ولعلي أختم هنا بكلام نفيس للأستاذ محمد أحمد الراشد ساقه تدليلاً على أهمية التربية في إخراج منتَج مفيد بغض النظر عن ميدان إفادته، مراعيًا في ذلك مدى ما لديه من قدرات ومقدرة على استيعاب العلوم وهضمها وإعادة إنتاجها في صورة جديدة تنفع الأمة وتسد ثغرًا في احتياجاتها؛ حيث يقول: "وجوهر هذه التربية: نقل الداعية من أن يكون مجرد مستهلك إلى أن يكون منتجًا، وتحويله من النظرية إلى التطبيق العملي، ومن التعميم إلى التخصيص، بأن يتعهد بوضع لبنة في الصرح، ولا يكفي أن يكون محلقًا مع العواطف العالية من دون أن يتميز بنوع إضافة، ونحمله على أن لا يغادر الدنيا هذه إلا من بعد أن يقدم شيئًا محسوسًا يبقى بعده، من كتاب فيه علم، أو تجارة فيها حفظ مال، أو مصنع يقرب الأمة خطوة نحو التمكين ويوحي بجهاد، أو أبيات شعر تسير، أو مؤسسة تخدم غرضًا، أو اختراع فيه إبداع، أو لوحة رمزية تجريدية تثير الخبء، وأقل ذلك المشاركة في بناء مسجد أو تأسيس صندوق خير، ونقبل من صاحب العذر: الترميم والإحياء والصيانة لإنجاز مَنْ سلف... وكل منهجيتنا التربوية كان الفقهاء يسمونها "جهاد النفس"، وقد شرحوا أوصافها وبينوا مراتبها؛ قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: "وجهاد النفس أربع مراتب: حملها على تعلم أمور الدين، ثم حملها على العمل بذلك، ثم حملها على تعليم من لا يعلم، ثم الدعاء إلى توحيد الله وقتال من خالف دينه وجحد نعمته". اهـ.
هذا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
4
Share
مقالات الفوائد
المقـالات
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية