تصاعدت الحرب الكلامية بين رئيس الوزراء نوري المالكي و «تيار الصدر». وفيما اتهم المالكي الصدر بـ «تهديد وسائل الإعلام»، حذر الصدريون من «استخدام الأجهزة الأمنية وأجهزة الدولة في تصفية الخصوم والمعارضين»، محذرين من أن إعادة المالكي سيناريو العام 2008 ستفتح «باب جهنم» ضده.
وعلى رغم مرور نحو ثلاثة أشهر على الأزمة السياسية الخانقة إلا أنها المرة الأولى التي يحذر فيها «تيار الصدر» من إمكان استخدام المالكي القوة ضده، فيما يرد المالكي بصورة شخصية على تصريحات زعيم التيار مقتدى الصدر ضده، ما يؤشر إلى انقسام شيعي - شيعي قد يعيد سيناريو عملية «صولة الفرسان» التي نفذها المالكي ضد اتباع الصدر العام 2008 في الجنوب.
ورداً على اتهامات الصدر له بـ «تكميم الأفواه ومنع الإعلام غير التابع له» قال المالكي أمس في بيان أن «من يمارس تكميم الأفواه هو الذي ينتهج أسلوب التهديد ضد المنتقدين وخصوصاً وسائل الإعلام ويحشد الأجواء ويحرض ضدهم».
وأضاف: «ينبغي عدم الدفاع عن وسيلة إعلامية معينة صدرت بحقها أحكام قضائية لمخالفات تتعلق بتحريض أو غيره ومهاجمة وسائل وقنوات أخرى لمجرد الاختلاف معها، على رغم عدم ارتكابها أي مخالفة قانونية» في إشارة إلى إغلاق الحكومة قناة «البغدادية» الفضائية.
وكان الصدر اتهم المالكي بـ «تسخير بعض وسائل الإعلام بما يخدمه شخصياً وحزبياً»، وأشار إلى أن رئيس الوزراء «يدافع عن قناة الاتجاه وقد منع قناة البغدادية من العمل داخل العراق، فالأولى تابعة والثانية تقول الحق»، متسائلاً: «أين ذلك من الحرية؟». وأكد الصدر أن «ذلك يسمى سياسة تكميم الأفواه»، محذراً من أنه إذا «سكت الجميع فسوف تكون هذه بداية لما هو أشد وأظلم».
وكان عدد من أنصار الصدر تظاهروا مطلع الشهر الجاري بالقرب من مقر قناة «الاتجاه» الفضائية في منطقة عرصات الهندية بوسط بغداد، احتجاجاً على بثها تقريراً عن «لواء اليوم الموعود»، الجناح المسلح لـ «تيار الصدر»، ولم ينسحبوا إلا بعد تقديم الفضائية اعتذاراً رسمياً. وتوعد المالكي «تيار الصدر» من دون أن يسميه بأنه «سيقف بحزم ضد تلك الجهات»، مؤكداً أن «الحكومة ملتزمة الدفاع عن حرية التعبير وحماية وسائل الإعلام ضد أي جهة تتعرض لها بالتهديد أو التجاوز».
بدوره عد الأمين العام لكتلة «الأحرار» التابعة للتيار الصدري ضياء الأسدي في تصريح إلى «الحياة « أن «أي استخدام من قبل الحكومة للأجهزة الأمنية ضد المعارضين يمثل عودة إلى سياسات (الرئيس العراقي الأسبق) صدام (حسين) وسياسات سلطة البعث».
وعما إذا كان «تيار الصدر» يخشى من تنفيذ المالكي حملة جديدة ضده كما أشاعت وسائل إعلام محلية، قال الأسدي إن «استخدام أجهزة الدولة وقدراتها في تصفية الخصوم هي سياسية حزب البعث»، متوعداً المالكي بالقول: «إذا تجرأ على مثل هذا الأمر فسيفتح باب جهنم ضده».
واستبعد الأسدي بشدة بعض التسريبات الإعلامية في شأن عزم المالكي على فتح قضايا قديمة ضد الصدر واعتقاله، معتبراً أن « الإقدام على هذا الأمر انتحار سياسي وخطوة غبية لا يقدم عليها عاقل لأن سماحة السيد الصدر يمتلك رصيداً شعبياً وجماهيرياً كبيراً، كما أن القضاء برأه من التهم التي كانت منسوبة إليه».
وجدد رفض «تيار الصدر» للاستهداف السياسي، مؤكداً أن «مشروع سحب الثقة مستمر».
ونفى علمه بجدول اجتماع «التحالف الوطني» لكنه أكد أن «تيار الصدر جزء لا يتجزأ من التحالف الوطني ونحن حريصون على المشاركة في جميع اجتماعاته مع الاحتفاظ بآرائنا الخاصة»، مشيراً إلى أن «الخط الصدري مصرّ على موقفه في الإصلاح ومحاسبة المخطئ أياً كان، حتى وإن كان من التيار».
إلى ذلك تظاهر آلاف من أنصار الصدر في ساحة الفردوس وسط بغداد أمس، مطالبين بأن «ترفع الحكومة يدها وتدخلها بعمل وسائل الإعلام». وأكد بيان أن التظاهرة نظمت «للمطالبة بحرية الإعلام وإبعاده عن سيطرة الحكومة، ودعم كل مظاهر الحرية التي ترفد الساحة الإعلامية بالمزيد من العطاء من دون ضغوط أو تسييس، وإشاعة روح المواطنة ووحدة الصف في بلدنا العزيز».
وكان الصدر وصف الإعلام العراقي سابقاً بأنه «لعبة بيد السلطة»، داعياً إلى «وضع ميثاق إعلامي يحفظ للجميع استقلاليته وعدم تبعيته للحكومات والأحزاب».