لن تبدل زيارة رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون المقررة اليوم لمدينة زحلة عاصمة الكثلكة في لبنان المشهد السياسي ولن تحمل قيمة مضافة طالما أن رئيس «الكتلة الشعبية» النائب والوزير السابق إيلي سكاف سيكون أول المقاطعين للبرنامج الاحتفالي الذي أعدّ له، بدءاً بالعشاء الذي يقيمه على شرفه راعي أبرشية زحلة والفرزل والبقاع للروم الكاثوليك المطران عصام درويش في كنيسة سيدة النجاة.
وعلمت «الحياة» من مصادر زحلية بأن المطران درويش، ومعه عدد من الأصدقاء المشتركين، لم يفلح في إقناع سكاف بعدم مقاطعة العشاء الذي يقيمه مساء اليوم لأن المشكلة بين الأخير و «الجنرال» بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة ولن تحل الى مائدة العشاء، وهي تعود الى سنوات مضت قبل أن تستفحل مع تعيين وزيرين كاثوليكيين من زحلة هما النائب نقولا فتوش وغابي ليون لينضم إليهما وزير ثالث هو القاضي السابق سليم جريصاتي الذي حلّ مكان الوزير شربل نحاس الذي اضطر الى الاستقالة بناء لرغبة عون.
وأكدت المصادر نفسها أن اللقاءات التي سيعقدها عون في زحلة التي تستمر حتى مساء بعد غد الأحد ستقتصر على «أهل البيت» من قوى 8 آذار ولن تحمل أي مفاجآت تذكر. وقالت إن تهميش سكاف في زحلة ارتد سلباً على «التيار الوطني الحر» الذي يتصرف على أن النائب السابق ملحق به وأن القرار الزحلي بيده.
ولفتت الى أن «التيار الوطني» يتصرف وكأنه غريب عن الجو الزحلي العام وهو يطلب من ابنها سكاف أن يكون ضيفاً على مدينته على رغم أنه يدرك أن الزعامة في زحلة مكتوبة للكاثوليك وبالتالي لا يمكن لعون أن يدخلها على أنه الآمر الناهي، وبالتالي التعامل مع سكاف بمنطق التعالي متجاهلاً حجمه السياسي وقدرته الانتخابية.
وأضافت أن قرار سكاف مقاطعة العشاء الذي يقيمه المطران درويش لا يكمن في اعتراضه على الطريقة التي عامله بها «التيار الوطني» ومنظمو زيارة عون زحلة، وإنما لشعوره بأن الانتخابات النيابية المقبلة أصبحت على الأبواب في حال سمحت الظروف بإنجازها في حزيران (يونيو) المقبل، وهذا ما يدعوه الى عدم الانخراط في أي حلف انتخابي، خصوصاً أن عون يتعامل معه كواحد من أعضاء «تكتل التغيير والإصلاح»، يديره كما يشاء ويعطيه توجيهاته، مع أن هذا الأسلوب أدى في السابق الى عزوف سكاف عن حضور الجلسات الأسبوعية للتكتل. ناهيك بأن سكاف - كما تؤكد المصادر الزحلية - يرفض أن يصنف في خانة هذا الطرف أو ذاك، ويصر على اتباع سياسة مستقلة ويتطلع الى رد الاعتبار السياسي لزحلة، ونجاحه في هذه المهمة يستدعي منه ألاّ يكون محسوباً على طرف معين أو محور سياسي، على قاعدة أن مصلحة زحلة فوق كل اعتبار.
وتضيف المصادر أن سكاف ارتأى منذ فترة أن يبقى على مسافة واحدة من الجميع وأن لا يتبع أي سياسة يمكن أن تدفع في اتجاه إحداث بلبلة بين محازبيه وقاعدته الشعبية.
وتعتقد أن «التيار الوطني» لم يأخذ عبرة من التجارب السابقة في تعاطيه مع سكاف والتي أدت الى الاختلاف بينهما، وأن المسؤولية تقع على عاتق من يتجاهل واقع الحال في عاصمة الكثلكة، مشيرة الى أن توزير فتوش بعد استقالته من قوى 14 آذار زاد في تعميق الهوة، لا سيما أن الأكثرية الحالية لم تكن في حاجة الى صوته لتأمين منح الثقة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
وتعزو المصادر السبب الى أن الكيمياء السياسية معدومة بين سكاف وفتوش، ليس بسبب خوض الأخير الانتخابات النيابية السابقة على لائحة قوى 14 آذار، وإنما بسبب الحملات التي قادها وزير الدولة ضده وحملت الكثير من الافتراء والتجني، وبالتالي لا يمكن جمع الأضداد تحت سقف واحد أو إعادة الود بينهما الى ما كان عليه في الماضي.