواء لا يكتفون بالاعتماد على الكتاب والسنة ، وقد لا يعول كثير منهم عليهما في
حين أنهم يعتمدون على مصادر أخرى كل حسب مشربه ، ثم هم يردون النصوص التي تخالف
أصولهم المبتدعة ، أما السلف – أهل السنة – فإن أصولهم تقوم على الكتاب والسنة
أصلاً ولذلك هم يسلمون لنصوص الشرع الثابتة ، ولا يعولون على غير الوحي في الدين .



2- غالب
أهل الأهواء تصورهم عن النبوة منحرف وكذلك اعتقادهم في الوحي وكلام الله ، فإن
الكثيرين منهم يتوهمون ، أن الوحي نتاج بشري أو صادر من مخلوق ، لا أنه كلام الله
و وحيه لرسله .


3- كثيرون
من أهل الأهواء والبدع يزعمون أو يظنون أن النصوص الشرعية لا تفي بكل أمور الدين ،
أما السلف فيعتقدون جازمين بكمال الدين ووفائه بكل متطلبات البشر في الدين والدنيا
.


4- من
سمات أهل الأهواء تركهم للسنة والآثار إذا لم توافق هواهم ، وزعمهم الاكتفاء
بالقرآن ، أما أهل السنة فيعتمدون على الكتاب ، والسنة والآثار الصحيحة ، ولذا
صاروا هم أهل السنة على الحقيقة . أهل الأهواء لا يتورعون عن الطعن في خبر الآحاد
وإن ثبت سنده ، وبذلك يردون الكثير من الدين ، أما أهل السنة – السلف الصالح – فهم
يقبلون كل ما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم وإن كان آحاداً .


5- أهل
الأهواء يدعون أن نصوص الصفات والغيبيات ونحوها من المتشابه ، وكثيرون منهم يزعمون
أن مناهجهم وقواعدهم العقلية هي المحكمة ، وما يعارضها من الأدلة الشرعية هو
المتشابه ، وقد قال الله فيهم : { ....
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ
مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا
بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ }
(آل عمران: من الآية7)


5-أما
أهل السنة فيؤمنون بأن كل نصوص الصفات والعقيدة والغيبيات من المحكم ، وأنه حق على
مراد الله تعالى ، وإنما التشابه يكون في فهوم الناس وعقولهم القاصرة ، وخوضهم في
الكيفيات التي لا يعلمها إلا الله سبحانه .


6- كثيرون
من أهل الأهواء يزعمون أن الأدلة الشرعية ظنية وأن معقولاتهم وأوهامهم قطعية ،
ولذلك نجدهم كثيراً ما يستعملون الأقيسة العقلية في صفات الله والقدر والغيبيات
الأخرى ، وسائر أصول العقيدة ، أما السلف فيؤمنون بأن الأدلة قطعية ، وإن خفيت
دلالات بعضها وتأويلاتها على العقول فإن ذلك راجح إلى قصور العقول .


7- غالب
أهل الأهواء والبدع يعتمدون على التأويل والتعطيل والمجاز في صفات الله تعالى
وسائر العقيدة ، أما السلف فيمنعون التأويل والمجاز في الصفات والعقيدة ؛ لأنه رجم
بالغيب ، وقول على الله بغير علم ، واستسلام للأوهام والظنون .


8- أكثر
أهل الأهواء يعتمدون في كثير من المسائل على الكذب والوضع وما لا أصل له في الدين
، أما السلف فلا يعتمدون في الدين إلا على الصحيح ، ويردون الأحاديث المكذوبة
والموضوعة ، وهم أهل الشأن في ذلك كما بينت .


9- أكثر
أهل الأهواء والبدع يعظمون طريق الفلاسفة في تقرير الدين ، والحكم على الغيبيات ،
وطريقة الفلاسفة تقوم على تجهيل الأنبياء ، ومعارضة ما جاؤوا به من الحق والهدى
وعلى التخرصات ، والخيالات والأوهام ، ومحارات العقول كما قال الله عنهم وأمثالهم
:{قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ
} (الذريات:10-11) .


10-
ولذا نجدهم ( أعني أهل الأهواء )
يعتمدون في تقرير العقيدة على أصول الفاسدة ، وقد يذكرون الدليل الشرعي للاعتضاد
لا للاعتماد , أما السلف فإنما يقررون الدين بالأدلة الشرعية وقواعد الشرع ،
ويوردون الأدلة الشرعية الثابتة للاعتماد لا للاعتضاد ، وقد يوردون الدليل الضعيف
للاعتضاد لا للاعتماد .


11-
أهل الأهواء والبدع يستدركون على الشرع
ولذلك يلزمهم في طريقتهم في تقرير الدين – بالتأويلات والعقليات والمحدثات – أن
رسول صلى الله عليه وسلم عدل عن بيان الحق للناس ليجتهدوا في التأويل ، والإحداث
في الدين ، أما أهل السنة – السلف الصالح – فيعتقدون أن : (( كل محدثة بدعة وكل
بدعة ضلالة )) [20].


12-
أهل الأهواء والبدع من منهجهم في
الاستدلال وضع الدليل في غير ما يدل عليه ، أما أهل السنة فيراعون قواعد الاستدلال
ووضع الأدلة في مواضعها على أصول علمية سليمة .


13-
كثير من أهل الأهواء والبدع يعلنون
كراهيتهم لنصوص الصفات والتوحيد ، ويطعنون في أسانيدها ورواتها من الأئمة وفي
متونها ، على غير قاعدة شرعية ؛ ولذلك قد يسمون أصولهم الباطلة أصول الدين
والتوحيد ، وهذا بخلاف مذهب السلف الذي يقوم على التسليم والرضى واليقين .


14-
ومن أصول أهل الأهواء في الاستدلال :
قياس الغائب على الشاهد ، إذ يقيسون صفات الله تعالى والأمور الغيبية على
المخلوقات والأمور الحسية المشاهدة ، وقد سلمت عقائد السلف ومناهجهم من هذه
التوهمات والأقيسة المنافية للإيمان بالغيب .


15-
من أصول أهل الأهواء عدم عنايتهم
بالرواية والأسانيد ، وجهلهم بذلك وبقدر هذا المنهج العلمي الأصيل في حفظ الدين .
أما السلف فهم أهل هذه الصنعة التي حفظ الله بها السنة .


16-
وكذلك من سمات أهل الأهواء أحياناً
جهلهم باللغة ، أو تجاهلهم وعدم اعتبارها إلا فيما يخدم أهواءهم وبدعهم ، أما أهل
السنة فيعنون بعلوم اللغة ويعتمدونها في تفسير النصوص على المنهج الشرعي السليم .





ثانياً : من أصول أهل السنة والجماعة تحقيق التوحيد وصفاؤه وسلامة
المنهج في تقريره ، ومن أصول الأهواء والبدع ، انحرافهم في مفهوم التوحيد وتقريره
، ومن ذلك :


1- أن
حقيقة التوحيد عندهم تنتهي بالتعطيل ، أي انكار أسماء الله وصفاته وأفعاله أو بعضها
.


2- وأن
تعريف التوحيد عند أهل الأهواء ينتهي بالإقرار بالربوبية ، وليس لهم اهتمام بتوحيد
العباد الذي هو الغاية من إرسال الرسل .


3- ووقوعهم
في تقرير التوحيد فيما نهى الله عنه من التخرصات والأوهام ، والخوض في المتشابهات
، والمراء والجدال فيما ليس لهم به علم ، والخوض بالغيب والقول على الله بغير علم
.


4- وكذلك
تباينت مفاهيمهم وتعددت مناهجهم في تقرير التوحيد وإثباته .





ثالثاً : أصول أهل السنة والجماعة تقوم على العلم وقواعد الدين المستمدة
من الوحي المعصوم ،القرآن وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما أهل الأهواء
والافتراق والبدع ، إن أصولهم تقوم على الجهل بنصوص الدين وقواعده ، ومن ذلك :


1- جهلهم
بما دل عليه الكتاب والسنة وآثار السلف وعدم رسوخهم في العلم .


2- وقد
نتج عن جهلهم : سوء الأدب مع الله تعالى
والخوض في أسمائه وصفاته بغير علم .


3- وكذلك
، تجهيلهم للسلف ، وزعمهم أن طريقة الخلف أعلم وأحكم من طريقة السلف .


4- وحصرهم
الحق في أنفسهم وتجاهلهم لأهل السنة والسلف الصالح ، فلا يعرفون لهم فضلهم وقدرهم
بل بالعكس .


5- ومن
جهلهم أنهم قد ينسبون أقوالهم للسلف فيما يناقض مذهب السلف أصلاً ، كالتفويض
والتأويل والإرجاء والجبر والتكفير والنصب ... ونحو ذلك .





رابعاً : منهج أهل السنة يقوم على الحق البين ، والمنهاج الشرعي الواضح ،
والصراط المستقيم المستمد من الوحي المعصوم ، أما مناهج كثير من أهل الأهواء فإنما
تقوم على التلبيس ومن ذلك :












[1] - قراءة في كتب العقائد 20 .






[2] - راجع مقدمات في الأهواء ، للمؤلف ، ص ( 90 –
91 ) .






[3] - درء التعارض ( 1/ 263)






[4] - انظر مبحث ( منهج أهل السنة يقوم على الاتباع
...) في هذا الكتاب .






[5] - انظر منهاج السنة ، ( 6 / 323 ) .






[6] - انظر منهاج السنة ( 6 / 325 ) ، والبداية
والنهاية ( 6 / 245 – 250 ) .






[7] - انظر البداية والنهاية ، لابن كثير ( 6 / 304 –
305 ) .






[8] - المرجع السابق ، ( 6 / 311 ) .






[9] - منهاج السنة ، ( 6 / 236 ) ، والسنة للخلال (
1 / 446 ) .






[10] - منهاج السنة ، ( 6 / 236- 237 ) .






[11] - السنة للخلال ( 2 / 466 ) ، وقال المحقق : (
إسناده صحيح ) .






[12] - السنة للخلال ( 2 / 466 ) ، وقال المحقق : (
إسناده صحيح )






[13] - منهاج السنة ، ( 6 / 231 ) .






[14] - إعلام الموقعين ( 1 / 71 ) .






[15] - انظر الفتاوى ( 6 / 394 ) .






[16] - انظر الفتاوى ( 27 / 389 – 390 ) .






[17] - انظر قراءة في كتب العقائد ص 39 ولاحظ لهجة
التحامل على السلف والميل إلى أهل الأهواء من الرافضة وغيرهم .






[18] - منهاج السنة ، ( 5 / 246 ) .






[19] - انظر تفسير ابن جرير الطبري ، وتفسير ابن كثير
في تفسير هذه الآيات ( سورة التوبة ، آية 61 – 66 )






[20] - أخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله الحديث
رقم ( 867 ) وأخرجه النسائي برقم ( 1577 ) واللفظ له .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 34
•MMS •|:
الساعة الان :

حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Empty
مُساهمةموضوع: رد: حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word    حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:44 pm

1- دعواهم
أنهم هم أهل الحق والتوحيد والعدل والاستقامة والسنة .


2- ومن
التلبيس والجهل لدى أهل الأهواء : جعلهم السنة بدعة والبدعة سنة .


3- ومن
تلبيسهم إلحاق البدع المحدثة بالعمل المشروع .


4- ومن
تلبيسهم قلب الحقائق والتلاعب بالألفاظ .


5- ومن
تلبيسات أهل الأهواء استعمال الألفاظ المجملة والمحتملة لتفادي مصادمة النصوص ( ظاهراً
) ؛ لأن ذلك أدعى لرواج مذاهبهم الباطلة .


6- ومن
التلبيس زعمهم أن مذهب السلف في إثبات الصفات ( تشبيهٌ ) ووصفهم للسلف بأنهم (
مكفرّة وسبَّابة وجبرية ونواصب ) وأنواع أخرى من الأوصاف والألقاب الشائنة تلبيساً
وتمويهاً ، وقد أشرت إلى هذا في أكثر من موضع في هذا البحث .





خامساً : كما يتسم منهج السلف بالاتفاق والإحكام والثبات واليقين ، تتسم
مناهج أهل الأهواء بالتناقض والاضطراب والتلوّن والحيرة ، ومن ذلك :


1- تناقض
أهل الأهواء والافتراق واضطرابهم في جميع الأصول والمناهج والمسائل والاستدلال
والتقرير ومن تناقضهم خلطهم بين السنن وبين المحدثات والبدع والجمع بين المتناقضات
في الاعتقادات . بخلاف ما كان عليه السلف أهل السنة – بحمد الله – من الاتفاق
ووحدة الأصول والمنهج ، ولذلك ليس عند أهل الأهواء قطعيات ولا يقين في حقيقة الأمر
.


2- أصولهم
وقواعدهم التي يعولون عليها يختلفون فيها ويناقضونها .


3- ولذلك
يلاحظ أن من سمات أهل الأهواء التنقل بين المذاهب ، والتحول في الآراء ، وعدم
الاستقرار على رأي .


4- وكذلك
من سمات أهل الأهواء كثرة وقوعهم في الحيرة والشك والاضطراب في تقرير مقالاتهم
الفاسدة .


5- ومن
ذلك ما نجده من الاضطراب والتناقض في مواقفهم من الدين ومن السلف .


6- وكذلك
إعلان إفلاس كثير منهم في العقيدة واعترافهم بذلك في نهاية الأمر .


7- الانحرافات
والضلالات عند أهل الأهواء أنواع شتى ( ولكل منهم وجهة ) ولذلك نجد كلاً منهم يقول
عن الآخر إنه ليس على شيء ، لكنهم قد يجتمعون على عداء السنة وأهلها ، وقد سلم
السلف ومنهجهم من هذا الاضطراب – بحمد الله – لأنهم على صراط الله المستقيم .





سادساً : من سمات أهل السنة الولاء للمؤمنين وحب الصالحين ، وتعظيم قدر
الصحابة والعلماء أئمة الدين ، ومن سمات أهل الأهواء الغِلُّ على أهل السنة ، وسبّ
السلف ولمزِهم ، ومن ذلك :


1- طعنهم
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعضهم ولمزِهم للسلف ( أهل الحديث
والسنة ) وتعييرهم وسبهم وبغضهم ( أو بعضهم ) ومن ذلك تسميتهم أهل السنة ( حنابلة
) أو ( وهابية ) ونحو ذلك .


2- جفاؤهم
للحديث والإسناد وأهله غالباً .


3- كذبهم
وتقوُّلهم على الأئمة العلماء .





سابعاً : يتسم كثر من أهل الأهواء بمواقفهم العدائي مع المخالفين ، ومن
ذلك :


1- مواقفهم
مع المخالفين إجمالاً تتسم بالغرور والتعالي ، والاستهانة بالرأي المخالف وصاحبه
والتضييق ظلماً وعدواناً ، والإلزام بالباطل بغير بينات ، ولذلك نجد غالبهم يتنكرون
للسنة ويضيقون على أهلها .


2- يبتدعون
البدعة ويكفرون مخالفها ، أو على النقيض من ذلك ، فبعضهم لا يفرق بين السنة
والبدعة ، ولا بين الإيمان والكفر . أما أهل السنة فهم – بحمد الله – أهل إنصاف
وتواضع وإشفاق ورحمة ، ولا يكفرون المخالفة لمجرد كونه مخالفاً إلا بدليل .






ثامناً : من أصول أهل الأهواء والافتراق :


الخروج على أئمة المسلمين وجماعتهم ، واستحلال السيف ، وهذا
منهج غالب فيهم ، ومن سماتهم العامة ، فهم لا يرون للسلطان طاعة ، ولا يأخذون
بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على الظلم والجور والأثرة من الوالي المسلم
، ولذلك كان بعض السلف يسمي كل أهل الأهواء ( خوارج )





تاسعاً : من سمات أهل الأهواء :


الإصرار على بدعهم ( إلا النادر ) فلا يهتدون إلى الحق والسنة
ولا يوفَّقون للتوبة ؛ وذلك بسبب إصرارهم على البدع . والله أعلم ، فهم ممن قال
الله فيهم { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ
يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (الكهف:103-104)





عاشراً : من سمات أهل الأهواء :


كثرة الكلام فيما لا يعنيهم ، وما ليس من اختصاصهم لا سيما في
أمور الدين والعقيدة ، والإكثار من حشو الكلاميات ومن الكتب والمصنفات والردود ؛
ولذلك اتسمت كتبهم ومصنفاتهم وأعمالهم بقلة البركة وقلة الفائدة .





حادي عشر : من سمات أهل الأهواء :


حرصهم على نشر البدعة ،
وقوة تأثيرهم فيمن يخالطهم ، ولذلك تكثر استمالتهم للعامة والغوغاء والدهماء ،
وأصحاب المطامع وعشاق الشهرة ، وقد تستجيب لهم هذه الفئات بسرعة عند الفتن ، وعند
غربة السنة وأهلها .





ثاني عشر : من سمات أهل الأهواء :


التعالم والغرور ، فمن تعالمهم : زعمهم أنهم أعرف من العلماء
الراسخين في الدين ، أو مثلهم ، وأنهم جديرون بالقول والحكم والاجتهاد مع قلة
علمهم وجهلهم بالنصوص وقواعد الاستدلال وأصول الاجتهاد ، بل إن غالبهم في الحقيقة
من أصحاب الجهل المركب ، ومن غرورهم وخذلانهم ظنهم أنهم ينصرون الإسلام بمناهجهم
الضالة ومقالاتهم المبتدعة .





ثالث عشر : من سمات أهل الأهواء :


وقوعهم بين الغلو والتقصير ، فكلُّ أهل الأهواء خارجون عن منهج
الاعتدال ، فمنهم فرق اتسمت بالغلو والتنطع ، كالخوارج والشيعة وبعض المعتزلة ،
وأخرى اتسمت بالتقصير ، كالمرجئة والجهمية ، وثالثة جمعت بين الغلو والتقصير
كالصوفية وأكثر المعتزلة .





رابع عشر : ومن سمات أهل الأهواء كذلك :


1- استحواذ
الشياطين والجن على طوائف منهم .


2- الجرأة
على الله ورسوله وعلى الدين وعلى عبادة الله الصالحين . ومن هنا نجد أصولهم كلها
مخترعة مبتدعة ليس لهم فيها قدوة من أعلام الهدى الأئمة الأعلام ؛ ولذا وقعوا في
تقرير قواعد فاسدة والقول بلوازمها .


3- القعود
عن الجهاد وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبعضهم يعبر عن الجهاد بأنه (
قسوة وعنف ) والنهي عن المنكر بأنه ( حَجْرٌ وتقييد للحريات ) .


4- يكتبون
ما لهم ويعلنون ويكتمون ما عليهم ويتجاهلون .


5- التكلف
والتعمق واتباع الصعاب والمحارات والمعضلات التي ما أنزل الله بها من سلطان .


6- اعتقادهم
ما تتوهمه عقولهم ، فإن أصولهم واعتقاداتهم ناتجة عن التوهمات والخيالات والتخرصات
فهم على منهج الذين قال الله فيهم : {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ) (الذريات:10-11)


7- تستهويهم
العقليات والفلسفات ويزينها لهم الشيطان ، وقد نتج عن تعويلهم على ذلك زعمهم أن
العقيدة ( عقيدة السلف ) مما لا يقل ، وتوهم المعارضة بين العقل والشرع .


8- ومن
أبرز سمات أهل الأهواء والبدع : مضاهاتهم للشرع ، وتدرجهم في مناهج الباطل ،
واتسامهم بالذلة والصغار .


9- المتأمل
لحال أهل البدع والأهواء يجد أنه ليس في أئمتهم من تجمع الأمة على أنه إمام هدى ،
لكنهم قد ينتحلون بعض أئمة الدين تلبيساً .


10-
شؤمهم على الأمة وإسهامهم في نكباتهم
وفرقتها وهوانها وتسلط أعدائها .





الخلاصة :


إن مناهج أهل السنة والسلف الصالح تقوم على السنة والجماعة
والاتباع كما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ومناهج أهل الأهواء تقوم على
البدع والفرقة والابتداع واتباع السُّبُل .








السنة تجمع المسلمين ، والبدع والأهواء تفرقهم





السنة والاستقامة تعني الجماعة والعزة والتمكين وعكسها البدعة
والإعراض عن شرع الله فإن ذلك يعني بالضرورة ( بالنسبة للمسلمين ) : الفرقة والذلة
والهزيمة ( والنكسات والنكبات ) .


ولكن أهل الأهواء والمنافقين – قديماً وحديثاً – عكسوا القاعدة
– كعادتهم - ، فزعموا أن التزام السنة ومحاربة البدع ، والإنكار على أهل البدع
والأهواء سببٌ رئيس ( في النكسات التي أصابت الأمة ) وهذا من التلبيس والجهل فإن
العكس هو الصحيح ، فإن المتأمل لأحوال المسلمين قديماً وحديثاً يجد أن من أعظم
سمات أهل الأهواء والبدع والافتراق شؤمهم على المسلمين في كل زمان وحيثما كانوا .


ويكفيك أن تنتقل بذهنك إلى أحداث التاريخ المشهورة والتي ألحقت بالمسلمين
الذلة والفرقة والتشتت تجدها من أهل الأهواء ، وأمثلة ذلك :


أول فتنة فرقت الأمة فتنة السبئية ، وقد أدت إلى قتل خليفة
المسلمين الراشد عثمان – رضي الله عنه – ثم تمخضت عن افتراق الخوارج والشيعة ، عن
جماعة المسلمين وإمامهم .


ولما ظهرت القدرية والمعتزلة والجهمية أفسدت عقائد طوائف من
الأمة ، وأوقعتها في الأهواء والفرقة والخصومات والمراء في الدين والفتنة في
العقائد .


ولما تمكنت المعتزلة في الدولة ألزمت الأمة بالقول بالكفر (
خَلْق القرآن ) وامتحنت العلماء وعرضتهم للسيف والسجن والإهانة ، والقول بخلاف
الحق .


ولما تمكنت دويلات الرافضة والباطنية كالبويهية والعبيدية
والقرامطة ، قمعت السنة وأهل الحديث وأظهرت البدع والإلحاد والزندقة والكفر وتسلط
أوباش الباطنية على رقاب المسلمين ، واعتدوا على المقدسات وقتلوا الحُجاج وأخذوا
الحجر الأسود ، وعاثوا في الأرض فساداً ، وأباحوا المحرمات ، ومكَّنوا للنصارى من
دخول ديار المسلمين .


ولما تمكن بعض الرافضة من الوزارة في آخر عهد الدولة العباسية
والدويلات التي تلتها خانوا الأمة وأدخلوا التتار والنصارى ديار المسلمين ومكنوهم
فيها .


ولما تمكنت الطرق الصوفية وأهل البدع من الدولة العثمانية في
آخر عهدها ضعفت الأمة وذلت وعلقت أقدارها بغير الله ، وتعلقت بالأضرحة والبدع
والغلو في الشيوخ وتقليدهم بلا بصيرة ، فأصابها الذل والتشتت وسلط الله عليها
الأعداء فمزقوها وفرقوا شملها .


ولا تزال الفرق والطرق الصوفية ببدعها ومحدثاتها من أعظم أسباب
وهن الأمة وانحطاطها ، ناهيك عن هيمنة الرافضة والباطنية وأهل الأهواء والبدع
والعلمنة والإلحاد والإعراض عن دين الله وشرعه .


وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية بعض الآثار السلبية من جراء
تأثير أهل الأهواء وتمكينهم . من ذلك :


شؤم الجعد بن درهم على دولة بني أمية ومروان بن محمد :


قال : (( وقد قيل : إن أول من عرف أنه أظهر في الإسلام التعطيل
الذي تضمنه قول فرعون ، هو الجعد بن درهم فضحى به خالد بن عبد الله القسري ، وقال
: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم ، إني مضح بالجعد بن درهم ، إنه زعم أن الله
لم يتخذ إبراهيم خليلاً ، ولم يكلم موسى تكليماً تعالى الله عما يقول الجعد علواً
كبيراً . ثم نزل فذبحه ، وشكر له علماء المسلمين ما فعله ، كالحسن البصري وغيره .


وهذا الجعد إليه ينسب مروان بن محمد الجعدي آخر خلفاء بني أمية
، وكان شؤمه عاد عليه حتى زالت الدولة فإنه إذا ظهرت البدع التي تخالف دين الرسل
انتقم الله ممن خالف الرسل ، وانتصر لهم )) [1]


وعن أثر الباطنية في إظهار الزندقة والرفض والإلحاد وشيوع البدع
والطرق .


قال : (( ولهذا لما ظهرت الملاحدة الباطنية وملكوا الشام وغيرها
ظهر فيها النفاق والزندقة الذي هو باطن أمرهم وهو حقيقة قول فرعون ( إنكار الصانع
وإنكار عبادته ) وخيار ما كانوا يتظاهرن به الرفض ، فكان خيارهم وأقربهم إلى
الإسلام الرافضة ، وظهر بسببهم الرفض والإلحاد ، حتى كان من كان ينزل الشام مثل
بني حمدان الغلية ونحوهم متشيعين ؛ وكذلك من كان من بني بويه في المشرق ))[2]


أثر ابن سينا وأهل بيته ( الباطنية الإسماعيلية ) وشؤمهم على
الدولة العباسية :


قال : (( وكان ابن سينا وأهل بيته من أهل دعوتهم قال : وبسبب
ذلك اشتغلت في الفلسفة ، وكان مبدأ ظهورهم من حين تولى المقتدر ، ولم يكن بلغ بعد
، وهو مبدأ انحلال الدولة العباسية ؛ ولهدا سمي حينئذ بأمير المؤمنين الأموي الذي
كان بالأندلس ، وكان قبل ذلك لا يسمى بهذا الاسم ،ويقول : لا يكون للمسلمين
خليفتان ، فلما ولي المقتدر قال هذا صبي لا تصح ولايته فسمي بهذا الاسم ))[3]


وقال : (( وكان بنو عبيد الله القداح الملاحدة يسمون بهذا الاسم
، ولكن هؤلاء كانوا في الباطن ملاحدة زنادقة منافقين ، وكان نسبهم باطلاً كدينهم ؛
بخلاف الأموي والعباسي ، فإن كليهما نسبة صحيح ، وهم مسلمون كأمثالهم من خلفاء
المسلمين ))[4]


ولما ظهرت البدع والنفاق والفجور سلط الله على المسلمين أعداءهم
:


قال : (( فلما ظهر النفاق والبدع والفجور المخالف لدين الرسول
صلى الله عليه وسلم سلطت عليهم الأعداء ، فخرجت الروم النصارى إلى الشام والجزيرة
مرة بعد مرة ، وأخذوا الثغور الشامية شيئاً بعد شيء ، إلى أن أخذوا بيت المقدس في
أواخر المائة الرابعة ، وبعد هذا بمدة حاصروا دمشق ، وكان أهل الشام بأسوأ حال بين
الكفار النصارى والمنافقين الملاحدة ؛ إلى أن تولى نور الدين الشهيد ، وقام بما
قام به من أمر الإسلام وإظهاره والجهاد لأعدائه ، ثم استنجد به ملوك مصر من بني
عبيد أخذها صلاح الدين يوسف بن سادي وخطب بها لبني العباس ، فمن حينئذ ظهر الإسلام
بمصر بعد أن مكثت بأيدي المنافقين المرتدين عن دين الإسلام مائة سنة )) [5] .


قال : (( فكان الإيمان بالرسول والجهاد عن دينه سبباً لخير
الدنيا والآخرة ، وبالعكس البدع والإلحاد ومخالفة ما جاء به سبب لشر الدنيا
والآخرة )) [6]


وقال : (( فلما ظهر في الشام ومصر والجزيرة الإلحاد والبدع سلط
عليهم الكفار ، ولما أقاموا ما أقاموه من الإسلام وقهر الملحدين والمبتدعين نصرهم
الله على الكفار ؛ تحقيقاً لقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ
أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ
طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)وَأُخْرَى
تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}
(الصف: 10- 13)


وكذلك لما كان أهل المشرق قائمين بالإسلام مظهرين للسنة كانوا
منصورين على الكفار المشركين من الترك والهند والصين وغيرهم ، فلما ظهر منهم ما
ظهر من البدع والأهواء والفرقة والإلحاد والفجور سلط عليهم الكفار ، قال تعالى : {
وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ
مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً (4)فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا
بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ
الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً(5)ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ
عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ
نَفِيراً (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا
فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا
الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا
تَتْبِيراً (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا
جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً}[7]
(الاسراء:4-Cool .


وهكذا
نجد ظهور البدع والزندقة والإلحاد على أيدي أهل البدع والأهواء والفرق سبب لدخول
التتار بلاد المسلمين :


قال
شيخ الإسلام :


(( وكان من أسباب دخول هؤلاء ديار المسلمين ظهور
الإلحاد والنفاق والبدع ، حتى إنه صنف الرازي كتاباً في عبادة الكواكب والأصنام
وعمل السحر ، سماه ( السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم ) ويقال : إنه صنفه لأم
السلطان علاء الدين محمد بن لكش بن جلال الدين خوارزم شاه ، وكان من أعظم ملوك
الأرض ، وكان للرازي












[1] - الفتاوى ( 13 / 177 ) .






[2] - الفتاوى ( 13 / 117 ) .






[3] - المرجع السابق ( 13 / 117 ) .






[4] - المرجع السابق (13 / 178 ) .






[5] - المرجع السابق (13 / 178 ).






[6] - المرجع السابق (13 / 179 ).






[7] - الفتاوى ( 13 / 179 – 180 ) .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 34
•MMS •|:
الساعة الان :

حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Empty
مُساهمةموضوع: رد: حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word    حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:44 pm

به اتصال قوي ، حتى أنه وصى إليه على أولاده ، وصنف له كتاباً
سماه ( الرسالة العلائية في الاختيارات السماوية ) [1]))


ثم
ذكر شيخ الإسلام أثر الجهمية والمعتزلة في فتنة القول بخلق القرآن وامتحان العلماء
:


قال : (( ثم لما ولي الخلافة ( يعني المأمون) اجتمع بكثير من
هؤلاء – يعني الجهمية والمعتزلة - .. ودعا إلى قولهم في آخر عمره ، وكتب – وهو
بالثغر بطرسوس التي ببلد سيس – إلى نائبه ببغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب كتاباً
يدعو الناس فيه إلى أن يقولوا : القرآن مخلوق ، فلم يجبه أحد ، ثم كتب كتاباً
ثانياً يأمر فيه بتقييد من لم يجبه وإرساله إليه فأجاب أكثرهم ، ثم قيدوا سبعة لم
يجيبوا فأجاب منهم خمسة بعد القيد ، وبقي اثنان لم يجيبا : الإمام أحمد بن حنبل
ومحمد بن نوح ؛ فأرسلوهما إليه فمات قبل أن يصلا إليه ، ثم أوصى إليه أخوه أبو
إسحاق ، وكان هذا سنة ثماني عشرة ومائتين ، وبقي أحمد في الحبس إلى سنة عشرين فجرى
ما جرى من المناظرة حتى قطعهم بالحجة ، ثم لما خافوا الفتنة ضربوه وأطلقوه.


وظهر مذهب النفاة الجهمية وامتحنوا الناس فصار من أجابهم أعطوه
وإلا منعوه العطاء وعزلوه من الولايات ، ولم يقبلوا شهادته ، وكانوا إذا افتكوا
الأسرى يمتحنون الأسير ، فإن أجابهم افتدوه وإلا لم يفتدوه .


وكتب قاضيهم أحمد بن أبي داود على ستارة الكعبة : { لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ العزيز الحكيم } لم يكتب{وهو السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } .


ثم ولي الواثق واشتد الأمر إلى أن ولي المتوكل فرفع المحنة
وظهرت حينئذ السنة ))[2]


قلت : لو كان شيخ الإسلام حياً لرأى مصداق قوله في واقع
المسلمين في كثير من بلاد المسلمين في الوقت الراهن تحت هيمنة أهل الأهواء والبدع
العلمانية ، والأقليات الباطنية ، والرافضية ، والصوفية ، والمقابرية ، والله
المستعان .


بينما البلاد التي تسود فيها السنة لا تزال – بحمد الله – قوية
عزيزة وشعائر الدين فيها ظاهرة ، والسنة منصورة كما هو الحال في المملكة العربية
السعودية ، ولذلك ضاق أهلُ الأهواء ذرعاً بذلك ، وبالمقابل نجد أنه كلما عاد
المسلمون أو بعضهم إلى السنة أعزهم الله ومكنهم ورفع عنهم الذلة والهوان ، كما حصل
في عهد صلاح الدين حينما نصر السنة وطهر الأرض من رجس الرافضة العبيدية ( الفاطمية
) وغيرهم من دويلات أهل البدع التي فرقت المسلمين ، ثم لما قامت الدولة العثمانية
في أول عهدها على نصر السنة – نسبياً – تمكنت وجمعت شمل المسلمين ، إلى أن دب فيها
مرض التصوف والبدع فهانت وذلت ، ثم لما قامت دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب
والدولة السعودية على نصر السنة وقمع البدع والمحدثات أعزها الله ومكنها ، واجتمعت
كلمة المسلمين في هذه البلاد عليها ، وقويت السنة وأهلها ، و انخذلت البدعة وأهلها
بحمد الله .


وهذا هو الحق لمن وفقه الله وهداه ، وما عداه فهو الباطل الذي
سيذهب جفاء بحول الله وقوته ، نسأل الله الهداية والتوفيق ، ونعوذ بالله من
الضلالة والخذلان وحسبنا الله ونعم الوكيل .









الأهواء والبدع ومصنفاتها هي سبب تفرق المسلمين





زعموا
أن كتب العقائد هي سبب تفرق المسلمين ، وأنها سبب لنكسات المسلمين التاريخية .


وهذا من جانب حق ، وهو أن افتراق المسلمين وخروج طوائف منهم عن
نهج السنة والجماعة سبب للفرقة ، والفرقة سبب للهزائم والنكسات ، وهذا معلوم من
الدين بالضرورة وقد أخبر الله عنه وحذر منه : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ
مَعَ الصَّابِرِينَ(46)وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ
بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا
يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ(47)وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ
لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا
تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ
إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ
الْعِقَابِ}(لأنفال:46-48) .


وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم وحذر منه [3].


لكن الذم إنما يكون للمفارق ، وهم أهل الأهواء والسبل ، لا
للمتمسك بالحق والسنة وهم السلف الصالح أهل السنة الذين أخذوا بأسباب العزة والنصر
والتمكين وهو الاعتصام بحبل الله .


أما كتب العقائد الخارجة عن السنة وهي كتب أهل الأهواء فهي قد
رسخت الفرقة وأسهمت في حدوث النكسات على الأمة.


بخلاف كتب السلف التي تمثل دين الله الذي يأمر بالجماعة والطاعة
والجهاد وينهى عن الفرقة والخروج والقعود .


فمن الذي أشغل الأمة بالكلاميات ، والفلسفات والمجادلات ،
والكلام الفارغ ، وحشا المؤلفات بالمغالطات والشبهات والأوهام ؟ فالحق إنما احتوت
عليه مضامين كتب السلف ، وذلك من أسباب العزة والنصر .


والباطل
إنما احتوت عليه مضامين كتب أهل الأهواء وذلك من أسباب الذل والهوان .






مصطلح العقيدة ليس بدعياً





زعموا أن مصطلح ( العقيدة ) بدعي :


ومعلوم
أن المصطلحات لا مشاحة فيها ، أن مصطلح العقيدة مصطلح صحيح أصبح له مفهوم عند
العلماء والباحثين قديماً وحديثاً ، وليس هنا ما يمنع من إطلاقه في اللغة والشرع
ودعوى أنه بدعة جهل بأصول البدعة وضوابطها .


لأنه من مصطلحات العلوم : كالتفسير ، والحديث وعلومهما ، والفقه
، وأصول الفقه ، والأدب ... إلخ فإن غالبها مصطلحات استحدثت للدلالة على مضامينها
، فهي من باب الوسائل والأساليب الاجتهادية ، والتقسيمات العلمية ، ولا تدخل في
ضابط البدعة ، لأن البدعة إنما تكون في الدين لا في الوسائل والمصطلحات ، والعبرة
بالمضامين لا بالمصطلحات .


ولذلك كان السلف يطلقون على أصول الدين : الإيمان ، والإسلام ،
والدين ، والسنة ، والأثر ، والعقيدة وقد اتفقت الأمة على صحة هذه المصطلحات وليس
فيها ما يُشْكل فبعضها شرعي المنشأ ، وبعضها اصطلح عليه في الشرع ما ينفيه ، لأنه
ليس على قاعدة البدع ومن ذلك مصطلح العقيدة ... والله أعلم .


والعبرة بالمضامين ، وعلى أقل الأحوال هو من المختلف فيه ، ولو
ثبت شرعاً أنه بدعي تركناه !


كما أن مصطلح العقيدة كان معروفاً في القرون الفاضلة وبُعيدها ،
وقد نشأ مواكباً لنشأة العلوم الشرعية الأخرى المستمدة من الكتاب والسنة ؛
كالتفسير وعلوم القرآن وعلوم الحديث فقد ورد استعمال هذا الاصطلاح من قبل جماعة من
الأئمة الأعلام كأبي ثور وأبي حاتم وأبي زرعة وابن جرير الطبري [4]






الفرق الضالة امتداد للأمم الهالكة





إن تشبه الفرق الضالة بالأمم الهالكة واتباعها لها هو الحق ،
فقد ذكر المحققون من أهل السنة وغيرهم ، أن كثيراً من الفرق والأهواء والبدع التي
ظهرت بين المسلمين ، وخرجت عن السنة والجماعة ، إنما هي امتداد للفرق والديانات
الضالة القديمة التي كانت قبل الإسلام وبعده .


وهذه حقيقة قطعية ذكرها الله تعالى وأخبر عنها الرسول صلى الله
عليه وسلم ، قال الله تعالى : { كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ
مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ
فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } (التوبة:69)


فقد ذكر العلماء أن قوله تعالى : { وَخُضْتُمْ كَالَّذِي
خَاضُوا } في بيان أن هذه الأمة ستكون
منها طوائف تخوض في الشبهات والبدع كما خاض الأولون من قبلهم من ضُلاّل الأمم [5]،
وقال سبحانه : { وَلا يَزَالُونَ
مُخْتَلِفِينَ( 118) )إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ
كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
أَجْمَعِينَ} (هود:118-119)، فالناجون من الاختلاف هم الذين استثناهم الله تعالى ،
والأكثرون على الفرقة والخلاف ، وقال سبحانه : {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ
وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ
بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} (آل
عمران:106) .


قال ابن عباس – رضي الله عنه – يوم تبيض وجوه أهل السنة
والجماعة ، وتسودّ وجوه أهل البدعة والفرقة [6].


وقال سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا
شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ
يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (الأنعام:159) فالله تعالى إنما برأ رسوله صلى الله
عليه وسلم من أمر لابد حاصل وقد وقع وإلا لكان مما لا فائدة في ذكره ... تعالى
الله عن ذلك .


وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن طوائف من هذه الأمة ستتبع
سنن الأمم الضالة السابقة فقال صلى الله عليه وسلم : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم
شبراً شبراً ، وذراعاً ذراعا حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا : يا رسول الله
اليهود والنصارى ؟ قال فمن ؟ )) [7]


وقال صلى الله عليه وسلم : (( لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي
بأخذ القرون قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع ، فقيل : يا رسول كفارس والروم ؟ فقال
: ومن الناس إلا أولئك ؟ ))[8] ،
وقال صلى الله عليه وسلم (( ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل
بالنعل ... ))[9] الحديث .



كما أن تلقي الفرق الضالة ، المفارقة للسنة والجماعة عن الأمم
والنحل والملل الأخرى حاصل بخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بهذه النصوص
القاطعة ، كذلك هو معلوم بالاستقراء والتتبع ، وبمقارنة العقائد والمقالات ، فكثير
من أصول الشيعة الرافضة امتداد لمقالات الفرس المجوس .


وأصول القدرية النفاة هي امتداد لمذاهب المجوس وبعض الصابئة
وبعض فرق النصارى كذلك .


وأصول الجهمية امتداد لمذاهب الفلاسفة وغيرهم .


والمرجئة امتداد لمذاهب ومقالات كانت لبعض النصارى , والصابئة
وبعض الديانات الهندية وغيرها .


والباطنية امتداد للزنادقة والملاحدة والفلاسفة في سائر الأمم
الهالكة .


والصوفية امتداد للديانات الهندية ولكثير من الديانات والمذاهب
والفرق في الأمم الهالكة .


وهكذا كثير من الفرق نجد أنها إما أن تكون امتداداً مباشراً
للديانات والفرق القائمة في الأمم الهالكة أو تأثرت بها وهذا أمر مستفيض عند
كُتَّاب المقالات والباحثين وأصحاب هذه المذاهب نفسها ، كيف لا وقد أخبر به النبي
صلى الله عليه وسلم ، لكن أهل الأهواء يكابرون ولا يفقهون .


وكما ثبت بالنص والواقع المشهود والاستقراء الكامل أن أهل
الأهواء والبدع والافتراق امتداد – كلياً أو جزئياً – للملل والنحل الباطلة ،
فكذلك ثبت بالنصوص القاطعة والواقع الملموس المشهود ، والاستقراء الكامل : أنه كما
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة Sad( لا تزال طائفة من هذه
الأمة ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ، ولا من عاداهم إلى قيام الساعة )) ،
وهم السلف الصالح أهل السنة والجماعة . كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم .






أخطاء وزلات بعض المنتسبين


إلى أهل السنة والجماعة ليست من منهجهم





قد
يحدث من بعض أهل السنة والمنتسبين إليهم من العلماء والعامة أخطاء وزلات عقدية
وغيرها ، وهذا من طبع البشر فليس معصوماً إلا رسول صلى الله عليه وسلم .


وهذه الأخطاء والزلات ليست محسوبة على المنهج الشرعي ، منهج أهل
السنة والجماعة ، والسلف الصالح .


وقد زعم بعض المفتونين من المعاصرين ، أن أهل السنة والجماعة –
السلف الصالح وقد يسميهم ( الحنابلة ) – يقوم منهجهم على أمور ، هم على خلافها
كالنصب والجبر والتكفير والغلو والتعصب ، والاعتماد على الموضوعات والضعف من
المرويات ، والأهواء ، وعدم الفهم ، وردود الأفعال ، والاستعداء ضد المخالف ،
وإرهابه ، ونحو ذلك مما زعمه بعض الموتورين وأهل الأهواء – قديماً وحديثاً –
والمنصف يدرك بداهة أن هذا من الجهل أو التحامل والهوى .


فإن أفراد أهل السنة والجماعة ( من عامة ، وعلماء وولاة ) قد
يحدث من أحدهم أخطاء ومظالم وتجاوزات وبدع وزلات ، وقد يكون ذلك عن هوى ، أو
اجتهاد خاطئ أو زلل ، أو تأويل سائغ ، أو غير سائغ من بعض من يحدث منهم ذلك .


لكن من المعلوم بالضرورة أنه ليس على ذلك منهجهم وعقيدتهم ،
وليس كلهم على ذلك بل العكس ، فهم لا يجيزون ذلك ، و لا يقرون الخطأ والزلة ولا
يتابعون المخطئ ، ولا يقتدون به في زلته .


فالأصل عندهم الكتاب والسنة ، (
باعتماد الدليل ليس غير ) ، والأصل في أهل السنة : الحق والعدل والخيرية
والاستقامة ، وما يقع من أفرادهم من الخروج على الحق ينكرونه ولا يقرونه ، وهو
قليل نادراً – بحمد الله – وهو على غير منهجهم .


وهذا بخلاف أهل الأهواء فإن مناهجهم تقوم على الابتداع والظلم
والعدوان والهوى ، وقد يحدث منهم أو من بعض أفرادهم ما يوافق الحق والدليل ، لكن
الحق الذي يصدر عن أهل الأهواء – غالباً – يكون ملتبساً بالباطل ، ولا ينفردون به
عن أهل السنة ، بل يكون عند أهل السنة من الحق والهدى ما لا لبس فيه .


الاحتساب
على البدع وأهلها واجب شرعي وليس ظلماً





درج أهل الأهواء والبدع والافتراق على تسمية احتساب السلف
الصالح على أهل الأهواء والبدع والافتراق والتحذير من بدعهم وحماية عقيدة الأمة
منها :


ظلماً وعدواناً وحجراً وكتماً للحريات ، وإرهاب المخالف ،
واستعداء عليه ، وكان من أبرز هذه المزاعم : دعوى أن السلف الصالح أهل السنة ظلموا
الفرق [10] ،
وأنهم بإنكارهم للبدع والمحدثات يفرقون المسلمين ، وقد جهل هؤلاء أو تجاهلوا أنه
قد ثبت في النصوص القاطعة أن هذه الأمة – كسائر الأمم السابقة – ستفترق ، وأنه
ستبقى طائفة واحدة من ثلاث وسبعين على الحق . كما قال الله تعالى : { وَلا
يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّك }َ (هود: من الآية118 -
119) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم )) [11]،
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من البدع والمحدثات والأهواء والافتراق ، وأخبر عن
دعاة السبل وحذر منهم ، ومن دعاة الضلالة ، وأمر الله تعالى بالاعتصام بحبل الله ،
ونهى عن التفرق فقال سبحانه : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا
تَفَرَّقُوا } (آل عمران: من الآية103) ،
وأمر صلى الله عليه وسلم بالجماعة والسنة ، ونهى عن الفرقة والبدعة ، وقد استجاب
السلف الصالح – الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان - لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ،
وصدقوا خبره وأخذوا بوصيته ، وقاموا بواجب النصيحة في نشر السنة والنهي عن البدع
والتحذير منها وحماية الأمة غوائلها واستجابوا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم
بقوله : ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن
لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ))[12] .






فإن البدع أعظم المنكرات بعد الشرك ، وجهود السلف في هذا الصدد
مشهورة ، ومن ذلك :


-
لما حدثت الردة بعد موت رسول الله صلى الله عليه
وسلم قيض الله لها أبا بكر -رضي الله عنه- فوقف وقفته الحازمة المشهورة التي كسر
الله بها موجة الردة ، وأعز الله بها الدين ، وأيده على ذلك الصحابة بإجماع
وناصروه .




- ولما
ظهرت بعض بذور البدع في عهد عمر – رضي الله عنه - : كالكلام في القدر ، والاحتجاج
على المعاصي ومتشابه الآيات ، فأقام عمر معوجها بدرته المشهورة فأدب صبيغاً لخوضه
في الآياتالمتشابهات [13]،
وأدب الأمة كلها عندها هدد النصراني القدري – بطريريك الشام – حينما زعم أن الله
لا يضل من يشاء ، كما أدب عمر – رضي الله عنه – الأمة كلها كذلك بقطع شجرة
الحديبية لقطع دابر البدع [14]ونهى
الذين كانوا يرتادون مواطن محددة للتعبد عندها مما لم يرد به الشرع [15]


ونهر كعب الأحبار ، وقال له : (( لقد ضاهيت اليهودية )) حينما أشار كعب أن
يصلي عمر إلى الصخرة في بيت المقدس [16]


- وأدب
على – رضي الله عنه - الشيعة الغلاة ،
وحرقهم في النار حينما علم أنهم يغلون فيه ويقدسونه [17]وأمر
بجلد المفترية من الشيعة الذين فضلوه على أبي بكر وعمر [18].


-
ولما ظهرت الخوارج قيض الله لها سائر
الصحابة وعلى رأسهم عليّ – رضي الله عنه – وابن عباس – رضي الله عنهما – فأقاموا
عليهم الحجة ، وبينوا لهم المحجة حتى رجع منهم من كان يريد الحق ، وأصر أهل
الأهواء على بدعتهم . فقاتلهم الصحابة احتساباً وامتثالاً لأمر رسول الله صلى الله
عليه وسلم وقمعاً لبدعهم ، وحذروا منهم ومن مجالستهم .


- ولما
ظهرت القدرية في النصف الثاني من القرن الأول تصدى لها متأخروا الصحابة كعبد الله
بن عمر ، وابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، وواثلة بن الأسقع – رضي الله عنهم - ,
وكان من أشدهم على القدرية ابن عمر ، الذي حذر منها وأنذر ، وكشف عوارها , وحذر من
معبد الجهني رأس القدرية وأصحابه ، ونهى عن مجالستهم ومخالطتهم والتلقي عنهم ،
وكذلك ابن عباس وكذلك لما أعلن غيلان الدمشقي بدعة القول بالقدر تصدى لها التابعون
وعلى رأسهم مجاهد ، والخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ، وريحانة الشام الأوزاعي ،
لكنه أصر على بدعته حتى قتله هشام بن عبد الملك لبدعته ، وقد زعم أهل الأهواء أن
قتله كان سياسياً ! وهذا ضرب من الحكم على القلوب والنوايا التي لا يعلمها إلا
علام الغيوب سبحانه واتهام للنيات ، والعدول عن الأمر البيّن المشهور الثابت عن
الثقات إلى الظنون والأوهام والمشتبهات .


- ثم
اعتزلت المعتزلة الأولى وعلى رأسهم واصل بن عطاء ، وعمر بن عبيد ، فتصدى لهم أئمة
السنة أمثال : الحسن البصري ، وأيوب السختياني ، وابن عون ، وثابت البناني ، وابن
سيرين ، وحماد بن زيد ، ومالك بن أنس وأبي حنيفة ، وابن المبارك،وهكذا كلما كثرت
حشود البدعة تصدت لها جحافل السنة .


-
ولما نبغت الرافضة قيض الله لها أمثال
: الشعبي والشافعي وعبد الله بن إدريس الأودي وغيرهم .


-
ولما برز رأس الجهمية الجهم بن صفوان ،
تصدى له سائر أئمة السلف : كالزهري ، ومالك ، وأبي حنيفة ، ثم عبد الله بن المبارك
، وأمثالهم .


- ثم
لما نبغ بشر المريسي – رأس الجهمية في زمانه – تصدى له أمثال عثمان بن سعيد
الدارمي ، والشافعي ، والكناني .


- ولما
احتشدت حشود الأهواء زمن المأمون وبعده من الجهمية والمعتزلة ومن سار على نهجهم ،
وعلى رأسهم ابن أبي دؤاد ، تصدى لهم إمام السنة وقامع البدعة الإمام أحمد بن حنبل
، فكسرهم كسرة لم ينهضوا بعدها إلا متعثرين بحمد الله .


- ولما
تجمعت فلول الجهمية المعتزلة في آخر القرن الثالث ، وصالت صولتها ، قيض الله لها
أبا الحسن الأشعري ، وكان الخبير بعوارها ، لأنه كان معتزليا فهداه الله للسنة ،
فحشر المعتزلة في قمع السمسمة – كما قيل – وكسرهم ، فانهزموا هزيمة منكرة .


- ولما
نبغت نابغة الكلام وريثة الجهمية والمعتزلة ، وبدأ أهل الكلام يخوضون في صفات الله
تعالى والإيمان والقدر ، تصدى لهم أئمة السلف في القرنين الرابع والخامس الهجريين
: كالبربهاري ، وابن خزيمة ، وابن بطة ، والهروي واللالكائي ، وابن مندة ، والملطي
، والصابوني ، والآجري وابن وضاح ، والبغوي ، وابن عبد البر ، وأمثالهم .


- وفي
القرن : السادس والسابع والثامن الهجرية ، عمت البلوى بالبدع والأهواء والافتراق ،
وهيمنة الفرق في سائر البلاد الإسلامية ، واستحكمت الصوفية ببدعها ، وساد الكلام
والفلسفة والباطنية والدجل ، وتسلط الكفار على كثير من بلاد المسلمين في الشام
وغيرها .


فقيض الله أمثال : الشاطبي
، وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه ( كابن القيم والذهبي وابن كثير وابن رجب )
فتصدى شيخ الإسلام لجحافل البدع وعساكر الضلالة وجاهد في كل ميدان بلسانه وقلمه
ويده ، فقد تصدى لأهل الكلام ، والفلاسفة ، والباطنية ، والصوفية ، والرافضة
واليهود ، والنصارى ، والصابئة


كما كان مجاهداً بعلمه
ولسانه وسيفه للكفار والتتار والنصارى الصليبيين والبغاة ، وكان يشجع المسلمين على
الجهاد في كل ميدان ، وله في ذلك إسهامات مشهورة مشهودة .


وكان ناصحاً لولاة المسلمين
وأئمتهم ، يذكرهم ويعظهم ، ويحثهم على الجهاد ويأمرهم بالمعروف ، وينهاهم عن
المنكر بحكمة وقوة ، كما كان ناصحاً لعامة المسلمين وعلمائهم ، وكان آمراً
بالمعروف وناهياً عن المنكر ، هو وأتباعه يصدع بذلك ، ولا يخاف في الله لومة لائم
، حتى أبان الله به سنة ، ونصر الله به راية السلف ، وكشف الله به أهل البدع
وعقائدهم ومناهجهم ، وحتى أقام الحجة ، وأبان المحجة ، ونصر الملة ، ولا تزال
آثاره ومؤلفاته مرجعاً لكل صاحب سنة ، وقذى في عين كل صاحب بدعة ، وفيها فرقان بين
الحق وأهله ، وبين الباطل وأهله ، رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير
الجزاء .


- وفي العصور المتأخرة :
استحكمت البدع والشركيات ، وانتشرت الطرق الصوفية والمقابرية والعادات الجاهلية
حتى في جزيرة العرب . فتصدى لها ناصر السنة وقامع البدعة : الشيخ الإمام محمد بن
عبد الوهاب وأتباعه فطهر الله بدعوته المباركة أرض جزيرة العرب خاصة الحجاز ونجد
وما حولها من البدع والشركيات والمقابرية والصوفية الضالة ، كما نفع الله بدعوته
سائر أقطار المسلمين ، حيث اعتزت بها السنة وأنصارها ، وانتصرت السلفية ، واحتمت
وآوت إلي ركن شديد ، حيث قامت لها وعليها دولة نشرتها وحمتها بالسيف والقلم وهي
الدولة السعودية أعزها الله بالإسلام ونصر السنة وأهلها .


ولا نزال – بحمد الله – نرى
ثمار هذه الدعوة في كل مكان ، رغم تكالب جحافل البدعة ، وما أجلبوه عليها بخليهم
ورجلهم : بالسب ، والهمز ، واللمز ، وإعلان العداوة ، وصد الناس بشتى الوسائل ،
والله غالب على أمره .


ولما نبغت نابغة ( سب السلف ) في القرن الماضي ( الرابع
عشر الهجري ) على لسان الكوثرية ، معلنة انتقاص بعض أئمة السلف ، ورافعة راية
الكلام والتجهم ، واتهام السلف وأتباعهم ، ورميهم بالألقاب المشينة والألفاظ المقذعة
مثل : ( الحشوية ، والمشبهة ، والحمقى ، والجهلة ، والأوباش والرعاع ) قيض الله
لهم أمثال : المعلمي ، والألباني ، وبكر أبو زيد ، وسائر مشايخنا حفظهم الله .


- ولما أخرجت البدع أعناقها في البلاد الطاهرة على
يد أحد المنتسبين للعلوية وأتباعهم ، تصدى لها طائفة من المشايخ وطلاب العلم وفقنا
الله وإياهم ، ولا يزال مشايخنا لهم جهود مشكورة في هذا المضمار ، وفقهم الله وسدد
خطاهم ، والآن وقد بدأ ( نبّاشة القبور ) يثيرون المتشبهات ويشككون أبناء المسلمين
بالمسلّمات ، وينهشون علماء السلف , وينبِّشون في كتبهم عن الزلات ، ويطعنون في
سلف الأمة ويبكون على أطلال الفرق والبدع ، ويمجدون رؤوس الضلالة والأهواء ،
ويرددون












[1] -المرجع السابق ( 13 / 180 ) .






[2] - انظر الفتاوى ( 13 / 183 – 184 ) .






[3] - الترمذي ( 2091 ) ، ابن ماجة ( 3952 ، 3982 )
، أحمد( 12022)






[4] - راجع : عون المعبود 13 / 48 وأصل السنة
واعتقاد الدين لابن أبي حاتم 39 وشرح أصول معتقد أهل السنة 4 / 849 وتفسير ابن
جرير.






[5] - راجع تفسير ابن كثير ، وابن جرير ، والشوكاني
عند تفسير هذه الآية ، وراجع اقتضاء الصراط المستقيم ( 1/ 114 – 118 ) .






[6] - تفسير ابن كثير عند تفسير الآية 106 آل عمران






[7] - رواه البخاري في صحيحه ، كتاب الاعتصام
بالكتاب والسنة ، باب قوله صلى الله عليه وسلم (( لتتبعن سنن من كان قبلكم )) برقم
( 7320) ومسلم في صحيحه ، كتاب العلم ، باب النهى عن اتباع متشابه القرآن برقم (
2669 ) .






[8] - رواه البخاري في صحيحه ، كتاب الاعتصام
بالكتاب والسنة ، باب قوله صلى الله عليه وسلم ((لتتبعن سنن من كان قبلكم)) برقم
(7319)






[9] - الترمذي ( 1/ 26 ) ، والحاكم ( 1/ 128 ، 129 )
.






[10] - انظر مقدمات في الأهواء ، للمؤلف ( 128 – 133
) .






[11] - أخرجاه في الصحيحين وسبق تخريجه .






[12] - رواه مسلم رقم ( 49 ) .






[13] - انظر سنن الدرامي ( 1 / 55-56 ) ، الشريعة
الآجري ( 73) .






[14] - انظر البدع والنهي عنها ، ص ( 42 ) .






[15] - المرجع السابق .






[16] - انظر مسند أحمد ( 1/ 38 ) ، البداية والنهاية
( 7 /58 ) .






[17] - انظر مناهج السنة ( 1/ 11 ) .






[18] - المرجع السابق .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 34
•MMS •|:
الساعة الان :

حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Empty
مُساهمةموضوع: رد: حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word    حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:45 pm

مطاعن الزنادقة في خيار
الأمة ، وإنّا لمنتظرون – تحقيقاً لوعد الله بحفظ دينه – من يتصدى لهذه النابتة
الخبيثة كفانا الله شرها . ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل .


ومما ينبغي التنبه له ، أن
أهل الأهواء – قديماً وحديثاً – يضيقون ذرعاً بإنكار البدع والتصدي للمبتدعة ،
وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويجعلون ذلك – حسب موازينهم التي تقوم على
الأهواء – من الظلم والشتم والسب ، والحجر ، وكتم الحريات ، والاستعداء ضد الخصوم
، والتضييق على المخالفين .


ويتهمون السلف الذين ينهون
عن البدع والآثام ويحذرون منها ومن أهلها : بالتكفير والتبديع والتفسيق ونحو ذلك ،
وكل ذلك من التلبيس والبهتان ، فإن هذه أحكام شرعية يطلقها المجتهدون من العلماء
الثقات على من يستحقها شرعاً ، حسب اجتهادهم ، وقد يخطئ الواحد منهم ، لكن ليس ذلك
من منهجهم .


ولذلك فإن أهل الأهواء
يتهمون السلف بالسب والشتم واللعن ونحو ذلك من هذا المنطق ، أعني أنهم يسمون إطلاق
الأحكام الشرعية من الكفر والبدعة والفسق ونحوها على من يستحقها شرعاً:شتماً
ولعناً وسباً وهذا هو منهج أعداء الرسل في كل زمان.


مع العلم أن السب للكفر
والشرك والبدع والأهواء والفسوق مشروع ومطلوب شرعاً بالضوابط الشرعية . وقد جاء
ذلك في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كما
كان يأمر بالتوحيد ، كان كذلك ينهى عن الشرك ويذم عبادة الأصنام والأوثان ، وقد
وصفه المشركون بأنه صلى الله عليه وسلم حين ينهى عن الشرك ( يسبُّ آلهتهم ) وهو
سبٌ مشروع ومن دعائم الدين الكبرى في كل زمان .






دولة
بني أمية كانت على السنة في الجملة







دولة بني أمية ، تمثل حيزاً زمنياً كبيراً من صدر الإسلام والقرون الفاضلة التي
زكاها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : (( خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم
الذين يلونهم ... )) الحديث [1].
فهم داخلون في ذلك في الجملة .


فإن دولة بني أمية بدأت من عهد معاوية – رضي الله عنه – الصحابي
الجليل ، وهو من الخلفاء الصالحين والملوك العادلين ، وله اجتهادات قد يخالفه
عليها بعض الصحابة – رضي الله عنهم – أجمعين .


وهكذا سائر خلفاء بني أمية ، أقاموا الدين ، وجاهدوا ونصروا
السنة ، وقمعوا البدع وأهلها ، وفي بعضهم انحراف عن الحق ، ووقوع في شيء مما أخبر
عنه النبي صلى الله عليه وسلم من الظلم والأثرة وبعضهم أخطأ في حق علي – رضي الله
عنه – وبعض ذريته فمالوا إلى النصب ربما سياسة وهوى لا تديناً ( والله أعلم ) ولا
شك أنه خطأ على أي حال [2]،
وكذلك اشتهر بعض ولاة بني أمية بتأخير الصلاة عن وقتها [3].


وهذه زلات لا تلغي اعتبارهم ، ولا تمحو فضائلهم وجهودهم
المحمودة وجهادهم المشهود ، ولا تمنع كونهم على السنة ومن أنصارها ، فهم بشر كسائر
البشر .


قال شيخ الإسلام في منهاج السنة :


(( وبنوا أمية كانوا عثمانية )) ، فكان الإسلام وشرائعه في
زمنهم أظهر وأوسع مما كان بعدهم .


وفي الصحيحين عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: (( لا يزال هذا الأمر عزيزاً إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش )) .


ولفظ البخاري : (( اثني عشر أميراً )) . وفي لفظ : (( لا يزال
أمر الناس ماضياً ولهم اثنا عشر رجلاً )) . وفي لفظ : ((لا يزال الإسلام عزيزاً
إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش )) .


وهكذا كان ، فكان الخلفاء : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ،
ثم تولى من اجتمع الناس عليه وصار له عزّ ومنعة : معاوية ، وابنه يزيد ، ثم عبد
الملك وأولاده الأربعة ، وبينهم عمر بن عبد العزيز . وبعد ذلك حصل في دولة الإسلام
من النقص ما هو باق إلى الآن ؛ فإن بني أمية تولوا على جميع أرض الإسلام ، وكانت
الدولة في زمنهم عزيزة ، والخليفة يُدعى باسمه : عبد الملك ، وسليمان ، لا يعرفون
عضد الدولة ، ولا عزّ الدين وبهاء الدين ، وفلان الدين وكان أحدهم هو الذي يصلِّي
بالناس الصلوات الخمس ، وفي المسجد يعقد الرايات ، ويؤمّر الأمراء ، وإنما يسكن
داره ، لا يسكنون الحصون ، ولا يحتجبون عن الرعية )) .


وقد تحامل أهل الأهواء والبدع من الشيعة والخوارج والقدرية
والجهمية والمعتزلة ونحوهم على بني أمية وأشهروا أخطاءهم وأغمضوا عن حسناتهم ،
لأنهم كانوا ( أعني بني أمية ) يقفون ضد تيارات البدع والأهواء ودعاتها بقوة وحزم
وهذا مما أغاظ المبتدعة وأهل الأهواء وأشياعهم ، وأوغر صدورهم على بني أمية وعلى
السلف الصالح الذين لا يؤيدون الظلم ، لكنهم شكروا لبني أمية صنيعهم في نصرة السنة
، وقمع البدعة وأهلها ، وهم الذين نشروا الإسلام وواصلوا الجهاد وفتحوا الفتوح .


كما أن هذا لا يعني أن السلف سكتوا عما كان يحدث من بعض ولاة
بني أمية من المظالم والفسوق والأثرة ، بل كانوا ينكرون عليهم ويناصحونهم ولم
يقروهم على ظلم ولا على باطل وهذا هو المنهج الحق .


حرص السلف على جمع كلمة الأمة على ولاتهم – وإن جاروا – ليس رضى
بالظلم والفسوق والأثرة ، ولا إقراراً بذلك ؛ بل امتثالاً لأمر الله ورسوله بلزوم
الطاعة والجماعة في المنشط والمكره ، ونبذ الفرقة والخروج ، وهذا أصل عظيم من أصول
السنة ، ومسلّمة ضرورية من مسلّمات الدِّين ، تقوم عليها مصالح للأمة ، وتدرأ بها
مفاسد كبرى معلومة من الدين بالضرورة .


أما ما يكون من بعض الجاهلين ، أو المتأولين من الولاة والعلماء
وغيرهم ممن ينتسبون للسلف ، مما هو خلاف ذلك ، فهو اجتهاد شخصي غير محسوب على منهج
السلف ، لأنه مخالف لصريح السنة .


التحامل
على السلف وكبتهم ومنهجهم







من منهج أهل الأهواء التحامل على كتب السلف والتشكيك في منهجهم
والطعن في علمهم ، ونجد هذا المنحى واضحاً عند بعض المعاصرين من أهل الأهواء ، حين
جعل كتب السلف مثل كتب أهل الافتراق والبدع والأهواء حين قال :


( وكتب العقائد رغم ما فيها من حق قليل إلا أن فيها الكثير من
الباطل ، بل هو الغالب عليها لما فيها من الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله
عليه وسلم ، والإسرائيليات المشككة للمسلم والتكفير للمسلمين ، وزرع بذور الشقاق
والتباغض والتنازع بين المسلمين ، وغير ذلك من الهوى والظلم والجهل ، وسواء كان
ذلك في كتب العقائد عند الشيعة أو السنة أو الإباضية أو الصوفية أو غيرهم ، ولم
ينج من كثير من ذلك إلا بعض كتب المجتهدين في الماضي أو الحاضر ، وهي قلة نسبة إلى
هذه الكثرة )[4] .


وهذا من التلبيس والظلم والافتراء على السلف ، فإن كل ما قاله
الكاتب من هذه المطاعن يصدق على كتب عقائد القوم ( المبتدعة ) في الجملة لا على
كتب السنة وأهلها فكتب عقائد السلف تقوم على الحق والدليل ، والعدل والإنصاف ،
والعلم ، والهدى والسنة ، وما يخرج عن ذلك قليل من الزلات والأخطاء والتجاوزات
التي قد تكون في ثنايا كتب العقائد المعتمدة عند السلف ، وهي كتب الصحاح والسنن
والآثار والمصنفات الكبرى لأئمة السنة ، وهي أمور معلومة عند أهل العلم الراسخين ،
فإن كتب السلف الحق فيها هو الأصل والأكثر ، وخلاف ذلك – بحمد الله – قليل بل نادر
، والنادر لا حكم له .


أما ما أشار إليه الكاتب من التكفير ونحوه فهذا من خصال أهل
البدع ، أما أهل السنة فلا يكفرون إلا بدليل وقد أجبت عن هذه الشبهة في مقام آخر
من هذا الكتاب .


وكذلك اتهامه لكتب أهل السنة بأن فيها أحاديث مكذوبة ، فهذا هو
الكذب والبهتان ، فإن كتب السلف تعتمد على الصحيح ، إلا النادر مما هو اجتهاد خاطئ
عن البعض ، وقد أجبت عن هذا الزعم في مقام آخر .


دعوى وجود الاستطرادات في كتب السلف





زعموا أن كتب العقائد
فيها الكثير من الحشو والاستطرادات ، وأن فيها أحاديث مكذوبة على النبي صلى الله
عليه وسلم .


نعم إن هذا الوصف يصدق على أكثر كتب عقائد الفرق المخالفين
للسنة ، وأهل الأهواء ، أما كتب السلف فهي تقرر الحق ، الحق فيها هو الأصل والغالب
والكثير ، وما قد يوجد في بعضها من استطرادات وآراء خاطئة لبعض العلماء فليس ذلك
من أصول العقيدة ، إنما هو من المسائل الفرعية الملحقة بموضوعات العقيدة للمناسبة
، وهذا قليل وليس في الأصول .


وليس في عقيدة السلف ما ليس عليه دليل من القرآن والسنة ، وما
قد يوجد أحياناً من الأحاديث الضعيفة أو الحكايات والإسرائيليات أو المنامات
ونحوها فإنما أورده بعض العلماء للاعتضاد والاستئناس لا للاعتماد ، وعلى اعتبار
أنه يحتمل الصحة ، وليس هو الدليل .


كما أنه لا يلزم من رواية بعض الأحاديث الضعيفة أو المشتملة على
ما ينافي العقيدة اعتقاد ما جاء فيها، ولا اعتقاد صحتها .






من مفتريات أهل البدع والأهواء والافتراق


على السلف وكشف مصطلحاتهم في ذلك





قبل أن أشرع في ذكر بعض مفتريات أهل الأهواء على السنة وأهلها
والسلف الصالح ، يحسن أن أنبه إلى الأمور التالية:


الأمر الأول : أن السلف كما هو معلوم ، وكما أسلفت بشر يقع الخطأ
والزلل من أفرادهم ، أما جملتهم فتتحقق فيهم وفي منهجهم وعقيدتهم وديانتهم العصمة
الثابتة للأمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم : (( لا
تجتمع أمتي على ضلالة ))[5]
وكذلك لزوم الحق وإظهاره في قوله : (( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا
يضرهم من خذلهم ، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ))[6].
فأهل السنة هم هذه الطائفة قطعاً لأنهم هم الذين على الحق .


الأمر الثاني : أنه ينطبق على أهل الأهواء ( خصوم السلف والسنة ) المثل
: ( رمتني بدائها وانسلتِ ) .


فكل ما قاله هؤلاء الخصوم أهل الأهواء في أهل السنة والجماعة
وأقوالهم ومناهجهم هو في أهل الأهواء هو الأصل .


فالتزام الحق والسنة هو الأصل والقاعدة عند أهل السنة والجماعة
السلف الصالح ، وما يخالفه مما يقع فيه بعض أفرادهم وفئاتهم فهو استثناء ، وخروج
عن الأصل والقاعدة ، فهم بشر ليس لأفرادهم عصمة .


والعكس كذلك فإن المفارقة والبدعة والهوى ، هي الأصل والقاعدة
في الفرق المفارقة للسنة والجماعة ، وفي أهل الأهواء بأفرادهم وفرقهم ، وما
يوافقون فيه الحق والسنة استثناء عن الأصل وعن القاعدة ، فأهل السنة والجماعة
والسلف الصالح هم أهل الحق والسنة تعرف بهم ويعرفون بها .


الأمر الثالث : أن أهل الأهواء هم أهل الفرقة والبدعة تعرف بهم ويعرفون
بها .


وأن كل ما رمى به أهل الأهواء أهل السنة من الأخطاء والعيوب ،
فهو في أهل الأهواء والافتراق أكثر ، وهم الأصل فيه فالله تعالى يقول : { أ
َفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }
(القلم:35-36)ويقول : { أ فَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ }
(السجدة:18) .


الأمر الربع : أن كثيراً مما يعيب به أهل الأهواء على أهل السنة ،
ويعيرونهم به هو مما يمدح ؛ لأنه – أصلاً – هو الحق لكن أهل الأهواء يُلبِّسون على
الناس ويقلبون الحقائق ؛ لأن أصولهم منكوسة ، وسأذكر أمثلة لذلك بعد قليل .


الأمر الخامس : أن أهل الأهواء أصحاب فتنة كما وصفهم الله : { أَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ
الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ }
(آل عمران: من الآية7) .


وهذا منهج عام لدى عامة أهل الأهواء ، يعتقدون الباطل ثم
يلتمسون له الأدلة على غير الوجه الشرعي في الاستدلال ، ويثيرون الشبهات والإشكالات
حول النصوص ( القرآن والسنة )


ثم يمتد منهجهم هذا إلى عموم نصوص الشرع ، وقواعد الدين ومناهج
الحق ، وأصول السنة وأقوال الأئمة والعلماء الراسخين ، وأتباعهم المهتدين .


لذا نجدهم – أغني أهل الأهواء – يقفون عند شواذ المواقف
والأقوال والآراء لبعض المنتسبين للسلف من العلماء وغير العلماء ، فيجعلونها
أصولاً ويرمون بها السلف بعامة ، ويقدحون في عقيدتهم ومنهجهم اعتماداً على هذه
الزلات والأخطاء ، وقد تكون صواباً في ميزان الحق ، لكنهم – أعني أهل الأهواء –
يعدونها خطأ على مناهجهم الباطلة .


وهذا ما سأذكر نماذج منه في المبحث التالي :






الوقيعة في السلف من أصول أهل الأهواء وسماتهم





من مفتريات أهل الأهواء والبدع والافتراق على السلف [7]:


لمز السلف ( أهل الحديث والسنة ) وتعييرهم وسبهم وبغضهم ( أو
بعضهم ) ورميهم بالألقاب المشينة ، وإظهار ما يدل على بغضهم لهم ، ومجانبتهم لهم
ولسبيلهم سبيل المؤمنين فكل طائفة من أهل البدع تلقب أهل السنة بباطل[8] .


- فالرافضة
تسمي أهل السنة النواصب ؛ لأنهم لا يغلون في آل البيت ، كما تفعل الرافضة ، كما
سيأتي ، ويعيرونهم بالجمهور لأنهم أكثرية في وقت ظهور الرفض ، ولأن الرافضة ينظرون
إلى أهل السنة نظرة الدونية والازدراء .


- والقدرية
تسمي أهل السنة ( مجبرة ) ؛ لأنهم يثبتون القدر – خيره وشره من الله تعالى –
ويقولون بعموم علم الله تعالى وقدره ومشيئته ، وأهل الأهواء يسمون إثبات القدر (
جبراً ) .


- والمرجئة
تسميهم ( شُكاكاً ) ،ومخالفة ونقصانية ؛ لأنهم – أعني السلف – يستثنون في الإيمان
يقولون بزيادة الإيمان ونقصانه ، وأهل الأهواء يسمون ذلك ( شكاً ونقصاً ) .


- والجهمية
والمعتزلة وأهل الكلام تسميهم (مشبهة ) ؛ لأن السلف يثبتون الأسماء والصفات كما
وردت مع اعتقاد أن الله ليس كمثله شيء ، وأهل الأهواء يزعمون أن إثبات الصفات كما
جاءت في النصوص ( تشبيهاً وتجسيماً ) .


- والمعتزلة
وأهل الكلام يسمون أهل السنة ( حشوية ، ونوابت وغثاء وغثراً ) وزوامل أسفار ؛
لأنهم أهل حديث وآثار رواية ودراية ، ويقفون عند ما صح من النصوص .


هكذا يعيرون السلف الصالح ( أهل السنة والجماعة ) بالحق ، ويصورونه
بصورة الباطل ، بينما أهل السنة لا يلحقهم إلا اسم واحد هو ( السنة والجماعة ) ،
ويستحيل أن تجتمع فيهم هذه الصفات والأسماء المتعارضة فتأمل – عافاك الله – فإن من
علامات أهل الأهواء والبدع والافتراق الواقعية في السلف الصالح أهل السنة والجماعة
.


روى الإمام الصابوني بسنده في ( عقيدة السلف وأصحاب الحديث) عن
أبي حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي،يقول : (علامة أهل البدع الوقيعة في أهل
الأثر وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل الأثر حشوية،يريدون بذلك إيطال الأثر،وعلامة
القدرية تسميتهم أهل السنة مجبرة وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة؛وعلامة
الرافضة تسميتهم أهل الأثر نابتة وناصبة)[9]


وروى اللالكائي نحو ذلك
، قال :
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 34
•MMS •|:
الساعة الان :

حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Empty
مُساهمةموضوع: رد: حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word    حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل     |     word    Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:46 pm

عقيدة السلف الصالح ليست من


ردود الأفعال وليس فيها إضافات





ومن أعظم الدواهي التي دَهَى بها القومُ السلف الصالح ، وبهتوهم
بها دعوى ردود الأفعال والإضافات على العقيدة .


ومن المعلوم أنه من منهج السلف الصالح في تقرير العقيدة والدفاع
عنها ، أنه كلما استحدث أهل الأهواء والبدع والافتراق بدعة اعتقادية أو قولية أو
عملية قرر السلف الحق فيها بما يجلي العقيدة الصحيحة ، وينفي ما يضادها بالدليل من
القرآن والسنة وآثار السلف ، وأدرجوها في كتب السنن والعقيدة ، لتأكيدها حيث جحدها
المخالفون للسنة ، ولحماية الأمة من البدعة ، وقد ضاق أهل الأهواء ذرعاً بهذا
الأمر ؛ لأنهم كلما أو قدوا ناراً وفتنة للبدعة قيض الله من أعلام الأمة من يقرر
الحق ويقيم الحجة بالدليل ، ويطفي نار الفتنة ويقمع البدعة ، وذلك من وعد الله
تعالى حين تكفل بحفظ الدين وبقاء طائفة
على الحق ظاهرين ينافحون عن الحق ، ويذودون عن حياض السنة وينفون البدعة ويحذرون
منها ومن دعاتها .


وقد أطلق بعض المفتونين من المعاصرين ( تبعاً لمنهج أسلافهم أهل
الأهواء ) على أعمال السلف هذه بأنها ردود أفعال ، وأنها إضافات على العقيدة ؛
وضربوا لذلك أمثلة تبرهن على جهلهم بالسنة وتحاملهم على أهلها ، ومن ذلك :


** زعمهم أن السلف زادوا في العقيدة ما ليس من أركان الإيمان ،
وهم بذلك يشيرون إلى أن العقيدة وأصول الدين ومسلماته مقصورة على أركان الإيمان
الستة المعدودة في حديث جبريل .


وما علموا – أو تجاهلوا أن العقيدة هي كل ثوابت الدين وأصوله
وفرائضه وقطعياته وأن كل ما ثبت في الدين فهو من العقيدة وأصول الدين ، بما في ذلك
الأحكام القطعية والثابتة وأن أركان الإيمان لا تتم إلا بمستلزماتها ومكملاتها
العلمية والعملية التي نص عليها الشرع ، فهي تدخل في هذه الأركان .


كأسماء الله وصفاته الثابتة بالكتاب والسنة وإخلاص العبادة لله
تعالى ، ونفي الشرك والبدع داخل في الإيمان بالله ، والإيمان بالملائكة بأسمائهم
الواردة وأوصافهم وأعمالهم الثابتة بالنصوص ، والإيمان بالكتب ، والرسل كذلك ..
إلخ .


والشفاعة والرؤية والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
ولزوم الجماعة والطاعة ، وحقوق الصحابة وأصول الأخلاق وقطعيات الأحكام وما ثبت
منها كتحريم عقوق الوالدين ، والربا
والميتة والخنزير والزنا والكذب والغيبة ، ونحو ذلك كله من العقيدة لأنه من
القطعيات والثوابت وداخل فيها .


زعموا أن مسائل ( أشراط الساعة ) ليست من العقيدة وأنها من
الإضافات ومنها : ( مسألة المهدي ) [1]
وهذا كذلك جهل ( أو تجاهل ) [2]
لهذه الحقيقة ، فإن أشراط الساعة الكبرى وكثير من الصغرى ، ومنها :


( المهدي ) قد ثبتت بها النصوص
، وكل ما ثبتت به النصوص القطعية وجب اعتقاده سواء سميناه : العقيدة أو
السنة ، أو أصول الدين ، أو القطعيات أو الأخبار القطعية فكل هذه اصطلاحات صحيحة ،
ولا مشاحة في الاصطلاح .


وكل ما ثبت في القرآن أو صحت به السنة فهو مما يجب الإيمان به ،
والتسليم بأنه حق ، وهذا هو معنى كونه ( عقيدة ) .


** وزعموا أن من أمثلة ما يسمون – الإضافات على العقيدة - : مسألة
( المسح على الخفين )[3]
وهي فقهية من مسائل الأحكام ، وكونها من مسائل الأحكام في الأصل صحيح ، لكنها على
القاعدة في الإيمان : أن كل ما ثبت به النص فهو مما يجب التسليم به واعتقاده
وقد صار الإنكار من سمات أهل البدع
الرافضة ، والمسح على الخفين تواترت به النصوص ، ومن السنن العملية المجمع عليها
عند سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .


فلما أنكرها أهل الأهواء والبدع أنكروا ثابتاً من الدين فأدرجها
السلف في مسائل العقيدة ، لأن إنكارها يؤدي إلى الإخلال بالأصول والقطعيات (
العقيدة ) .


وليست هذه هي المسألة الوحيدة من قطعيات الأحكام وثوابتها التي
تندرج في كتب العقيدة ومسائلها ، بل ذكر السلف كثيراً من القطعيات والثوابت في
الأحكام والأخلاق ضمن مصنفات العقيدة ، مثل :


( الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد ، والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ، وحقوق الصحابة ، وحقوق الولاة ، والوالدين ، والجار ، وتحريم
الكذب ، والغيبة ) ونحو ذلك ، كله داخل في مسمى العقيدة ، لأن العقيدة معناها :
اعتقاد كل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل به حسب الاستطاعة .


** وزعموا أن من أمثلة ( الإضافات على العقيدة ) الخلافة والحكم
وأنها من ردود الأفعال ، وأنه لما ظهر قول الفرق المفارقة فيها ، قام أهل السنة (
بصياغة نظرية خاصة تميزهم عن سائر الفرق في الإمامة ) سبحان الله !


وتأمل أخي القارئ هذا التعبير الاستشراقي الأدبي العجيب في وصف
عمل السلف الذين لا يصدرون في تقرير الدين إلا عن الكتاب والسنة .


فقد عبروا عن عمل السلف بأنه ( صياغة نظرية ) !! ومن المعلوم أن
السلف يقررون الحق بدليله وليس دينهم وعقيدتهم نظريات تصاغ .


ثم قالوا : ( تميزهم )
وكأنهم من عشاق التميُّز ،لكنهم من عشاق الحق ، ويريدون تمييز الحق من الباطل
والسنة من البدعة .


** ثم زعموا أن مسألة طاعة ولاة الأمر وعدم جواز الخوارج عليهم
( من الإضافات ) وكذلك الصبر على ظلم الولاة وجورهم ، والصبر على الأثرة منهم ،
ونحو ذلك زعموا أنه من إضافات السلف على العقيدة .


وقد جهلوا – أو تجاهلوا – أن ذلك من الدين والسنة ومن وصايا
النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة بالنصوص الشرعية في القرآن وصحيح السنة ، في
الصحيحين وغيرهما .


** وزعموا أن مسألة ( القرآن وكلام الله تعالى ) وتقرير الحق في أن
القرآن كلام الله منزل – غير مخلوق – من ردود الأفعال والإضافات على العقيدة .


وهذا كما أسلفت يندرج تحت قاعدة السلف : أن كل أصل من قطعيات
الدين وما ثبت بنص شرعي يرد فيه من قبل أهل الأهواء نقض أو شك أو خروج عن مقتضى
الحق فلا بد من تأصيله ورد الباطل عنه ، والتنويه عن ذلك في المصنفات التي تُقرر
فيها الأصول وثوابت الدين ومسلماته وهي كتب السنة ( العقيدة ) وهذا منهج شرعي علمي
اصطلح عليه العلماء العدول الثقات ، وله ما يبرره شرعاً وعقلاً ومنهجاً وإن ضاق به
أهل الأهواء ذرعاً .


وهكذا .. لما ظهرت المذاهب المعاصرة الهدمة كالعلمانية ،
والحداثة أو القومية والوجودية والعقلانية والعصرانية ونحوها ، أدرجها العلماء
والباحثون والمختصون ضمن بحوث العقائد والمبادئ الضالة ؛ وصارت تدرس في أقسام
العقيدة في الجامعات والمؤسسات العلمية ، وكليات أصول الدين والشريعة وأقسامها
ونحوها .


وهذا اصطلاح له مبرراته وأصوله وإن اختلف عليه الناس .


ثم يحسن أن نُوجه لهؤلاء الذين يريدون الهدم ولا يجيدون البناء
سؤالاً فنقول لهم : إذا كان لا يعجبكم إدخال ما تُسمونه الإضافات على العقيدة التي
اتفق على جملته سلف الأمة وعلماؤها وخيارها . فما الضابط عندكم فيما يكون من
العقيدة وما لا يكون ؟ ثم هل أنتم متفقون على قاعدة في ذلك ، ومن مِنْ شيوخكم
والفرق التي تمجدونها يؤخذ بقاعدته ومنهجه .. ونحو ذلك من الأسئلة التي لا يتفقون
على جوابها .


إنما يسلكون في ذلك مسلك الحداثيين الذين يسعون إلى هدم الثوابت
والخروج عن الأصول والمسلمات إلى التيه والضياع والفوضى نسأل الله السلامة .






منهج السلف الصالح


لم يكن نتيجة الصراعات والأحداث





** زعموا أن عقيدة
السلف( أهل السنة) ومخالفيهم تكونت نتيجة للصراعات السياسية والمذهبية والأحداث
التاريخية.


وهذا الكلام فيه حق وباطل ، أما وجه الحق فيه فهو أن عقائد
مخالفي السلف وهم أهل الأهواء والافتراق والبدع كان من أسبابها توجهاتهم وصراعاتهم
السياسية والمذهبية والأحداث التاريخية ، وردود الأفعال ، لأنهم يحكِّمون أهواءهم
وآراءهم في مواقفهم تجاه السنة وأهلها وتجاه الولاة ولا يلتزمون تعاليم الشرع في
ذلك .


أما الباطل فزعمهم أن مذهب السلف كان كما ذكروا أو أنه ردود
أفعال ، فإن مذهب السلف ( أهل السنة والجماعة ) هو الحق والسنة والصراط المستقيم ،
المستمد من القرآن والسنة ، وكل أصل عند السلف ( من أصول العقيدة ) إنما يقوم على
الدليل ، وما قد يندرج في بعض مصنفات العقيدة من مسائل فرعية فليس من الأصول ،
والسلف يتعاملون مع الصراعات السياسية ( إن صح التعبير ) حسب النصوص والأصول
والقواعد الشرعية ، التي تقوم على السمع والطاعة بالمعروف ، والنصح لمن ولاه الله
أمر المسلمين وعدم الخروج على الوالي المسلم ما لم يروا كفرا ًبواحاً عندهم فيه من
الله برهان ،وهذا كله مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله أمر
بالاجتماع على الحق ، ولا اجتماع لا بإمامة وسلطان ، ولا إمامة وسلطان إلا بسمع
وطاعة بالمعروف ، كما أثر عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - : (( إنه لا إسلام
إلا بجماعة ، ولا جماعة إلا بإمارة ، ولا إمارة إلا بطاعة ))[4]






أهل السنة ليسوا نواصب
ولا جبرية





النواصب : هم الذين يناصبون علياً – رضي الله عنه – وآل البيت
العداء ، وهم في ذلك أهل بدعة على غير الحق ، وعلى غير الهدى ، ويقابلهم أولئك
الذين غلوا في عليّ – رضي الله عنه – وآل البت . بل هؤلاء أسبق إلى البدعة من ألئك
.


والحق الذي عليه أهل السنة والجماعة السلف الصالح حبُّ علي –
رضي الله عنه – وموالاته فهو من السابقين للإسلام ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة ،
وصهر رسول صلى الله عليه وسلم ورابع الخلفاء الراشدين ، والأئمة المهديين .


وكذلك آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذرية علي – رضي
الله عنه – وغيرهم ممن يشمله هذا الوصف ، نعرف لهم حقهم وقدرهم ، وهذا من عقيدة
أهل السنة والجماعة ويجمعون عليه بحمد الله .


ومن لم يكن على ذلك فهو مبتدع أو جاهل ، أو مخطئ أو صاحب هوى .


فالنواصب ليسوا على نهج السنة والجماعة .


لكن مما يجدر التنبيه إليه أن الشيعة بفرقهم ، ومن يميل إليهم (
وهم يغلون في علي – رضي الله عنه – وآل البيت ) يسمون من لم يجاريهم في الغلو :
ناصبياً وهذا من البهتان والظلم والعدوان .


وكما أشرت ما حدث وما يذكر عن بعض أمراء بني أمية ، أنهم كانوا
يسبّون علياً – رضي الله عنه – أو يؤذون بعض ذريته ، بغير حق ، فهذا خطأ وظلم
وعدوان ، وهو على خلاف منهج أهل السنة، ولا يقرونه ، بل كان أئمة السلف يعدون ذلك
من الخطأ ، وكانوا ينكرونه ، ويعدون النواصب من أهل الأهواء والبدع ، وهذا مسطور
في كتبهم وآثارهم بحمد الله .


وكذلك لم يكن السلف جبرية ، لأن الجبر يقوم على مقولة بدعية ،
وهي : أن الإنسان مجبور على أفعاله مسلوب الاختيار .


وهو قول الجهمية ويميل إليه القائلون بالكسب والسلف ينكرون هذه
المقالات ويبدّعون من قال بها .


وقد يقصد بعض أهل الأهواء بالجبر ما جاءت به السنة عن النبي صلى
الله عليه وسلم من وجوب السمع والطاعة بالمعروف للسلطان والصبر على جور الولاة
والكف عن منازعتهم وترك الخروج عليهم والسلف يذهبون إلى ذلك استجابة لأمر الله ، و
أخذاً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتسمية ذلك جبراً من قبل أهل الأهواء
إنما هو من التلبيس والبهتان وقلب الحقائق .






اتهام السلف بالتجسيم والتشبيه





من دواهي خصوم السلف ، وبعض الجهلة الذين لم يعرفوا قدر السلف ، اتهامهم بالتجسيم والتشبيه في صفات
الله تعالى ( دعوى التجسيم والتشبيه ) ، فأهل الكلام والأهواء يسمون كل من أثبت ما
ينفونه من أسماء الله وصفاته وأفعاله مشبهاً ومجسماً ، وإن كان ما يثبته هو قول
الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .


فالجهمية الخالصة يسمون من أثبت أسماء الله وصفاته وأفعاله أو
شيئاً منها : مشبهاً ومجسماً ، وعلى هذا فالمعتزلة والأشاعرة والماتريدية وأهل
السنة الذين يثبتون نحو قوله تعالى :{ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } كلهم مجسمة
عند هؤلاء الجهمية .


والمعتزلة يسمون من أثبت الصفات لله تعالى أو شيئاً منها مجسماً
ومشبهاً ، وعلى هذا فإن الأشاعرة والماتريدية وأهل السنة ، الذين يثبتون صفات
السمع والبصر ، هم عند المعتزلة مشبهة ومجسمه .


والأشاعرة والماتريدية يسمون من وصف الله تعالى بالصفات الذاتية
والفعلية دون تأويل وتحريف مثل قوله تعالى : { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي }(صّ: من
الآية75) وقوله تعالى : {وجاء ربك }وقوله تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ
اسْتَوَى } (طـه:5) مشبهاً ومجسماً .



وما يوجد في بعض كتب
السنة و الآثار أحياناً من أحاديث تشكل على بعض مرضى القلوب ، وأهل الزيغ والأهواء
والفتن ، يزعمون أنها توهم التشبيه فهي :


1- إما
من الأحاديث الضعيفة والموضوعة فلا يعول عليها ، وليس مجرد إيرادها من عالم أو راو
يدل على صحتها والتزامها ، إنما هو عند اجتهاد أو زلة وخطأ لا يحسب على أصول السنة
وعقيدة السلف .


2- وإما
من الأحاديث الصحيحة فيجب إثبات ما ورد منها مع نفي المماثلة ، وما يتوهم فيها من
التشبيه مدفوع قطعاً ، وعليه فإن مذهب السلف يقوم على ثبات أسماء الله وصفاته كما
جاءت في النصوص الثابتة :


فالقاعدة عند السلف الصالح ، أهل السنة والجماعة في أسماء الله
وصفاته وأفعاله ، ثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه وما أثبته له رسوله صلى الله
عليه وسلم مما صحت به الأحاديث .


والإثبات عندهم مقيد ، بنفي مماثلة الله لشيء من خلقه لأنه كما
قال تعالى عن نفسه : : { لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }(الشورى: من الآية11) .


وأن ما ظاهره التشبيه إنما يثبت على ما يليق بالله تعالى مع نفي
المماثلة جزماً ، ولا يصح نفيه لكونه يوهم التشبيه لأن هذا الفهم ( توهم التشبه )
أوهام وخيالات فاسدة يجب نفيها ، لا نفي حقيقة كلام الله رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولا نفي حقيقة الصفة الثابتة اللائقة بالله تعالى ، فالنفي كذلك مقيد بعدم
التعطيل ( وهو إنكار الأسماء والصفات أو بعضها ) وبعدم التأويل أيضاً ؛ لأنه قول
على الله بغير علم ، وتحكُّم بالغيب ، ولأن الإثبات مقيَّد بعدم المماثلة ، والزعم
بأن شيئاً من أسماء الله وصفاته الثابتة بالنصوص : يُفهم التشبيه أو يوهمه هو ضرب
من الزيغ ، وعبث الشيطان بالناس وخيالات وأوهام فاسدة ، ووساوس عارضة ، يجب على
المسلم حين يشعر بها أن يستعيذ بالله من نزغات الشيطان وتوهيماته ، ولا يعوِّل على
تلك الوساوس .


كما أن كلمة ( التشبيه ) من الألفاظ المجملة ، المحتملة للحق
والباطل فإن قُصد بالتشبيه : التشابه اللفظي بين صفة الخالق وصفة المخلوق فهذا
حاصل ولا حرج فيه ( كالسمع والبصر ) مثلاً فهي للخالق سبحانه على الكمال وللمخلوق
على النقص فهذا التشابه اللفظي هو الذي جاءت به النصوص القطعية .


وإن قصد بالتشبيه المماثلة بين صفة الخالق وبين صفة المخلوق في
الكيفية والخصائص فهذا هو المنفي بقوله تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
}(الشورى: من الآية11) ومن الأول قوله تعالى{ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
}(الشورى: من الآية11) فهو سمع وبصر ليس كسمع المخلوق وبصره .


وهذا مما أجمع عليه السلف بحمد الله






السلف
الصالح أهل السنة لا يحصرهم مذهب







زعموا أن مذهب أهل السنة والجماعة ، يحصر أتباعه في الحنابلة (
أو الوهابية ) كما يعيرونهم ، وهذا الكلام باطل لا أصل له ، ويكذبه الواقع ، فأهل
السنة والجماعة والسلف الصالح هم خيار الأمة ، والطائفة المنصورة والفرقة الناجية
في كل زمان ، قبل ظهور الحنابلة وبعده ، وفي كل مكان وفيهم حنابلة وأحناف وشافعية
ومالكية ، وهذه مذاهب فقهية كل أئمتها الأربعة من أئمة السنة ، وأتباعها منهم من
سار على نهج السنة والسلف ، ومنهم من حاد عن ذلك .


وليس للحنابلة اختصاص
في ذلك ، وإن كان التفاوت حاصل في تبعية أتباع المذاهب الأربعة للسنة والسلف
وموازين الشرع هي المحتكم في ذلك .


والسلف الصالح على منهج واحد في العقيدة في كل زمان ومكان ،
فأهل السنة منهم المالكية والشافعية والأحناف كما أسلفت ، وهم بحمد الله بين هؤلاء
كثير وإن كانوا في الحنابلة أكثر ؛ لأن الإمام أحمد كان آخر الأئمة الأربعة وقد
تميز بمواقفه المشهورة في نصر السنة وأهلها ، والوقوف بحزم وقوة ضد البدع وأهلها .





ومن أئمة أهل السنة المنتسبين للمذهب المالكي :


الإمام مالك وتلاميذه : ( كابن القاسم وسحنون وشهب القيسي ) .


وعلماء المالكية الآخرون مثل : ( أسد بن الفرات ، وعبد الملك بن
الماجشون ، ويحيى بن يحيى الليثي ، وإسحاق بن الفرات وأصبغ بن الفرج ، وابن وهب ،
وابن أبي زيد القيرواني ، وابن أبي زمنين ، وأبي القاسم خلف بن عبد الله المقري
الأندلسي والقاضي عبد الوهاب بن نصر ، وابن عبد البر ، وأبي عمرو الطلمنكي ، وأبي
بكر محمد بن موهب – شارح رسالة ابن أبي زيد – وأبي عمرو الداني ، والقاضي إسماعيل
بن إسحاق ، والقاضي أبي بكر الأبهري ، وعبد الله بن محمد القحطاني الأندلسي – صاحب
النونية - ، ومحمد الأمين الشنقيطي،وابن غنام الأحسائي :- من المعاصرين للشيخ محمد
بن عبد الوهاب ) .





ومن أئمة السنة المنتسبين للمذهب الشافعي :


الإمام الشافعي وهو من كبار أئمة السنة والبويطي والمزني ، وابن
حبان ، وابن خزيمة، وابن خفيف والحاكم ، وابن سريح وابن الصلاح وابن النحاس حرملة
بن يحيى والأزهري – اللغوي – والصابوني ، وابن أبي حاتم ، وابن ثمامة والبغوي وابن
كثير والحافظ السلفي والدار قطنى والحميري وابن السني وأبو الحسن الأشعري ، وأبو
العباس الأصم ، والمزي والساجي والذهبي والدارمي – عثمان بن سعيد – واللالكائي ،
ومحمد بن نصر المروزي ،والمقريزي ، والمنذري وأبو محمد الجويني ) .


وكبار أئمة الشافعية ينصرون مذاهب السلف الصالح ويوصون بلزوم
السنة ، ويذمون البدع والأهواء وأهلها ( وإن كان عند بعضهم شيء من الزلات أو
موافقة أهل البدع في أمور ) كالبيهقي والخطابي والجنيد ، وأبي نعيم الأصبهاني
والعز بن عبد السلام ، والنووي والسيوطي والمناوي ، لكن مناهجهم في الجملة أقرب
إلى السنة ، على تفاوت بينهم .





وكذلك الأحناف :


أبو حنيفة – رحمة الله – كان على السنة في الجملة ، وما خالف
فيه أهل السنة في مسألة الإيمان وميله للإرجاء زلة معروفة ومردودة ، عند السلف ،
لكنه لما اشتهر عنه الإمامة في الدين عرف له قدره ... وكذلك أصحاب أبي حنيفة –
الأوائل منهم – كانوا على السنة ، كأبي يوسف ومحمد بن الحسن وزفر وإبراهيم بن
طهمان وحفصُ بن غياث القاضي .


ومن الحنفية الذين على مذهب أهل السنة والجماعة في الجملة :


أبو سليمان ، موسى بن
سليمان الجوزجاني ت
200 هـ .


معلى بن منصور الرازي ت
211 هـ


شداد بن حكيم القاضي البلخي
ت 212 هـ


عبد الله بن داود ت 213 هـ


هشام بن عبيد الله الرازي ت
221 هـ


الليث بن مساور البلخي ت 226 هـ


يحيى بن أكثم التميمي القاضي ت 243
هـ


محمد بن أحمد بن حفص الزرقان ت 264 هـ


الحكم بن معبد الخزاعي ت
295 هـ


أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي ت 321 هـ


ابن أبي العز الدمشقي الحنفي ت 712
هـ


أحمد بن عبد الأحد الفاروقي السهر ندي ت 1034 هـ


أبو البركات خير الدين نعمان الألوسي ت 1252 هـ


محمود شكري بن عبد الله الألوسي


محمد صديق خان بن حسن البخاري القنوجي ت 1307 هـ


محمد بشير بن محمد بدر الدين السهسواني الهندي ت 1326 هـ


محمد إسماعيل بن عبد الغني بن ولي الله الدهلوي ت 1381 هـ


المعصومي الحنفي


البركوي الحنفي


أبو الوفاء درويش


وبعض هؤلاء الأحناف قد يميلون إلى مذهب المرجئة في الإيمان ،
وعند بعضهم شيء من الزلات ، ولكنهم على نهج السنة في سائر الأصول في الجملة على
تفاوت بينهم .






السلف ليسوا عملاء للسلاطين





زعموا أن السلف عملاء للسلاطين ، وهذا بهتان عظيم ، فأهل السنة
نصحة ، يقومون بما أوجبه الله ورسوله من السمع والطاعة بالمعروف ، النصيحة لمن
ولاه الله أمر المسلمين ، براً كان أو فاجراً .


فالسلف الصالح يسيرون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويأخذون بهديه وأمره ، ووصيته في كل أمر ، ومن ذلك وصيته صلى الله عليه وسلم وأمره بالسمع والطاعة بالمعروف والنصيحة لمن
ولاه الله أمر المسلمين وإن كان فاسقاً أو ظالماً ، وأمره بالصبر على ما يحدث من
الولاة المسلمين من الجور والظلم والأثرة مع أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر
بالحكمة ، وكراهيته ما يصدر عن بعضهم من المظالم والمنكرات ، ومناصحة ولاة أمور
المسلمين عند السلف لا تعني مداهنتهم ولا الرضى بتجاوزاتهم كما يظن أهل الأهواء .


وهذا أمر مستفيض ثابت بأحاديث صحيحة ، في الصحيحين وغيرهما ،
وهو منهج السلف الصالح .


وقد ضاق أهل الأهواء والبدع والافتراق – بهذا الأصل الشرعي –
ذرعاً ، ولذلك كانوا ولا يزالون يتهمون السلف بالعمالة للسلاطين والمداهنة وتبرير
أخطاء الحكام ، أو الجبن والقعود ، وهذا من البهتان والجهل ، واستحكام الهوى ،
وتحكيم العواطف والأمزجة في دين الله وذلك أن :


من أصول أهل الأهواء الخروج واستحلال السيف ، أي الخروج على
الجماعة ، وعلى الولاة المسلمين بالسيف واستحلال ذلك إما أن يكون بالفعل والاعتقاد
كما عند الخوارج ومن سلك سبيلهم ، أو بالاعتقاد كما عند الجهمية والمعتزلة
والرافضة وغيرهم .


حيث يعتقدون استباحة الخروج ، لكنهم قد لا يتمكنون منه ؛ إما
بسبب الخوف أو لعدم القدرة على الخروج أو لانتظار رجل موهوم كما يعتقد الرافضة
فهؤلاء وأمثالهم لما استحلوا البدعة ، تنكروا للسنة .


قال أبو قلابة : ( ما ابتدع قوم بدعة إلا استحلوا السيف )[5] ،
وذلك لأنهم رأوا وزعموا أن التزام السنة من المنكر الذي يجب عليهم الخروج عليه .


لذلك كان بعض السلف يسمي كل أصحاب الأهواء : خوارج ، أي أن
سمتهم الخروج فكان ( أيوب السختياني ) يسمي أصحاب الأهواء خوارج ، ويقول : ( إن
الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف )[6].


قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ولهذا كان من أصول أهل السنة
والجماعة لزوم الجماعة ، وترك قتال الأئمة وترك القتال في الفتنة ، وأما أهل
الأهواء ، كالمعتزلة فيرون القتال للأئمة من أصول دينهم ، ويجعل المعتزلة أصول
دينهم خمسة : التوحيد ... ) إلى قوله : ( والأمر بالمعروف والني عن المنكر ، الذي
منه قتال الأئمة ) [7].





منهج السلف : أن الخروج على الأئمة فتنة ، لذلك كرهوا القتال في
الفتنة مطلقاً ونهوا عنهأشد النهي ، أما أهل الأهواء فإنهم يسمون الخروج
والقتال في الفتنة : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهذا من التلبيس والجهل .


قال شيخ الإسلام : ( فإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
مستلزماً من الفساد أكثر مما فيه من الصلاح لم يكن مشروعاً ، وقد كره أئمة السنة
القتال في الفتنة التي يسميها كثير من أهل الأهواء الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ، فإن ذلك إذا كان يوجب فتنة هي أعظم فساداً مما ترك في الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ، لم يُدفع أدنى الفسادين بأعلاهما ، بل يدفع أعلاهما باحتمال
أدناهما ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصيام
والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال
إصلاح ذات البين ،فإن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق
الدين )) )[8].


وبعض أهل الأهواء : كالخوارج والمعتزلة ومن سلك سبيلهم يكفرون
الولاة بالمعصية ، ويستحلون قتالهم ، قال شيخ الإسلام : وقال تعالى : {فَلا
وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا
يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً }
(النساء:65)، فمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم فقد أقسم الله بنفسه
أنه لا يؤمن وأما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً لكن عصى واتبع
هواه فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة ، وهذه الآية مما يحتج بها الخوارج على تكفير
ولاة الأمر الذين لا يحكمون بما أنزل الله ، ثم يزعمون أن اعتقادهم هو حكم الله ،
وقد حكم الله ، وقد تكلم الناس بما يطول ذكره هنا [9].


حتى صار من أبرز سمات أهل الأهواء ترك الصلاة خلف الفاسق
والمفضول ، فإن غالب أهل الأهواء لا يجيزون الصلاة خلف الفاسق ، وهو مذهب الخوارج
والزيدية والرافضة وجمهور المعتزلة .[10]






دعوى أن السلف يضعّفون الثقات من مخالفيهم





زعموا أن الحنابلة ويقصدون بهم أهل السنة ( السلف الصالح أهل الحديث
) : يضعفون ثقات المخالفين لهم ويوثقون ضعفاء الموافقين لهم .


وهذه فرية كبرى وجهل فاضح ، فإن موازين الجرح والتعديل عند أئمة
الحديث ، تقوم على موازين وضوابط ومقاييس علمية وشرعية وعقلية ، تقوم على العدل
والتثبت والعلم ، وكانوا يعّدون الإسناد من الدين .


ومن موازين الجرح والتعديل التي ضاق بها أهل الأهواء – قديماً
وحديثاً – رد رواية المبتدع الداعي إلى بدعته عند أكثر أهل العلم ، وذلك أمر
تقتضيه قواعد الشرع وموازين العلم .


فالبدعة ضلالة ، والمبتدع متهم في الدين من هذا الوجه وإذا دعا
إلى بدعته فهو قد أصر على الضلالة ، فكيف تقبل روايته إذا كان كذلك .


كما أن أهل الحديث والسلف الصالح يردون رواية كل من لم تتوافر
فيه شروط الرواية وإن انتسب للسنة وأهلها وإن كان من الصالحين والعُبَّاد .


وقد رد أهل الحديث
رواية كثيرين من أهل السنة كما هو معلوم مستفيض ، ويقبلون رواية الثقة ؛ وإن كان
ممن لهم زلات لا تطعن في ذمته ودينه ؛ولذلك كان بعض أهل الحديث يقبلون رواية
المبتدعة غير الداعي إلى بدعته إذا كان ثقة عندهم .


وآخرون يرون البدعة بحد
ذاتها جارحة ومؤثرة في العدالة .


وقد شهد عقلاء العالم – قديماً وحديثاً – أن موازين الجرح والتعديل
والقواعد التي وضعها السلف أهل الحديث لضبط الأسانيد والمتون وأحوال الرجال ، هي
أدق موازين ومقاييس في تقويم الرواية والدراية عرفتها البشرية إلى اليوم .


وذلك تحقيق لوعد الله تعالى بحفظ هذا الدين ، ومن مقتضيات
انقطاع الوحي وختم الرسالة .






دعوى تعصب أهل السنة لمذهبهم ولعلمائهم


وغلوهم فيهم





المستفيض عن أهل السنة ، أئمتهم وأتباعهم ، مقت التعصب والغلو
أياً كان ، ولذلك قد يصفعهم أهل الأهواء الذين يغلون في الرجال بأنهم ( جفاة ) .


كما أن أهل السنة يثنون على علمائهم ويقتدون بهم بحق ، كما أمر
الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وليس هذا غلواً .


أمَّا ما يحدث من بعض علماء السنة وبعض طلاب العلم فيهم أو
عوامهم من غلو أو عصبية قد تخرج عن الحد الشرعي ، فهو من الأخطاء الفردية ، فيجب
أن لا تحسب هذه الأخطاء على المنهج نفسه ، أو على أهله بجملتهم ، إنما تقاس الأمور
بالمناهج والقواعد والأصول ، وما عليه أهل العلم والاستقامة والقدوة في الجملة ،
وترد إلى أدلة الكتاب والسنة .


كما أن غلو بعض المنتسبين للسنة في علمائهم جهلاً أو إفراطاً ،
فإنه إن حصل فهو لا يصل إلى العبادة و التقديس واعتقاد العصمة ، كما عند غيرهم ،
فهو – أعني الغلو والتقديس – عند غيرهم هو الأصل .


كما أن هذا – أعني الغلو والتقديس – نادرٌ جداً ليس عليه إلا
الشاذ ، وهو مردود أيضاً لا يقر عند جمهور أهل السنة فلا يحسب على النهج والعموم .



كما أن هذا لم يحدث من العلماء القدوة والأئمة الكبار – بحمد
الله – إلا في زلات نادرة ، أو تعبيرات شاذة – ومع ذلك – فإن أهل السنة إذا حدث
هذا ممن ينتسبون إلى السنة أو غيرهم ، أنكروه ولم يقروه ، كما فعل الشيخ بكر أبو
زيد في المناهي اللفظية ص( 488 ،489 ) حيث أنكر بعض العبارات التي أطلقها البعض في
حق بعض أئمة السلف .


أما أهل الأهواء– نظراً لأنهم مفرَّطون في اتباع السنة– فمن
الطبعي أن يصفوا التمسك بالسنة غلوّاً وتعصباً وتحجراً ونحوه ذلك


** وزعموا أن أهل السنة يشهدون لمن يوافقهم بالعدالة ويجرحون من
يخالفهم .


وهذه فرية وجهل كبير ، فإن أهل السنة اعتمدوا للجرح والتعديل
قواعد شرعية دقيقة ، ومقاييس علمية منضبطة حفظ الله بها السنة إلى قيام الساعة .


وميزان الجرح والتعديل لدى أهل الحديث ، أهل السنة يقوم على
العدل وعلى الموازين الشرعية .


ورد رجال الحديث للرواة الذين ينتسبون لأهل البدع والأهواء إنما
كان لحماية السنة من الأهواء ، لا لمجرد كونهم من المخالفين ، ولا لمجرد الانتماء
، مع العلم أن الانتماء لغير السنة أمر قادح ، ومع ذلك لا يردون رواية المبتدعة
مطلقاً ؛ إنما يردون رواية المبتدع الداعي إلى بدعته ، أو إذا كانت الرواية تنصر
بدعته وتوافق ما يذهب إليه .






تعيير
السلف بما يمدحون به





وقالوا عن السلف بأنهم : ( عثمانية ) لأن أهل الأهواء يقدحون في
عثمان – رضي الله عنه – ويرون من لم يقدح فيه فهو ( عثماني ) وهذا حق أريد به باطل
.


وقالوا عن السلف بأنهم : ( حنابلة) و( بربهارية ) و (وهابية )
لأن كلاً من الإمام أحمد بن حنبل ، والإمام البربهاوي والإمام محمد بن عبد الوهاب
من أئمة السنة وعلماء السلف الصالح الذين نصروا السنة وأنكروا البدع وحذروا الأمة
منها ومن أهلها .


وهذه – بحمد الله – تزكية حيث نسبوا السلف إلى هؤلاء الأئمة
العدول الثقات الصالحين .






أهل السنة لا يكفرون المسلم إلا بدليل





أهل السنة والجماعة لا يكفرون المسلم , ولا يخرجونه من الملة
إلا بدليل , وتتخلص قواعد التكفير عندهم فيما يلي :


1- من
حكم الله بكفره (وهو الكافر الأصلي) فإن تكفيره من المعلوم من الدين بالضرورة ,
كأهل الكتاب (اليهود والنصارى) والمجوس والصائبة والمشركين والملاحدة , وكل من لم
يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهؤلاء كلهم ومن في حكمهم كفار
قطعاً .


2- من
حكم بإسلامه , هو المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، لا
يخرج من الإسلام ، إلا بموجب يقوم عليه الدليل ، ويحكم به أهل الاجتهاد من العلماء
الذين يفقهون شروط وموانعه الشرعية .


3- ليس
كل من قال كفراً أو فَعَلهُ كفر إذا كان مثله يجهل ولم يكن ذلك من الأمور المعلومه
.. من الدين بالضرورة ؛ حتى تتوافر الشروط وتنتفي الموانع في حق المعين من الأشخاص
أو غير المعين من الفرق والجماعات ونحوها .


4- أن
الكفر أنواع وشعب ، كما أن الإيمان شعب وأنواع ، فليس كل كفر يوجب الخروج من الملة
.





فالسلف الصالح أهل السنة والجماعة ، لا يكفرون إلا بأدلة وبينات
، وما زعمه بعض المفتونين ، وأهل الأهواء – قديماً وحديثاً – من أن أهل السنة
والجماعة – وقد يسمونهم ( الحنابلة ) – من أخطائهم ... وفي كتبهم : ( التكفير
والتبديع وتوابعها من التضليل والتفسيق والشتم واللعن والبذاءة )[11].


فهو من الجهل والتحامل إذ أن ما اشتملت عليه كتب السلف من ذلك
إنما هو تقرير للحق ، فإن هذه الأوصاف جاء بها الشرع ، ويستحقها من فعل موجبها ،
أو قاله بالشروط والضوابط الشرعية التي يعرفها أهل العلم ، أما ما ادعاه هؤلاء
المفتونون من كتب السلف اشتملت على هذه الأحكام بغير حق ، أو أن ذلك عدوان وظلم
للآخرين .


فإن هذا محض افتراء ، ليس له من المستمسك إلا اتباع المتشابه من
الأقوال والمواقف ، وقد لبَّس بعض أهل الأهواء على الناس وافترى على أهل السنة ، فزعم أنهم يكفِّرون
خصومهم ، من الجهمية والشيعة والمعتزلة والقدرية والمرجئة ونحوهم .


وهذا كذب وافتراء فإن أهل السنة لم يكفروا هذه الفرق بإطلاق ،
لكنهم كفروا من قام الدليل على كفرهم من غلاة هذه الفرق ، كالجهمية ، والإمامية
وهم من غلاة الشيعة وغلاة القدرية ، وغلاة المرجئة .


وكذلك التبديع والتضليل والتفسيق إنما يطلقه علماء السلف على من
يستحقه شرعاً ، وهذا عمل بشرع الله وقيام بما أوجبه الله قال سبحانه : { أَ
فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ(35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }
(القلم:35-36) وقال سبحانه:{ أ َفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ }
(السجدة:18) .


كما زعموا : أن أئمة السنة مثل : البربهاري وابن تيمية وابن
القيم وهم من أئمة السنة وأعلامها يكفرون المخالفين لهم ويكفرون بعض المسلمين ،
هذا تحامل ظاهر ، فإن هؤلاء العلماء إنما حكموا بما قام به الدليل على أنه كفر من
المقالات والاعتقادات والأقوال والأعمال ، ولم يتعرضوا لتكفير المعيَّن إلا نادراً
، وباجتهاد سائغ شرعاً على مقتضى الدليل ، وهذا هو المنهج الحق .


وقد يحدث من بعض المنتسبين للسنة والجماعة ، من العامة أو طلاب
العلم أو العلماء تكفير أو تفسيق أو سب على غير الوجه الشرعي ، وقد يكون من بعض
أفرادهم ظلم أو عدوان ، أو هوى هو فيه مخطئ ، أو يكون ذلك من أحدهم عن اجتهاد خاطئ
، وزلة غير مقصودة . ونحو ذلك مما يعتري سائر البشر ، نعم قد يحدث مثل هذه الزلات
من بعض أفراد السلف أهل السنة والجماعة – وهو نادر جداً بحمد الله – وليس هو
المنهج الذي يدينون به ويعتقدونه وليس ذلك من هديهم ولا خلقهم ، ولا يقرونه ، كما
هو مستفيض في كتبهم وسيرهم ، فهم خيار الناس وعدولهم لكن ليس لأفرادهم عصمة ،
والميزان فيما يصدر عن أفرادهم الكتاب والسنة ، فهذا مشربهم ، فما وافق الدليل
أقروه وإن كان صادراً عن غيرهم ، وما خالف الكتاب والسنة ضربوا به عرض الحائط وإن
قال به أو فعله أحدهم ، كما صرح بذلك كبار أئمة السلف ، وعليه العمل – بحمد الله –
ومن تجاوز الحق فقد أخطأ كائناً من كان .


وقد يطلق بعض السلف على بعض المقالات أنها كفرٌ أو الفرق أنها
كفرت ، أو أكفر من اليهود والنصارى والمشركين ونحو ذلك ، وهذا إما يقصد به الحكم
من بعض الوجوه ، كأن يقال فيمن سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم – من
الإمامية ونحوهم – هذا أشد أو أكفر من اليهود ، ويقصد من هذا الوجه ، لأن اليهود
لم يسبوا أصحاب موسى ، وهؤلاء الإمامية سبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، أو
يقصد بذلك الوعيد والتنفير من المقالات الفاسدة ، وقد يكون ذلك من الخطأ والزلة
التي لا يُقر قائلها ، لكنها لا تحسب على السلف ولا على منهجهم فهو الأسلم والأعلم
والأحكم.


وزعموا أن من أخطاء السلف الاستعداء على الخصوم وإرهاب
المخالفين والانتقام ونحو ذلك ، وهذا من تلبيس أهل الأهواء ، فإن السلف كانوا –
ولا يزالون بحمد الله – قائمين بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة
لله تعالى ، ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم بالتحذير ، من البدع
والأهواء وأهلها ، والاحتساب على أهل البدع ، ويدخل في ذلك تحذير شباب الأمة
وعامتهم وولاتهم من البدع وأهلها .


بل ويدخل في أداء هذا الواجب السعي إلى تعزير دعاة البدع
والأهواء والفساد ومروجيها ،والطاعنين في السنة وأهلها : لأنهم خراب السفينة .


وقيام السلف بهذا الواجب يسميه أهل الأهواء : ( استعداء )
وتضييقاً وحجراً ، وإرهاباً للمخالف .


وهو حق وبحق ؛ حيث كان فعل السلف هذا تجاه أهل الأهواء استعداء
مشروعاً ضد الباطل ، وتضييقاً وحجراً للباطل وأهله ، وجهاداً مشروعاً لا إرهاباً ،
وما يحدث في نفوس أهل الأهواء من الذل والخوف والرعب من السنة وأهلها ، ليس من صنع
السلف ، لكنه بما وعد الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين من النصر
بالرعب ، وتخويف أعداء الله ورسوله ، ويدخل في ذلك زعم أهل الأهواء بأن السلف
يفتون بقتل المخالف ، وهذا فيه حق وباطل .


وجه الحق فيه أن السلف يجتهدون ويحتسبون علي المخالفين للحق
والسنة على حسب أدلة الشرع وقواعد الدين ، فإذارأوا صاحب بدعة مكفرة
داعياً إلى بدعته يحارب السنة ويفرق الأمة بذلك ، أقاموا عليه الحجة وبينوا له وجه
الحق بالدليل ، واستتابوه فإن انصاع للحق وكفّ عن الدعوة إلى ضلالته ، وتوقف عن
نشر الفساد ، فهذا ما يسعون إليه ، وإن لم يفعل حكموا شرعاً بكف شره عن المسلمين
بأدنى ما يندفع به شره من الجلد أو الحبس أو النفي ونحو ذلك ، فإن لم ينكف شره
وفساده إلا بالقتل فهذا حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم فيه .


كما فعل الصحابة مع الخوارج حين قاتلوهم ، ومع غلاة الشيعة
الزنادقة ( حين حرّقهم علي – رضي الله عنه - ) .


وكما فعل الصحابة قبل ذلك مع مانعي الزكاة ، وكما فعل أئمة
الإسلام من التابعين وتابعيهم ومن سار على نهجهم ، مع الجعد بن درهم ، وغيلان
الدمشقي ، والجهم بن صفوان ، وبيان بن سمعان وأبي منصور العجلي والمغيرة بن سعيد ،
والحلاج ، وبشار بن برد ، والشلمغاني ، وصالح بن عبد القدوس والسهروردي المقتول .


وأضرابهم من رؤوس
الضلالة ورموز البدع والأهواء الذين يتباكى عليهم أخلافهم اليوم ، ويزعمون أن
إعلان حكم الشرع فيه ظلمٌ وحجرٌ واستعداءٌ ونحو ذلك .






المحتويات


تقديم
...............................................................................................2


تمهيد
................................................................................................4


الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه
والسلف الصالح هم القدوة في الدين .........18



مصادر الدين هي : الكتاب والسنة ( الوحي فحسب ) ....................................19


مصادر التلقي عند أهل
الأهواء .............................................................21




سلامة منهج الاستدلال عند السلف أهل
السنة وفساد مناهج المخالفين في ذلك .......22


عبارة : ( أهل السنة والجماعة ) وصف شرعي .........................................25


مفهوم
أهل السنة والجماعة الشرعي والاصطلاحي .....................................27




أصول الدين ( العقيدة ) هي أركان الدين
وقطعياته .......................................32


السلف ( أهل السنة والجماعة ) لا
يختلفون في أصل من الأصول .....................35


اختلاف الصحابة والسلف الصالح لم يصل
إلى التنازع والافتراق .....................38


مزاعم الفرق بأن بعض الصحابة على مذاهبها
............................................42


منهج السلف يقوم على السنة والاتباع
ومنهج مخالفيهم يقوم على الابتداع ............44


السنة تجمع المسلمين ، والبدع والأهواء
تفرقهم ...........................................55


الأهواء والبدع ومصنفاتها هي سبب تفرق
المسلمين .....................................61


مصطلح العقيدة ليس بدعياً ....................................................................62


الفرق الضالة امتداد للأمم الهالكة
............................................................63


أخطاء وزلات بعض المنتسبين إلى أهل
السنة والجماعة ليست من منهجهم ..........66


الاحتساب على البدع وأهلها واجب شرعي
وليس ظلماً ..................................67


دولة
بني أمية كانت على السنة في الجملة ...............................................73




التحامل على السلف وكبتهم ومنهجهم
.......................................................75


دعوى
وجود الاستطرادات في كتب السلف ................................................76



من مفتريات أهل البدع والأهواء
والافتراق على السلف وكشف مصطلحاتهم في ذلك
.........77


الوقيعة في السلف من أصول أهل الأهواء
وسماتهم ......................................79


عقيدة السلف الصالح ليست من ردود
الأفعال وليس فيها إضافات ......................87


منهج السلف الصالح لم يكن نتيجة
الصراعات والأحداث ................................91


أهل السنة ليسوا نواصب ولا جبرية
.........................................................92


اتهام السلف بالتجسيم والتشبيه
................................................................94


السلف الصالح أهل السنة لا يحصرهم مذهب
..............................................96


السلف ليسوا عملاء للسلاطين
................................................................99


دعوى أن السلف يضعّفون الثقات من
مخالفيهم ..........................................102


دعوى تعصب أهل السنة لمذهبهم ولعلمائهم
وغلوهم فيهم .............................103


تعيير السلف بما يمدحون به
................................................................105


أهل السنة لا يكفرون
المسلم إلا بدليل ...................................................106


المحتويات ..................................................................................











[1] - انظر مقالة ما يسمى ( سعود الصالح ) ! ضمن
مذكرة : في كتب العقائد ، ص ( 219 – 226 ) .






[2] - أقول ذلك لأن مدعي هذه المزاعم من الدارسين في
الدراسات العليا ، وقد درسته في السنة المنهحبة من مرحلة الماجستير .






[3] - انظر مقالة ما يسمى ( سعود الصالح ) ضمن مذكرة : قراءة في كتب العقائد ـ ص ( 219 – 226 )






[4] - رواه الدارمي في سننه ( 1 / 991 ) .






[5] - اللالكائي ( 1 /134 ) ، والدارمي ( 1 / 44 –
45 ) ، والآجري ( 1 / 64 ) ، والشرح والإبانة ( 138 ) وقال المحقق : وأخرجه
الدارمي بإسناد صحيح .






[6] - اللاكائي ( 1 / 143 ) ، وسير أعلام النبلاء (
6 / 21 ) .






[7] - الفتاوى 28 / 128 ، 129 .






[8] - الاستقامة ( 1 / 330 ) .






[9] - منهاج السنة ( 5 / 131 ) .






[10] - انظر الفصل ( 5 / 29 ) .






[11] - انظر : قراءة كتب العقائد ص
105 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حراسة العقيدة .. د.ناصر بن عبدالكريم العقل | word
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من ثمرات العقيدة الإسلامية للشيخ/ محمد بن صالح العثيمين هذه العقيدة السامية المتضمنة لهذه الأصول
» إعمال العقل .. أمر إلهي
» لحظه بوادعك ..الشاعر / عبدالكريم الجباري ..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابيان  :: منتديات أبيان الأسلامية .. .منتدى ابيان :: ابيان الاسلامي. .منتدى ابيان-
انتقل الى:  
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط مضايف العكيدات على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى ابيان على موقع حفض الصفحات
مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
تصويت
مواقع صديقة
Like/Tweet/+1