منتدى ابيان
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
منتديات مضايف العكيدات ترحب بك أجمل ترحيب
ونتمنى لك وقتاً سعيداً مليئاً بالحب كما يحبه الله ويرضاه
فأهلاً بك في هذا المنتدى المبارك إن شاء الله / يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك
منتدى ابيان
اهلا وسهلا بك عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
منتديات مضايف العكيدات ترحب بك أجمل ترحيب
ونتمنى لك وقتاً سعيداً مليئاً بالحب كما يحبه الله ويرضاه
فأهلاً بك في هذا المنتدى المبارك إن شاء الله / يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي سنتشرف بتسجيلك
منتدى ابيان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمنتدى ابيانأحدث الصورالتسجيلدخول

مساحة اعلانية
مساحة اعلانية
مرحبا بك يــا زائر في منتديات ابيان رجال العكيدات
مساحة اعلانية

 

 الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 34
•MMS •|:
الساعة الان :

الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Empty
مُساهمةموضوع: الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة   الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:49 pm






الإنقـاذ
من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي !!

رد على حسن بن فرحان المالكي



تأليف
د . سليمان بن حمد العودة
1421هـ


[ بين يدي الكتاب ]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين أما بعد
هذا الكتاب يمثل مجموعة من النقاشات والردود كُنت قد كتبتها أول ما أخرج المالكي كتابه (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي) وحينها كان المالكي يكتب طروحاته مدعياً تحقيق التاريخ الإسلامي مما علق به ، وخدمة السنة النبوية وبيان الصحيح منها ، وكشف الحقائق للناس …. إلى غير ذلك من دعاوى عريضة ، وطروحات يتلاعب بألفاظها ويخدع بها الأغرار لينفذ من خلالها إلى الطعن والتشويه وإثارة البلبلة والتشكيك في تاريخنا الإسلامي ، والنيل من رجالات خير القرون ، وغيرهم من باب أولى ، ولئن بدأ المالكي طروحاته تلك متسللاً تحت ستار النقد التاريخي ، ومكتفياً بالإشارة والتلميح معرضاً عن التصريح، عامداً إلى الهمس مرجئاً للتجاسر ، فقد انكشف مخبوء الأمس وأصبح السر علناً والتلميح تصريحاً ، ومن تتبع كتاباته وأقواله المكتوبة أو المسجلة وجد أنها آخذة في التطور مسرعة نحو تحقيق الهدف الذي يريد ، فالصحابة يصرح بتجريحهم ويتعرض لعدالتهم ويُفضِّل – حسب منهجه وتوجيهه – بعضهم على بعض وإن خالف إجماع المسلمين ، بل وينكر صحبة عددٍ منهم .
ويتجاوز أهل التاريخ إلى أصحاب العقائد فيتهمهم وينتقد أبرز كتب العقيدة الإسلامية فضلاً عن نيله وتعريضه بأئمة السنة كالإمام أحمد رحمه الله .
وكتب السنة التي كانت بالأمس جسراً يتكئ عليه في إظهار نفسه بمظهر المحقق الخادم للسنة باتت اليوم في عداد كتب التراث التي لم تسلم منه ، وبكل بساطة ينكر حديثاً في البخاري أو يؤله ، وينكر معه صفات لله تعالى صح نقلها واتفق الأئمة على إثباتها وتفسيرها ، وهكذا فلا يكاد المالكي ينتهي من (طامة) إلا ويتبعها أخرى .
ولقد كنت توقعت ما وراء ( أكمة ) المالكي حين ابتدأت الرد عليه ووضعت أحد العناوين التالية " (عباءة النقد التاريخي ماذا تخفي عند المالكي) ، فإذا بها اليوم تخفي هجوماً سافلاً على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعريضاً بالثوابت من العقيدة الصحيحة وطعناً في عدد من الأئمة الأعلام في تاريخنا وإنكاراً للصفات الإلهية أو بعضها .
ولم يعد ( أهل التاريخ ) وحدهم خصوم المالكي ، بل انضم إلى هؤلاء (أصحابُ السنة ) و ( أصحاب العقيدة الحقة ) بل وإن شئت فقل أصحاب النقل والمنهج السلفي بعامة .
ولعل هذه التخبطات المالكية وهذا الهتك المبكر لأستار المالكي عقوبة معجلة لتنقصه الصحابة رضي الله عنهم والحط من قدرهم ، فما تعرض أحد لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدح والتجريح إلا هتك الله ستره في الدنيا ، قبل أن يلقى ربه فيجازيه بعمله .
وحين أنشر هذه الردود والمناقشات للمالكي اليوم فإنما أستجيب لعدد من الطلبات وردت إليَّ وأتقرب إلى الله ببيان الحق للناس ، وأشكره تعالى إذ كنت في طليعة الذين كشفوا دعاوى المالكي وقد رأيت أن أبقي المنشور كما هو ليعبر عن فترته الماضية ، وليدرك القارئ اللبيب الفرق بين طروحاته الماضية واللاحقة وأنها تكاد تكون في نوع العبارة وإن تطور الهمس إلى تجاسر ، والتخصيص إلى التعميم ، وهكذا تنشأ الأفكار ويتسلل أهل الريب ، ولكن الزبد يذهب جفاء ويمكث في الأرض ما ينفع الناس ويبقى الحق وإن لم يزخرف ، وينكشف الباطل وإن طُلي بطلاء خادع .
لقد تسارع المالكي في السقوط وانكشف أمره للناس وشاء الله أن يكون هذا التسارع وإن شئت فقل ( هذه الجرأة المحمومة ) سبباً لإيقاظ النائمين ، وكشف الغشاوة عن المنخدعين ، ولئن بقيت في الأمس طائفة من الناس تؤيد المالكي في بعض ما ذهب إليه فاليوم لا تكاد تجد من يدور حوله ويحسن الظن به إلا من هو على شاكلته وأهل الأهواء في كل زمان يؤازر بعضهم بعضاً ، وكفى بالمرء عقوبة أن يكون أنصاره ومريدوه من أهل الأهواء . وأشد من ذلك أن تقع الوحشة له في قلوب أهل الحق النبلاء . ومن يهن الله فلا له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء .

تقدمـة
أهدى إليَّ ( حسن بن فرحان المالكي ) كتاب ( نحو إنقاذ للتاريخ الإسلامي) وطلب مني إبداء الملحوظات عليه ، مؤرخاً في 3/2/1418 هـ . واستجابة لمطلبه من جانب ، وإحقاقاً للحق الذي أراه من جانب آخر كتبت هذه الملحوظات ، التي فكرت في بعثها إليه شخصياً لقناعتي بأهمية النصح ( سراً ) ولكني عدت إلى نفسي ، فرأيت أن (الكتاب ) وأفكـار الكتاب منشورة على الملأ ، وأن النصح لعامة المسلمين لا يقل أهميـة عن النصح ( لخاصتهم ) .
ولن أتوقف – طويلاً عند عبارات ( حسن ) ( الجارحة ) بمناهج جامعاتنا ، وهزال رسائلنا ، وضعف ثلة من المختصين في التاريخ عندنا .. ؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!
فقد ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍كفيت من جانب – بمن سبقني في الكتابة _ ، ولأن الثقة بمناهجنا ومختصينا لا تهتز بمثل هذه المقولات الجائرة والأحكام المتعجلة من جانب آخر وإن كنت ( أعجب ) كغيري ، من بعض العبارات التي سطرها ( المالكي ) في كتابه ، كيف استساغها ، وكيف تم نشرها في كتاب ( حليته ) العلم وشعاره (الإنقاذ)؟ !
وقبل البدء بتدوين الملحوظات أشير إلى عدة أمور منها :
1 – سأقتصر في ملحوظاتي على الكتاب على (فصوله الأولى) رأيت أنها أقرب إلى تخصصي من جانب ، ولأدع لأصحاب الشأن فرصة الحديث عن تخصصهم من جانب آخر وحين (أتحاشى) الحديث عن ملحوظاته على كتابي (عبدالله بن سبأ … ) فلا يعني ذلك موافقتي على ملحوظاته ، قدر ما يعني البعد عن الانتصار للذات ؟
2 – وأشفق على ( حسن ) وهو ( يتعاظم ) في نفسه ، و (يزكي) عمله حين يقول ( وها أنذ طالب لم يحصل على شهادة في التاريخ ، ولكنني لما تمسكت بمنهج أهل الحديث فندت أقاويل من سبقوني بعقود في كتاب التاريخ الإسلامي !! ) ص 40 . وفي مقابل ذلك ( يزري ) بالآخرين ( ويستهجن ) عملهم ، ولا ( يتورع ) عن إلحاق التهم بهم ؟
3- ولا أظنك يا حسن ممن يهـوى ( الصعود ) على ( أكتاف الآخرين ) ولا أرغب لك ( عالم الشهرة ) على حساب ( الحقيقة العلمية ) ، ومن بوابة (الإثارة الإعلامية ) ؟
4- ولست أدري كيف تحول التاريخ في ذهنك وانحسر ( الإنقاذ ) في منهجك في ( بيعة علي ) رضي الله عنه وأرضاه فحسب ، فمعظم دراسات
( النقدية ) تتمحور حول هذه القضية ، ومع أهميتها ، فالإنقاذ ( الحق ) ينبغـي أن يكون أشمل ، وثمـة أحداث في (تاريخ الخلفاء الراشدين) رضي الله عنهم لا تقل عنها أهمية .
5 - ولئن كنا – معاشر المؤرخين – ( نأنف ) من إقامة التأريخ على شفا جرف هار تخونه الروايات الضعيفة ، ويشتط بتأويل أحداثه الرواة المتهمون ، فإننا (نرفض) الجنوح نحو (إنكار) الصحيح ، وإبطال الحق ، وتسفيه الأحلام ؟
6- وحين أقدم لك هذه ( النصائح الأولية ) فلا يسبـق إلى ( ظنك ) أنها مجرد ( عواطف ) بل سأتبعها بما فتح الله من ( حقائق ) لا أدعي العصمة فيها ، لكنها على الأقل ( تخالف ) ما قطعت بـه ، وأدع لك الفرصة لتأملها بعـين ( الإنصاف ) و ( التجرد ) للحق فقد ( شجعني ) في الكتابة إليك ، إعلانك قبول الحق ، واستعدادك للتنازل عن أي رأي يثبت لك خلافـة ـ كما ذكرت في الكتـاب ـ أكثر من مرة وأرجو ألا يكون الهـدف التجهّز لمعركة طويلـة الأجـل كما ذكرت في ردك على الأخ ( عبد الله العسكر ) ص 89 إذ ليس مما
( يتفاخر به ) المرء ( تعوده على الردود على بعض الفقهاء أو مشاغبي التاريخ)كما قلت في الصفحة نفسها ؟
وسيكون الحديث إليك وإلى غيرك عبر المحاور التالية :
1 - ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر ؟
2 - التحقيق في المرويات ؟
3 - سيف بن عمر مشجب ؟
4- ملحوظات أخرى في الكتاب ؟

أولاً : ابن سبأ من غير طريق سيف بن عمر .
تابع ( المالكي ) من سبقوه في اعتبار سيف بن عمر ( المصدر الوحيد الذي روى أخبار عبد الله بن سبأ في الفتنة ) ( ص 58 ) فهو يثني على دراسة الدكتور ( الهلابي ) ويعتبرها من أروع الدراسات عن سيف بن عمر ، ثم يتبعها بدراسة أخرى للسيد مرتضي العسكري ، الـذي توصل للنتائج نفسها التي توصل إليهـا الدكتور الهلابي ـ على حـد تعبير المالكي (ص 58 ) ولي وقفة منهجية حول هذا التعبير ـ فيما بعد ـ أن شاء الله .
وأنقل للقاريء هنا ( نصَ ) نتيجة هاتين الدراستين ـ محل إعجاب المالكي ـ يقول د/ عبد العزيز الهلابي : (( ينفرد الأخباري سيف بن عمر التميمي (ت 180) من بين قدامي الأخباريين و المؤرخين المسلمين بذكر عبد الله بن سبأ في رواياته ، ويجعل له دوراً رئيسياً في التحريض على الفتنه .. ))
[ الحولية الثامنة لكلية آداب جامعة الكويت ، الرسالة الخامسة والأربعون ، عبد الله بن سبأ دراسة للمرويات التاريخية عن دوره في الفتنة ص 13 ] .
ويقول في موضوع آخر ـ من الحولية ـ (( لا أعلم فيما اطلعت عليه من المصادر المتقدمة أي ذكر لعبد الله بن سبأ عند غير سيف بن عمر سوى رواية واحدة عند البلاذري ، وهذه يكتنفها الغموض .. )) ص 46 .
وفي نهاية بحث الدكتور عبد العزيز الهلابي يخلص إلي النتيجة الآتية حين يقول:
(( والذي نخلص إليه في بحثنا هذا أن (( ابن سبأ ))شخصية وهمية لم يكن لها وجود فإن وجد شخص بهذا الاسم فمن المؤكد أنه لم يقم بالدور الذي اسنده إليه سيف وأصحاب كتب الفرق لا من الناحية السياسية ولا من ناحية العقيدة )) ( ص 73 من الحولية ) .
أما (( مرتضى العسكري )) فعنوان كتابة ( عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى ) يكفي لمعرفة رأيه ، ومع ذلك فهو يركز على ( سيف ) متهماً إياه بالتزوير والكذب ( ص6 ) ويؤكد ( العسكري أنه لم يكن لعبد الله بن سبأ وجود في عصري ( عثمان ) و( علي ) البتة ..
ولكن ( سيفاً ) صحف واخترع هذه الشخصية الجديدة ( ص 279، 281)
تلك مقتطفات سريعة لأبرز ( أفكار ) و ( نتائج ) هاتـين الدراستين ، اللتين يعجب بهما ( المالكي ) ويعتبرهما ـ أو إحداهما ـ من أروع الدراسات ؟‍‍ ‍‍‍‍‍!
وحتى لا ( نظلم ) المالكي ، ننقل شيئاً من كلامه ( هو ) عن ابن سبأ :‍
فهو يعتبره ( اليهودي النكرة ؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ! ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍) ( ص 71 )
وهو ينكر أفكار ابن سبأ ومعتقداته حين يتحدث عن ( الوصية ) ويقول : إن ( سيفاً ) يروي أن عبدالله بن سبأ نشر فكرة الوصية لعلي بن أبي طالب ...إلى أن يقول وهذا يتناقض مع فكرة ( الوصية ) لأن عبد الله بن سبأ لو بث فكرة الوصية لعلي وتأثر الناس بها فلماذا اختار اتباعه بالبصرة والكوفة وغيره ؟ مع أن ابن سبأ لم يدع بالوصية للزبير ولالطلحة فهذا تناقض ))
(ص 79 من نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي )
والخلاصة أن (المالكي) يشارك غيره الإنكار والتشكيك لشخصية (ابن سبأ) وأفكاره ، وأن (سيفاً )وراء ذلك كله ،إذ هو المصدر الوحيد لأخبار عبد الله بن سبأ .
فهل تصح هذه الفرضية الخاطئة ، التي انتهت إلى هذه النتائج الخاطئة ؟‍ ‍‍‍‍
لقد ثبت لدي بالبحث العلمي وجود ( ثمان ) روايات ، لا ينتهي سندها إلى ( سيف ) بل ولا وجود لسيف فيها أصلاً ، وكلها تتضافر على إثبات عبد الله بن سبأ والروايات ( مثبتة ) في تاريخ دمشق لابن عساكر ، وقد صحح العلامة ( ناصر الدين الألباني رحمه الله ) إسناد عدد منها، وقمت بتحقيق في أسانيدها - رواية رواية - فثبت لي صحة إسناد معظمها في بحث لم أنشره بعد بعنوان { ابن سبأ والسبئية قراءة جديدة وتحقيق في النصوص القديمة } والروايات الثمانية مسندة كما يلي :
1- أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو طاهر احمد بن الحسن وأبو الفضل أحمد بن الحسن ، قالا : أنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله أنا أبو علي بن الصواف ، نا محمـد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا محمد ابن العلاء ، نا أبو بكر بن عياش ، عن مجالد ، عن الشعبي قال : أول من كذب عبد الله بن سبأ .
2- قرأنا على أبي عبد الله يحي بن الحسن ، عن أبي الحسين ابن الأبنوسي ، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل ، وعن أبي نعيم محمد بن عبد الواحد ابن عبد العزيز ، أنا علي بن محمـد بن خزفة قالا : نا محمد بن الحسين ، نا ابن أبي خيثمة ، نا محمد بن عبـاد ، نا سفيـان ، عن عمار الدهني قال : سمعت أبا الطفيل يقول : رأيت المسيب بن نجبة أتى به طببه يعنى ابن السوداء وعلي على المنبر فقال علي : ما شأنـه؟ فقال : يكذب على الله وعلى رسوله .
3 - أخبرنا أبو القاسم يحي بن بطريق بن بشرى وأبو محمد عبد الكريم ابن حمزة قالا : أنا أبو الحسين بن مكي ، أنا أبو القاسم المؤمل بن أحمد بن محمد الشيباني ، نا يحيى بن محمد بن صاعد، نا بندار ، نا محمد بن جعفر ، نا شعبة ، عن سلمة ، عن زيد بن وهب عن علي قال : مالي وما لهذا الحميت الأسود ؟ قال: ونا يحي بن محمد ، نا بندار ، نا محمد بن جعفر ، نا شعبة عن سلمة قال: سمعت أبا الزعراء يحدث عن علي عليه السلام قال: مالي وما لهذا الحميت الأسود؟
4 – أخبرنا أبو محمد بن طاوس وأبو يعلى حمزة بن الحسن بن المفرج ، قالا: أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، نا أبو محمـد بن أبي نصر ، أنا خيثمة بن سليمان ، نا أحمد بن زهير بن حرب ، نا عمرو بن مرزوق أنا شعبة ، عن سلمة بن كهيل عن زيد قال : قال علي بن أبي طالب : مالي ولهذا الحميت الأسود ؟ يعني عبد الله ابن سبأ وكان يقع في أبي بكر وعمر.
5- أنبأنا أبو عبد الله بن أحمد بن إبراهيم أبن الخطاب ، أنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي ، وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسين بن إبراهيم الداراني ، أنا سهل بن بشر ، أنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد بن منير الخلال قالا : أنا القاضي أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبدالله الذهلي ، نا أبو أحمد ابن عبدوس نا محمد بن عباد ، نا سفيان ، نا عبد الجبار بن العبـاس الهمـداني ، عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي الكندي قال :رأيت . عليا كرم الله وجهه وهو على المنبر وهو يقول من يعذرني من هذا الحميت الأسود الذي يكذب على الله وعلى الرسول ـ يعني أبن السوداء ـ لولا أن لا يزال يخرج عليَّ عصابة تنعي عليَّ دمه كما ادعيت علي دماء أهل النهر لجعلت منهم ركاما .
6- أخبرنا أبو المظفر بن القشيرى ، أنا أبو سعـد الجنزروذى ، أنا أبوعمـرو ابن حمدان ، وأخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويـه ، أنا أبو يعـلى الموصلي ، نا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني , نا محمد أبن الحسـن الأسدى ، نا هارون بن صالح الهمداني ، عـن الحارث أبـن عبد الرحمن عـن أبي الجلاس ، قال : سمعـت عليا يقـول لعبد الله السبئي : ويلك والله ما أفضي إلي بشيء كتمه أحداً من الناس ، ولقـد سمعته يقول : أن بين يدي الساعة ثلاثين كذابا وإنك لا حدهم . قالا : وانا أبو يعلى ، نا أبو بكر بن أبي شيبة ، نا محمد أبن الحسـن ، زاد أبن المقرىء الأسدي بإسناده مثله .
7- أخبرنا أبو بكر أحمد بن المظفر بن الحسين بن سوسن التمار في كتابة ، وأخبرني أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السبخي بمرو ، عنه ، أنا أبو علي بن شاذان ، نا أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس أبو الأحوص عن مغيرة عن سماك قال : بلغ عليا أن ابن السواد ينتقض أبا بكر وعمر ، فدعا به ودعا بالسيف أو قال فهم بقتله فكلم فيه فقال : لايساكني ببلد أنا فيه ، قال : فسير إلى المدائن .
8 - أنبأنا أبو بكر محمد بن طرخان بن بلتكين بن يحكم ، أنا أبو الفضائل محمد أبن أحمـد بن عبد الباقي بن طوق ، قال : قرىء على أبي القاسم عبيدالله ابن علي أبن عبيد الله الرقي ، نا أبو أحمد عبيد الله بن محمد أبن أبى مسلم ، أنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد ، أخبرني الغطافي ، عن رجاله ، عن الصادق عن آبائه الطاهرين عن جابر قال : لما بويع علي خطب الناس فقام إليه عبد الله بن سبأ فقال له : أنت دابة الأرض ، قال فقال له : اتق الله ، فقـال له : أنت الملك ، فقال له : اتق الله ، فقـال له : أنت خلقت الخلق ، وبسطت الرزق ، فأمر بقتلـه ، فاجتمعت الرافضـة فقالت : دعه وانفه إلى ساباط المدائن فإنك إن قتلته بالمدينة خرجت أصحابه علينا وشيعته ، فنفاه إلي ساباط المدائن فثم القرامطة والرافضة ، قال : ثم قامت إليه طائفة وهم السبئية وكانوا أحد عشر رجلا فقال أرجعوا فإني علي بن أبي طالب أبي مشهور وأمي مشهورة ، وانا أبن عم محمد صلي الله عليه وسلم فقالوا لا نرجع ، دع داعيك فأحرقهم بالنار ، وقبورهم في صحراء أحد عشر مشهورة فقال من بقي ممن لم يكشف رأسه منهم علينا : أنه إله ، واحتجوا بقول ابن عباس : " لا يعذب بالنار إلا خالقها " . قال ثعلب : وقد عذب بالنار قبل علي أبو بكر الصديق شيخ الإسلام ـ رضي الله عنه ـ وذاك أنه رفع إليه رجل يقال له : الفجأة وقالوا إنه شتم النبي ـ صلي الله عليه وسلم بعد وفاته ، فأخرجه إلى الصحراء فأحرقه بالنار . قال فقال ابن عباس : قد عذب أبو بكر بالنار فاعبدوه أيضا
(انظر : تاريخ مدين دمشق للحافظ ابن عساكر الصفحات 124 / ب ، 125/ أ من أصل المخطوط ) .




ثانياً : التحقيق في المرويات .
قبل أن اعلق على إسناد هذه الروايات صحة أو ضعفا ، أو وكد أن هذه الروايات الثمان ليس في أحد من إسنادها ذكر لسيف بن عمر ، وهي تنتصب دليلا على أن أخبار " ابن سبأ " من الذيوع والانتشار بحيث لم تكن قصرا على سيف وحده ، وبالتالي يسقط ادعاء التشكيك أو الإنكار اعتمادا على هذا الأساس الواهي ، الذي تخالفه الحقائق العلمية .
أما أسانيد هذه المرويات فهي تتفاوت في الضعف أو القوة حسب رواتها.وإليك البيان :
أ - يبد ضعف الرواية الأولى لوجود محمد بن عثمان أبن أبي شيبة ، فقد ذكره الذهبي في الميزان ونقل أقوال من ضعفه من العلماء ، وأشار إلى طائفة وثقته واكتفى هو بالقول : كان بصيرا بالحديث والرجال له تواليف مفيدة (ميزان الاعتدال 3/642 ) .
وقبله أفاض الخطيب في ترجمته وجمع أقوال من اتهموه بالكذب ، وإن كان الخطيب قد قال عنه : " كان كثير الحديث واسع الرواية ذا معرفة وفهم ، وله تاريخ كبير " (تاريخ بغداد 3/42 ).
ولوجود مجالد ـ وهو ابن سعيد ـ جاء ذكره في الميزان ، ونقل الذهبي قول ابن معين فيه " لا يحتج به" وقول أحمد : " يرفع كثيراً مما لا يرفعه الناس ، ليس بشيء " ، كما نقل تضعيف الدارقطني ، ويحي ابن سعيد له، وقال هو عنه : مشهور صاحب حديث على لين فيه " (الميزان 3/438) .
ب - أما الرواية الثانية فتظهر علائم الصحة على إسنادها ، فأبو عبدالله يحي ابن الحسن هو البناء الحنبلي البغدادي شيخ ابن عساكر ، وصفه الذهبي بالشيخ الإمام ، الصادق ، العابد ، الخير المتبع الفقيه ، بقية المشايخ ، ثم نقل عن السمعاني قوله : سمعت الحافظ عبدالله الأندلسي يثني عليه ويمدحه ويطريه ويصفه بالعلم والتمييز والفضل وحسن الأخلاق وترك الفضول وعمارة المسجد وملازمته ما رأيت مثله في حنابلة بغداد ، ثم أعقب ذلك السمعاني بقوله : وكذا كل من سمعه كان يثني عليه ويمدحه ، توفي سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة (سير أعلام النبلاء 20/6) .
- وأبو الحسين الأبنوسي هو محمد بن أحمد البغـدادي ، قال الخطيب البغـدادي : كتبت عنه وكان سماعـة صحيحا ، ووثقـه الذهـبي ، وفاته سنه سبـع وخمسين وأربـع مائة ( 457 ) (تاريخ بغداد 1/356 ، سير أعلام النبلاء 18/85) .
- وأحمد بن عبيد بن الفضل هو أبن بيرى الواسطي ، قال عنه خميس الحوزى : كان ثقة ، صدوقا ، وقال الذهبي : المحدث المعمر الصدوق شيخ واسط، وفي انساب السمعاني : ثقة صدوق من أهـل واسط .وكانت وفاتـه قبل الأربعمائة في حـدود سنة تسعـين وثلاثمائة (390) (سؤالات السِّلفي/ 56 الأنساب 1 / 430 ، سير أعلام النبلاء 17/197) .
- وأبو نعيم هو بن خِصْية محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز كان عدلا مستقيما ، كما في سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزى عن جماعة من أهل واسط (ص 65) .
- وابن خزفة هو أبو الحسن علي بن محمد بن حسين بن خزفة الصيدلاني ، كان مكثراً صدوقاً ، كما في سؤالات السلفي ، وهو مسند واسط كما قال الذهبي ، وروى التاريخ الكبير لأحمد بن أبي خيثمة عن محمد بن الحسين الزعفراني عنه . (سؤالات السلفي / 60 ، تذكرة الحفاظ 3/1049 ، وسير أعلام النبلاء 17/198) .
- ومحمد بن الحسين هو عبد الله الزعفراني الواسطي ، وقد وثقه الخطيب البغدادي ، وقال : كان عنده عن أبي خيثمة كتاب التاريخ (تاريخ بغداد 2/0240) .
- وأبن أبي خيثمة هو أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شداد نسائي الأصل ، كان ثقة عالما متقناً حافظاً بصيراً بأيام الناس ، كذا قال عنه الخطيب ، وذكره الدارقطني فقال : ثقة مأمون ، وأثنى الخطيب على كتابه في التاريخ فقال :وله كتاب التاريخ الذي أحسن تصنيفه وأكثر فائدته، وقال أيضاً : ولا أعرف أغزر فوائد من كتاب التاريخ الذي صنفه أبن أبي خيثمة (المصدر السابق 4/162 ، وتذكرة الحافظ 2/ 596) .
قلت : ومن المحتمل أن يكون هذا الخبر المروي من هذا الكتاب النفيس .
- ومحمد بن عباد هو ابن الزبرقان أبو عبد الله المكي ، سكن بغداد وحدث بها ، وقد روى عنه البخاري ومسلم في الصحيحين (المصدر نفسه 2 / 374) . وبهذا يكون قد جاوز القنطرة كما يقال.
- وسفيان هو ابن عيينة الراوية المشهور ، قال ابن سعد : كان ثقة ثبتا كثير الحديث حجة ، وقال الشافعي : لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز ، وقال ابن المديني : سفيان إمام في الحديث ، وقال العجْلي : كوفي ثقة ثبت يعد من حكماء أصحاب الحديث (تهذيب التهذيب 4 / 117) .
- وعمار الدهني هو ابن معاوية ويقال ابن أبي معاوية ويقال ابن صالح ويقال ابن حبان ، أبو معاوية البجلي الكوفي ، وثقة أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي (المصدر السابق 7/406 )
- أما أبو الطفيل فهو عامر بن واثلة الليثي ، ولد عام واحد ، وروى عن النبي-صلي الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعلـي ومعـاذ بن جبل وحذيفـة وابن عباس وغيرهـم ، قال أبن عـدي : له صحبة وقـال مسلم : مـات أبو الطفيل سنة مائة وهو آخر من مات من الصحابة ، قال أبن سعـد :كان ثقـة في الحديث وكان متشيعاً (المصدر نفسه 5/82 ) .
- والمسيب بن نجبه الكوفي ترجم له ابن حجر في الإصابة ضمن " من كان في عهد النبي - صلى الله عليـه وسلم – ويمكنه أن يسمع منه ولم ينقل أنه سمع منه سواء كان رجلا أو مراهقاً أو مميزاً " ثم قال ابن حجر : له إدراك ، وله رواية عن حذيفة وعلي ، ونقل عن العسكري قوله : روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلا وليست له صحبـة . (الإصابة 10/30، وانظر: الكاشف للذهبي 3/146)
وقال أبن سعـد كان مع علي في مشاهدة ، وقتل مع التوابين في عين الوردة عـام خمسة وستين ( 65) . (الطبقات 6/216) .
ج - وكذا الرواية الثالثة تبد صحيحة الإسناد ، فأبو القاسم يحي بن بطريق الطرسوسي ثم الدمشقي شيخ أبن عساكر قال عنه : مستـور حافظ للقران سمـع أبا الحسين محمـد بن مكي وأبا بكر الخطيب ، توفي فـي رمضان سنة أربع وثلاثين وخمس مائة ( 534) وقال عنه الذهبي : المسند المقرىء (سير أعلام النبلاء 20/ 53) .
- وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي الدمشقي الحداد من مشيخة ابن عساكر قال عنه : كان شيخا ثقة مستورا سهلا ، قرأت عليه الكثير وتوفي في ذي القعدة سنة ست وعشرين وخمس مائه ( 526 ) وقال عنه الذهبي : الشيخ الثقة المسند ،وأشار إلى توثيقه ابن العماد الحنبلي (سير أعلام النبلاء 19/600 ، شذرات الذهب 4/78 ) .
- وأبو الحسين ابن مكي هو محمد بن مكي بن عثمان الأزدى المصري ، مسند مصر كما يقول الذهبي ، روى عنه أبو بكر الخطيب ، وابن ما كولا ، والفقيه نصر المقدسي ، وهبة الله بن الأكفاني ، وعبد الكريم بن حمزة وأبو القاسم بن بطريق وغيرهم , وقد وثقه الكتابي وغيره ، وتوفي سنة (461).
(انظر: سير أعلام النبلاء 18/253 ، وتذكرة الحفاظ 3/1158 ، وشذرات الذهب 3/309) .
- والمؤمل بن أحمد الشيباني ، بغدادي ، سكن مصر وحدث بها وبها مات سنة إحدى وتسعين وثلاث مائـه (391) ، وقد وثقه الخطيب البغدادي (تاريخ بغداد 13/183 ) .
- ويحي بن محمد بن صاعد البغدادي ، أحـد الثقات المشهورين قال الدارقطني : ثقـة ثبت حافظ ، وقال الخطيب ، كان ابن صاعد ذا محل من العلم ولـه تصانيف في السنن والأحكام ، وعـده الذهبي مع الحفاظ الثقات ، وقال عنه : له كلام متين في الرجال والعلل يدل على تبحره ، مات في ذي الحجة سنة ثمان عشرة وثلاثمائة (318) (تذكرة الحفاظ 2/776) .
- وبَُنْدار بضم الباء وفتحها وسكون النون – هو محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري ، أبو بكر ، ثقة حافظ ، روى عنه الجماعة ، وقال البخاري في صحيحه : كتب إلي بندار فذكر حديثاً مسنداً.
قال ابن حجر : ولولا شدة وثوقه ما حدث عنه بالمكاتبة مع أنه في الطبقة الرابعة من شيوخه ، وقد روى عنه البخاري مائـتي حديث وخمسـة أحاديث ، ومسلم أربعمائة وستين ( 460 ) توفي سنة اثنين وخمسين ومائتين ( 252 ) (التهذيب 9/70) .
- ومحمد بن جعفر هو الهذلي أبو عبد الله البصري المعروف بـ (غُنْدر) ، ثقة صحيح الكتاب ، قال ابن المبارك : إذا أختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم ، وقال العجلي : بصري ثقة وكان من أثبت الناس في حديث شعبة ، مات في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة (193) ، وقيل أربع وتسعين ( 194) (التهذيب 4/338 ) .
- شعبة هو ابن الحجاج بن الورد العتكي الأزدى مولاهم أبـو بسطام الواسطي ثم البصري ، الثقـة الحافظ المتقن ، قال الثوري : شعبة أمير المؤمنين في الحديث ، وقال أحمد : كان شعبة أمة وحدة في الرجال والحديث ، وقال ابن إدريس :ما جعلت بينك وبين الرجال مثل شعبـة وسفيان ، وقال ابن سعد:كان ثقـة مأموناً ثبتا حجة صاحب حديث . توفي سنة 160(التهذيب 4/155 ) .
- وسلمة هو ابن كهيل بن حصين الحضرمي أبو يحي الكوفي ، قال أحمد : سلمة متقن للحديث وقيس بن مسلم كذلك ما نبالي إذا أخذت عنهما ، وقال ابن المبارك : كان ركنا من الأركان وشد قبضته ، وقال أبو زرعه : ثقـة مأمون زكي ، وقال العجلي : كوفي تابعي ثقـة ثبت في الحديث ، وكـان فيـه تشيع قليـل وهو من ثقات الكوفيين ، مات سنة (121 ) هـ (التهذيب 4/155 ) .
- زيد بن وهب هو أبو سليمان الجهني الكوفي ، رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض وهو في الطريق ، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب وابن مندة أسلم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهاجر إليه فلم يدركه ، ثقـة جليل ، مات بعد الثمانين ، وقيل سنة ست وتسعين (96) ، وقد روى عن عمر وعثمان وعلي وأبي ذر وابن مسعود وحذيفة وأبي الدرداء وأبي موسى وغيرهم . وثقة ابن معين ، وابن سعد وابن خراش ، والعجلي ، وعن الأعمش : إذا حدثك زيد بن وهب عن أحد فكأنك سمعته من الذي حدثك عنه (انظر : الاستيعاب ت بهامش الإصابة 4/73 ، والإصابة 4/90 ، والتهذيب 3/427 ).
- أما الرواية الواردة من طريق أبي الزعراء فهي بنفس سند ومتن الرواية قبلها عدا أبا الزعراء وهو خال سلمة بن كهيل ، واسمه عبد الله بن هانئ الكندي وقيل الأزدى ، قال ابن الأثير : له صحبة عداده في أهل مصر (أسد الغابة 6/ 122 ) وله ذكر في الاستيعاب (11/ 262 " هامش الإصابة "، والإصابة 11/145 )، وذكره ابن سعد في طبقة من روى عن علي -رضي الله عنه- من أهل الكوفة- فقال : روى عن علي وعبد الله بن مسعود وكان ثقة وله أحاديث (الطبقات 6 / 171) ، وقال العجلي : ثقة من كبار التابعين ، كما ذكره ابن حبان في الثقات (تهذيب التهذيب 6/61) .
د - أما سند الرواية الرابعة فرواتها ثقات بدءً من خيثمة بن سليمان ومن فوقه فخيثمة هو أبو الحسن خيثمة بن سليمان ابن حيدرة ، الإمام الثقة المعمر ، محدث الشام ، وصاحب مصنف " فضائل الصحابة " ، قال أبو بكر الخطيب : خيثمة ثقة ثقة ، مات خيثمة سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة (سير أعلام النبلاء 15/412، تذكرة الحافظ 3 / 858)
- وأحمد بن زهير بن حرب هو ابن أبي خيثمة الثقة الحافظ العالم المتقن ، وقد سبق الحديث عنه في سند الرواية الثانية فليراجع هناك .
- عمرو بن مرزوق أبو عثمان الباهلي مولاهم البصري ، حدث عنه البخاري في صحيحه مقرونا بأخر ، قال عنه يحي بن معين ثقة مأمون ، وقال أبو حاتم : كان ثقة من العباد لم نجد أحدا من أصحاب شعبة كان أحسن حديثاً منه، وقال ابن سعد : كان ثقة كثير الحديث عن شعبة ، مات سنة أربع وعشرين ومائتين ( 224) (الجرح والتعديل 6/ 413 ، سير أعلام النبلاء 10/ 417 ، تهذب التهذيب 8/ 99) .
- أما الرواة الثلاثة ـ شعبة ، سلمة بن كهيل ، زيد بن وهب ، فقد سبق الحديث عنهم وتوثيقهم في الرواية الثالثة بما يغني عن إعادته هنا .
وكذا من دونهم لم يجرحوا ، بل وثق أكثرهم ، وأقلهم هو مستور الحال ، فأبو محمد بن أبي نصر أسمه عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن معروف بن حبيب التميمي الدمشقي الملقب بالشيخ العفيف قال أبو الوليد الدربندي : أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان بدمشق وكان خيراً من ألف مثله إسناداً واتقانا وزهدا مع تقدمه ، وقال رشأ بن نظيف : قد شاهدت سادات فما رأيت مثل أبي محمد بن أبي نصر كان قرة عين .
وقال الكتاني : توفي شيخنا ابن أبي نصر في جمادى الآخرة سنة عشرين وأربعمائة فلم أر جنازة كانت أعظم من جنازته كان بين يديه جماعة من أصحاب الحديث يهللون ويكبرون ويظهرون السنة .. قال : وكان ثقة مأمونا عدلا رضى (تاريخ دمشق لابن عساكر ـ النسخة المصورة 10/46 ، وسير أعلام النبلاء 17/366) .
- وأبو القاسم بن أبي العلاء علي بن محمد المصيصي ، الإمام الفقيه المفتي مسند دمشق . قال عنه الحافظ بن عساكر : كان فقيهـا فرضيا من أصحاب القاضي أبي الطيب ، مـات بدمشق سنة سبع وثمانين وأربع مائة (487)، وقال الذهبي : كان فقيها ثقة (العبر 3/319 ، سير أعلام النبلاء 19/12).
- وأبو يعلى حمزة بن الحسن بن المفرج ، ترجم له أبن عساكر في تاريخ دمشق وقال : كان شيخاً مستورا ، مات سنة أربع وثلاثين وخمس مائة ( 534) (تاريخ دمشق 5/302 ، ومختصره لابن منظور 7/ 260) .
- وأبو محمد بن طاوس هو هبة الله بن أحمد البغدادي ثم الدمشقي ، شيخ السمعاني ، روى عنه ومدحه فقال : كان مقرئا فاضلا ثقة صدوقا مكثرا من الحديث ، ومن مشيخة ابن عساكر ، وروى عنه السِّلفي ووثقه ، وقال الذهبي: كان ثقة متصوفا . مات سنة ست وثلاثين وخمس مائة ( 536) (الأنساب 2/143 ، سير أعلام النبلاء 20 / 98) .
هـ - أما سند الرواية الخامسة فيظهر أنه لا يصل إلى درجة الصحة لكنـة لا يقـل عن رتبة الحسن ، والحسن - كما هو معلوم - أحد مراتب الصحيح .
فأبو محمد الدراني شيخ لابن عساكر ، وقد قال عنه : لم يكن الحديث صنعته ، وقد روى كثيرا من سنن النسائي الكبير عن الاسفراييني ، كانت وفاته سنة ثمان وخمسين وخمس مائه ( 558) (سير أعلام النبلاء 20/348).
- وسهل بن بشر هو الاسفراييني الشيخ الإمام المحدث المتقن الرحال كما وصفه الذهبي ، وكان قد تتبع السنن الكبير للنسائي وحصله وسمعه بمصر ، قال عنه أبو بكر الحافظ كيس صدوق ، توفي سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ( 491) (سير أعلام النبلاء 19/ 162).
- وأبو الحسن علي بن منير الخلال ، شيخ صدوق ، لم يأخذ من الغرباء ، وكان ثقة فقيرا ، توفي سنة تسع وثلاثين وأربع مائة ( 439) (السير 17/619).
- والقاضي أبو الطاهر الذهلي ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد وقال : كان ثقة فاضلا ذكيا متقنا لما حدث به ، توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة ( 367 ) (تاريخ بغداد 1 / 313) .
- وأبو أحمد بن عبدوس أسمه محمد بن عبدوس بن كامل السلمي ، وصفه الذهبي بالحافظ الثبت المأمون ، ونقل عن أبي الحسين ابن المنادى قوله : كان عبدوس من المعدودين في الحفظ وحسن المعرفة بالحديث أكثر الناس عنه لثقته وضبطه ، وكان كالأخ لعبد الله بن أحمـد ابن حنبل ، مات سنة ثلاث وتسعين ومائتين ( 293) (تذكرة الحفاظ 2 / 683) .
- ومحمد بن عباد ، وسفيان -وهو ابن عيينة- سبق الحديث عنهم وتوثيقهم في الرواية الثانية ، وكذا سلمة بن كهيل سبق الحديث عن توثيقه في الروية الثالث - وكلهم من رجال التهذيب - وعبد الجبار الهمداني هو الشبامي ، صدوق يتشيع (تقريب التهذيب 1/ 465) .
وحجية بن عدي الكندي صدوق يخطئ كما في ( التقريب 1/155 ) (وقد وقع في بعض نسخ التقريب بن علي بدل عدي وهو تصحيف . انظر التهذيب 2/216).
و - أما الرواية السادسة ففي بعض رجال إسنادها مقال :
محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي هو الكوفي الملقب بالتل صدوق فيه لين كما في التقريب ، وفي الميزان نقل الذهبي تضعيف يحي بن معين والفسوي له ، وتعديل طائفة أخرى كأبي داود وابن عدي الذي قال : حدث عن محمد المقلب بالتل الثقات ولم أر بحديثه بأسا (انظر : تقريب التهذيب 2/154 ، ميزان الاعتدال 3/512) .
- وهارون بن صالح الهمداني عن أبي هند الحارث بن عبد الرحمن الهمداني عن أبي هند الحارث بن عبد الرحمن الهمداني ، وعنه محمد بن الحسن بن الزبير الأسدى ذكره ابن حبان في الثقات ، وفي الميزان : تفرد عنه محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي (تهذيب التهذيب 12/63 ، تقريب التهذيب 2/408) .
- وأبو الجلاس الكوفي غير منسوب ، عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أن بين يدي الساعة ثلاثا الحديث ، وعنه أبو هند الحارث بن عبد الرحمن الهمداني ـ كما جاء في التهذيب ـ وفي التقريب قال ابن حجر : أبو الجلاس الكوفي مجهول من الثالثة (تهذيب 12/63 ، تقريب التهذيب 2/408) .
- ومع ذلك فالرواية بسندها ساقها أبو يعلى الموصلي في مسنده ، عن أبي كريب محمد بن العلاء عن محمد بن الحسن الأسد ، عن هارون ابن صالح ، عن الحارث ، عن أبي الجلاس (مسند أبي يعلى 1/ 349) .
ثم ساق إسنادا آخر عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن محمد بن الحسن بإسناد مثله ( 1/350) .
ولعل هذا هو السند الآخر الذي أومأ إليه ابن عساكر في الرواية نفسها .
وهذا السند الآخر - عن ابن أبي شيبة - ذكره - قبل أبي يعلى - ابن أبي عاصم في كتابه السنة فقال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن الحسن الأسدي حدثنا هارون بن صالح عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن أبي الجلاس قال : سمعت عليا يقول لعبد الله السبائي : ويلك ما أفضى إلي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشيء كتمته أحدا من الناس ، ولقد سمعته يقول : أن بين يدي الساعة ثلاثين كذابا وإنك أحد هم ( كتاب السنة 2/476) .
ومع أن الألباني ـ محقق كتاب السنة هذا ـ ضعف هذه الرواية لجهالة في أبي الجلاس وهارون بن صالح ، فقد ذكر أن أبا يعلى أخرجه من طريقين آخرين عن الأسدي به .
وفوق ذلك كله فقـد نقل " الهيثمي " الرواية في مجمعـه عن أبي الجلاس ثم قال : رواه أبو يعلى ورجاله ثقات ( مجمع الزوائد 7/333) .
ز - وحين نأتي إلى الرواية السابعة نجد رجال إسنادها كالتالي :-
أبو بكر أحمد بن المظفر بن سوسن شيخ مقارب ( قال السخاوي : معناه وسط لا ينتهي إلى درجة السقوط ولا الجلالة وهو نوع مدح ، وقال ابن رشيد : أي ليس حديثه بشاذ ولا منكر . انظر : شرح الألفية ص158،163 ) (سير أعلام النبلاء 19/241) .
أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد لله السبخي الشيخ الإمام الحافظ محدث مرو وخطيبها وعالمها، شيخ السمعاني وابن عساكر ، قال عنه السمعاني : فقيه صالح عمّر حتى سمعنا منه الكثير (الأنساب للسمعاني 3/ 318 ، سير أعلام النبلاء 20/184) .
ـ أبو علي بن شاذان الحسن بن أبي بكر البغدادي ، قال عنه الخطيب : كتبنا عنه وكان صدوقا صحيح الكتاب ، ثم قال : سمعت الأزهري يقول : أبو علي بن شاذان من أوثق من برأ الله في الحديث ، وهو مسند العراق الإمام الفاضل الصدوق كما يقول الذهبي (تاريخ بغداد 7 / 279 ، سير أعلام النبلاء 17/415، تذكرة الحفاظ 3/ 175) .
- أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة الأدمي -نسبة إلى بيع الأدم- القارئ الشاهد صاحب الإلحان ، كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن وأجهرهم ترجم له الخطيب ونقل روايته عن أبي علي بن شاذان وخلق ، وذكر الشطوي فيمن روى عنه ، وروى له حكايات ثم قال : قال محمـد بن أبي الفوارس سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة (348) فيها مات محمد ابن جعفر الأدمي ، وكان قد خلط فيما حدث (تاريخ بغداد 2/ 147 ، الأنساب للسمعاني 1/ 101 ) .
- أحمد بن موسى الشطوى أبو جعفر البزار ، قال ابن أبي حاتم : كتبت عنه مع أبى وهو صدوق ، ونقل الخطيب توثيق الدارقطني له ، وقال ابن المنادي :كان صالحا مقبولا عند الحكام ومن أهل القرآن والحديث ومات سنة سبع وسبعين ومائتين ( 277 ) (الجرح والتعديل 2/75 ، تاريخ بغداد 5/141 ) .
- أحمد بن عبدالله بن يونس اليربوعي الكوفي ثقة حافظ روى عنه البخاري ومسلم وغيرهم ، ومات سنة سبعة وعشرين ومائتين ( 227 ) (التهذيب 1/05، التقريب 1/19 ) .
- أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي الكوفي ثقة متقن ، مات سنة تسع وسبعين ومائة (التقريب 1 /342) .
- المغيرة بن مقسم الضبي مولاهم أبو هشام الكوفي ثقة متقن ، مات سنة ست وثلاثين ومائة (136) (التقريب 2 / 270) .
- سماك بن حرب بن أوس بن خالـد الذهلي البكري الكوفي أبو المغيرة ، صدوق ، وروايته عن عكرمـة خاصة مضطربة ، وقد تغير بآخره فكان ربما يلقن ، مات سنة ثلاث وعشرين ومائة ، وقال عنه ابن عدي : ولسماك حديث كثير مستقيم إن شاء الله وهو من كبار تابعي أهل الكوفة وأحاديثه حسان وهو صدوق لا بأس به (تهذيب التهذيب 4/232 ، 233 ، تقريب التهذيب 332) .
قلت : ومع ما قيل في سماك ومعرفته بأيام الناس ، ألا أنه لم يذكر له سماع من علي ، بل لعله لا يمكنه ذلك وبين وفاتهما ما يزيد على ثمانين سنه ( 80 ) ولهذا يبقى في الرواية انقطاع بين سماك وعلي رضي الله عنه .
ح - أما إسناد الرواية الأخيرة :
- أبو بكر محمد بن طرخان بن بلتكين بن بجكم ، أمام فاضل ومحدث متقن ، كما قال الذهبي ، وثقة ابن ناصر ، وقال الصفدي : وكان صالحا زاهـدا عابدا أمينا صدوقـا ، توفي سنة ثلاث عشـرة وخمس مائه (513) (سير أعلام النبلاء 19/423 ، الوافي بالوفيات 3/ 169) .
- وأبو القاسم عبيد الله بن علي بن عبيـد الله الرَّقي ، سكن بغداد , وكان أحـد العلماء بالنحو والأدب واللغة عارفا بالفرائض وقسمة المواريث كتب عنه الخطيـب البغـدادي وقال عنه : كان صدوقا ، مات سنة خمسين وأربعمائة ( 450 ) (تاريخ بغداد 10/387 ، 388 ، الأنساب للسمعاني 3/ 84، 85) .
- أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي المقرىء ترجمة الخطيب في تاريخه وقال : كان ثقة صادقاً دينا ورعاً ، ويقـول : سمعت الأزهري ذكره فقال : كان إماماً مـن الأئمة . مات سنة ست وأربعمائـة (406) .، ونقل صاحب الشذرات عن الذهبي أنه عاش ( 82) سنه . (تاريخ بغداد 10/380 ، شذرات الذهب 3/181) .
- أبو عمر محمد بن عبد الواحد لعله البغوي الزاهد ، المعروف بغلام ثعلب قال الخطيب : كان جماعة من أهل الأدب يطعنـون عليه ولا يوثقونـه في علم اللغة ، فأما الحديث فرأينـا جميـع شيوخنا يوثقونه فيـه ويصدقونـه ، وقال الذهبي وهو في عداد الشيوخ في الحديث لا الحفاظ ، وإنما ذكرته لسعة حفظـة للسان العرب وصدقه وعلو إسناده مات سنة خمس وأربعين وثلاثمائة ( 345 ) (تاريخ بغداد 2/356 ، سير أعلام النبلاء 15/ 508) .
والغطافي لم أعثر له على ترجمة ، ولعلى الاسم تصحف في الأصول المخطوطة فحال دون ضبطه ومعرفته بدقة والله أعلم .

ثالثاً : سيف بن عمر .. مشجب !!
لقد كان سيف بن عمر التميمي - يرحمه الله - مشجباً - علق علية السابقون واللاحقون مسألة إنكار ابن سبأ ، بل زاد بعضهم ، وحمله اختلاق عدد من الصحابة ، ليس (القعقاع بن عمرو رضي الله عنه ) إلا واحداً من هؤلاء ، فقد ألف ( السيد مرتضي العسكري )
- وهو رافضي المذهب والهوى - كتاباً بعنوان ( خمسون ومائة صحابي مختلق ) والكتاب مؤلف قبل ما يزيد على ( عقدين ) من الزمن ؟! ويعتمد مؤلفه اتهام (سيف ) باختلاق هذه الشخصيات وأحداثها ، ليس في هذا الكتاب فحسب بل وفي كتابين قبلة أحدهما بعنوان : ( عبد الله بن سبأ بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الهجري ، ط النجف 1375هـ / 1956م)
ـ والأخر بعنوان : ( عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى ، ط - دار الغدير ، بيروت ، طهرن / 1392هـ / 1972م) ثم جاء ( حسن المالكي ) يجدد ما أندثر من هذه الأفكار ، ولا يخرج عن إطارها ويحمل حملة شعواء ظالمة على سيف بن عمر، وهذه شواهدها وما يناقضها .
أ - يقول المالكي : " ورغم أن الطبري لم يورد في تاريخه أقوالاً في الجرح والتعديل إلا في النادر ، ولم يجرح الضعفاء الذين يروي عنهم إلا أنه صرح بضعف سيف بن عمر ، فذكر مخالفة سيف للإجماع في أكثر من موضع ، مع أن الطبري لم يذكر هذا عن رواة آخرين ضعفاء كأبي مخنف والواقدي فيعد الطبري من مضعفي سيف بن عمر " ( ص 53 نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي ) . فهل يصح هذا القول ؟
أولاً : لم يبين لنا ( المالكي ) مواطن تضعيف الطبري لسيف حتى نشاركه الحكم أو عدمه .
ثانياً : ليس صحيحاً أن الطبري لم يصرح بضعف ( أبي مخنف ) بل تجاوز بعض مروياته ولم يستسغها . وقال " فذكر - أبو مخنف - مكاتبات جرت بينهما كرهت ذكرها لما فيه مما لا يحتمل سماعه العامة " ( تاريخ الطبري 4/557 ) .
ثالثاً : وليس صحيحاً كذلك أن الطبري لم يُصرح بضعف (الواقدي) بل قال عنه ما نصه :
" وأما الواقدي فإنه ذكر في سبب مسير المصريين إلى عثمان ونزولهم ذا خشب أموراً كثيرة ، منها ما تقدم ذكريه ، ومنها ما أعرضت عن ذكره كراهة مني لبشاعته "( تاريخ الطبري 4/ 356 ) .
فهل فاتت هذه النصوص على ( المالكي ) وهو الذي ذكر أنه قرأ المجلدين الثالث والرابع لتاريخ الطبري ( نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي ص 45 ) أم تناساها أم يفهمها بغير فهمنا إياها ؟
ب – وحيث يقـرن ( المالكي )بين (سيف) و ( أبي مخنف ) يقول عن الأول الوضاع المتهـم بالزندقة !! ، ويكتفي بالقول عن ( أبي مخنف ) الشيعي ؟ ( المرجع السابق ص 33) .
ج - يطلق ( المالكي ) عبارات مرجفة يستبعد فيها توثيق ( سيف ) ولو بحث الباحثون عشرات السنين ، فإذا أحس أن عبارة ( ابن حجر ) رحمة الله في سيف ( عمدة في التاريخ ) ستحرجه خرجها تخريجاً يتفق وهواه وفهمه ( وسيأتي البيان )
أما عبارة ( الذهبي ) في سيف (كان إخبارياً عارفاً ) فهي تزيد من حملته ، ولذا تراه أحياناً يتغافلها ، وأحياناً أخرى يفسرها كما فسر عبارة ابن حجر ، وبكل حال فهو يعتبر هاتين التزكيتين من هذين العلمين في الجرح والتعديل ( متوهمة وليست صريحة ) ( انظر ص 55، 60، 84 من الكتاب السابق ).
د - يجزم ( المالكي ) بالقول : " ويعد الحافظ ( ابن حجر ) المتساهل الوحيد في الإكثار من روايات سيف مع حكمه عليه بالضعف : " ( ص 55) ( وسأبين ما يناقضه ).
هـ-ويتهم ( المالكي ) ( سيفاً ) باختلاق الرواة ، بل واختلاق الشخصيات الكبيرة المشهورة ، على الرغم من اعترافه بصحة سند بعض المرويات التي رواها سيف ( ص 62، 63 )
و - وتظل تهم ( المالكي ) تلاحق ( سيفاً ) دون أن يجد له فيها عذراً ، أما الرواة الآخرون فإن وجد في رواياتهم ( مجهولون ) فهي قله نادرة بينما الجهالة في أسانيد سيف سمة ظاهرة ( ص 68) وسيتضح لك بعد الفرق بين ( سيف) و ( أبي مخنف ) على سبيل المثال في الرواية عن المجهولين .
ز- وأعظم من ذلك أن يوهم ( المالكي ) قارئي كتابة أن مرويات ( أبي مخنف) تسير في إطار الروايات الصحيحة ! التي تخالفها روايات سيف ( ص69).
ح – ويتناقض (المالكي)حين يعقد لـ (سيف) عنواناً Sad طعنة في كبار الصحابة والتابعين )
( ص70 ) ثم تراه يعترف بدفاعه عن الصحابة ، وإن كان يسوقها مساقاً خاصاً ، فأهل الحديث لم يغتروا به ، لعلمهم إنها كذب ؟ ! ( ص73) أهكذا تكون المنهجية أم بهذا التلاعب ينقذ التاريخ الإسلامي ؟!
ط – وأخيراً ( المالكي ) في حلقته الثالثة عن ( القعقاع بن عمرو حقيقة أم أسطورة ) المنشورة في جريدة الرياض يفصح عما في نفسه صراحة حين يفضل ( أبا مخنف ) على (سيف) ويقولها صراحة وهو يتحدث عن (أبي مخنف) و(المسعودي)" لكن هؤلاء كلهم فوق سيف بن عمر ؟!
فهل الأمر كما صورة المالكي ؟
تعالوا بنا لنوازن بين الرجلين ( سيف ) و ( أبي مخنف ) ونقرأ بتمعن كلام علماء الجرح والتعديل ، وننظر ما قاله المؤرخون المعتمدون في ( الأخباريين) وبين هذا وذاك نقف على تعليلات ( المالكي ) وتوهيمـه ( للعلماء ) حين يخالفون مساره في ( سيف ) .
1- سيف بن عمر
لا يستطيع منصف أن ينكر الضعف المنسوب إلى سيف عند علماء الجرح والتعديل ، ولكن من الإنصاف لسيف ، كراوية في التاريخ _ أن يقال :
أ‌- تهمة الزندقة التي اتهم بها دافع عنها " ابن حجر " حين قال : " أفحش ابن حبان القول فيه " ( تقريب التهذيب 1/344) .
ومن الأمانة العلمية أن تذكر هذه المدافعة بازاء التهمة !! ولم أر ( المالكي ) توقف عندها .
ب‌- فرق العلماء قديماً وحديثاً بينا الشروط المطلوبة لراو يروى في الحلال والحرام وآخر يروى في الأخبار والسير وفضائل الأعمال ، وقال الخطيب البغدادي " باب التشدد في أحاديث الأحكام والتجاوز في فضائل الأعمال " ثم روى بسنده إلى الإمام احمد بن حنبل -يرحمه الله- أنه قال : إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد ، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكماً ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد"(الكفاية في علم الرواية ص212-223).
وتحدث المعاصرون عن ضرورة المرونة في تطبيق قواعد المحدثين في نطاق التاريخ الإسلامي ( د . أكرم العمرى : السيرة النبوية الصحيحة 1/45 ) .

ملحوظات أخرى في الكتاب :
وفوق ما سبق عرضه من آراء وملحوظات ، وتحقيق، فثمة ملحوظات أخرى أسجل ما (تيسر) منها ، وفي جزء يسير من الكتاب.
1 - يحذّر المالكي من كتابات من يحملون همّ (التاريخ الإسلامي) ويعتبرها أخطر من
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دنياك دنياي
عضو نشيط
دنياك دنياي


تاريخ التسجيل : 25/05/2012
تاريخ الميلاد : 18/08/1990
عدد || مسآهمآتي: : 208
نقاط : 375
التقيم : 15
العمر : 34
•MMS •|:
الساعة الان :

الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة   الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:50 pm

الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهم ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون)) (الحجرات :11) .
وهذه نماذج من ( تهم ) و(حِدَّه ) و ( تجهيل ) الآخرين عند (المالكي).
يقول في (ص19 من كتابه ) : " ... بينما الحق والواقع يقرران أن هذه المؤلفات ( للمؤرخين الإسلاميين ) يتمش الزور في مناكبها ، والباطل في جوانبها، لا ترفع حجاباً من باطل ، ولا تملك إقناعاً لسائل ... " ، ويقول في (ص34) " بل أكاد أجزم أن أكثر المؤرخين الإسلاميين - دعك من غيرهم - أجهل من أن يتجرأوا على تحقيق إسناد واحد من أسانيد الطبري، أو خليفة بن خياط مثلاً .. إلى أن يقول " ألا يدل هذا على غبش في الرؤية ، وتلوث في الفكر ، واختلال في الموازين ، وجهل مركب مزدوج ؟! " ص34 ، ويقول في ص38 : " إن إعادة كتابة التاريخ الإسلامي ليس معناها أن نضع كذباً " محبوباً مكان الحقائق المكروهة ... وإنما الواجب هو تسجيل ما صح من التاريخ ونبذ الضعيف والموضوع ، وما أبعد أكثر المؤرخين عن هذا الواجب في التطبيق ، فهم لا يقتربون من التحقيق العلمي ولا يكادون ، وما مؤلفاتهم إلا مجمعات هزيلة للروايات الضعيفة المتناقضة والتخيلات العقلية المتضاربة ... " ، ويقول في الصفحة نفسها : " أوجه ندائي إلى المتحدثين أن ينقذوا منهجهم من تحقيقات ، بل (تلفيقات) المؤرخين الإسلاميين خاصة لأنهم أكثر الناس تشدقاً بمنهج المحدثين !! .. " .
أدع هذه ( التهم ) و ( المجازفات ) دون تعليق ، فهي معبرة عن المستوى المتقدم في الكتابة العلمية المنقذة ؟ وهي نموذج لأدب الحوار ، وأسس النقد ، ارتضاه (المالكي) لنفسه، وعبّر به عن الآخرين ، وشمل به أكثرية المؤرخين ؟!
لكنني أتساءل : لماذا كل هذا ؟ وأنا أعلم أنه ليس بيني وبين الأخ (حسن) شيء شخصي وأتوقع بقية أصحاب الكتب كذلك، وإذا لم يكن شيء من هذا ، فما الدافع لهذا الأسلوب ... أيريد مزيداً من الإقناع ، فالحجة وحدها كافية ، وإذا خدمت بالأسلوب المناسب والكلمة الطيبة كانت الاستجابة إليها أسرع ؟! أم هي نوع من ( الإسقاط ) و ( توجيه ) أراء الآخرين ، فليس ذلك سبيل العلماء ، في بيان الحق وكشف الباطل ، أم تراه ( يُغيضه ) شيء معين ( تجمع عليه هذه الرسائل ، وتكشفه ) فينبغي أن يكون صريحاً في آرائه ، شجاعاً في وجهة نظره !
8 - وأراك - يا حسن - ( تدندن ) كثيرا حول ( علي ) رضي الله عنه، و(بيعته) أفتراك ( المحب ) الأوحد ، أم يخيل إليك أنك ( المدافع ) الأمثل لعلي رضي الله عنه وأرضاه؟! إن ( أبا الحسن ) رضي الله عنه وعن ابنيه ( سبطي ) رسول الله  ، في قلوبنا جميعاً معاشر المسلمين - إلا من في قلبه مرض - ولا نرتاب في ( فضله ) ولا في (بيعته) ولكن هل تعلم أن (محنة) علي رضي الله عنه ببعض من يزعمون حبه (ويغالون) فيه (عظيمة) وأول من يتبرأ منهم (علي) نفسه وهو القائل: " لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حدّ المفتري " ، قال ابن تيمية يرحمه الله : " وقد روي ذلك عن علي بأسانيد جيدة " (الفتاوى 28/475).
وهل يصح القول منك "ولكن علياً لا بواكي له !!" ص41.
وهذا الحافظ ابن حجر رحمه الله يقول : وقد روينا عن الإمام أحمد قال: ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (الفتح 7/74) ، وعن احمد وإسماعيل القاضي والنسائي والنيسابوري : لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر مما جاء في علي (الفتح 7/71) ، ومع ذلك فلا ينبغي أن يغيب عن بالك كثرة الكذب على (علي) رضي الله عنه من قبل طائفة (غلت) فيه، وهم الذين عناهم ابن سيرين بقوله " إن عامة ما يُروى عن علي الكذب" (صحيح البخاري مع الفتح 7/71 ، وانظر : الفتح 7/73) .
9 - وأراك - يا حسن - تُعرّض بسياسة عثمان رضي الله عنه ومعارضة الصحابة له مشيراً إلى " أن الصحابة الذين كانوا يعارضون سياسة عثمان قد ندموا ولم يكونوا يرون قتله ... " ص198 ، وفي سبيل ( دفاعك ) عن ( الأشتر النخعي ) أحد مناصري علي بن أبي طالب رضي الله عنه - كما تقول - (ص197) ، قطعت بأن عدداً من الصحابة (اخرجوا) مع الثائرين فقلت : " وقد خرج مع الثائرين من هو أفضل من الأشتر ، كعبدالرحمن بن عديس البلوي ، وعمرو بن الحمق الخزاعي وهما من الصحابة (المهاجرين) ، بل كان معهم بعض (البدريين) كجبلة بن عمرو الساعدي... " (ص198) ، وليتك أنصفت ، وأخرجت ( القارئ ) المبتدئ ، من هذه الفتنة فقلت : كما قال ابن عساكر - يرحمه الله - ونقله عنه ابن كثير يرحمه الله : " إن عثمان لما عزم على أهل الدار في الانصراف ولم يبق عنده سوى أهله ، تسوروا عليه الدار وأحرقوا الباب ودخلوا عليه ، وليس فيهم أحد من الصحابة ولا أبنائهم إلا محمد بن أبي بكر... " .
( تاريخ دمشق (ترجمة عثمان رضي الله عنه ) ص503-505، البداية والنهاية 7/202 ، 203) .
وكما قال ابن تيمية يرحمه الله - وهو يدفع مزاعم الرافضي - " ومعلوم بالتواتر أن الأمصار لم يشهدوا قتله ... ولا أحد من السابقين الأولين دخل في قتله ... " (منهاج السنة 8/313) ، وقبلهما قال الحسن البصري - يرحمه الله - وقد سئل : أكان فيمن قتل عثمان أحدٌ من المهاجرين والأنصار ؟ قال : " كانوا أعلاجاً من أهل مصر " (تاريخ بن خياط ص176) ، وفي طبقات ( ابن سعد ) كان - قتلة عثمان - رضي الله عنه : حثالة الناس، ومتفقون على الشر (3/71) . أفلا ترى أن هذه النصوص تدفع (ظناً) قد يتسرب إلى ذهن قارئ باشتراك الصحابة في دم عثمان ، أفلا يستحق الخليفة الثالث منك مدافعة كتلك التي استحقها الخليفة الرابع رضي الله عنهما ؟
10 - ويؤخذ على المالكي تعامله مع المصادر التي رجع إليها بنوع من (الاختيار) لما يريد ، والإسقاط (أو التغافل ) لما لا يريد ، وإذا سبق نموذج (الطبري) ورصده لتضعيف (سيف) وإهماله لتضعيف (أبي مخنف ، والواقدي) ، فثمة نموذج آخر في كتاب ( السنة ) لابن أبي عاصم ت287هـ ، فقد اطلع عليه المالكي ، ونقل منه نصوصاً في ( إثبات تهمة بني أمية في سب علي رضي الله عنه) ص25 ، ولكن هل فات عليه أن يذكر نصاً فيه إثبات لـ ( عبد الله بن سبأ ) من غير طريق سيف بن عمر (982) وهو في نفس الجزء الذي نقل عنه المعلومة السابقة ؟ أم أن النص لا يخدم غرضه ، بل يسقط جزءً من كتابه !! ولئن ضعّف ( الألباني ) سند الرواية ، فقد أشار إلى إخراج (أبي يعلى ت307هـ) له من طريقين آخرين عن الأسدي به ، فهل فاتت هذه المعلومة أيضاً على المالكي ؟ أم أنها ضمن الحقائق المكروهة ؟ فأين دعوى المالكي " إن إعادة كتابة التاريخ الإسلامي ليس معناها أن نضع كذباً محبوباً مكان الحقائق المكروهة !!" . (ص38 من الإنقاذ ) .
لابد من العدل في القول ، ولابد من القسط في النقول !
كلمة أخيرة :
وبعد - يا حسن - فإني أعيذك ونفسي من الهوى ، وأرجو ألا تأخذك العزة بالإثم ، فتظل تتشبث بالردود أكثر من تأملك في الحق المقصود ! وليس سراً أن يقال لك إن كتابك ( الإنقاذ ) فرح به ( الموتورون ) لأنك به تجرأت على ما لم يستطيعوا الجرأة عليه، وحققت لهم (حُلماً ) طالما فكروا في الوصول إليه، وكلنا ينبغي أن نحذر أن نكون ( مطية ) للآخرين ونحن لا نشعر؟ أو نكون هدفاً لسهام الآخرين ، وثمة (أشباح) خلف الستار تقبع ؟!
إن في ( تأريخنا ) من ظلم الظالمين ، وتزوير الأفاكين ، والتشويه المتعمد ، وقلب الحقائق ، وطمس معالم الحق ، ما يتفق العقلاء فضلاً عن (العالمين) وأهل الاختصاص، على تجليته وصرف الجهود له، وبذل الأوقات في سبيله وفرق كبير بين (هدم) ما بُني ، والمساهمة في (إقامة) ما تهدم من البناء ؟!
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .

تعقيبا على ردود المالكي
عباءة النقد التاريخي ماذا تخفي عند المالكي ؟
( 1 / 2 الحلقة الأولى )
طالعت ما كتبه ( المالكي ) في جريدة الرياض الثلاثاء 9/4/1418هـ بعنوان (عبد الله بن سبأ وكاسحات الحقائق) وكان - في زعمه - رداً على الحلقات الأربع التي كتبتها للجريدة نفسها بعنوان " الإنقاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي" أيام الخميس والجمعة والسبت والأحد 27 ، 28 ، 29 ، 30/3/1418هـ.
وقبل أن أستكمل قراءة مقال المالكي - علم الله - هاتفني عدد من المهتمين والعارفين ، يشكرون على المقالات السابقة ، ولكنهم متفاوتون في وجهة نظرهم حول الرد على (مغالطاته) (وكاسحاته) ؟ إذ يؤكد الكثير منهم على طبيعة المالكي الشخصية ، وتخصصه في (الجدل) ورغبته في (المراء) وأنه لا يرغب (الحقيقة) قدر ما يهوى النقاش وإثبات الذات ، وتسفيه أحلام الآخرين ، والوصول إلى هدف معين؟ وبالتالي - وحسب وجهة نظر هؤلاء فلا فائدة من إضاعة الوقت معه ، وأقصر الطرق لسقوطه إغفاله وتناسيه ، ويضرب هؤلاء أمثلة لمن ردوا على المالكي ونصحوه ولكن دون جدوى ، ويرى هؤلاء أن الناس لم يبلغوا درجة من البساطة بحيث تتأثر قناعاتهم الراسخة بمثل هذه الطروحات الفجة.
أما الفئة الأخرى فيرون ضرورة التصدي له، وفضح أفكاره ، وبيان (عور) منهجه ، ولو كان ذلك على حساب الوقت المبذول - فيما هو أنفع - وحجة هؤلاء أن ثمة طائفة من القراء قد تنخدع به ، وقد يتطاول هو إذا لم يجد من (يُقلم أظفاره)؟
ثم بدالي رأي وسط يقضي بالرد على مغالطاته الأخيرة ، وبيان تناقضاته ، وخلل منهجه وإعطاء القارئ بعض (الحصانة ) لما يمكن أن يكتبه مستقبلاً ، وبيان سهولة (الكذب) عنده ، والتزوير وتشويه الحقائق بأساليب ملتوية ، وعسى أن يكون ذلك إسهاماً في حماية الأمة من الأفكار المتسللة ، وكشفاً للتدليس المتلبس بعباءة النقد التاريخي، والمتدثر بمنهج المحدثين والتحقيق العلمي ؟! وأستطيع القول - وبكل ثقة ، ودون مجازفة - أن من أبرز سمات منهج المالكي في كتاباته التاريخية ما يلي :
- النيل من الصحابة والتعريض بهم ؟
- والتقول على العلماء بغير حق ، وتجريحهم ؟
- والهوى مع المبتدعة والدفاع عنهم ؟
- وتشويه الحقائق التاريخية والتشكيك فيها ؟
- والتشابك مع الطرح المشبوه ، وتلميع المشبوهين ؟
- والكذب والمراوغة ؟
- والغموض في الشخصية والأهداف ؟
وأمتلك الدليل ومن كلام المالكي نفسه ، وأنصف المالكي من أقام البيّنة عليه من كتبه ومقالاته ، ويعلم الله أنني أجد في كل مقالٍ يكتبه، أورد يُعقّب به مستمسكاً جديداً، وتتضح لي - وربما لغيري - ملامح شخصيته أكثر فأكثر، ويبادلني الشعور بها أساتذة فضلاء ، وأخوة أعزاء ، ولله الحمد والمنة .
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
ويبدو لي أن المالكي يدافع قلقاً مزمناً ، ويعيش تناقضاً مؤلماً ، فلا هو بالسويّ الذي يستطيع السير مع الصحاح ويسعه ما وسع جمهور الأمة ، ولا هو بالمقتدر على أن يبوح بما لديه جهاراً ، ولذا تراه (يتسلل) في طرح أفكاره تسللاً ، فإذا كُشف في جانب احتمى بجانب آخر، وأوهم بسوء فهم الآخرين له ، وكال لهم (التهم) جزافاً حتى لا ينكشف أمره ؟
وحين طالعت ما كتبه ( المالكي ) رداً على مقالتيّ المنشورتين في جريدة (المسلمون) بعنوان ( ابن سبأ والسبئية من غير طريق سيف بن عمر ) أيام الجمعة الموافق 5 ، 12/4/1418هـ ، ولم يكن رداً عليه قدر ما كان نشراً لحقائق علمية ، مع بيان مغالطات من شكك فيها .
حينها تذكرت قول المصطفى  في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره بسند حسن عن أبي أمامة رضي الله عنه " ما ضل قوم بعد هُدى كانوا عليه ، إلا أوتوا الجدل، ثم تلا رسول الله  هذه الآية : ((ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قومٌ خصمون)) ( انظر : صحيح سنن الترمذي 3/103 ، والآية (58) من سورة الزخرف) .
ولقد لفت نظري هذه المقدمة التي ابتدأ (المالكي) بها مقاله في جريدة الرياض ، والمسلمون وهو يحاول الخروج من (الحصار) بأساليب لا أظنها تمر على (اللبيب) وإن لم يكن من أهل (الاختصاص) وانظر إليه مثلاً وهو يقول في جريدة الرياض : " لو لم أكن مؤلف كتاب الرياض ولو لم أكن كاتب المقالات المنتقدة لشككت في هذا المنتقد ... " ؟ .
ولا غرابة فمن ( المخارج ) التي اعتادها المالكي ، تسفيه أحلام الآخرين، وعدم فهمهم، ورميه لهم بالتهم .. إلى غير ذلك - مما يحاول معه استعطاف رأي القراء من جانب، والخروج من المأزق من جانب آخر ؟
ولئن قال عني " والدكتور سليمان العودة بنى (كل) مقالاته الأربع على فهم خاطئ لأقوالي وبناء على هذا الفهم الخاطئ ردّ رده ، ثم اتهمني ... " فقد قال مثل ذلك أو قريباً منه لغيري ، ففي رده على (الفقيهي) قال المالكي : 3 - ومن الأسباب أن الأخ الفقيهي - سامحه الله - قد حملني أشياء لم أقلها ، وأفهم القراء من مقالاتي أشياء لم تخطر لي على بال، فأجاد - سامحه الله - التحوير وأساء التفسير لكثير مما كتبته ولم ينس أن يتهمني بالبدعة والاستشراق كما هي ديدن أكثر المؤرخين (الإسلاميين) أيضاً في هذا العصر (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي ص224).
وفي رده على الدكتور (الفريح) ردد نفس النغمة فقال : وحقيقة قلت لكم أكثر من مرة أن البلاء يأتي في عدم فهم المكتوب، أو عدم قراءته ، أو تعمد الظلم والتزوير، وللأسف أن كل هذا وزيادة قد وقع فيه الأخ الفريح ... " ( الحلقة السادسة من حديثه عن القعقاع : وقفة مع الردود والتعقيبات) .
ولم يسلم الدكتور (العسكر) من هذه التهمة ، رغم ثناء المالكي عليه وأن رده اكتسى بحلل الخلق الرفيع والأدب الجم .. لكن المالكي عاد ليقول عن العسكر : أشعر بأن الدكتور استعجل في قراءة مقالاتي الأربع ، وحملني أشياء لم أقل بها .. (كتاب الرياض ص89، 91) .
أما الدكتور ( الهويمل ) فرغم ما في مقاله من وقفات وإشارات معبرة فقد اعتبره المالكي ( أنه مقال بلا موقف ) ، واختزل الرد على مقال الدكتور الذي جاء في صفحة كاملة بعدد من الأسطر ، ووصف كتابته بـ ( الضبابية ) ، وأنها لا تخدم هدفاً أسمى ؟
واتهمه بسوء الفهم إلى درجة أنه يجعل الخمسة أربعة ، ثم ثلاثة في سطر واحد؟!
ولقد ( نصح ) الدكتور ( الهويمل ) المالكي ، وحدد موقفه حين قال : وكلمة أخيرة للمالكي نقولها ناصحين السكينة السكينة ، والتروي التروي .. فالأمر أخطر من أن تتلاحق فيه الأحكام ، وتستمر الهدميات ، والقفز من قضية إلى أخرى، والتشابك مع الطرح المشبوه ... " ، وهذه العبارة الأخيرة - في نظري - كافية لتحديد الموقف من طروحات المالكي .. ، ومن قرأ المقال مرة واحدة خرج منه بعدد من النتائج والمواقف ، وإن استعصت على المالكي أثر(ثلاث)قراءات ؟!
( انظر مقال الدكتور حسن الهويمل (المالكي والتاريخ) ، الرياض 4/3/1418هـ ، وقارنه مع رد المالكي في وقفة مع الردود والتعقيبات ، الحلقة السادسة من حلقات القعقاع ؟).
وهذه ( شنشنة ) قديمة تتجدد عند المالكي ( اتهام المخالف له بسوء الفهم والتعدي عليه بالقول ، وتسفيه أحلام الآخرين ... وهذه وإن كانت أقصر الطرق للخروج من المأزق ، فهي أسوأها وأضعفها ؟!
ولئن وعى الناس هذا الخلل في كتابة المالكي ( حديثاً ) فلا يزال ( المتابعون ) يتذكرون مواقفه مع فضيلة الشيخ صالح الفوزان من قبل !!
وهذه هي الوقفة في مقاله : عبد الله بن سبأ وكاسحات الحقائق .
الوقفة الثانية : المالكي يرد على نفسه ؟
ولا أقول ذلك تزيداً ، ولا اتهاماً ، ودونكم الحقيقة واحكوا عليها ، ومن كلام المالكي نفسه ، فقد قال في ملاحظته الأولى : " كل مقالات الدكتور سليمان العودة كانت نتيجة لسوء فهم أو إساءته أو تعمد التحريف وليختر منها الدكتور أصحها، فهو قد ظن - وهنا مواطن الاستشهاد - أنني أنفي وجود عبد الله بن سبأ مطلقاً ، وهذا ما لم أقله البتة ... " وفي المقال نفسه .
وأثناء تعليقه على الرواية ( الثامنة ) قال ما نصه : " ... ثم كيف قامت الرافضة تشفع في ابن سبأ ولم توجد إلا بعده ( على افتراض وجوده ) بعشرات السنين ، وفي آخر مقال كتبه في ( المسلمون ) بتاريخ 4/5/1418هـ لا يزال شكه في أصل وجود ابن سبأ فهو يقول : " ... إن كان عبد الله بن سبأ موجوداً فلا يجوز أن تنسب إليه أخباراً مكذوبة "
وأنا هنا أسأل كلّ قارئ وقف على هذه العبارات هل تعني التشكيك في دور ابن سبأ في الفتنة ، أم تعني التشكيك في أصل وجوده ؟
وهبوا أنني أسأت الفهم ، فليصحح له غيري هذا الفهم !!
لا أظن العبارة تحتمل التأويل وقد اختار المالكي بنفسه لفظتي (وجوده ، موجوداً) لتحسم النـزاع ، وتؤكد ( تناقضاً صارخاً) ربما يشعر به المالكي أو لا يشعر وأنه لا يزال يشكك في وجود ابن سبأ أصلاً ، وليس فقط في دوره في الفتنة، وأعظم من هذا أن يصرح أنه خلص من دراسته للمرويات الثمان إنه ليس فيها ما يدل على وجود ابن سبأ ، فضلاً عن دوره الكبير في الفتنة ، ويقول : " ولولا أنني أمتلك روايات أخرى غير ما أورده الدكتور ..... ابن سبأ مطلقاً ... " .
ويبقى السؤال : وهل ثبت لديه وجود ابن سبأ من خلال مروياته هو ؟ أم أنه لا يزال شاكاً ولكنه عاجزاً عن الإفصاح؟ المقال ينتهي والشك هو الأصل عنده
وإذا أراد أن ( يُلبّس ) على القارئ حتى لا يخرج منه برأي واضح قال : وقد صرحت في مقالات سابقة وفي كتاب الرياض أنني ( متوقف ) في عبدالله بن سبأ من حيث مطلق وجوده، وإن كنت أنفي وبشدة دوره في الفتنة ... " .
ولست أدري إلى متى سيستمر هذا التوقف عند المالكي ، وهو الذي قرأ كثيراً وكتب كثيراً ؟! أوليست مسألة عبد الله بن سبأ من القضايا التي يبنى عليها غيرها ، إثباتاً أو عدماً ؟ هل تنقصه الأدلة المثبتة ؟ أم لديه أدلة أخرى تنفي وجوده لم يطلع الآخرين عليها ؟ هل يتشكك في إجماع الأمة قديماً وحديثاً ، ( حتى الشيعة ) في إثبات وجوده ، أم هو أميل إلى طروحات من أسماهم (الهويمل) (الطرح المشبوه) ؟ كل ذلك أوقع المالكي في تناقضات مشينة ، وعبارات قلقة ، لا تغيب عن فطنة القارئ اللبيب ، سواء في هذا المقال أو ما سبقه من مقالات وكتابات ، وإليكم نموذجاً يؤكد ما أقول في حلقته السادسة عن القعقاع ( وقفة مع الردود والتعقيبات).
ففي حديثه عن ابن سبأ يتشكك في ( وجوده ) لا في ( دوره في الفتنة ) حين يقول : " ... هذا على افتراض وجود عبد الله بن سبأ .. ." (الملاحظة الثالثة عشرة).
ثم يخشى أن ينكشف أمره ، فيشير إلى دراستين في الموضوع ، وتأبى عليه عاطفته وميوله إلا أن يبدأ بالدراسة المنكرة ، واضعاً (أسطورة) ابن سبأ بين قوسين، وإلى جانبها علامات التعجب (__!!) ، أما الدراسة المثبتة لابن سبأ فتأتي بعد ذلك وتساق مساقاً ضعيفاً ، فهي عكس السابقة ، ويعز على المالكي أن يذكر لفظة (مثبتة) إلى جانبها ، وهذه في نظره لا تستحق الفرح وعلامات التعجب؟
وأهم من ذلك أن المالكي لا يتمالك نفسه من الإفصاح عن ميوله ، ويقول بكل صراحة " مع أنني - حتى الآن - أميل إلى نتيجة الدكتور الهلابي لكن لم أجزم إلا ببطلان دور ابن سبأ في الفتنة لأنني بحثت الموضوع " ونتيجة دراسة الهلابي - التي يميل إليها المالكي - يصرح بها ويفهمها المالكي كما نفهمها حين يقول في مقاله في جريدة المسلمون " ... د. عبدالعزيز الهلابي الذي ينكر على شخصية عبد الله بن سبأ .. " فأين نتيجة ميول المالكي ؟.
لكن هل يجزم بوجوده ؟
يكشف ( المالكي ) نفسه - وفي هذه الملاحظة نفسها - مؤكداً أن (وجود) ابن سبأ لم يجزم به ، فيقول " أما وجوده مطلقاً فأنا إلى الآن لا أجزم بذلك " ولم يقل أما نفي وجوده فلم أجزم بذلك ، وفرق بين الأمرين لمن تأمل !
وانظروا سقم التعليل فهو قد بحث دور ابن سبأ في الفتنة ولم يبحث أصل وجوده فهل يمكن أن يبحث دوره دون أن يمر على أصل وجوده ، ولماذا لم يبحث أصل وجوده ويعلن رأيه بكل صراحة ؟ إنها عبارات قلقة ، وأفكار مترددة ، تنبئ عن غموض في الشخصية ، ورغبة في الضحك على السذج ، لكنها مكشوفة لمن تأمل.
الوقفة الثالثة : وهل السبئية ( الطائفة ) محل شك ؟
لا ينتهي المالكي عند التشكيك في أصل وجود ابن سبأ ، بل يشكك في (السبئية) حين يقول في الملاحظة السابعة : " هل السبئية المقصود بها التابعون لعبدالله بن سبأ في العقائد أم أنها لفظة تحقيرية للمعارضة ، كما يقول د. الهلابي..".
ولي على هذا التساؤل أكثر من وقفة :
1- فالمالكي وإن احتمى بالدكتور الهلابي فهو لا يعارضه ، بل سبق القول أنه معجب بدراسته .
2 - تتضافر المدونات التاريخية ، وكتب العقائد ، والمقالات والفرق ، وغيرها على تأكيد نسبة (السبئية) لابن سبأ ، وإن كان يعوزك الدليل فهاك شيئاً من هذه النصوص المثبتة : فابن حبيب البغدادي (ت245هـ) يقول " عبد الله بن سبأ صاحب السبائية " (المحبر ص308) ، ويقول ابن قتيبة (ت276هـ) " السبائية من الرافضة ينسبون إلى عبـد الله بن سبأ " . ( المعارف ط. المحققة ص62) . وفي ( تأويل مختلف الحديث ) ذكر ابن قتيبة أن ( علي بن أبي طالب ) أحرق أصحاب عبد الله بن سبأ حين ادعوا الربوبية له ، وقال في ذلك :
لما رأيت الأمر أمراً منكراً أججت ناري ودعوت قنبرا " ص73.
فمن هم أصحاب عبد الله بن سبأ هؤلاء إن لم يكونوا السبئية ؟
وابن قتيبة - هنا - ينسبهم إلى الرافضة - مما يؤكد أصول الرافضة - وينسب لهم أعمالاً قبيحة كخلق القرآن ص72.
ويقول العقيلي (ت322هـ) : وهو يعلق على لفظة ( سبأي) : " هم صنف من الرافضة أصحاب عبد الله بن سبأ (الضعفاء الكبير 4/77) ، وجاء في الإبانة لابن بطة (ت387هـ) "ومنهم السبائية تسموا بعبد الله بن سبأ " ( الإبانة عن شريعة الفرق الناجية ... 1/384) .
هذا فضلاً عن ذكر أهل التاريخ لذلك ، وكتب المقالات والفرق والجرح والتعديل ، وقد فصلت القول في ذلك في كتاب : عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر الإسلام ، وفي البحث المنشور في جريدة المسلمون ( ابن سبأ والسبئية من غير طريق سيف بن عمر ) .
بل نص على ذلك ولم ينكره فتقدموا الشيعة أمثال القمّي (229-301هـ)، والنوبختي (310هـ) ، وغيرهم ( انظر : المقالات والفرق للقمي ص20، وفرق الشيعة للنوبختي ص22، 23 ، وللمزيد انظر ما كتبه الدكتور ناصر القفاري في كتابه : أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية 1/73-76) .
ليس أمام ( المالكي ) أمام هذه النصوص إلا الإذعان والتسليم في كون السبئية نسبة إلى عبدالله بن سبأ - إن كان صاحب حق - أو يسلك مسلك أستاذيه : مرتضى العسكري، د. عبدالعزيز الهلابي، في رفض ما ورد في هذه المصادر، واتهام مؤلفيها بما لا يليق؟!
3 - هل لنا أن نفهم أن التشكيك في نسبة السبئية لابن سبأ وسيلة للتشكيك في ابن سبأ نفسه ؟ سيأتي مزيد بيان لهذه المسألة .
الوقفة الرابعة : ابن سبأ والرافضة ومغالطة المالكي :
يحاول المالكي إبعاد الرافضة عن ابن سبأ ويقول : " ثم كيف قامت الرافضة تشفع في ابن سبأ ولم توجد إلا بعده - على افتراض وجوده بعشرات السنين ؟!".
وفي كتاب الرياض ص79 يحاول المالكي إنكار بث ابن سبأ لعقيدة (الوصية) التي أصبحت بعد ضمن عقائد الرافضة وهنا مسألة خطيرة ، فكثير من المنكرين أو المشككين في شخصية( ابن سبأ ) يرومون من وراء ذلك قطع العلاقة بين الشيعة، واليهود ، وقطع صلة الرافضة بابن سبأ ، وهذه اعترف بها علماء الشيعة المتقدمون ، كما سبق البيان في الحلقات الماضية ، في النقل عن( الكشي ) في اعتبار ابن سبأ أصل الرافضة وأكد على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله - أكثر من مرة – فهو يعتبر ( ابن سبأ ) أصل الرافضة ومن منافقيهم (الفتاوى 4/435 ، 28/234) ونقل أن (علياً) رضي الله عنه طلب ابن سبأ أول الرافضة ليقتله فهرب منه (الفتاوى 28/500) .
وقال : ثبت عن علي أنه أحرق غالية الرافضة الذين اعتقدوا فيه الإلهية (الفتاوى 28/475) .
ويقول ابن حجر : عن ابن سبأ وطائفته وإحراق علي لهم بالنار : " وله - ابن سبأ - اتباع يقال لهم السبئية معتقدون الإلهية في علي بن أبي طالب وقد أحرقهم علي بالنار في خلافته " ( لسان الميزان 3/290) .
ويبقى بعد ذلك رأي المختصين المحدثين مهماً في تأكيد صلة الرافضة بعبد الله بن سبأ .
ودونكم رأي المختصين فاعقلوه ، يقول الدكتور ناصر القفاري في فصل: (نشأة الشيعة وجذورها التاريخية ) بعد أن عرض آراء الشيعة وغير الشيعة في نشأة التشيع قال : " والذي أرى أن الشيعة كفكر وعقيدة لم تولد فجأة ، بل إنها أخذت طوراً زمنياً ، ومرت بمراحل ... ولكن طلائع العقيدة الشيعية وأصل أصولها ظهرت على يد السبئية باعتراف كتب الشيعة ... " ( أصول مذهب الشيعية 1/78 ) .
بل أشار ( القفاري ) إلى نص في ( صحيح البخاري ) يثبت بعض عقائد (الرافضة ) أيام علي رضي الله عنه ( أصول مذهب الشيعة 1/79 ، وقد أحال إلى عدة أبواب في صحيح البخاري لرواية هذا الحديث ، فليرجع إليه من شاء المزيد).
الوقفة الخامسة : الروايات الأحد عشر هل هي للمالكي أو عليه ؟
من السفه والحمق أن ترد على شخص - لبطلان دعواه - بثمان روايات فيصر على أن يكون الرد عليه بأحد عشر رواية لا وجود لنص فيها ، وهذه عليه لا له ، وإن أوهم القراء بخلاف ذلك ، فإن قيل وكيف ذلك ؟ قلت: الأصل في سياق هذه المرويات لتأكيد بطلان القول بأن أخبار عبد الله بن سبأ لم ترد إلا من طريق سيف بن عمر، فإن قيل: وهل قال المالكي بذلك وأين ؟ أجيب : نعم هو ممن قطع بذلك ، كما جاء في كتاب الرياض ص260 وهذا نص قوله : " ... مع أن سيفاً قد انفرد برواية أخبار ابن سبأ " ، وانظر كذلك ص58 من الكتاب نفسه) .
ولكن المالكي حين أحسّ بالإلزام والمحاصرة ، خرج لتحقيق المرويات والتعقيب على التحقيق السابق فرفض ما رفض وقبل ما قبل ، وكل ذلك إشغال عن الهدف من سياق هذه المرويات وخروج عن دائرة الحصار ، ونقول للمالكي ومع اتساع صدورنا لوجهة النظر في التحقيق ، ومع قبولنا لمزيد من المرويات المؤكدة لعبد الله بن سبأ من غير طريق سيف، فتظل هذه المرويات حججاً دامغة لمن زعم انفراد (سيف) بأخبار عبد الله بن سبأ وإن قال وزعم ما زعم ؟
وإن كان المالكي طالب حق ، ولا يمنعه من الاعتراف بوجود ابن سبأ إلا كون مروياته جاءت من طريق سيف (المجروح) فها هي المرويات جاءت من طرق أخرى، وبعضها عثر عليها بنفسه أو نقلها عن الآخرين؟ فهل يعترف بوجود ابن سبأ أم أن في الأمر شيء لا تكفي الحجج والبراهين لإزالته ؟ أليس ذلك خللاً في المنهج ، وقد صدق مع نفسه حين حدد الخلاف معه ( في أصل المنهج ) كما في مقاله في ( المسلمون ) ؟
وأنصح من يريد النقاش مع المالكي أن يستحضر هذه القضية جيداً .
الوقفة السادسة : التلازم بين وجود ابن سبأ ، ودوره في الفتنة ، وإنكار دوره في الفتنة لماذا ؟
يشكك المالكي في وجود ابن سبأ - كما مر - فإذا أحس بالمحاصرة وتكاثرت عليه الأدلة فرّ إلى القول بإنكار دوره في الفتنة - كما قال ذلك في رده في جريدة (الرياض) ، وحاول في رده في جريدة (المسلمون) تركيز هذا المفهوم والتلبيس فيه ، فلماذا ؟ وقبل الإجابة يمكن تصوير القضية بما يلي : وعلى فرض إثباته لوجود ابن سبأ شكلاً فهو ينكره حقيقة ومضموناً . كيف ذلك ؟
لأن جوهر القضية في ابن سبأ دوره في الفتنة ، أما إثبات شخص يدعى بـ(عبدالله بن سبأ) مقطوع الصلة عن الأحداث والفتن التي وقعت في زمنه وتلاحقت من بعده فهذا لا قيمة له من الناحية الفعلية، سواء أثبت أو أنكر، فغير ابن سبأ من اليهود وجد في هذه الفترة ولم يحتفل بذكره العلماء كما احتفلوا بذكر ابن سبأ ، وهنا مكمن الخطر ، فالأمر الذي يريد أن ينتهي إليه المالكي في طروحاته ويفرضه وكأنه أمر مسلّم هو إنكار دور ابن سبأ في الفتنة ، ولذا تراه يشكك في نسبة (السبئية) إليه كما مر ، وإذا شكك في نسبة هذه الطائفة إليه قلّ وزنه وضعف أثره .
وتراه من جانب آخر يحاول عزل ابن سبأ عن ( الرافضة ) والتشكيك في بعض عقائده التي بثها وكانت بعد أصولاً عند الرافضة ، كالوصية ، وهكذا تسلخ الشخصية من مكوناتها الأساسية ؟
إن الأمر الذي ينبغي أن يستقر في الأذهان هو إدراك أن عناية العلماء بأخبار ابن سبأ ، ورصد كتب التراث لاختباره - برغم من أنكر ا وشكك - كل ذلك مرتبط بدوره في الفتنة ، وبذر بذور الشقاق والفتنة في الأمة ، وليس على أنه شخص موجود لا أثر له ولا اعتبار ، كما يريد المالكي ومن سبقه - أن يقرر ، وهيهات ، ما بقي الاتصال بمدوناتنا العظيمة ، والثقة بعلمائنا الأفذاذ ، وسيأتي الحديث عن دوره في الفتنة كاشفاً لمجازفات المالكي وافترائه وتقوله على الأئمة .
الوقفة السابعة : أبو مخنف شرٌّ من عمرو بن شمر :
وفرح المالكي - وإن تحول بعد إلى مكروه - بخطأ غير مقصود ، ولبس وقع في الحديث عن ( أبي مخنف ، وعمرو بن شمر ) وإنما وقع اللبس لأن سياق الكلام ورد فيه : (أبو مخنف ، وعمرو بن شمر ، وأبو مريم ) كما جاء في تاريخ يحيى بن معين 2/500.
ولكن فرحته(تتهاوى)على أصداء الحقيقة العلمية التي جهلها ، أو اجتزأ بعضها عمداً لأنها لا تخدمه ، ولو كان مريداً للحق لذكرها ، فقد فات على المالكي أن (أبا مخنف)شرٌّ من(عمرو بن شمر )وهاك نص يحيى بن معين : سئل يحيى : أبو مخنف ، وأبو مريم، وعمرو بن شمر ليسوا هم بشيء، قلت ليحيى : هم مثل عمرو بن شمر (الذي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات ) ؟ قال (ابن معين) هم شرٌّ من عمرو بن شمر !! (التاريخ لابن معين 2/500 ، الضعفاء للعقيلي 4/19)
فإذا كان أبو مخنف شراً من عمرو بن شمر ، والأخير يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات ، فماذا يكون حال أبي مخنف ؟ وفضلاً عن ذلك فابن عدي ( ينص ) على تناول ( أبي مخنف ) للسلف، ويقول بصريح العبارة "حدّث بأخبار من تقدم من السلف الصالحين ، ولا يبعد منه أن يتناولهم ، وهو شيعي محترق صاحب أخبارهم ، وإنما وصفته لاستغني عن ذكر حديثه.. وإنما له من الأخبار المكروه الذي لا أستحب ذكره ؟ " (الكامل 6/2110) .
ولست أدري لماذا يتشبث المالكي بأبي مخنف هذا، ويدافع عنه ، أو أدفع تهمة قد يتشبث بها المالكي ؟ ولست أدري أقناعةً أم تغفيلاً للآخرين حين يقول عن الرجلين "لكنه - يعنيني - يريد أن يتساوى أبو مخنف في الجرح مع سيف بن عمر، ووجد الجرح في سيف أقوى وأكثر .. " ( الملاحظة السابعة عشرة في مقال الرياض). ولم أقل بذلك بل قلت ولا أزال إن اشترك الاثنان في الضعف في الحديث، فأبو مخنف إخباري تالف، وسيف إخباري عارف ، وعمدة في التاريخ ، وأنا في ذلك تابع غير مبتدع ، والفيصل كتب الجرح والتعديل.
الملاحظة الثامنة : الجرأة على تخطئة الأئمة الأعلام لماذا ؟
" كل إنسان يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر " ، وليس عند أهل السنة عصمة لأئمتهم كما يعتقد غيرهم ؟ إنما العصمة للأنبياء والمرسلين - عليهم السلام - المبلغين عن الله ، ولكن الجرأة في ( تخطئة ) هذا العالم ، (ولمز) العالم الآخر، (والنيل) من ثالث دون مسوغ مشروع ، هذا هو مكمن الخطر، وهو طريق لانتهاك أعراض العلماء، ولحومهم مسمومة ، بل ولتجرئة الآخرين على التخطئة واللمز ، وإن لم يكونوا أهلاً لذلك ؟
وقد سبق لي القول بجرأة المالكي على الأئمة الأعلام ، فقد (لمز) ابن تيمية وحاول النيل من كتابه ( منهاج السنة ) ، كما عرّض بكتاب ( ابن العربي ) (العواصم من القواصم ) وعرض بقول الحافظ (ابن حجر) في اعتماد سيف في التاريخ وقال : "أظن أنه من الظلم للعلم أن نتعلق بقول موهم مشتبه للحافظ ابن حجر، ونترك أقوال عشرات المحدثين الآخرين في تضعيف سيف بن عمر... " (كتاب الرياض ص85) . مع أن كلام ابن حجر غير موهم ولا مشتبه في سيف ، لكنه لا يروق للمالكي فاضطر لهذا القول ؟
ويستمر المالكي في التخطئة للأعلام إذا خالفوا ما يريد ، ولم يسلم ( الذهبي) يرحمه الله من ذلك فقد قال عنه في هذا المقال الجديد (عبد الله بن سبأ وكاسحات الحقائق) ، ما نصه : " فهذا نص من الذهبي في المساواة بين سيف بن عمر وأبي مخنف، وأظن أن الذهبي لم يوفق للصواب فأبو مخنف فوق سيف... " ؟!
ومع هذه الجرأة على الذهبي ، ففيها ظلم له ، فقد فرّق الذهبي بين الرجلين ولم يساوي بينهما حين قال عن سيف ( أخباري عارف ) وقال عن أبي مخنف (إخباري تالف لا يوثق به ) وقد سبق البيان .
وبالفعل فمن يقارن بين مرويات الرجلين يجد الفرق واضحاً ، وأنا هنا أدعو القارئ الكريم لقراءة كتاب " مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري " للدكتور يحيى بن إبراهيم اليحيى ، ليرى بنفسه نماذج التحريف والتشويه لتاريخنا وبالذات تاريخ الصحابة من قبل هذا الراوي المحترق ( أبي مخنف ) وقفوا بأنفسكم على الحقيقة ، ودعوكم من التهويش والهراء ؟
ولم يسلم الإمام البخاري رحمه الله من جرأة ولمز المالكي ، فقد قال في كتاب الرياض ص211 : " وأخرج البخاري روايات يُفهم منها التقليل من بني هاشم من طريق بعض المتهمين (بالنصب) كقيس بن أبي حازم ، ومروان بن الحكم" (قال ذلك في سياق تقريره لقبول رواية المبتدع الداعي لبدعته ؟وستأتي مناقشة المالكي في هذه القضية ) .
فهل يوافق المالكي على هذه التهمة ؟
وعلى العموم فالتعريض بأعلام الأمة مسلك خطرٌ من الكبار ، فكيف إذا وقع من الصغار ، وهو خطوة جريئة لها ما بعدها فلينتبه لهذا المسلك ؟
الملاحظة التاسعة : وأخطر من ذلك النيل من الصحابة ؟
وهذه ليست تهمة يُتهم بها المالكي ، بل يجدها المطالع لكتبه أو مقالاته بين السطور وإن جاءت بعبارات ملفوفة أحياناً لكنها لا تخفى ، وهذه نماذج لها :
1 - عثمان بن عفان رضي الله عنه ( سبق الحديث عنه في حلقات (الإنقاذ من دعاوى الإنقاذ ) وانظر كتاب الرياض ص198 .
2 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، يعرض به ولسياسته ، ويصور الأمر بينه وبين بعض الصحابة على أنه أمر عداء وخلاف كبير ؟ انظر كتاب الرياض ص30 ، 31 ، 71 ، 72 ، 194 ، 279 .
3 - أبو بكر وعمر رضي الله عنهما . ولم يسلم الشيخان من قلم المالكي فقد عرّض ببيعتيهما وشمل بذلك عثمان وعلي رضي الله عنهما ، كما في ص262 ، من كتاب الرياض .
ودعونا نكتفي بحديثه عن أبي بكر ، فهو يوهم القارئ بالاستدلال بأحاديث في صحيح البخاري في كره بعض الصحابة لبيعته ، ويحمّل النصوص أكثر مما تحتمل (ص263 ، من كتاب الرياض) .
ويتزيد في القول عن ( علي ، والزبير ) رضي الله عنهما حين يقول : " ولا ريب أنهما لن يتخلفا عن بيعة أبي بكر إلا عن عدم رضى" (الصفحة نفسها من الكتاب) ولا وجود لهذا التفسير في الرواية التي ساقها وإنما هذا فهمه وتعليقه ؟!
بل ويُعظّم أمر الكراهية لبيعة أبي بكر - في ذهن القارئ - حين يقول :
" إذن فعلي سيد بني هاشم ، والزبير بن العوام كبير بني أسد ، وسعد بن عبادة سيد الخزرج ، وأبو سفيان كبير بني أمية ، وغيرهم من المتبوعين لم يرضوا ببيعة أبي بكر، ولابد أن يكون معهم بعض قومهم على الأقل في كراهية بيعة أبي بكر... " (كتاب الرياض ص263) .
فهل يصح هذا الزعم من المالكي حول بيعة أبي بكر ، حتى وإن اعتذر بعد ذلك - وحتى لا ينكشف - بأن هذه الكراهية لا تضر بيعة أبي بكر ، فقد انعقدت ، وبايع بعض الكارهين كالأنصار وتريث بعضهم كعلي والزبير ، وامتنع بعضهم كسعد بن عبادة ... كما يقول في (ص263، 264) ؟
سأكتفي بنقل بعض كلام الإمام ( الآجري المتوفى سنة 360هـ رحمه الله ) وفي كتابه العظيم (الشريعة) وعن بيعة (علي) فقط رضي الله عنه وأرضاه عن أبي بكر رضي الله عنه وبيعة المهاجرين والأنصار.
فقد أورد محمد بن الحسين الآجري في كتابه الآنف عدداً من النصوص والآثار في بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما وفي فضله وخيريته وتقدم فضله على الصحابة، ثم قال : " من يقول على علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خلافة أبي بكر رضي الله عنه غير ما ذكرناه من بيعته له ، ورضاه بذلك ، ومعونته له ، وذكر فضله ، فقد افترى على علي رضي الله عنه ونحله إلى ما قد برأه الله عز وجل من مذهب الرافضة الذين قد خطا بهم عن سبيل الرشاد " .
ثم يقول ( الآجري ) فإن قال قائل ( ) : أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند من عقل عن الله عز وجل أعلى قدراً وأصوب رأياً مما ينحله إليه الرافضة ، وذلك أن الذي ينحل هذا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيه أشياء لو عقل ما يقول ، كان سكوته أولى به من الاحتجاج به ، بل ما يعرف عن علي رضي الله عنه غير ما تقدم ذكرنا له من الرضى والتسليم لخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وكذا أهل بيت رسول الله  يشهدون لأبي بكر بالخلافة والفضل" (الشريعة 4/1730 ، 1731 تحقيق د. عبد الله الدميجي ) .
أما عن بيعة المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فيقول (الآجري) عنها " كان كما قال النبي  ما اختُلف على أبي بكر رضي الله عنه بل تتابع المهاجرون والأنصار وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وبنو هاشم على بيعته والحمد لله ، على رغم أنف كل رافضي مقموع ذليل قد برأ الله عز وجل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله عنه عن مذهب السوء " (الشريعة 4/1734) .
وإذا اتضح الحق في بيعة الشيخين ، فيرد السؤال من هم الذين يبغضون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ؟ يجيب ابن تيمية بقوله : " فأبو بكر وعمر أبغضتهما الرافضة ولعنتهما دون غيرهم من الطوائف ، ولهذا قيل للإمام أحمد : من الرافضي؟ قال : الذي يسب أبا بكر وعمر ، وبهذا سميت الرافضة فإنهم رفضوا زيد بن علي لما تولى الخليفتين أبا بكر وعمر لبغضهم لهما - وقيل إنما سموا رافضة لرفضهم أبا بكر وعمر (الفتاوى 4/435) .
ومنهج الرافضة في البغض والحب عجيب فهم يعادون الأولياء ويوالون الأعداء حتى قال ابن تيمية : " وبهذا يتبين أن الرافضة أمة ليس لها عقل صريح ، ولا نقل صحيح ولا دين مقبول ، ولا دنيا منصورة ، بل هم من أعظم الطوائف كذباً وجهلاً ودينهم يدخل على المسلمين كل زنديق ومرتد كما دخل فيهم النصيرية والإسماعيلية ، وغيرهم ، فإنهم يعمدون إلى خيار الأمة يعادونهم وإلى أعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين يوالونهم ، ويعمدون إلى الصدق الظاهر المتواتر يدفعونه ، وإلى الكذب المختلق الذي يعلم فساده يقيمونه ، فهم كما قال فيهم الشعبي - وكان من أعلم الناس بهم - لو كانوا من البهائم لكانوا حمراً ، لو كانوا من الطير لكانوا رخماً " (الفتاوى 4/471 ، 472) . أما عن منهج أهل الأهواء عموماً فانظره في ( منهج أهل السنة في تقويم الرجال / أحمد الصويان / فهرس الكتاب ) .
أما عن بيعة المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فيقول (الآجري) عنها " كان كما قال النبي  ما اختلف على أبي بكر رضي الله عنه بل تتابع المهاجرون والأنصار وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وبنو هاشم على بيعته والحمد لله ، على رغم أنف كل رافضي مقموع ذليل قد برأ الله عز وجل علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله عنه عن مذهب السوء " (الشريعة 4/1734).
بيعة علي والزبير والمهاجرين والأنصار لأبي بكر رضي الله عنهم :
وفوق ما تقدم ، ومما يبطل مزاعم المالكي وجود عدد من الروايات الصحيحة تؤكد بيعة علي والزبير والمهاجرين والأنصار رضي الله عنهم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة ، في أيامه الأولى ، وهذه طائفة منها .
روى البيهقي في ( السنن الكبرى 8/143) بسنده إلى أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري ما يفيد بيعة ( علي ، والزبير ) لأبي بكر بالخلافة إما في أول يوم أو في اليوم الثاني من وفاة رسول الله  ، كما علّق ابن كثير رحمه الله على الرواية في (البداية والنهاية 5/281) وزاد ابن كثير : وهذا إسناد صحيح محفوظ من حديث أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد الخدري ، بل كان العلماء السابقون - على البيهقي وابن كثير - يتناقلون هذه الرواية ويفرحون بها ، فقد نقل البيهقي - على إثر هذه الرواية - قول أبي علي الحافظ سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : جاءني مسلم بن الحجاج فسألني عن هذا الحديث فكتبته له في رقعة وقرأته عليه فقال : هذا حديث يسوى بدنه ، فقلت : يسوى بدنه ؟ بل هو يسوى بدره ( البيهقي : السنن الكبرى 8/143 )
أما الأنصار فقد روى الإمام أحمد أن الأنصار بايعت أبا بكر ، وأنه قبلها منهم (المسند 1/172 ، تحقيق أحمد شاكر ، وقال إسناده صحيح ) ، وعلق ابن كثير على هذه الرواية بقوله : وهذا إسناد جيد قوي ، وزاد: فتمت البيعة من المهاجرين والأنصار قاطبة ( البداية والنهاية 5/279) .
وفي فصل عقده ابن كثير بعنوان " فصل في ذكر أمور مهمة وقعت بعد وفاته  وقبل دفنه " ، قال ابن كثير : ووقعت شبهة لبعض الأنصار وقام في أذهان بعضهم جواز استخلاف خليفة من الأنصار ، وتوسط بعضهم بين أن يكون أمير من المهاجرين وأمير من الأنصار حتى بين لهم الصديق أن الخلافة لا تكون إلا في قريش، فرجعوا إليه وأجمعوا عليه ... " ( البداية والنهاية 5/274 ، 275 ) .
وفي موطن آخر - وبعد أن ساق ابن كثير جملة من المرويات - في خلافة أبي بكر قال : ومن تأمل ما ذكرناه ظهر له إجماع الصحابة المهاجرين منهم والأنصار على تقديم أبي بكر ، وظهر برهان قوله عليه الصلاة والسلام " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " ( البداية والنهاية 5/281 ).
أما سعد بن عبادة رضي الله عنه فقد نص ابن كثير رحمه الله على اعترافه بصحة ما قاله الصديق يوم السقيفة ، وإن أبا بكر قال لسعد : ولقد علمت يا سعد أن رسولا لله  قال - وأنت قاعد - قريش ولاة هذا الأمر ، فبر الناس تبع لبرّهم ، وفاجرهم تبع لفاجرهم ، فقال له سعد : صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء (السابق 5/278) .
ورواه الإمام أحمد ( الفتح الرباني 23/62 ) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وهو مرسل حسن ( منهاج السنة 1/536 ) وصححه الألباني بشواهده في السلسلة الصحيحة برقم (1156) ، وانظر د. السلمي : ترتيب وتهذيب البداية والنهاية لابن كثير 1/58 .
أفبعد هذا يتقول متقول كالمالكي بتأخر بيعة علي أو الزبير ، أو الأنصار رضي الله عنهم أجمعين لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ؟ على أن هذه الروايات وأمثالها لا يستفيد منها إلا الذين يبحثون عن الحق جهدهم، وتعوزهم المرويات الصحيحة المثبتة لإجماع المهاجرين والأنصار قاطبة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فإذا توفرت لهم وحكم العلماء لها بالصحة رجعوا إلى الحق، وسرهم أن الأمة أجمعت على خلافة الصديق، وصدّق الواقع ما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " .
وفرق بين من يفرحون بهذه الروايات ويتناقلونها ، وبين من يسقطونها ، ويحرصون على ضدها !!
(( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم )) (الحشر: 10).

عباءة النقد التاريخي ماذا تخفي عند المالكي ؟ (2/2)
استعرضت في الحلقة الماضية عدداً من المحاور المؤلفة لشخصية المالكي وأبنت عن ملامح من منهجه وأفكاره ، معتمداً في ذلك على نصوص نقلتها من كتابه (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي) ، أو من مقالاته وردوده في الصحف.
وأستكمل في هذه الحلقة ملامح أخرى من منهجه وأفكاره وبنفس الطريقة العلمية السابقة .
ولكنني قبل ذلك أقف عند ملاحظة تلفت النظر في أدبيات الحوار عند المالكي ، فهو يستخدم أسلوب الهجوم ، ويسيء الأدب مع من يحاور ، ويتهم غيره بالتغفيل والسذاجة وعدم تحري الأمانة العلمية .. إلخ مسلسل التهم .
ولربما خرج المالكي عن طوره ، واستخدم عبارات سوقية ساقطة ، ليست من حلية العلماء و لا المتشبثين بمنهج المحدثين ، ولا من سيما المنقذين ، فمصطلح (التهريب) يزل به قلمه ، وليته سأل نفسه : وماذا يستفيد ( المهربون لشخصية ابن سبأ) تلك الشخصية اليهودية المفسدة ؟ وهل أدرك المالكي أنه بهذه التهمة لا يتهم (العودة) وحده وإنما يتهم العلماء قديماً وحديثاً بتهريب هذه الشخصية ؟ فلم آتِ بجديد ، وإنما اعتمدت في كل ما سجلت نصوص العلماء وآراءهم .
وهذا الهجوم وتلك التهم لا يمكن تفسيرها برغبة التفوق وحب الشهرة وحدها، فهذه وإن وردت تفسيراً جزئياً ، فعندي أن هناك أمراً آخر يدعوه لمثل هذه الأساليب، ألا وهو إبعاد شبح التهمة عنه بتهمة الآخرين والدفاع عن أخطائه وانحرافاته بالإسقاط على الآخرين على طريقة (الهجوم خير وسيلة للدفاع) ولكن هذه لن تجدي فتيلاً ، فالحق أبلج وإن أثير حوله من الغبار ما أثير فترة من الزمن ، والباطل سينكشف ولو زخرفه أصحابه بغرور القول؟
أما الشحن النفسي ، والتوتر العصبي ، والحدة في النقد ، فتلك مكونات لا يكاد ينفك عنها قلمه ، وكنت قد نصحت له من قبل بأن الحق المدعوم بالدليل لا يحتاج مثل هذه الإسقاطات والاتهامات ، بل يفهم الناس من حدة النقد، وتجاوز الناقد ضعف الحجة، وغياب الدليل المقنع ، مما يضطر معه الناقد إلى التهويش والتهم وحين تأكد لي أن رسالتي (الأولى) بلغته ، بل وأحفظته ، فما أردت منها - علم الله - إلا النصح له ولغيره ، وكان أولى به أن يقبل الحقّ ويرعوي إليه لا أن يظل يماري ويجادل بالباطل.
ولي أو لغيري أن يفهم أن هذه الخصومة تخفي ما تخفي وراءها ، فليست القضية اختلافاً في تحقيق هذه المسألة أو تلك ، أو ضعف هذه الرواية أو صحتها فتلك قضايا تتسع لها دائرة الخلاف ، وما فتئ العلماء قديماً وطلاب العلم حديثاً يختلفون ثم يتفقون ، أو يظل كل أحدٍ منهم مقتنعاً بأدلته دون أن يتهم المخالف له .
أما الخلاف مع المالكي فقد شخصه الزميل الدكتور (العزام) بقوله : (لأن الخلاف مع المالكي أقرب إلى أن يكون في الأصول) (انظر مقاله بعنوان : عن القعقاع وسيف بن عمر (1) المنشور بجريدة الرياض في 1/4/1418هـ) .
وقال (العزام) في سبيل المقارنة بين العسكري (الرافضي) ، والمالكي : فليس في أبحاثه (المالكي) ما يسوّغ الجزم بأنه يختلف عن العسكري ، ولم يخالفه في شيء واضح ) (الحلقة الثانية من المقال نفسه ، الرياض 2/4/1418هـ) .
كما تحد الدكتور ( العزام ) عن الخلل المنهجي في نوع الاستفادة من المصادر حين قال عنه : " ويظهر لي أن الأخ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شيرين
عضو نشيط



تاريخ التسجيل : 29/05/2012
تاريخ الميلاد : 07/05/1976
انثى
عدد || مسآهمآتي: : 251
نقاط : 251
التقيم : 10
العمر : 48
الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Irt90124
الساعة الان :

الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة   الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Emptyالسبت يونيو 02, 2012 12:34 am


بارك الله فيك اخوي
كلمات حملت مشاعر روحانية لروحك سلسبيل السعادة
كن في حفظ الرحمن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كيفي عنيده
عضو نشيط



تاريخ التسجيل : 30/06/2012
عدد || مسآهمآتي: : 250
نقاط : 250
التقيم : 10
•MMS •|:
الساعة الان :

الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة   الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Emptyالجمعة يوليو 06, 2012 3:45 am

شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيذ ♥

جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥

ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همس المشاعر
عضو نشيط



تاريخ التسجيل : 30/06/2012
عدد || مسآهمآتي: : 250
نقاط : 250
التقيم : 10
•MMS •|:
الساعة الان :

الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة   الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة Emptyالسبت يوليو 07, 2012 10:00 pm

الله يعطيك العافية
والف شكر ع الطرح الرائع
ودي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإنقـاذ من دعاوى الإنقاذ للتاريخ الإسلامي تأليف د . سليمان بن حمد العودة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار تأليف سليمان بن ناصر العلوان
» قفزات زمانية على طريق العودة
» ماراثون العودة في غزة.. فعالية رياضية في ذكرى النكبة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى ابيان  :: منتديات أبيان الأسلامية .. .منتدى ابيان :: ابيان الاسلامي. .منتدى ابيان-
انتقل الى:  
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط مضايف العكيدات على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى ابيان على موقع حفض الصفحات
مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
تصويت
مواقع صديقة
Like/Tweet/+1