منع معارضو رئيس حزب جزائري معارض عقد المؤتمر الثالث للحزب ما أثار اشتباكات دفعت الشرطة إلى التدخل لفضها قبل أن تتطور في حي شعبي في قلب العاصمة. واضطر رئيس «الجبهة الوطنية الجزائرية» موسى تواتي إلى نقل أنصاره إلى ولاية تيبازة (70 كلم غرب العاصمة) من أجل عقد المؤتمر، في آخر حلقات العنف داخل أحزاب السلطة والمعارضة.
ولا تزال تداعيات نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة تلقي بظلالها على الأمور التنظيمية الداخلية لأحزاب كبرى تصنف قريبة من السلطة و معارضة تقليدية وحتى حديثة التأسيس. وبلغت عدوى العنف أعتاب «الجبهة الوطنية» التي حازت تسعة مقاعد في الانتخابات الأخيرة.
وشهد المؤتمر الثالث للجبهة، الذي كان يفترض أن يُعقد صباح أمس في قاعة في حي باب الوادي الشعبي وسط العاصمة، مناوشات بين المؤيدين لرئيس الحزب ومعارضيه المطالبين برحيله. وتجمع عشرات من المعارضين يتقدمهم نواب منشقون عن رئيس الحزب وقاموا بغلق أبواب القاعة بهدف منع المؤتمرين من الدخول.
ولم تتمكن الشرطة من التدخل لفتح باب القاعة، لكنها منعت اشتباكات كانت على وشك الاندلاع بين الطرفين. وقال مسؤول في الشرطة لصحافيين: «لا يمكن الشرطة فتح البوابة بالقوة تفادياً لأي ادعاء من النواب التسعة من أننا تعرضنا لهم بعنف». ويتمتع النواب بحصانة برلمانية. وتراشق المؤيدون والمعارضون بالبيض إلا أن الوجود المكثف لأعوان الأمن حال دون وقوع اشتباكات عنيفة.
وصرّح تواتي الذي وصل إلى القاعة برفقة عدد كبير من مناصريه بأن لديه التصريح الذي يسمح بعقد المؤتمر، مشيراً إلى أنه التزم «كل الإجراءات القانونية»، بما في ذلك الرد على استفسارات وزارة الداخلية عن وضعية أعضاء المجلس الوطني المقصيين أو المفصولين أو المتوفين والبالغ عددهم 89 من أصل 207. وأعرب عن انزعاجه لعدم السماح لمؤيديه بدخول القاعة وغلق أبوابها بالسلاسل من قبل المعارضين، مشدداً على عزمه على عقد المؤتمر «مهما كانت الظروف».
وأوضح عضو المكتب الوطني النائب لمين عصماني المحسوب على جناح المنشقين أن مطالبهم «تنحصر في احترام القانون الداخلي للجبهة التي حادت عن مسارها السياسي بسبب التصرفات الانفرادية لرئيس الحزب وتغييره لمؤسساته على غرار المكتب والمجلس الوطنيين».
وكانت دورة عادية للجنة المركزية لـ «جبهة التحرير الوطني» الحاكمة شهدت الأسبوع الماضي مشادات عنيفة بين أنصار الأمين العام عبدالعزيز بلخادم وخصومه. وتعاني «جبهة القوى الاشتراكية» من معارضة داخلية، بعد مواقف الأمين العام السابق كريم طابو المناهضة لخيارات الحزب الأخيرة، لا سيما مشاركته في الانتخابات، وهو ما دفع ثلاثة أمناء سابقين إلى إعلان وقوفهم في صف المعارضة لقيادة الحزب.
وأثرت تداعيات التشريعيات في «جبهة حماية الديموقراطية» التي تأسست بعد إعلان النتائج، فغابت عن الساحة منذ أعلن نواب عن «جبهة العدالة والتنمية» التي يترأسها عبدالله جاب الله و «جبهة التغيير» التي يقودها عبدالمجيد مناصرة، تأسيس كتلة نيابية أطلقوا عليها اسم «المجموعة البرلمانية لجبهة العدالة والتغيير».
وتسير «جبهة حماية الديموقراطية» التي تشكلت رفضاً لنتائج التشريعيات، في الاتجاه الذي توقعه لها وزير الداخلية دحو ولد قابلية الذي قال إنها «جاءت متسرعة ونتاج غضب». وتفيد مصادر حزبية بأن الجبهة عولت على دعم من «جبهة القوى الاشتراكية» و «حزب العمال»، وكلاهما حزب معارض طعن في نتائج التشريعيات، لكنهما سارعا إلى المشاركة في البرلمان، ما دفع جاب الله إلى اتهامهما بـ «الانخراط في مسرحية السلطة».