يمثل المدير العام السابق لشركة الملاحة التجارية في المغرب «كومناف» أمام قاضي التحقيق على خلفية اتهامات وجهت له بالتورط في تبديد أموال عامة ودفع الشركة التي كانت تابعة للدولة إلى الإفلاس لتحقيق منافع شخصية.
وذكرت مصادر أمنية أن توفيق الإبراهيمي الذي اعتقل الأسبوع الماضي أثناء مزاولته رياضة المشي على كورنيش الدار البيضاء يُتابع إلى جانب مسؤولين سابقين في الشركة وشخصيات نقابية وشركاء آخرين في ملف يطاول إفلاس أكبر شركة للنقل البحري في المغرب، قبل أن يتم التخلي عنها في إطار سياسة التخصيص نتيجة تزايد ديونها وعجزها عن التسديد في مقابل توقف نشاطها التجاري بسبب تزايد إضرابات العمل.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي يُكشف فيها عن تواطؤ بين مسؤول رفيع في شركة تابعة للدولة ونشطاء نقابيين لحضهم على شن إضرابات في القطاع كي تتكبد المؤسسة المزيد من الخسائر ويسهل نقل ملكيتها إلى خواص. ويُزعم في هذا الإطار انه تم بيع بواخر وممتلكات الشركة بغير أسعارها الحقيقية. وتقول المصادر إن بواخر ورافعات تابعة للشركة قُدّم في تقارير رسمية على أنها بيعت في سوق الكسر (يتم تقطيعها واستخدام بقاياها) بينما لا تزال تعمل في بلدان أخرى بعد اقتنائها في ظروف غامضة.
وتعود وقائع الأحداث إلى عام 2008، حين زادت حدة الأزمة في قطاع النقل البحري الذي كانت ترعاه الدولة، فقد خضعت الشركة إلى فحوص قبل تخصيص القطاعات التابعة لها والمخصصة لنقل المسافرين والبضائع والرسو في أرصفة الموانئ. غير أن تحرير قطاع النقل ما زال يثير الكثير من التساؤلات، ما يعني أن متابعة المتورطين في ملف «كومناف» قد يكشف مناطق ظل عدة. وقد تردد أن مسؤولين آخرين يجري التحقيق معهم.
وأفادت معطيات أن الادعاء العام أمر بإغلاق الحدود في وجه الأشخاص الذين يخضعون لتحقيقات أمنية وقضائية، وفي مقدمهم توفيق الإبراهيمي المدير السابق للشركة، وخصوصاً أن المصادر ترجّح أن تشمل صفقات عدة تصنف في خانة «الإضرار بمصالح الدولة»، فيما ينظر إلى تورط نقابيين في شل الحركة الاقتصادية والتجارية على أنه يحيد عن الأهداف النبيلة للالتزام النقابي.
وذهبت أوساط إلى الحديث عن إقدام بعض المتورطين على «التجسس» على حكومة رئيس الوزراء السابق عباس الفاسي لرصد الإجراءات التي كانت بصدد تنفيذها لمواجهة أزمة النقل البحري كي يسهل تمرير صفقات الإفلاس كوسيلة للإثراء غير المشروع.
بيد أن مصادر في وزارة النقل والتجهيز، نفت أن تكون الوزارة وراء تحريك المتابعات القضائية، كون وقائعها جرت في وقت سابق لتقلد الوزير عبدالعزيز الرباح المسؤولية، وإن كان لافتاً أنه منذ تعيينه سارع إلى كشف ملفات المستفيدين من أذونات النقل على الطرقات. وجدد الوزير التزام الحكومة المضي قدماً في الحرب على اقتصاد الريع والفساد، بخاصة بالنسبة إلى الإفادة من مقالع الرمال. كما وُجّهت أصابع الانتقاد إلى عاملة في قطاع الصيد في أعالي البحار من منطلق الإفادة من «امتيازات خاصة».
ويعتبر توفيق الإبراهيمي ثاني مسؤول رفيع المستوى يجري التحقيق معه في ملفات فساد، بعد اعتقال المدير السابق للمطارات عبد الحنين بوعلو، فيما لا يعرف مصير ملف المدير السابق للمصرف العقاري والسياحي خالد عليوة، الذي قدم إفاداته للشرطة القضائية في قضايا وصفت بـ «الاختلالات والتجاوزات».