يصف المقربون من شؤون الحج في السعودية الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز بـ«أمير الحج»، نظير الجهود الكبيرة التي كان يقوم بها منذ دخول أشهر الحج وحتى مغادرة آخر حاج للأراضي السعودية، ومن خلال ترؤسه لجنة الحج العليا التي تعد الجهة الإشرافية الأولى على أعمال الحج.
الأمير نايف بن عبد العزيز، عرف عنه حزمه الشديد، وضربه بيد من حديد على كل من يمس بأمن شعيرة المسلمين، التي يعتبرها ويعتبرها المسلمون شعيرة فوق كل شيء لا ينبغي المساس بها، حتى أطلق عليه المراقبون وتد الحج، فقد كان يشرف سنويا على الحج، ويطور منظومته، ويدحر الأعمال التخريبية بكل أنماطها ودسائسها.
ولجنة الحج التي تعد الجهة الإشرافية على أعمال الفريضة، وكان يترأسها الأمير نايف، تبدأ اجتماعاتها التحضيرية لأي موسم حج مباشرة بعد انتهاء الموسم السابق. وكان الأمير الراحل يحرص وبشكل سنوي على الوقوف بنفسه ميدانيا على الاستعدادات، ويستقبل التقارير الدورية التي ترفع له عن سير التحضيرات لموسم الحج أولا بأول، ولا يتوان عن إصدار أي قرار يخدم الحجيج.
وصقل الأمير نايف بن عبد العزيز قوات السعودية في الحج، وعصرن كل مفاصلها، حتى باتت اليوم قوة مهيبة، جاهزة في كل لحظة لقطع أصابع المخربين في شعيرة الحج، ومن أرادوا بهذا البلد سوءا، فنقل أداء المنظومة وأدخل عليها أدوات التطوير ونياشين العز.
ورغم كثرة مشاغله فإن الأمير نايف كان يحرص سنويا على متابعة أعمال اللجنة ومناقشة كل الموضوعات، كما كان يحرص على الاطلاع على التفاصيل الميدانية، حيث كان يقوم بجولة مطولة على كل أصعدة المشاعر المقدسة، والاستماع للمختصين.
وكان الأمير نايف يشدد في كل اجتماع للجنة على ضرورة تقديم كل الخدمات لضيف بيت الله الحرام، ويناقش استعدادات الأجهزة الحكومية لحج هذا العام، ويؤكد على استمرارية التميز في الأداء لخدمة الحجاج، ودراسة آلية تنفيذ الأمر القاضي بأن يكون الحجاج هذا العام من داخل السعودية من مواطنين ومقيمين، عن طريق مؤسسات حجاج الداخل والتأكيد على ذلك.
وعلى الرغم من كل الجهود التي كان يبذلها الأمير نايف، فإنه كان يحرص مع نهاية كل موسم حج على الالتقاء باللجنة والخبراء والمختصين لمناقشة السلبيات إن وجدت والحث على دفع النجاح بنجاح قادم، كما حدث بعد ترؤسه للجنة نهاية موسم الحج العام الماضي. وأكد في اجتماع لجنة الحج العليا في جدة على أهمية أن يدفع الإنجاز المتميز الذي تم تحقيقه في حج الموسم الماضي إلى المزيد من النجاح في تقديم أفضل الخدمات والتسهيلات للمعتمرين والزوار والحجاج في العام الحالي. وأكد حينها الأمير نايف بن عبد العزيز أن «المشاريع التطويرية التي يجري تنفيذها في مكة المكرمة والمدينة المنورة ستسهم عند اكتمالها في زيادة القدرات الاستيعابية لأعداد المعتمرين والحجاج الذين يزداد عددهم سنويا». وثمن الأمير نايف بن عبد العزيز الجهود التي توليها القيادة الرشيدة لتطوير الأماكن المقدسة.
وتتكون لجنة الحج العليا من عدد من وزراء الخارجية والحج والصحة والإعلام والشؤون البلدية والقروية والنقل، إضافة إلى أمير منطقة مكة المكرمة، ورئيس شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، ومدير الأمن العام والدفاع المدني، ومسؤولي ومديري كل الجهات العاملة في الحج.
إلى ذلك، أوضح الفريق سعيد عبد الله القحطاني، مدير الأمن العام رئيس اللجنة الأمنية، أن الأمن العام في ضوء توجيهات الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، كان يكمل استعداداته لحج كل عام منذ وقت مبكر، وهو الأمر الذي أسهم بدوره في تقديم خدمات مثلى لضيوف الرحمن، الذين يؤدون نسكهم في يسر وسهولة.
وأشار الفريق القحطاني إلى أن «الأمن العام» كان يحرص في كل عام على الاستفادة من فكر الأمير نايف في تطوير منظومة الحج تقنيا وميدانيا وفكريا، مشيدا بالدور الحيوي الذي كان يبذله الأمير نايف لرفع شأن أمته ونقلها إلى مصاف متقدمة جدا.
وأشاد الفريق القحطاني بالنقلة الهائلة التي شهدتها منظومة النقل في المشاعر المقدسة، مبينا أن دخول قطار المشاعر في الخدمة أسهم كثيرا في انسيابية الحركة داخل المشاعر أثناء تنقل ضيوف الرحمن خلال الموسم بين مشعر وآخر، مفيدا بأن اكتمال مشروع منشأة الجمرات جعل حوادث التدافع والازدحامات من الماضي.
من جانبه، أكد اللواء ناصر العرفج، قائد قوات أمن الحج، أن الأمير نايف بن عبد العزيز كان يشدد على تسخير قوات الأمن كل إمكاناتها وطاقاتها لحفظ الأمن والسهر على راحة الحجيج في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، مشيرا إلى أن عدد القوة العاملة خلال موسم الحج المنصرم بلغ أكثر من 63 ألفا، من ضمنهم جميع رجال الأمن المجندين في خدمة ضيوف الرحمن، والذين أسهموا في السهر على راحتهم وتحقيق كل سبل الأمن لهم.
وأبان العرفج أن الأمن العام وضع جميع الخطط الأمنية اللازمة التي أسهمت في انسيابية الحركة والتنقل من مكة المكرمة إلى المشاعر المقدسة، ومنها إلى المسجد الحرام خلال أيام التشريق، موضحا أن الأمن العام طبق أيضا خلال موسم الحج خططا أمنية محكمة ومدروسة لتنفيذها خلال الموسم على منافذ الدخول إلى مكة، تمثلت في الرصد الجوي وتكثيف الوجود لرجال الأمن، الذين كان لهم دور بارز في منع تسلل المخالفين لأنظمة الحج والذين لا يحملون التصاريح الرسمية التي تخول لهم أداء النسك بالطرق النظامية، لافتا إلى أن الخطط ركزت خلال الموسم على تزويد نقاط التفتيش بعدد من رجال الأمن المؤهلين على كيفية التعامل مع المهربين والمخالفين والمتخلفين الراغبين في الدخول إلى مكة المكرمة بشكل غير نظامي.
وأبان اللواء سعد الخليوي، قائد قوة إدارة وتنظيم المشاة في الحج، أن نجاح خطة المشاعر جاء لتميزها بالمرونة والتكيف مع جميع المستجدات في المشعر، حيث كانت هناك مرونة وميزة تمكنهم من التعامل معها ضمن خطة المشاة، وهذا كله جاء وفقا لتوجيهات الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز، مفيدا بأن فريق العمل انطلق بوضع خطة تنظيم المشاة من ثلاثة محاور تعد هي أهداف الخطة الحقيقية، والمتمثلة في منع الافتراش، والتحكم في تدفق المشاة، والمحافظة على سير الاتجاه الواحد. وأكد الخليوي أن خطة التنظيم كانت فرصة مواتية لتحقيق أولى تجارب معمل نظم المعلومات الجغرافية، حيث كانت الفائدة المرجوة من تطبيق تلك القوة تحقيق توزيع القوى المشاركة في تنظيم المشاة توزيعا دقيقا وفق نمطين، يتركز الأول منها في منع الافتراش، والآخر يعنى بالتحكم في حركة المشاة وسيرهم في الاتجاه الواحد.