التغيير بين السوداوية وجمال البياضْ !
دلال عبدالعزيز الضبيب
الإنسان بطبيعته مجبول على التأقلم ومُجابهة التغيير والتكيّف مع كل الظروف المُحيطه به. فمن عظمة الله سُبحانه وتعالى أنّه ميّز الإنسان بهذهِ الميزة المهمة ليعيش ويتعايش في الأرض.
فلو وضعنا أي شخص في مكان جديد كليّاً عليه، ستبهرك قدرة الجسم على التأقلم والتكييف مع هذا المحيط. وقد شاهدتّ فلماً وثائقياً قبل فترة حيث يقوم مجموعة من الخبراء بإجراء اختبار على أشخاص لهم نظام محدد في حياتهم، واتفقوا معهم على تغيير هذا النظام لمدة أسبوع، فوجدوا أن الجسم يصيبه بعض الخلل في الوظائف الحيوية في الأيام الثلاث الأولى ثمّ يبدأ تدريجياً في العودة لطبيعته .
ولو دققنا النظر حولنا لوجدنا أنّ بعض الأشخاص عندهم قدرة سريعة على التغيير، فلامشكلة لديه من التنقل كلّ يومِ من مكان إلى آخر، أو تجربة شئ جديد بين فترة وأخرى. في حين يأتي النقيض تماماً من الأشخاص الذين يحبون حياة الهدوء و الاستقرار ولا يرغبون في زعزعة هذا الجو بأي شكلٍ من الأشكالْ.
قد تكون رهبته هذهِ نابعة من ترسبات قديمة، أو الخوف من الفقْد .. كفقد شئ عزيزْ. أو قد يكون اعتقاد منه أن التغيير يعني الابتعاد عن كل ماهو قريبٌ منهُ في الأساس. وفي بعض الحالاتْ يتطور هذا الموضوع لتشبّثه ببقايا أمور ليست إلا سلاسل ترجعه إلى الوراء أكثرْ! كالتعلق بدفاتر قديمة تحمل ذكريات سيئة لا تساعد العقل أبداً على النسيانْ، أو التعلق بسيارة عتيقة تكلفك مساحة قد تستغلها بأمر آخر في منزلكْ !
التغير هوّ تلك القدرة العجيبة على كسر الروتين، وإضفاء جو مُنعش وجديد على تفاصيل الحياةْ. هُو ذلك الاحساس بفتح صفحات جديدة بيضاء وتلوينها بما طابَ لك من الألوانْ. التغير قد يعني أحياناً التطور والتقدم .. كتغيير جهازك المحمول الذي يحمل كلّ ملفاتك الخاصة إلى جهاز آخر أكثر تطوراً .. ومليئ بالمميزاتْ، أو عندما تغير نظام النوم في أيامك فتنام باكراً وتصحى باكراً. التغيير يتحول إلى أسمى حالاته عندما يكون نواة لمستقبل أفضل، لشخص أكثر فعالية، لمجتمع أكثر تطوراً، لنماء وإثراء على الجميعْ.
ولكن البعض قد يحوّر هذه الرغبة والحماس في التغيير إلى أمور تتعدى التفاصيل الصغيرة في الحياة، تتعدى الفسحة الجميلة حول النفس لإضفاء جو مشبع بالفرحة بالجديد فقط! فمن المهم أن يكون بالاعتبار .. وبإيمان .. أن التغيير لا يتعدى إلى أمور أساسية والغير قابله للتعديل، كتغيير الثقافة الإسلامية، أوالدين، أوالهوية أو بعض الثوابت والمكونات الأساسية في الحياة كتغير الزوجة والبلد والقيم والمبادئْ.
لتكن نيتك إيجابية .. وبيضاء .. لتكوين مستقبل أكثرُ تلوّناً.
Share
مقالات الفوائد
المقـالات
الصفحة الرئيسية
مواقع اسلامية