شهدت الحالة السياسية فى مصر، أوضاعا مقلوبة بسبب تخبط المجلس لعسكرى الذى اتخذ حزمة من الإجراءات، أربكت الجميع وعلى رأسها الإعلان الدستورى المكمل، الذى صدر بسرعة البرق بعد أن اتضح له، أن د. مرسى أصبح قاب قوسين من دخول قصر الرئاسة، وجاء هذا الإعلان المشؤوم ليجعل الرئيس مجرد سكرتير عند المجلس العسكرى، فقد حرم الرئيس القادم من أقل الحقوق ومنها اختيار وزير الدفاع، أو إعلان الحرب، وذلك بخلاف حرمانه من حقه فى التشريع، وكان ينقص المجلس العسكرى أن يحدد فى هذا الإعلان مواعيد دخول الرئيس دورة المياه! ومن العجيب أن العسكرى احتفظ لنفسه حق التدخل فى تأسيسية الدستور، حتى تصنع على عينه، ولا يوجد ما يخالف توجهاته، بل بدأ فى اختيار رجال الرئيس القادم، وكأن الرئيس الذى أتت به الثورة يحتاج لوصى، ولا أرى هذه الإجراءات إلا انقلابا على شرعية الرئيس القادم، ومحاولة لانقلاب عسكرى ناعم، وأن تسليم السلطة الكاملة فى 30 يونيو ما هو إلا درب من الخيال، وأن العسكر نكثوا عهودهم، ويحاولون فرض سطوتهم على المرحلة القادمة، من خلال انتزاع كل صلاحيات الرئيس. لذا وجدنا خروج ملايين من شباب الثورة، أمس الأول فى مليونية تعبر عن رفضهم لهذا الإعلان الدستورى الفاسد، الذى يحاول أن يسطو به العسكر على حياتنا السياسية من جديد، وأرى أن رسالة الغضب وصلت بصورة قوية للمجلس العسكرى الذى اتمنى أن يتراجع عن موقفه، ويسلم السلطة كاملة، وينهى الفترة الانتقالية بشكل مشرف يحسب لتاريخهم العسكرى، وألا يزجوا بالبلاد فى صدام، كل الثوار حريصون على ألا يقع أبدا. وأستشعر أن هناك محاولات للضغط على التيارات السياسية المختلفة، خاصة الإخوان من خلال نتائج انتخابات الإعادة، التى أكدت فوز د. مرسى بفارق يصل إلى مليون صوت، لقبول هذا الإعلان الدستورى المسموم، حيث وجدنا أجواء تشكيكية فى نجاح مرشح الثورة، وإن كان كتاب حملة د.مرسى الذى حمل بين طياته، كشوف نتائج فرز اللجان العامة بجميع أنحاء الجمهورية، قضى على هذه التشكيكات ووجه ضربة قاضية لمروجيها، لكننى مازلت أجد تصميما من العسكر على استمرار الضغوط، للرضوخ لمخططاتهم، لكن مليونية أمس الأول كانت أبلغ رد على هذا المخطط، ومازلت أتمنى أن المجلس العسكرى ينسحب من الحياة السياسية بشكل مشرف، دون أن يتسبب فى إشعال الفتن بين أبناء الوطن، فالعقل يحتم على عقلاء العسكر أن يعودوا لثكناتهم ويبتعدوا عن المشهد السياسى.